منتدى فور جامعة 4jam3a - طلاب كلية اقتصاد طرطوس

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنتدى الطلابي الأول في طرطوس .. والحاضر يعلم الغايب


    مواقف تاريخية للرئيس الاسد

    tallal mansour
    tallal mansour
    جامعي برونزي
    جامعي برونزي


    ذكر
    عدد المساهمات : 152
    العمر : 36
    المكان : tartous
    المزاج : متقلب
    الدراسة : اقتصاد
    السنة الدراسية : 4
    المستوى : 5
    نقاط : 532
    تاريخ التسجيل : 04/02/2009

    مواقف تاريخية للرئيس الاسد Empty مواقف تاريخية للرئيس الاسد

    مُساهمة من طرف tallal mansour الإثنين سبتمبر 19, 2011 12:28 am

    كان مخططا للعقد الأول من القرن الحادي والعشرين أن يكون عقدا يحمل اسم الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن ، ولم يكن هذا التخطيط مجرد نزوة تنبع من غرور القوة ، بل كان مشروعا متكاملا جندت له الخطط والقدرات والسياسات والجيوش ، فقد بني على نظرية متكاملة قوامها ، أن العالم الخارج من الحرب الباردة بمنتصر ومهزوم ، يدخل مرحلة جديدة يجب على المنتصر فيها أن يسارع إلى صياغة العالم وفق صيغة تشبهه ، وتلبي مصالحه في آن واحد .

    نقطة الانطلاق في المشروع كانت، أن العالم يغدو قرية كونية صغيرة تذوب فيها الخصوصيات من الثقافات إلى الاقتصادات ، وأن القرية الكونية الجديدة ستقوم على أنقاض حضارات وثقافات تتمسك بخصوصياتها ، وكانت نظرية صراع الحضارات ونهاية العالم في خدمة هذا التحضير ، كما كانت في خدمته نظريات انهمرت بالتتالي عن سقوط مشروع الدولة الوطنية ، لحساب عولمة مركزها قطبية أحادية تحكم العالم أو تقوده لا فرق ، وتكامل المشروع مع قراءة للجغرافيا السياسية قوامها أن المركز المؤثر في اقتصاديات العالم الذي تمثله البلاد العربية ، يجب أن يفقد هويته الجامعة لتسهيل ولادة زعامة القرن الواحد والعشرين الذي أعدت باسمه وثيقة أميركية خاصة ، وأن البديل هو الشرق الأوسط الكبير ، و في قلب هذا الشرق الأوسط الكبير تقوم قيادة وكالة الأمن والسياسة المسندة للحليف الإستراتيجي الذي تمثله إسرائيل .

    كان العالم كله يتفادى أن يكون رأس حربة المواجهة مع هذا المشروع، رغم يقين الكثير من دوله الفاعلة بأن شظايا هذا المشروع ستطالها عاجلا أم آجلا، فكانت السمة التي جمعت تعامل الدول الكبرى والمتوسطة، فكيف بالصغرى منها ،هو ما سمي بالانحناء أمام العاصفة .

    كان مسرح الحرب قد حدد بوثيقة أيضا، وكان العراق أول الأهداف ،ورسمت منطقة العمليات ،وسميت سوريا دون غيرها بالعقبة أمام هذه المشروع ، ودارت رحى حرب العقد الأول من القرن الواحد والعشرين .

    كان الرئيس بشار الأسد يتسلم راية القيادة في سوريا في ذات التوقيت الذي حدد لبدء الحروب الكبرى ، وكان بمستطاع سوريا أن تحجز مقعدا أكثر أهمية من كثير من المقاعد التي تراكض لملئها الآخرون ، بمن فيهم الكبار من وزن فرنسا جاك شيراك ، كما جاء إلى دمشق ناصحا مستشاره إيرفيه دون مونتانيية ، ولم يكن قدر سوريا ، كما يحاول البعض أن يعتقد أو يروج ،أن تدافع عن وجودها ولا عن نظامها ، فقد كانت القيمة المضافة الأساسية التي يبحث عنها المشروع ليتسنى له ضمان النصر السريع بأقل الأكلاف ، وكانت العروض والإغراءات من عرض دو مونتانتيية إلى عرض تيري رود لارسن وما بينهما عرض وليم بيرنز ، فالمواجهة لم تكن قدرا والمقاومة لم تكن رهانا بل كانت خيارا .

    كان الرئيس بشار الأسد صاحب مشروع آخر على المستوى الفكري والإنساني ، مشروع يقوم على فكرة الحق المقدس للشعوب بخصوصياتها ، الثقافية والوطنية والقومية والاقتصادية ، فالقرية الكونية والعولمة مفهومان إيجابيان لتقلص مسافات التواصل والتبادل بين الشعوب والأمم ، وليست أبوابا لذوبان كل الأمم وكل الثقافات بهوية أمة واحدة وثقافة واحدة ، وصولا إلى عملة واحدة وربما لغة واحدة .

    الدولة الوطنية وفقا لرؤية الرئيس بشار الأسد ما تزال مكونا حاسما من مكونات العالم الجديد ، الذي لا حياة فيه للقطبية الأحادية ولا حتى المتعددة ، فالدولة الوطنية النابعة من الهوية القومية للشعوب هي الخلية المؤسسة لتآلف الشعوب وتبادلها الاقتصادي والثقافي والسياسي ، وتعاونها في كل مجال من موقع المصالح المشتركة ، والأمة العربية التي يريدونها ساحة لمشاريع الآخرين لا تزال حية وقادرة على إثبات حقها بالدفاع عن مفهومها لأمنها القومي ، القائم بصورة محورية على مواجهة المخاطر الإسرائيلية ، وبالتالي رفض التسليم بمقولة اليد العليا لإسرائيل في إدارة مقدرات المنطقة ، وإذا كانت حكومات عربية كثيرة قد لهثت لركوب قطار المشروع الأميركي وتخلت عن مسؤولياتها في الدفاع عن الأمن القومي العربي، فإن الشعوب غير ملزمة بمسايرة حكوماتها والتنازل عن حقها بالمقاومة ، وهكذا تحول الأمن القومي العربي إلى ضفة موازية لمواجهة نظرية الشرق الأوسط الكبير ، كما تحول مفهوم الدولة الوطنية إلى معادلة فكرية في وجه القطبية الأحادية، وجاءت المقاومة لتشغل المقعد الشاغر بسبب تلكؤ الحكومات ، وتتحول إلى مكافئ إستراتيجي في مواجهة المهمة الجديدة التي أوكلت لإسرائيل .

    ليس صحيحا أن مجموعة مصادفات صنعت حصيلة سوداء للمشروع الأميركي الصاعد ، كما لم يكن صحيحا أن القدر وضع سوريا في مواجهة المشروع ، وكما كان للرئيس بشار الأسد مشروعه الموازي للمشروع الأميركي في فهم المتغيرات الدولية ، كانت له خطته في مواجهة خطة تقدم هذا المشروع .

    كان الموقف التاريخي للرئيس الأسد في قمة شرم الشيخ تحذيرا واضحا وتفنيدا مفصلا لخطة فرض مشروع الهيمنة ، لكنه قبل هذا كان إعلانا صريحا عن قرار المواجهة ، وجاءت المواقف المتتابعة لرفض عروض الانضمام إلى حلف الخطة الأميركية وحجز مقعد وثير فيها ، ليتوج بسلسلة من المواقف كان أبرزها الكلام المعلن تبشيرا ودعما للمقاومة في العراق قبل ولادتها ، وتبليغا صريحا لكولن باول برفض الاملاءات وإعلان القرار بالمواجهة .

    ونجح الرئيس الأسد في تقديم رؤيته لمشروعه الموازي ، الديمقراطية ليست سلعة للتصدير وكل شعب قادر على صناعة نموذجه الوطني للديمقراطية ، والنظام الاقتصادي الناجح ليس قالبا مسبق الصنع يصلح لكل زمان ومكان، بل هو نموذج خاص تكتشفه الشعوب والحكومات بما يتناسب مع مصالحها الوطنية ، فلا الخصخصة مرفوضة ولا هي وصفة دائمة وشاملة ، ولا القطاع العام رب عمل فاشل وجبت تصفيته ، ولا القطاع الخاص مصدر خطر على القرار الوطني ، معيار القبول والرفض هو المصلحة الوطنية ، وحساباتها تنطلق من القدرة على توفير حجم فرص العمل ، ومقدار القيمة المضافة على الثروة الوطنية، وحجم السلع والخدمات التي يجب توفيرها بأفضل النوعيات وأرخص السعار للمستهلك .

    انتقلت واشنطن من حيث تدري أو لا تدري من البراغماتية التجريبية إلى الأيديولوجيا الصارمة ، فتحولت العلاقة المؤسسة على المصلحة مع إسرائيل إلى أيديولوجيا ، ومعها تحول الخصام النفسي مع العالمين العربي والإسلامي بسبب التبني الأعمى لإسرائيل، من سوء تفاهم مضر بالمصالح على أيديولوجيا ، وتحول غرور الشعور بالقوة في التعامل مع الصين وروسيا وأوروبا والأمم المتحدة إلى أيديولوجيا ، وكان مشروع الرئيس الأسد المتمسك بالثوابت والمبادئ نقطة جمع لفائض القيمة المضافة في الأيديولوجيا والبراغماتية معا ،لتولد مدرسة الجغرافيا السياسية من جمع مبدع بين مصادر القوة للمدرستين ، والجغرافيا السياسية أملت على سوريا قيادة الدفة العربية بعدما تخلى الآخرون ، والجغرافيا السياسية جاءت بتركيا إلى صف النقلة الإستراتيجية التي قادها الرئيس الأسد بمهارة وحكمة وحنكة ، والجغرافيا السياسية صنعت جسر العبور والتواصل بين تركيا وإيران وجعلت سوريا نقطة الوصل وقاعدة الثقة ومحور الجذب .

    نجح الرئيس بشار الأسد في جمع الجسد والروح ، جسد البراغماتية وروح المبادئ ، في معادلة الدولة الوطنية ، فلا تحولت معه البراغماتية إلى انتهازية متنقلة ولا عنده المبادئ أدت إلى الجمود ، ونجحت معه سوريا في تغيير معادلة العالم للقرن الواحد والعشرين ، فتحولت حضن المقاومات من العراق إلى لبنان وفلسطين ومعه صارت عنوان الانتصارات ، وجاء الذين بشروها بأفول نجمها معترفين طالبين الصفح و الدخول إلى غرفة الاعتراف ولو طال الانتظار .

    لو سألنا لمن يدين الحزب الديمقراطي برئاسة الكونغرس وتاليا بالرئاسة في الولايات الأميركية المتحدة ؟ لكان الجواب حسب باتريك بوكانن أحد رموز الحزب الجمهوري، إن الرئيس بشار الأسد هو الذي غير دفة السياسات التي أدت إلى التغييرات الكبرى التي شهدتها أميركا بسبب الفشل الذي ألحقته وسوريا بمشروع الزعامة الأميركية للقرن الواحد والعشرين .

    وإذا سألنا عن مصدر الأمل الذي ألهم المقاومات التي كبلتها المؤامرات في لبنان وفلسطين والعراق ؟ لكان الجواب الذي قاله سيد المقاومة اللبنانية السيد حسن نصرالله ، لولا سوريا بشار الأسد لما كان هذا النصر ممكنا .

    ولو سألنا عن مصدر الإلهام الذي توسمت عبره حركات الاستقلال في أميركا اللاتينية لإطلاق حركتها التاريخية في السنتين الماضيتين ؟ لكان صمود وانتصارات قوى المقاومة وسوريا في قلبها .

    ولو سألنا عن سر القراءات التي حملت الجواب بإمكانية التمرد على خطط الحصار الأميركي لكل من روسيا والصين ؟ لكان الجواب التعثر والفشل اللذين مني بهما المشروع الأميركي في لبنان وفلسطين والعراق، وسوريا في قلب هذا التغيير .

    العقد الذي كان مقدرا أن يكون عقد جورج بوش، هو بحق عقد الرئيس بشار الأسد في تأسيس قرن جديد تحكمه القيم الإنسانية ومعادلات الحق والعدالة .

    يفخر السوريون اليوم أنهم مع مرور عشر سنوات على خطاب القسم لرئيسهم ، يشعرون أنهم في قلب معادلة يصنعون بأيديهم ما كان خيالا وحلما ، لأن هذا الرئيس وضع نصب عينيه أن يعبر بشجاعة وحكمة عن ما تصبو إليه قلوبهم ويخشون تحويله على سياسات ، فصار قائدهم بدلا من أن يكون حاكمهم ، ومعه صارت سوريا قائدا يصنع السياسات والمعادلات بدلا من أن يصنعها الآخرون لها وللمنطقة .

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 10:53 pm