جهينة نيوز-خاص- كفاح نصر:
قلت سابقاً إن المؤامرة كانت على أهالي درعا ولم تكن من درعا، والخطر
كان سيطال الجميع بلا استثناء، وما إن ظهرت ملامح تهاوي المشروع الأمريكي،
حين بدأ الأمريكي يفقد بعض المفاتيح، ويعمل على الكثير من الخيارات، والأهم
كان الخوف من نفاد الأوراق، قبل خروجه من العراق، فضلاً عن عشرات الأزمات،
ولهذا كان عليه أن يسير بأي مخطّط حتى لو كان يدرك أنه بلا نتيجة مرجوة،
بحيث على الأقل يستعمله بالتضليل والتهويل.
فما إن بدأ تساقط المشروع الأمريكي (وأقصد إشعال سورية تماماً) وقبل أن
يتحرك الإخوان المسلمون، حتى بدأ البحث عن خطط بديلة، وهناك من قام بنصح
أصحاب القرار بكلمة مفادها "لا يمكن إسقاط النظام إذا لم يتحرك جبل العرب"،
ومن قدّم النصيحة ظن أنه يفهم عادات وتقاليد الموحدين وقادر على جرّهم إلى
المعركة كما يريد، ويحرّكهم كما يشاء وكأنهم دمى، بل قال لهم عدة أحداث
أمنية وينفجر الجبل والنتائج مضمونة.
والمتعلّقون بقشة (فرنسا، قطر، تركيا) نسوا أن حرب الجبل في لبنان لم
تصنع خلافاً بين درزي ومسيحي ولم تنعكس على جبل العرب رغم وحشيتها، وأن
أحداث 7 أيار لم تؤثر قيد شعرة على شعبية السيد وئام وهاب أو شعبية الأمين
العام لحزب الله في جبل العرب، بل بالعكس السيد وئام وهاب رُفع على الأكتاف
في جبل العرب، ورُفعت أعلام المقاومة، وصور سيد المقاومة، ونسوا أن جبل
العرب له عادات من إكرام الضيف إلى حماية الدخيل، وصولاً إلى قتال المعتدي،
لكن يجب تذكير من لا يتذكر ذلك، فالأمريكي كان يدرك تماماً إستحالة السير
في هذا الخط، لأنه يقرأ وفق استطلاعات الرأي وليس وفق الأحلام الوردية
للبعض، ومع ذلك كان يعتقد أنه يمكن استثمار هذه الفكرة.
أوراق واشنطن المحروقة..؟
البداية: للمفارقة أن أكثر دولة تصدر فتاوى تكفر الدروز وتفتي بجواز
قتلهم وسبي نسائهم وحرق بيوتهم، هي السعودية، وقطر هي الدولة التي منها
خُطّط للإساءة للرمز الوطني سلطان باشا الأطرش، ولهذا طرح ما يسمّى فكرة
تطمين الدروز، والتأثير على مشاعرهم، بهدف تحييدهم عن دعم القيادة السورية
كمقدمة، وبدا ذلك حين كانت قناة الجزيرة لا تبث أي أفلام أو برامج حوارية،
وفجأة استمرت خلال أسبوع بعرض إعلانات عن فيلم عن حياة سلطان باشا الأطرش،
ليكون هذا الفيلم الحدث الوحيد وقتها خارج إطار الربيع العربي، وتوقف من
كان يدعو إلى قتل ثلث الشعب السوري عن الكلام، والهدف يختلف حسب وجهة نظر
كل طرف، فمنهم من كانت واشنطن تدرك أنه ورقة محروقة تماماً، دفعت به إلى
الظن بأنه يقود المعركة، وأن ما يخطّط له سيؤدي إلى سقوط النظام، وسارت معه
في المخطط، ومنهم من يسير مع أمريكا على أي طريق، ولكن واشنطن وإسرائيل
تدركان تماماً المعادلات، وتدركان تماماً أنه طالما الزر الصاروخي بيد
الأسد لا يمكن التحرك، ومع ذلك ساروا بالمخطط لعدة أسباب:
1- استثمار أي ورقة بغية إطالة أمد الأزمة مهما كانت، وفعلت هذا بعدة
أوراق، حيث استثمرتها بغير ما خُطّط لها، كدير الزور مثلاً حيث كان الحراك
خارج ما خطّط له، فتم استثمار أوراق لحرقها.
2- محاولة استنزاف قوات الأمن في أكثر من مكان، ومثال ذلك أعمال القتل
والخطف التي شهدتها حمص، كانت غطاء لعمليات سرية أخرى في مكان آخر، ولهذا
أشعلت حمص حيث حاولوا إشغال الأمن والجيش في حمص تحت ضغط الشارع.
3- رفع مستوى الخطاب الطائفي، فمثلاً حين طلب الأمريكي من وليد جنبلاط
أن يدعو أهالي الجبل حصرياً (وليس السوريين) وهم أقل نسبة بالجيش كونهم
يقطنون في أصغر محافظة، إلى عدم المشاركة بأي عمل أمني في درعا، وعدم دعم
النظام، طبعاً كان الأمريكي يدرك أن وليد جنبلاط أصغر من أن يخاطب جبل
العرب، وأصغر من التأثير فيه، بل ويفقد تأثيره في الشوف حتى، ويدرك أن
الأمن السوري أصلاً لا يقمع أي احتجاج سلمي مهما كان، ولكن هدف الأمريكي بث
روح الطائفية في درعا لتمكين بعض الخلايا من محاولة استثمار هذا الخطاب في
التحريض ضد الدروز، فكلام جنبلاط له معنى واحد، أن الدروز يقتلون مسلمين
وجنبلاط يدعوهم لوقف القتل، وهي نفس الوسيلة التي استعملها جنبلاط للإساءة
للموحدين في فلسطين!!.. إذاً كلامه له هدف وحيد هو التحريض ضد الدروز، بعد
أن فشل التحريض ضد الدولة، فالأمريكي سار بخطط الصغار ولكن لاستثمارها بغير
مكان.
4- الأهم هو تهدئة حلفائه الذين يعيشون رعباً حقيقياً من الخليج
لإسرائيل وغيرهم من القلقين، ويكادوا يسقطوا من العربة الأمريكية، وهم
يشاهدون المارد الأمريكي يخرج ذليلاً من العراق وعلى وشك السقوط التام في
سورية.
وبالتالي.. الأمريكي حين سار بمحاولة التأثير على الجبل، لم يكن يعتقد
أنه سيحصد أي نتائج، سوى التحريض الطائفي، وأثبتت سابقاً أن المشروع
الأمريكي، لا يمكن أن يمر دون نزاعات طائفية تؤدي لتصفية القضية
الفلسطينية، ودون هدم جيوش وقوى المقاومة عبر الفتن، والأمريكي يدرك تماماً
أن جر الجبل كما يريد أمر مستحيل، وأدرك ذلك من خلال استطلاعات الرأي عبر
الانترنيت بأقل تقدير، ولكنه يريد توريط حلفائه أكثر كي لا يقعوا من
العربة، ويريد تمرير خروجه من العراق، وبالتالي يريد ضمان استمرار الأزمة
في سورية قدر الإمكان، فضلاً عن ملفاته المفتوحة من ليبيا إلى اليمن
والبحرين وتونس، والملف الأخطر هو مستقبل تركيا، فضلاً عن لبنان نفسه.
ملاحظة: من حسن حظ سورية أن واشنطن حين كانت تفكر بتقسيم المنطقة هي من
زرع نفساً طائفياً في تركيا وصنعت محبين للرئيس الأسد بمالها وعملائها،
وحين أسقط الأسد المشروع الأمريكي في سورية وجد له قاعدة شعبية في تركيا
تتوسع وتبدأ بتخطي الحدود الطائفية، نالها كغنيمة حرب من الأمريكي، وأصبحت
تثقل كاهل أردوغان، فضلاً عن موقع سورية الجيوسياسي، وبالتالي تشعر واشنطن
أن تركيا قاب قوسين أو أدنى من السقوط من عربة الناتو، وقد كتبت سابقاً عن
الموضوع.
وبالعودة للموضوع.. أرادت واشنطن وبدهاء زرع اللاثقة في سورية وبين
الناس، والإيحاء للمواطن بأن الحرب لم تنته ولن تنتهي، وزرع اليأس بين
الناس أملاً بترك الرئيس من دون أي حماية شعبية، وتريد إشغال الأمن للتغطية
على عملية أمنية في الشمال السوري من جهة، وللتمكن من إدخال قوات دعم عبر
الحدود وسلاح للداخل السوري، وخصوصاً مع بدء السيطرة على الحدود، ومن هنا
بدأ توسيع دائرة النار في حمص على أمل استنزاف الجيش والأمن، ومحاولة زرع
الاحتقان في الجنوب، وريف دمشق.
المخطط كان إشعال الجبل
في السويداء خُطّط للتأثير بها على مراحل، تبدأ من إبراز أي شخصيّة
معارضة لها قيمة اجتماعية في الجبل، وطبعاً لا يوجد، والتأثير على مشاعر
الجبل من الخارج، والاستفادة من الخلايا التي كانت ستعمل إبان محاولة حرق
سورية ولم يتسنَ لها العمل بسبب سقوط المشروع، وبالتالي المخطّط الرئيسي
كان حرق بعض الأوراق التي انتهى دورها في حرب استنزاف سورية، وخلق بعض
الاشتباكات الطائفية في لبنان بقصد مساعدة الخلايا في عملها بجبل العرب،
بحيث يتسنى إخراج مظاهرات ومن خلال قتل عدد من المتظاهرين يشتعل الجبل وتدب
الفتنة بين الجيش والشعب.
ولكن في حين كان البعض يحلم بإشعال الجبل نهائياً، كان الأمريكي يخطّط
لشيء آخر وهو إشعال قتال داخل الجبل وليس تظاهرات، فالأمريكي أدرك ويدرك أن
المظاهرات لا تسقط نظاماً (مهما قفزوا عن الأرض)، ويدرك أن التضليل
الإعلامي هو سيد الموقف، وجلّ ما يريده اشتباك طائفي يكون ورقة ضغط على
القيادة السورية.
ولا يمكن تفسير اختفاء شبلي العيسمي إلا بسبب عدم وجود أي معارض له قيمة
اجتماعية في السويداء، والسيد فيصل القاسم كاد يخرج بمظاهرات تطالب بمعرفة
مصير شبلي العيسمي (ابن جبل العرب)، وتمّ إعادة ضخ الأموال إلى من قطع عنه
المال، وأرسل الأمريكي رجله صاحب التاريخ بإشعال نزاع في الجبل الى
السويداء قادماً من السعودية، وجرى التحضير لأعمال عنف طائفي في لبنان بهدف
التأثير بالشارع السوري في جبل العرب، ويفترض حدوث بعض الأحداث الأمنية في
الجبل لم يتسنَ لي التأكد من أي منها، ولكن ما استطعت التأكد منه أن هناك
من سيغيّر موقفه من الأزمة في سورية قريباً، والمتأكد منه أكثر أن هناك
نقاطاً يجهلها الغرب بطباع أهالي جبل العرب ستترك الطريق أمامهم مسدوداً.
في الملحق القادم: لماذا دخلت العصابات المسلحة مدينة دير الزور..؟
قلت سابقاً إن المؤامرة كانت على أهالي درعا ولم تكن من درعا، والخطر
كان سيطال الجميع بلا استثناء، وما إن ظهرت ملامح تهاوي المشروع الأمريكي،
حين بدأ الأمريكي يفقد بعض المفاتيح، ويعمل على الكثير من الخيارات، والأهم
كان الخوف من نفاد الأوراق، قبل خروجه من العراق، فضلاً عن عشرات الأزمات،
ولهذا كان عليه أن يسير بأي مخطّط حتى لو كان يدرك أنه بلا نتيجة مرجوة،
بحيث على الأقل يستعمله بالتضليل والتهويل.
فما إن بدأ تساقط المشروع الأمريكي (وأقصد إشعال سورية تماماً) وقبل أن
يتحرك الإخوان المسلمون، حتى بدأ البحث عن خطط بديلة، وهناك من قام بنصح
أصحاب القرار بكلمة مفادها "لا يمكن إسقاط النظام إذا لم يتحرك جبل العرب"،
ومن قدّم النصيحة ظن أنه يفهم عادات وتقاليد الموحدين وقادر على جرّهم إلى
المعركة كما يريد، ويحرّكهم كما يشاء وكأنهم دمى، بل قال لهم عدة أحداث
أمنية وينفجر الجبل والنتائج مضمونة.
والمتعلّقون بقشة (فرنسا، قطر، تركيا) نسوا أن حرب الجبل في لبنان لم
تصنع خلافاً بين درزي ومسيحي ولم تنعكس على جبل العرب رغم وحشيتها، وأن
أحداث 7 أيار لم تؤثر قيد شعرة على شعبية السيد وئام وهاب أو شعبية الأمين
العام لحزب الله في جبل العرب، بل بالعكس السيد وئام وهاب رُفع على الأكتاف
في جبل العرب، ورُفعت أعلام المقاومة، وصور سيد المقاومة، ونسوا أن جبل
العرب له عادات من إكرام الضيف إلى حماية الدخيل، وصولاً إلى قتال المعتدي،
لكن يجب تذكير من لا يتذكر ذلك، فالأمريكي كان يدرك تماماً إستحالة السير
في هذا الخط، لأنه يقرأ وفق استطلاعات الرأي وليس وفق الأحلام الوردية
للبعض، ومع ذلك كان يعتقد أنه يمكن استثمار هذه الفكرة.
أوراق واشنطن المحروقة..؟
البداية: للمفارقة أن أكثر دولة تصدر فتاوى تكفر الدروز وتفتي بجواز
قتلهم وسبي نسائهم وحرق بيوتهم، هي السعودية، وقطر هي الدولة التي منها
خُطّط للإساءة للرمز الوطني سلطان باشا الأطرش، ولهذا طرح ما يسمّى فكرة
تطمين الدروز، والتأثير على مشاعرهم، بهدف تحييدهم عن دعم القيادة السورية
كمقدمة، وبدا ذلك حين كانت قناة الجزيرة لا تبث أي أفلام أو برامج حوارية،
وفجأة استمرت خلال أسبوع بعرض إعلانات عن فيلم عن حياة سلطان باشا الأطرش،
ليكون هذا الفيلم الحدث الوحيد وقتها خارج إطار الربيع العربي، وتوقف من
كان يدعو إلى قتل ثلث الشعب السوري عن الكلام، والهدف يختلف حسب وجهة نظر
كل طرف، فمنهم من كانت واشنطن تدرك أنه ورقة محروقة تماماً، دفعت به إلى
الظن بأنه يقود المعركة، وأن ما يخطّط له سيؤدي إلى سقوط النظام، وسارت معه
في المخطط، ومنهم من يسير مع أمريكا على أي طريق، ولكن واشنطن وإسرائيل
تدركان تماماً المعادلات، وتدركان تماماً أنه طالما الزر الصاروخي بيد
الأسد لا يمكن التحرك، ومع ذلك ساروا بالمخطط لعدة أسباب:
1- استثمار أي ورقة بغية إطالة أمد الأزمة مهما كانت، وفعلت هذا بعدة
أوراق، حيث استثمرتها بغير ما خُطّط لها، كدير الزور مثلاً حيث كان الحراك
خارج ما خطّط له، فتم استثمار أوراق لحرقها.
2- محاولة استنزاف قوات الأمن في أكثر من مكان، ومثال ذلك أعمال القتل
والخطف التي شهدتها حمص، كانت غطاء لعمليات سرية أخرى في مكان آخر، ولهذا
أشعلت حمص حيث حاولوا إشغال الأمن والجيش في حمص تحت ضغط الشارع.
3- رفع مستوى الخطاب الطائفي، فمثلاً حين طلب الأمريكي من وليد جنبلاط
أن يدعو أهالي الجبل حصرياً (وليس السوريين) وهم أقل نسبة بالجيش كونهم
يقطنون في أصغر محافظة، إلى عدم المشاركة بأي عمل أمني في درعا، وعدم دعم
النظام، طبعاً كان الأمريكي يدرك أن وليد جنبلاط أصغر من أن يخاطب جبل
العرب، وأصغر من التأثير فيه، بل ويفقد تأثيره في الشوف حتى، ويدرك أن
الأمن السوري أصلاً لا يقمع أي احتجاج سلمي مهما كان، ولكن هدف الأمريكي بث
روح الطائفية في درعا لتمكين بعض الخلايا من محاولة استثمار هذا الخطاب في
التحريض ضد الدروز، فكلام جنبلاط له معنى واحد، أن الدروز يقتلون مسلمين
وجنبلاط يدعوهم لوقف القتل، وهي نفس الوسيلة التي استعملها جنبلاط للإساءة
للموحدين في فلسطين!!.. إذاً كلامه له هدف وحيد هو التحريض ضد الدروز، بعد
أن فشل التحريض ضد الدولة، فالأمريكي سار بخطط الصغار ولكن لاستثمارها بغير
مكان.
4- الأهم هو تهدئة حلفائه الذين يعيشون رعباً حقيقياً من الخليج
لإسرائيل وغيرهم من القلقين، ويكادوا يسقطوا من العربة الأمريكية، وهم
يشاهدون المارد الأمريكي يخرج ذليلاً من العراق وعلى وشك السقوط التام في
سورية.
وبالتالي.. الأمريكي حين سار بمحاولة التأثير على الجبل، لم يكن يعتقد
أنه سيحصد أي نتائج، سوى التحريض الطائفي، وأثبتت سابقاً أن المشروع
الأمريكي، لا يمكن أن يمر دون نزاعات طائفية تؤدي لتصفية القضية
الفلسطينية، ودون هدم جيوش وقوى المقاومة عبر الفتن، والأمريكي يدرك تماماً
أن جر الجبل كما يريد أمر مستحيل، وأدرك ذلك من خلال استطلاعات الرأي عبر
الانترنيت بأقل تقدير، ولكنه يريد توريط حلفائه أكثر كي لا يقعوا من
العربة، ويريد تمرير خروجه من العراق، وبالتالي يريد ضمان استمرار الأزمة
في سورية قدر الإمكان، فضلاً عن ملفاته المفتوحة من ليبيا إلى اليمن
والبحرين وتونس، والملف الأخطر هو مستقبل تركيا، فضلاً عن لبنان نفسه.
ملاحظة: من حسن حظ سورية أن واشنطن حين كانت تفكر بتقسيم المنطقة هي من
زرع نفساً طائفياً في تركيا وصنعت محبين للرئيس الأسد بمالها وعملائها،
وحين أسقط الأسد المشروع الأمريكي في سورية وجد له قاعدة شعبية في تركيا
تتوسع وتبدأ بتخطي الحدود الطائفية، نالها كغنيمة حرب من الأمريكي، وأصبحت
تثقل كاهل أردوغان، فضلاً عن موقع سورية الجيوسياسي، وبالتالي تشعر واشنطن
أن تركيا قاب قوسين أو أدنى من السقوط من عربة الناتو، وقد كتبت سابقاً عن
الموضوع.
وبالعودة للموضوع.. أرادت واشنطن وبدهاء زرع اللاثقة في سورية وبين
الناس، والإيحاء للمواطن بأن الحرب لم تنته ولن تنتهي، وزرع اليأس بين
الناس أملاً بترك الرئيس من دون أي حماية شعبية، وتريد إشغال الأمن للتغطية
على عملية أمنية في الشمال السوري من جهة، وللتمكن من إدخال قوات دعم عبر
الحدود وسلاح للداخل السوري، وخصوصاً مع بدء السيطرة على الحدود، ومن هنا
بدأ توسيع دائرة النار في حمص على أمل استنزاف الجيش والأمن، ومحاولة زرع
الاحتقان في الجنوب، وريف دمشق.
المخطط كان إشعال الجبل
في السويداء خُطّط للتأثير بها على مراحل، تبدأ من إبراز أي شخصيّة
معارضة لها قيمة اجتماعية في الجبل، وطبعاً لا يوجد، والتأثير على مشاعر
الجبل من الخارج، والاستفادة من الخلايا التي كانت ستعمل إبان محاولة حرق
سورية ولم يتسنَ لها العمل بسبب سقوط المشروع، وبالتالي المخطّط الرئيسي
كان حرق بعض الأوراق التي انتهى دورها في حرب استنزاف سورية، وخلق بعض
الاشتباكات الطائفية في لبنان بقصد مساعدة الخلايا في عملها بجبل العرب،
بحيث يتسنى إخراج مظاهرات ومن خلال قتل عدد من المتظاهرين يشتعل الجبل وتدب
الفتنة بين الجيش والشعب.
ولكن في حين كان البعض يحلم بإشعال الجبل نهائياً، كان الأمريكي يخطّط
لشيء آخر وهو إشعال قتال داخل الجبل وليس تظاهرات، فالأمريكي أدرك ويدرك أن
المظاهرات لا تسقط نظاماً (مهما قفزوا عن الأرض)، ويدرك أن التضليل
الإعلامي هو سيد الموقف، وجلّ ما يريده اشتباك طائفي يكون ورقة ضغط على
القيادة السورية.
ولا يمكن تفسير اختفاء شبلي العيسمي إلا بسبب عدم وجود أي معارض له قيمة
اجتماعية في السويداء، والسيد فيصل القاسم كاد يخرج بمظاهرات تطالب بمعرفة
مصير شبلي العيسمي (ابن جبل العرب)، وتمّ إعادة ضخ الأموال إلى من قطع عنه
المال، وأرسل الأمريكي رجله صاحب التاريخ بإشعال نزاع في الجبل الى
السويداء قادماً من السعودية، وجرى التحضير لأعمال عنف طائفي في لبنان بهدف
التأثير بالشارع السوري في جبل العرب، ويفترض حدوث بعض الأحداث الأمنية في
الجبل لم يتسنَ لي التأكد من أي منها، ولكن ما استطعت التأكد منه أن هناك
من سيغيّر موقفه من الأزمة في سورية قريباً، والمتأكد منه أكثر أن هناك
نقاطاً يجهلها الغرب بطباع أهالي جبل العرب ستترك الطريق أمامهم مسدوداً.
في الملحق القادم: لماذا دخلت العصابات المسلحة مدينة دير الزور..؟