"الساعةالبيولوجية"Biological Clock
ساعد التطور السريع الذي يشهده علم الهندسة الوراثية هذه الأيام في إيجاد حلول لبعضألغاز الكائن الحي التي طالما أرّقت العلماء، فلقد ظلت "الساعةالبيولوجية"Biological Clock والموجودةداخل كل منا لغزًا غامضًا رغم مئات الأبحاث التي نشرت حولها حتى تمكن العلماءمؤخرا من تحديد مكانها في الجسم، وتلك الساعة هيالتي تجعلنا نشعر بالزمن وتنظم إيقاع حياتنا وتحدد أوقات النوم واليقظة وتشعرنابالجوع عندما يحين موعد تناول الطعام وتبرد أجسامنا ليلا وتسخنها نهارا، كما نجد أنمعظم الذين يستخدمون الساعات المنبهة لإيقاظهم يستيقظون عادة قبل أن يدق جرس المنبهبلحظات، وكأن في أجسامهم منبها داخليا يوقظه في الموعد المطلوب.
الإيقاع اليوم ييعرف التغير من حال إلى أخرى خلال 24 ساعة باسم الإيقاع اليومي Circadian Rhythm، وهو ظاهرة شهيرة في عالم الأحياء، فمن ذلك مثلاً أن الأزمات القلبية تحدث غالبا في الساعات الأولى من الصباح، وكذلك نوبات الصداع النصفي (الشقيقة) وآلام المفاصل يكثر حدوثها في وقت محدد من اليوم والحساسية للألم تبلغذروتها ليلا وتتضاءل نهارا، بل إن أمزجتنا تتنوع في اليوم الواحد بين الرومانسية والواقعية ومشاعرنا تتبدل من البهجة في الساعات المشرقة إلى الانقباض عندما تمتلئالسماء بالغيوم، والمشكلة التي تفكر فيها بعد منتصف الليل تستعصي على الحل بينماتكتشف أنها أبسط مما كانت عليه عندما تنظر في المشكلة نفسها عند الصباح، إنها المشكلة نفسها لم تتغير ولكن الذي تغير هو موقفك النفسي والعاطفي تجاهها!!.
والحقيقة أننا لسنا وحدنا أصحاب ذلك الإيقاع اليومي، فمن المعروف أن كثيرًامن فصائل الحيوانات تهاجر وتتزاوج طبقًا لمواعيد زمنية ثابتة في فصول من السنة،وكذلك هجرة الطيور شمالا وجنوبا تتحدد بأوقات زمنية معينة من السنة.
بلوالنباتات أيضًا، فمعظم النباتات تتفتح أزهارها لتستقبل النحل والفراشات في مواقيتنهارية محددة، ولعل سلوك نبات دوار الشمس يقترب من الترجمة الحرفية للإيقاع اليوميفي عامل النبات وحتى الفطريات والحيوانات الأولية يبدو من رصد نشاطها أنها تميز بينالليل والنهار.
عندما تختل الساعة البيولوجيةهناك بعض الأعراضالتي تظهر عند اختلال عمل الساعة البيولوجية، مثل:
1- اضطراب دورات النومو اليقظة:
فعندما تختل الساعة البيولوجية تصاب دورات النوم واليقظة عندالإنسان بارتباك شديد؛ حيث يصاب البعض بالحاجة إلى النوم في وقت مبكر جدًا منالليل، ثم يستيقظون بعد منتصف الليل لتبدأ معاناة انتظار الصباح، بينما يحدث العكس عند فريق من الناس حيث يجدون صعوبة شديدة في النوم ويعتبرون أنفسهم من ضحايا الأرقفلا يصل النوم إلى عيونهم إلا بعد منتصف الليل أو قرب الفجر، ويترتب على ذلك صعوبةشديدة في الاستيقاظ صباحًا للذهاب إلى العمل أو المدرسة.
2- دوار الطائرة النفاثة Jet Lag:
وهي حالة مرضية تحدث عادة عند السفر الطويل السريع عبرمناطق يتغير فيها الوقت، وذلك نتيجة لعدم توافق الساعة البيولوجية داخل الإنسان معالساعة الخارجية التي تتغير بتغير توقيت البلاد المختلفة التي يمر بها المسافر،وينتج عن هذه الحالة أرق وإرهاق وتباطؤ وظائف الجسم، ويصاحبه اضطراب في دورات النومواليقظة.
3- الاكتئاب الشتوي "الاضطراب الوجداني الفصلي":
في دراسةميدانية بمدينة نيويورك وجد أن أكثر من ثلث البالغين يعانون اضطرابا في حالتهمالمزاجية في أثناء الشتاء؛ حيث تطول ساعات الليل. كما وجد أن ستة أشخاص من كل مائةيعانون اكتئابا شديدا في فصل الشتاء؛ فيشعر المريض بصعوبة في ممارسة العمل والحياةالعائلية، كما يحس بموجات من التعب وتتغير عاداته في الأكل؛ فيتناول الكثير منالمواد النشوية والسكرية.
أين توجد الساعة البيولوجية؟؟ تمكن العلماء أخيرًا من رصد مكان الساعة البيولوجية بعد اكتشاف مجموعة من الخلاياالعصبية تقع في النهار التحتي وسط المخ تعرف بالنواة فوق التصالبية Supra Chiasmatic nucleus، ويبدو أنها مركز التحكم في الإيقاع اليومي، وتتكون هذه النواةمن جزأين، جزء يوجد في النصف الأيمن من المخ، والجزء الثاني في النصف الأيسر منالمخ، وكل جزء يتكون من عشرة آلاف خلية عصبية ملتصقة بعضها ببعض، وتقوم على تنظيم الجداول الزمنية والتنسيق مع بقية الخلايا للوصول إلى ما يجب أن تكون عليه أنشطةالجسم على مدار اليوم.
وتوجد هذه النواة فوق نقطة التقاء العصبين البصريينفي قاع الجمجمة؛ حيث إن عمل هذه النواة يرتبط بالضوء الذي يعمل على خلق التزامن بين الساعة الداخلية ودورات النور والظلام في العالم الخارجي، وفي خلايا هذه النواة يتمنسخ وترجمة مورث جين الساعة الذي يسهم بدور كبير في مدى دقة هذه الساعة، وهوالمسئول عن ضبط الساعة البيولوجية، والعثور عليه يمهد الطريق إلى ضبط ساعاتنا البيولوجية مثلما نضبط ساعة اليد أو الحائط بعد استبدال المورث المضطرب بآخرسليم..!!.
كيف تعمل الساعة البيولوجية؟ مكنت تقنيات البيولوجيا الجزيئية العلماء من فهم الآلية التي تعمل بها تلك الساعة العجيبة، فمن خلال الأبحاث التي أجريت على ذبابة "الدروسوفيلا" تبين أن لحظة الصفر في الدورة اليومية تبدأ عند الظهر؛ حيث تبدأ عملية نسخ الجينات المسئولة عن تكوين مركب حساس للضوء،ويظل النسخ مستمرًا حتى ما بعد الغروب مباشرة لتبدأ عملية ترجمة الجينات المنسوخة إلى بروتينات تتحد لتكون المركب الحساس للضوء، وعند الفجر يعمل الضوء على تفكيك هذاالمركب الحساس؛ فيفقد فعاليته تدريجيا، وعند الظهر يفقد فعاليته تماما وتبدأ الخليةفي عملية النسخ من جديد.
وهكذا تتتابع عمليتا "نسخ" الجين و"ترجمة" نسخته Gene Expression في حلقة يومية محكمة ذاتية التنظيم؛ فالتعرض للضوء مبكرًا يؤدي إلىتبكير عملية النسخ أي تبكير ساعة الصفر في الدورة اليومية والتأخر في التعرض للضوءيعني تأخر عملية النسخ، وهكذا يعمل الضوء على ضبط الساعة البيولوجية كل أربع وعشرينساعة.
وعلى هذا، فإن دورة النور والظلام على سطح الأرض تقوم مسار جميعالعمليات الحيوية في جسم الكائنات الحية؛ حيث لا يمكن أن تعمل الساعة البيولوجية بمفردها بانتظام لمدة طويلة، بل لا بد من وجود تلك الدورة كساعة مرجعية نضبط عليهاساعتنا من حين لآخر. ومن ثم يعتبر التعرض لضوء النهار ولو لدقائق معدودة كل يومضروريا لتوفيق إيقاع الجسم مع إيقاع الطبيعة من حولنا.
****************************
هنا تجدون الصداقة الحقيقية
الحب جحيم يُطاق . . والحياة بدون حب نعيم
لا يطُاق
ساعد التطور السريع الذي يشهده علم الهندسة الوراثية هذه الأيام في إيجاد حلول لبعضألغاز الكائن الحي التي طالما أرّقت العلماء، فلقد ظلت "الساعةالبيولوجية"Biological Clock والموجودةداخل كل منا لغزًا غامضًا رغم مئات الأبحاث التي نشرت حولها حتى تمكن العلماءمؤخرا من تحديد مكانها في الجسم، وتلك الساعة هيالتي تجعلنا نشعر بالزمن وتنظم إيقاع حياتنا وتحدد أوقات النوم واليقظة وتشعرنابالجوع عندما يحين موعد تناول الطعام وتبرد أجسامنا ليلا وتسخنها نهارا، كما نجد أنمعظم الذين يستخدمون الساعات المنبهة لإيقاظهم يستيقظون عادة قبل أن يدق جرس المنبهبلحظات، وكأن في أجسامهم منبها داخليا يوقظه في الموعد المطلوب.
الإيقاع اليوم ييعرف التغير من حال إلى أخرى خلال 24 ساعة باسم الإيقاع اليومي Circadian Rhythm، وهو ظاهرة شهيرة في عالم الأحياء، فمن ذلك مثلاً أن الأزمات القلبية تحدث غالبا في الساعات الأولى من الصباح، وكذلك نوبات الصداع النصفي (الشقيقة) وآلام المفاصل يكثر حدوثها في وقت محدد من اليوم والحساسية للألم تبلغذروتها ليلا وتتضاءل نهارا، بل إن أمزجتنا تتنوع في اليوم الواحد بين الرومانسية والواقعية ومشاعرنا تتبدل من البهجة في الساعات المشرقة إلى الانقباض عندما تمتلئالسماء بالغيوم، والمشكلة التي تفكر فيها بعد منتصف الليل تستعصي على الحل بينماتكتشف أنها أبسط مما كانت عليه عندما تنظر في المشكلة نفسها عند الصباح، إنها المشكلة نفسها لم تتغير ولكن الذي تغير هو موقفك النفسي والعاطفي تجاهها!!.
والحقيقة أننا لسنا وحدنا أصحاب ذلك الإيقاع اليومي، فمن المعروف أن كثيرًامن فصائل الحيوانات تهاجر وتتزاوج طبقًا لمواعيد زمنية ثابتة في فصول من السنة،وكذلك هجرة الطيور شمالا وجنوبا تتحدد بأوقات زمنية معينة من السنة.
بلوالنباتات أيضًا، فمعظم النباتات تتفتح أزهارها لتستقبل النحل والفراشات في مواقيتنهارية محددة، ولعل سلوك نبات دوار الشمس يقترب من الترجمة الحرفية للإيقاع اليوميفي عامل النبات وحتى الفطريات والحيوانات الأولية يبدو من رصد نشاطها أنها تميز بينالليل والنهار.
عندما تختل الساعة البيولوجيةهناك بعض الأعراضالتي تظهر عند اختلال عمل الساعة البيولوجية، مثل:
1- اضطراب دورات النومو اليقظة:
فعندما تختل الساعة البيولوجية تصاب دورات النوم واليقظة عندالإنسان بارتباك شديد؛ حيث يصاب البعض بالحاجة إلى النوم في وقت مبكر جدًا منالليل، ثم يستيقظون بعد منتصف الليل لتبدأ معاناة انتظار الصباح، بينما يحدث العكس عند فريق من الناس حيث يجدون صعوبة شديدة في النوم ويعتبرون أنفسهم من ضحايا الأرقفلا يصل النوم إلى عيونهم إلا بعد منتصف الليل أو قرب الفجر، ويترتب على ذلك صعوبةشديدة في الاستيقاظ صباحًا للذهاب إلى العمل أو المدرسة.
2- دوار الطائرة النفاثة Jet Lag:
وهي حالة مرضية تحدث عادة عند السفر الطويل السريع عبرمناطق يتغير فيها الوقت، وذلك نتيجة لعدم توافق الساعة البيولوجية داخل الإنسان معالساعة الخارجية التي تتغير بتغير توقيت البلاد المختلفة التي يمر بها المسافر،وينتج عن هذه الحالة أرق وإرهاق وتباطؤ وظائف الجسم، ويصاحبه اضطراب في دورات النومواليقظة.
3- الاكتئاب الشتوي "الاضطراب الوجداني الفصلي":
في دراسةميدانية بمدينة نيويورك وجد أن أكثر من ثلث البالغين يعانون اضطرابا في حالتهمالمزاجية في أثناء الشتاء؛ حيث تطول ساعات الليل. كما وجد أن ستة أشخاص من كل مائةيعانون اكتئابا شديدا في فصل الشتاء؛ فيشعر المريض بصعوبة في ممارسة العمل والحياةالعائلية، كما يحس بموجات من التعب وتتغير عاداته في الأكل؛ فيتناول الكثير منالمواد النشوية والسكرية.
أين توجد الساعة البيولوجية؟؟ تمكن العلماء أخيرًا من رصد مكان الساعة البيولوجية بعد اكتشاف مجموعة من الخلاياالعصبية تقع في النهار التحتي وسط المخ تعرف بالنواة فوق التصالبية Supra Chiasmatic nucleus، ويبدو أنها مركز التحكم في الإيقاع اليومي، وتتكون هذه النواةمن جزأين، جزء يوجد في النصف الأيمن من المخ، والجزء الثاني في النصف الأيسر منالمخ، وكل جزء يتكون من عشرة آلاف خلية عصبية ملتصقة بعضها ببعض، وتقوم على تنظيم الجداول الزمنية والتنسيق مع بقية الخلايا للوصول إلى ما يجب أن تكون عليه أنشطةالجسم على مدار اليوم.
وتوجد هذه النواة فوق نقطة التقاء العصبين البصريينفي قاع الجمجمة؛ حيث إن عمل هذه النواة يرتبط بالضوء الذي يعمل على خلق التزامن بين الساعة الداخلية ودورات النور والظلام في العالم الخارجي، وفي خلايا هذه النواة يتمنسخ وترجمة مورث جين الساعة الذي يسهم بدور كبير في مدى دقة هذه الساعة، وهوالمسئول عن ضبط الساعة البيولوجية، والعثور عليه يمهد الطريق إلى ضبط ساعاتنا البيولوجية مثلما نضبط ساعة اليد أو الحائط بعد استبدال المورث المضطرب بآخرسليم..!!.
كيف تعمل الساعة البيولوجية؟ مكنت تقنيات البيولوجيا الجزيئية العلماء من فهم الآلية التي تعمل بها تلك الساعة العجيبة، فمن خلال الأبحاث التي أجريت على ذبابة "الدروسوفيلا" تبين أن لحظة الصفر في الدورة اليومية تبدأ عند الظهر؛ حيث تبدأ عملية نسخ الجينات المسئولة عن تكوين مركب حساس للضوء،ويظل النسخ مستمرًا حتى ما بعد الغروب مباشرة لتبدأ عملية ترجمة الجينات المنسوخة إلى بروتينات تتحد لتكون المركب الحساس للضوء، وعند الفجر يعمل الضوء على تفكيك هذاالمركب الحساس؛ فيفقد فعاليته تدريجيا، وعند الظهر يفقد فعاليته تماما وتبدأ الخليةفي عملية النسخ من جديد.
وهكذا تتتابع عمليتا "نسخ" الجين و"ترجمة" نسخته Gene Expression في حلقة يومية محكمة ذاتية التنظيم؛ فالتعرض للضوء مبكرًا يؤدي إلىتبكير عملية النسخ أي تبكير ساعة الصفر في الدورة اليومية والتأخر في التعرض للضوءيعني تأخر عملية النسخ، وهكذا يعمل الضوء على ضبط الساعة البيولوجية كل أربع وعشرينساعة.
وعلى هذا، فإن دورة النور والظلام على سطح الأرض تقوم مسار جميعالعمليات الحيوية في جسم الكائنات الحية؛ حيث لا يمكن أن تعمل الساعة البيولوجية بمفردها بانتظام لمدة طويلة، بل لا بد من وجود تلك الدورة كساعة مرجعية نضبط عليهاساعتنا من حين لآخر. ومن ثم يعتبر التعرض لضوء النهار ولو لدقائق معدودة كل يومضروريا لتوفيق إيقاع الجسم مع إيقاع الطبيعة من حولنا.
****************************
هنا تجدون الصداقة الحقيقية
الحب جحيم يُطاق . . والحياة بدون حب نعيم
لا يطُاق