جهينة نيوز- كفاح نصر:
في الخبر
ترى موسكو أن فرض العقوبات الجديدة ضد ايران، واحتمال ضرب هذا البلد
عسكرياً، يمثلان محاولة لتغيير النظام. ففي تصريح لوكالة "انترفاكس" أعلن
غينادي غيتالوف، نائب وزير الخارجية الروسي، أن "العقوبات الإضافية ضد
إيران، وكذلك ضرب إيران المحتمل عسكرياً، سيعتبر المجتمع الدولي بلا ريب أن
هدفه هو تغيير النظام في طهران".
تقديم وتذكير
كتبت سابقاً في مقال عن الحرب الباردة، أن التوتر وصل إلى ذروته نهاية
العام الماضي في منطقة الخليج (الخليج الفارسي الأمريكي يلي ما في شي عربي
وبيسموه عربي)، وادعيت أن التوتر تقريباً زال رغم أن البعض كان يقول أي خطأ
سيشعل المنطقة، والآن التوتر عاد من جديد ولكن بطريقة مختلفة تماماً، عاد
التوتر بعد قرار الإتحاد الأوروبي التضييق على النفط الإيراني وتهديد إيران
بإغلاق مضيق هرمز، وهنا لابد من الحديث عن تداعيات ما يحدث والى أين؟.
في حرب الطاقة
نهاية العام الفائت سلّم وزير الطاقة التركي روسيا الوثيقة التي جعلت
تمديد خط السيل الجنوبي قاب قوسين أو أدنى من بدء التنفيذ وخلال لقاء
اليكسي ميلر مدير "غاز بروم" مع بوتين ومدفيديف كلاً على حده، حثّ حكام
روسيا على ضرورة البدء بتنفيذ هذا الخط العام الحالي وليس العام القادم،
وبدأت ترتسم موازين جديدة في العالم، ولكن بالمقابل عادت واشنطن للحديث عن
الغاز الطيني أو غاز الحجر الزيتي، وإن كان الكلام عن هذا النوع من الغاز
سيضر بواشنطن قبل موسكو، ولكنه غير قادر خلال السنوات العشر القادمة على
تغيير سوق الغاز، وروسيا قد لا تحتاج إلى أكثر من عشر سنوات لتنجز تغييرات
بنيتها الاقتصادية، وكذلك تمّ الحديث عن خفض أوكرانيا لوارداتها من الغاز
الروسي للنصف، ولكن الأهم الذي حدث مطلع هذا العام هو تهديد إيران بإغلاق
مضيق هرمز، والسؤال الأكثر جدلاً مطلع هذا العام هو: هل التهديد الإيراني
هو رد على العقوبات الأوروبية المحتملة ضد طهران، أم هو تهديد روسي لأوروبا
وواشنطن لتقول للغرب نحن هنا؟؟.
موسكو.. طهران حلف غير معلن
يقول الخبير الإستراتيجي الكازاخستاني عادل موكاشيف: "واشنطن دون أن
تدري دفعت إلى قيام تحالف روسي صيني إيراني غير معلن"، نعم العلاقات
الإيرانية الروسية هي أكثر علاقات موسكو تعقيداً، ولكن إيران بتحالفها مع
سورية والمقاومة، استطاعت فرض نفسها كبيضة قبان، وخلال الأحداث الأخيرة
حصلت على الكثير من التنازلات من روسيا، ورغم كل التعقيد خلال الشهور
الماضية أنتجت موسكو وطهران اتفاقاً استراتيجياً لأول مرة يأخذ طابعاً
أمنياً، وليس صدفة بالتزامن مع الإعلان عن الاتفاق الروسي الإيراني أن تقوم
طهران بإسقاط طائرة أمريكية بحرب إلكترونية معقدة جداً قد تعجز عنها دول
مثل فرنسا وبريطانيا، نعم روسيا ملزمة بالوصول إلى مضيق هرمز، وإيران
استطاعت فرض نفسها لاعباً إقليمياً لدرجة أن تبدأ بتخصيب اليورانيوم إلى
20% رغم اعتراضات موسكو التي تريد تصدير هذا الوقود لطهران.
التخبط الأمريكي..؟
أدركت واشنطن جيداً أن التحذير الإيراني ليس مزحة، وقامت بإرسال مجموعة
حاملة الطائرات كارل فينسون، علماً أنه وتزامناً مع التحذير الإيراني أرسلت
مجموعة حاملة الطائرات جون ستينس، وكذلك بريطانيا أرسلت المدمرة دارينغ
لتدعيم ما يقارب من ست سفن بريطانية، وكل هذا لأن الأمريكيين يدركون تماماً
أن التهديد الإيراني جديّ، والأهم أن هذه البوارج هي لطمأنة عرب الاعتلال
على مستقبلهم، لأن مختصر التحذير الإيراني يعني وبعبارة واحدة "إسرائيل
والأسر الحاكمة في الخليج غير قادرين على تأمين إمدادات الطاقة".. وبالتالي
أصبح ملوك وأمراء الخليج عبارة عن أوراق بلا أي قيمة لها في السياسة
الدولية، ولكن من حسن حظهم أن إيران عينها على فلسطين وليس عليهم.
الغرق الأمريكي
تأتي هذه التطورات تزامناً مع طلب أوباما رفع سقف الدين الأمريكي مرة
ثانية بمقدار 1200 مليار دولار ليصبح ثالث سقف دين أمريكي، وهو يعلم تماماً
أنه قبل نهاية هذا العام سيصل إلى سقف الدين الثاني، علماً بأن العجز
الأمريكي في العام الماضي كان 1300 مليار دولار، وتأتي هذه التطورات مع
أزمة أوروبية عميقة وخصوصاً في الدول التي تستورد النفط الإيراني (إسبانيا،
إيطاليا، اليونان) وتقترب هذه الأزمة من فرنسا ثاني اقتصاد أوروبي، فضلاً
عن إعادة هيكلة القوات الأمريكية وخفض موازنة الدفاع الأمريكية، وقيام
الأمريكيين بسحب ألوية عسكرية مقاتلة من أوروبا.
هل يمكن لطهران إغلاق مضيق هرمز..؟
السؤال المنطقي ربما هو: لو أن واشنطن قادرة على دفع تكاليف أي حرب في
الخليج العربي، هل كانت أرسلت بوارجها بعد التحذير الإيراني، أم كانت
أرسلتها قبل التحذير الإيراني، فالحرب في الخليج العربي لها وجهان، والقارئ
يدرك أن الوجه الأول هو40% من نفط العالم يمرّ من هذا المضيق، ولكن الوجه
الذي لم يتكلم عنه أحد هو وقف إمدادات الغاز المسال القطري، علماً بأن قطر
أكبر مصدر للغاز المسال في العالم وهو الغاز المنافس للغاز الروسي
والجزائري في أوروبا، وهو أيضاً الغاز الذي تتمتّع لندن به بأسعار تفضيلية
كبرى، وبالتالي حين تقول أوكرانيا إنها قد تخفض شراءها من الغاز الروسي إلى
27 مليار متر مكعب، فإن التحذير الإيراني هو بنفس الوقت رسالة للغرب
وأوكرانيا التي تتفاوض مع روسيا على بيع نصف شبكة الغاز الأوكرانية لـ"غاز
بروم"، وبالتالي مهما كانت التحذير الإيراني هو رسالة إيرانية ولكنه بنفس
الوقت هو رسالة روسية حازمة، والمفاجآت التي ظهرت في المناورات الإيرانية
هي مفاجآت إيرانية، ولكن في حال أي اشتباك تدرك واشنطن تماماً أن هناك
مفاجآت لدى إيران ربما تركها الروسي والصيني لقلب الموازين في المنطقة
تماماً، وتدرك واشنطن تماماً أنها ستكون عاجزة عن الرد على أي تصعيد إيراني
في مضيق هرمز، كما تدرك واشنطن أيضاً أنها تتفوق بسلاح البحرية ولكن الدول
التي تخاصمها أصبحت تملك أسلحة أرض بحر وبحر بحر، تضع حداً لهذا التفوق
الأمريكي، بدءاً من حزب الله مروراً بسورية والجزائر وإيران وكوريا
الديمقراطية ودول أمريكا اللاتينية، وكل من يقول لا لواشنطن، وتدرك تماماً
واشنطن أن أساطيلها لم تعد سيدة المحيطات في أي مكان بالعالم، ويأتي هذا
التطور بعد نشر روسيا لأحدث منظومات الدفاع الجوي الفضائي في العالم وتزويد
الجيش الروسي بالأواكس الروسي، ودخول الغواصة الروسية يوري دولغوروكي في
التشكيلات القتالية النووية الروسية بعد تجربة ناجحة لإطلاق مزدوج لصاروخ
بولافا، فضلاً عن الكشف عن طائرات الجيل الخامس والجيل الرابع "بلس بلس"،
وبالتالي التصعيد الروسي يترافق بتصعيد عسكري غير مسبوق نهائياً على كل
المستويات، مترافق بانحدار أمريكي على كل المستويات.
إلى أين تتجه الأمور..؟
من المستبعد بل ومن شبه المستحيل أن تغامر واشنطن بالضغط في أي محور قد
يؤدي إلى فقدان زمام المبادرة، وخصوصاً أن التصعيد الآن ليس أمريكياً، بل
الأمريكي في حال رد فعل، وتدرك واشنطن أن أي حرب في المنطقة كارثة على
واشنطن وأوروبا، مهما كانت نتيجة الحرب، ويستحيل عليها تقبل فكرة وجود حرب،
ولكن عليها الرضوخ لشروط طهران لأنها قادرة فعلاً على إغلاق مضيق هرمز،
وواشنطن عاجزة عن تحمل تبعات مجرد محاولة فتح مضيق هرمز، وسيكون على واشنطن
الجلوس مع الروسي في كثير من الأوراق، وسيكون على الاتحاد الأوروبي العودة
إلى طاولة المفاوضات مع إيران، وبالعودة إلى الخبر نجد أن الروسي ليس
قلقاً على إيران، بل يحذر من الرد الروسي وربما يؤسّس لمرحلة جديدة قد
تنتهجها روسيا، عنوانها الضربات الاحترازية.
ملاحظة: مع الإعلان عن افتتاح مكتب لطالبان في الدوحة، وتزامناً مع
إعلان طالبان استعدادها للتفاوض على وقف القتال تسرّب فيلم فيديو لجنود
أمريكيين يتبولون على جثث مقاتلين أفغان، فسألت صديقاً إعلامياً من دولة
ذات قرار: هل هذا الفيلم جزء من ويكيليكس لقلب الطاولة في وجه واشنطن؟؟..
فابتسم بضحكة شريرة، قائلاً: العالم يتغير دائماً (أعزائي القراء
"المقاومين" عليكم التدرب على الابتسامات فسيكون عليكم الابتسام مثل هذه
الابتسامة كثيراً، وسمّوها ابتسامة شريرة، ابتسامة ماكرة، ولكن عليكم
التدرب عليها، أما أعزائي عرب الاعتلال والقراء المنبطحين فعليكم التدرب
على ضبط أعصابكم لأنكم ستفقدونها كثيراً كما يفقدها بعض الوزراء حين يصرحون
ويلمحون ووجوههم تقطر سماً وحقداً).
في الخبر
ترى موسكو أن فرض العقوبات الجديدة ضد ايران، واحتمال ضرب هذا البلد
عسكرياً، يمثلان محاولة لتغيير النظام. ففي تصريح لوكالة "انترفاكس" أعلن
غينادي غيتالوف، نائب وزير الخارجية الروسي، أن "العقوبات الإضافية ضد
إيران، وكذلك ضرب إيران المحتمل عسكرياً، سيعتبر المجتمع الدولي بلا ريب أن
هدفه هو تغيير النظام في طهران".
تقديم وتذكير
كتبت سابقاً في مقال عن الحرب الباردة، أن التوتر وصل إلى ذروته نهاية
العام الماضي في منطقة الخليج (الخليج الفارسي الأمريكي يلي ما في شي عربي
وبيسموه عربي)، وادعيت أن التوتر تقريباً زال رغم أن البعض كان يقول أي خطأ
سيشعل المنطقة، والآن التوتر عاد من جديد ولكن بطريقة مختلفة تماماً، عاد
التوتر بعد قرار الإتحاد الأوروبي التضييق على النفط الإيراني وتهديد إيران
بإغلاق مضيق هرمز، وهنا لابد من الحديث عن تداعيات ما يحدث والى أين؟.
في حرب الطاقة
نهاية العام الفائت سلّم وزير الطاقة التركي روسيا الوثيقة التي جعلت
تمديد خط السيل الجنوبي قاب قوسين أو أدنى من بدء التنفيذ وخلال لقاء
اليكسي ميلر مدير "غاز بروم" مع بوتين ومدفيديف كلاً على حده، حثّ حكام
روسيا على ضرورة البدء بتنفيذ هذا الخط العام الحالي وليس العام القادم،
وبدأت ترتسم موازين جديدة في العالم، ولكن بالمقابل عادت واشنطن للحديث عن
الغاز الطيني أو غاز الحجر الزيتي، وإن كان الكلام عن هذا النوع من الغاز
سيضر بواشنطن قبل موسكو، ولكنه غير قادر خلال السنوات العشر القادمة على
تغيير سوق الغاز، وروسيا قد لا تحتاج إلى أكثر من عشر سنوات لتنجز تغييرات
بنيتها الاقتصادية، وكذلك تمّ الحديث عن خفض أوكرانيا لوارداتها من الغاز
الروسي للنصف، ولكن الأهم الذي حدث مطلع هذا العام هو تهديد إيران بإغلاق
مضيق هرمز، والسؤال الأكثر جدلاً مطلع هذا العام هو: هل التهديد الإيراني
هو رد على العقوبات الأوروبية المحتملة ضد طهران، أم هو تهديد روسي لأوروبا
وواشنطن لتقول للغرب نحن هنا؟؟.
موسكو.. طهران حلف غير معلن
يقول الخبير الإستراتيجي الكازاخستاني عادل موكاشيف: "واشنطن دون أن
تدري دفعت إلى قيام تحالف روسي صيني إيراني غير معلن"، نعم العلاقات
الإيرانية الروسية هي أكثر علاقات موسكو تعقيداً، ولكن إيران بتحالفها مع
سورية والمقاومة، استطاعت فرض نفسها كبيضة قبان، وخلال الأحداث الأخيرة
حصلت على الكثير من التنازلات من روسيا، ورغم كل التعقيد خلال الشهور
الماضية أنتجت موسكو وطهران اتفاقاً استراتيجياً لأول مرة يأخذ طابعاً
أمنياً، وليس صدفة بالتزامن مع الإعلان عن الاتفاق الروسي الإيراني أن تقوم
طهران بإسقاط طائرة أمريكية بحرب إلكترونية معقدة جداً قد تعجز عنها دول
مثل فرنسا وبريطانيا، نعم روسيا ملزمة بالوصول إلى مضيق هرمز، وإيران
استطاعت فرض نفسها لاعباً إقليمياً لدرجة أن تبدأ بتخصيب اليورانيوم إلى
20% رغم اعتراضات موسكو التي تريد تصدير هذا الوقود لطهران.
التخبط الأمريكي..؟
أدركت واشنطن جيداً أن التحذير الإيراني ليس مزحة، وقامت بإرسال مجموعة
حاملة الطائرات كارل فينسون، علماً أنه وتزامناً مع التحذير الإيراني أرسلت
مجموعة حاملة الطائرات جون ستينس، وكذلك بريطانيا أرسلت المدمرة دارينغ
لتدعيم ما يقارب من ست سفن بريطانية، وكل هذا لأن الأمريكيين يدركون تماماً
أن التهديد الإيراني جديّ، والأهم أن هذه البوارج هي لطمأنة عرب الاعتلال
على مستقبلهم، لأن مختصر التحذير الإيراني يعني وبعبارة واحدة "إسرائيل
والأسر الحاكمة في الخليج غير قادرين على تأمين إمدادات الطاقة".. وبالتالي
أصبح ملوك وأمراء الخليج عبارة عن أوراق بلا أي قيمة لها في السياسة
الدولية، ولكن من حسن حظهم أن إيران عينها على فلسطين وليس عليهم.
الغرق الأمريكي
تأتي هذه التطورات تزامناً مع طلب أوباما رفع سقف الدين الأمريكي مرة
ثانية بمقدار 1200 مليار دولار ليصبح ثالث سقف دين أمريكي، وهو يعلم تماماً
أنه قبل نهاية هذا العام سيصل إلى سقف الدين الثاني، علماً بأن العجز
الأمريكي في العام الماضي كان 1300 مليار دولار، وتأتي هذه التطورات مع
أزمة أوروبية عميقة وخصوصاً في الدول التي تستورد النفط الإيراني (إسبانيا،
إيطاليا، اليونان) وتقترب هذه الأزمة من فرنسا ثاني اقتصاد أوروبي، فضلاً
عن إعادة هيكلة القوات الأمريكية وخفض موازنة الدفاع الأمريكية، وقيام
الأمريكيين بسحب ألوية عسكرية مقاتلة من أوروبا.
هل يمكن لطهران إغلاق مضيق هرمز..؟
السؤال المنطقي ربما هو: لو أن واشنطن قادرة على دفع تكاليف أي حرب في
الخليج العربي، هل كانت أرسلت بوارجها بعد التحذير الإيراني، أم كانت
أرسلتها قبل التحذير الإيراني، فالحرب في الخليج العربي لها وجهان، والقارئ
يدرك أن الوجه الأول هو40% من نفط العالم يمرّ من هذا المضيق، ولكن الوجه
الذي لم يتكلم عنه أحد هو وقف إمدادات الغاز المسال القطري، علماً بأن قطر
أكبر مصدر للغاز المسال في العالم وهو الغاز المنافس للغاز الروسي
والجزائري في أوروبا، وهو أيضاً الغاز الذي تتمتّع لندن به بأسعار تفضيلية
كبرى، وبالتالي حين تقول أوكرانيا إنها قد تخفض شراءها من الغاز الروسي إلى
27 مليار متر مكعب، فإن التحذير الإيراني هو بنفس الوقت رسالة للغرب
وأوكرانيا التي تتفاوض مع روسيا على بيع نصف شبكة الغاز الأوكرانية لـ"غاز
بروم"، وبالتالي مهما كانت التحذير الإيراني هو رسالة إيرانية ولكنه بنفس
الوقت هو رسالة روسية حازمة، والمفاجآت التي ظهرت في المناورات الإيرانية
هي مفاجآت إيرانية، ولكن في حال أي اشتباك تدرك واشنطن تماماً أن هناك
مفاجآت لدى إيران ربما تركها الروسي والصيني لقلب الموازين في المنطقة
تماماً، وتدرك واشنطن تماماً أنها ستكون عاجزة عن الرد على أي تصعيد إيراني
في مضيق هرمز، كما تدرك واشنطن أيضاً أنها تتفوق بسلاح البحرية ولكن الدول
التي تخاصمها أصبحت تملك أسلحة أرض بحر وبحر بحر، تضع حداً لهذا التفوق
الأمريكي، بدءاً من حزب الله مروراً بسورية والجزائر وإيران وكوريا
الديمقراطية ودول أمريكا اللاتينية، وكل من يقول لا لواشنطن، وتدرك تماماً
واشنطن أن أساطيلها لم تعد سيدة المحيطات في أي مكان بالعالم، ويأتي هذا
التطور بعد نشر روسيا لأحدث منظومات الدفاع الجوي الفضائي في العالم وتزويد
الجيش الروسي بالأواكس الروسي، ودخول الغواصة الروسية يوري دولغوروكي في
التشكيلات القتالية النووية الروسية بعد تجربة ناجحة لإطلاق مزدوج لصاروخ
بولافا، فضلاً عن الكشف عن طائرات الجيل الخامس والجيل الرابع "بلس بلس"،
وبالتالي التصعيد الروسي يترافق بتصعيد عسكري غير مسبوق نهائياً على كل
المستويات، مترافق بانحدار أمريكي على كل المستويات.
إلى أين تتجه الأمور..؟
من المستبعد بل ومن شبه المستحيل أن تغامر واشنطن بالضغط في أي محور قد
يؤدي إلى فقدان زمام المبادرة، وخصوصاً أن التصعيد الآن ليس أمريكياً، بل
الأمريكي في حال رد فعل، وتدرك واشنطن أن أي حرب في المنطقة كارثة على
واشنطن وأوروبا، مهما كانت نتيجة الحرب، ويستحيل عليها تقبل فكرة وجود حرب،
ولكن عليها الرضوخ لشروط طهران لأنها قادرة فعلاً على إغلاق مضيق هرمز،
وواشنطن عاجزة عن تحمل تبعات مجرد محاولة فتح مضيق هرمز، وسيكون على واشنطن
الجلوس مع الروسي في كثير من الأوراق، وسيكون على الاتحاد الأوروبي العودة
إلى طاولة المفاوضات مع إيران، وبالعودة إلى الخبر نجد أن الروسي ليس
قلقاً على إيران، بل يحذر من الرد الروسي وربما يؤسّس لمرحلة جديدة قد
تنتهجها روسيا، عنوانها الضربات الاحترازية.
ملاحظة: مع الإعلان عن افتتاح مكتب لطالبان في الدوحة، وتزامناً مع
إعلان طالبان استعدادها للتفاوض على وقف القتال تسرّب فيلم فيديو لجنود
أمريكيين يتبولون على جثث مقاتلين أفغان، فسألت صديقاً إعلامياً من دولة
ذات قرار: هل هذا الفيلم جزء من ويكيليكس لقلب الطاولة في وجه واشنطن؟؟..
فابتسم بضحكة شريرة، قائلاً: العالم يتغير دائماً (أعزائي القراء
"المقاومين" عليكم التدرب على الابتسامات فسيكون عليكم الابتسام مثل هذه
الابتسامة كثيراً، وسمّوها ابتسامة شريرة، ابتسامة ماكرة، ولكن عليكم
التدرب عليها، أما أعزائي عرب الاعتلال والقراء المنبطحين فعليكم التدرب
على ضبط أعصابكم لأنكم ستفقدونها كثيراً كما يفقدها بعض الوزراء حين يصرحون
ويلمحون ووجوههم تقطر سماً وحقداً).