جهينة نيوز-خاص- كفاح نصر:
في العام 2001 بدأت واشنطن وإسرائيل بناء ما يُسمّى اليوم (الجيش السوري
الحر)، وهم عصابات مرتزقة للعمل على الساحة اللبنانية والسورية، وقد تمّ
تدريب كوادر هذا الجيش في عدة دول، وجنسياتهم من عدة دول، وإن كان أغلبهم
قد تمّ تدريبه في مصر والعراق في تلك الأيام، والهدف من إنشاء هذا الجيش هو
احتلال حمص تماماً، ومحاصرة دمشق، والسيطرة على مقرات وألوية الصواريخ
الإستراتيجية، وإعاقة تقدّم القوات السورية الخاصة التي من الممكن أن تتقدم
لإنقاذ ألوية الصواريخ الإستراتيجية السورية، وطبعاً كان هذا المخطط بعد
أن يتمّ القضاء على حزب الله واشتعال بيروت بحرب طائفية بين السكان
والنازحين الجنوبيين، وانتقال هذه الحرب إلى الجنوب والساحل السوري، وبدء
تفكك الجيش العربي السوري كنتيجة حتمية للحرب الطائفية، بحيث يبدأ عمل هذه
العصابات للتمهيد لدخول تركيا وإسرائيل إلى الأراضي السورية بعد شل
المقدرات الصاروخية السورية التي لازالت للساعة ترعب إسرائيل، ولأخذ العلم
من بين وظائف هذه المجموعات استنزاف الجيش العربي السوري قبل الفتنة في
المدن السورية.
عن "الجيش السوري الحر"..؟
عندما تمّ تدريبه كان الهدف ليس فقط الأرض السورية، بل كذلك الساحة
اللبنانية وهو جزء من منظومة عسكرية تمّ تدريبها جيداً لخوض حرب الشوارع في
لبنان وبشكل خاص في بيروت، وفي سورية، ولكن الفشل الإسرائيلي بالعدوان على
لبنان في نهاية العام 2006 أسقط كل الأحلام الأمريكية، وبدأت واشنطن وتل
أبيب بإعادة هيكلة (الجيش السوري الحر)، على وقع التخلّص من الوجوه التي
كُشفُتْ، والتي تمّ التخلّص منها في 5 أيار، حين قرّر السنيورة الاعتداء
على شبكة اتصالات المقاومة، وتمّ التخلّص من قسم من الوجوه المعروفة كذلك
في مخيم نهر البارد، وفي 7 أيار من العام 2008 كانت واشنطن قد تخلّصت من كل
الوجوه التي عُرفتْ وكُشفتْ من هذه العصابات، وقطعت شوطاً في إعادة تأسيس
هذه العصابات المسلحة، والهدف إعادة الكرّة في العام 2011 بعد أن تشتعل
سورية طائفياً، وللمناسبة مع كل تحركات هذه العصابات كان يترافق زيارة
لمسؤولين أمريكيين إلى مطار القليعات، حيث إن واشنطن على أنقاض مخيم نهر
البارد كانت تحلم بإقامة قاعدة عسكرية ومن مطار القليعات كانت ستدير
عملياتها.
في العام 2011 على ضوء الأحداث في سورية
في يوم 2052011 كانت المخابرات الأمريكية قد أرسلت رسالة لكبار عملائها
في سورية تقول لهم فيها، انتهت العملية وذلك لسحبهم عن الأرض، ولكن لم يأتِ
رد من العملاء بل من جهاز الإستخبارات العامة السورية الذي أرسل للأمريكي
رسالة مقتضبة يقول فيها "لقد انتهت العملية مع تحيات المخابرات العامة
السورية" وبتاريخ 3152011 كانت الاستخبارات السورية قد أوقعت الأمريكي بفخ
جديد حرمته من الانتقام من كبار ضباط الاستخبارات السورية، وأُعلن موت ما
سُمّي عملية الياسمينة الزرقاء نهائياً، وأصبح (الجيش السوري الحر) عصابات
من دون قيادات ولا عمل لهم إلا التخريب ما أرسلوهم لأجله سقط مع سقوط
الفتنة وصمود الجيش العربي السوري.
الضربات التي شلت "الجيش السوري الحر"
في الجنوب والساحل بشكل خاص سقطت الفتنة، ولم تنجح واشنطن بإحداث أي
اشتباك طائفي، والمجموعات التي كان وظيفتها شلّ الجيش السوري في المدن
سقطت، ولم يبقَ بيد الأمريكي إلا مجموعات في حمص ومحيط دمشق، وما يقارب من
1000 مقاتل على الحدود التركية، وقيام الاستخبارات السورية بتفكيك شبكات
الاتصال في حمص وحرستا وبانياس، جعل من هذا (الجيش الحر) عبارة عن عصابات
متناثرة، ولم ينجح تشغيل مخدم خليوي ثالث في لبنان بإعادة جمع شملهم.
إعادة التجميع
خلال سبعة شهور وواشنطن تحاول خلق منطقة كدارفور على الحدود التركية
وفشلت، وفي هذه الأثناء كانت تعيد تجميع خلايا مبعثرة من العصابات المسلحة،
وتجنيد المزيد، وإرسال دعم بشري لها، وطبعاً تدرك واشنطن جيداً أنها إذا
قامت بتحريك كل هذه العصابات دفعة واحدة قد ترهق النظام السوري، وقد تفقد
السيطرة على ردة الفعل وهذا ما يرعب الأمريكي والإسرائيلي، وهم يعلمون
تماماً أن الصراع في المنطقة على حافة الهاوية التي يتقن السوريون جيداً فن
اللعب بها كما أثبتت الأعوام السابقة، ومن الواضح أن واشنطن نجحت في تجميع
خلاياها الإجرامية، ولكنها أعجز عن استثمارها إلا في دفعها بعمليات
انتحارية للتخلّص منها من جهة وللتفاوض عليها من جهة ثانية.
مواقع فلول "الجيش السوري الحر"
لو أن سورية اشتعلت طائفياً لكان تحرك هذا الجيش دفعة واحدة، في كل من
(حرستا، دوما، التل، حمص، الكسوة، منطقة المطلة والنشابية)، وفي هذه
المناطق نخبة من تمّ تدريبه من هذه العصابات، ومناطق إمدادها وبالذات
الزبداني ومضايا، الميدان وربما القدم، تلكلخ، والقصير، وطبعاً يوجد
تعزيزات على الحدود التركية والأردنية ولكنها غير مقلقة، والأهم أن الخطر
منها قد سقط نهاية العام 2011، ولكن الوجود الحقيقي لها هو فقط في حمص
ومحيط دمشق، وبعد الضربة القاضية العام الفائت لم يبقَ منهم سوى فلول خرجت
من مناطق الاشتباك الرئيسية، وهنا نسأل كيف استثمرتهم واشنطن؟.
التخلص من "الجيش السوري الحر"
على الحدود التركية حرقت واشنطن القسم الأكبر من هذه العصابات على أمل
خلق دارفور سوري بموجبه تجر القيادات السورية للتفاوض معها تحت وقع محكمة
الجنايات الدولية كما حدث في السودان ولكن لم تنجح، ومازال داخل الأراضي
التركية ما يقارب من 4000 مقاتل قيل إنه سيتمّ نقلهم إلى لبنان، بل ونقل
بعضهم ليكونوا دعماً لوجستياً لخلايا ستعمل على الحدود اللبنانية، ولكن من
الواضح أن واشنطن تقوم بحرقهم بشكل رخيص جداً، فمثلاً آخر أحلام تحويل
الحدود التركية الى دارفور في إدلب وجسر الشغور حرقت منهم المئات في الشمال
وفي حمص حيث كانت تريد إشغال الأمن السوري، ما إن سقطت كل الأحلام في جبل
الزاوية حتى حركتهم في الزبداني وريف دمشق، والهدف خلق بيئة عدم استقرار
وشن حرب نفسية على السوريين، فضلاً عن الوظيفة الأساسية التي سأتكلم عنها
أدناه.
ماذا يعني تحريك هذه العصابات..؟
أي عمليات أمنية ضد القوات الفرنسية في أفغانستان حالياً ستسجل في برامج
الانتخابات الفرنسية، وكل استهداف للقوات الفرنسية سيكون له تأثير على
نتائج الانتخابات الفرنسية، ولاحقاً ينطبق نفس الأمر على البرامج
الانتخابية للرئيس الأمريكي القادم، وتحريك واشنطن لهذه العصابات دون حدوث
أي اشتباك طائفي هو دفع هذه العصابات للموت السريع، فاحتلال الزبداني مثلاً
بـ1400 مقاتل هو دفعهم للموت إذا قرّر الجيش السوري إرسال فوج قوات خاصة،
وليس مجرد كتيبة مقاتلة أو كتيبتين.
كي لا تنسى واشنطن
في آخر خطاب للرئيس الأسد قال: الصراع لن يكون على سورية بل سيكون مع
سورية، وإذا كانت واشنطن تعتقد أنها ترسل رسائل على الأرض السورية، عليها
ليس انتظار الجواب فقط بل وانتظار الرد السوري، أين وكيف هم يعلمون، ولكن
لنذكرهم بالموت الذي عاشوه بعد زيارات مسؤولين أمريكيين إلى مطار القليعات،
ونذكرهم بأنهم أرسلوا لاحقاً جنبلاط والحريري للاعتذار صاغرين في موقف
مذل، ونذكرهم أن الذي لا يتعلّم من التاريخ سيعلمه التاريخ، وبعد أسبوع من
اليوم ينتهي العفو الأخير الذي أصدره الرئيس وآخر فرصة للحل السياسي،
ونتمنى ألا يقبلوا الحل السياسي ليعلموا كيف سيكون الحل الأمني، فاليوم
فُضِحَتْ المؤامرة والأسد قادر على فرض حل أمني دون أي خوف أو قلق، لأن
المعركة أصبحت مكشوفة تماماً، ونتمنى أن يكون الحل الأمني برد الصاع صاعين
كما حدث بعد العدوان على لبنان.
وزراء الخارجية العرب و"الجيش الحر"
لم يتردّد نبيل العربي في اعتبار (الجيش الحر) أنه قوة على الأرض رغم أن
من يقوده ضباط فرنسيون وقطريون، ورغم أن حاشيته من أكثر من 13 جنسية
مختلفة، ولكن (هذا الجيش) خذل الوزراء العرب خلال وجود المراقبين، فلم
يستطع إنشاء دارفور في إدلب وجسر الشغور حين وصول المراقبين كما خططوا له،
ولم يستطع السيطرة على دوما والزبداني إبان اجتماع الوزراء لكي يقولوا إن
هناك انقساماً في سورية، ومع ذلك قال العربي إن (الجيش السوري الحر) هو قوة
على الأرض، أي إن العربي وخلفه الوزراء العرب، وخلفهم واشنطن وإسرائيل
وفرنسا لازالوا يراهنون على بقايا مرتزقتهم، والأسوأ من ذلك عوضاً عن
التراجع يرفعون الخطاب، فبالأمس جاء أوغلو إلى دمشق يريد إشراك الإخوان
المسلمين في السلطة وعاد وثيابه الخلفية مبللة بالماء البارد، والآن حين
تغيّر اسم الإخوان المسلمين إلى (الإخوان الشياطين) وعلى وقع استنفاد أكثر
من نصف قوات المرتزقة، يرفع الوزراء العرب المطالب وكأنهم يهدّدون بأن
الأيام القادمة ستكون دموية، ويبقى السؤال: هل ستكون دموية فقط في سورية،
وهل سورية ستمنح هؤلاء الرعاع شهراً آخر، ليحاولوا فيه إثبات أن هناك
انقساماً في سورية، وأن العصابات التي توردها خنازير النفط وأسيادهم هم
جنود فارون من الخدمة، أم سيبدأ الحسم؟؟.
آخر الأوراق الأمريكية..!
أدرك أن ما تبقى من عصابات قادر على خلق بعض البلبلة واللااستقرار، كما
ندرك بأن هذه العصابات هي آخر الأوراق الأمريكية، وندرك أن التصرف بعنف قد
يؤدي الى المزيد من الضحايا المدنيين، ولكن آن الأوان لترك الحل السياسي
واعتماد الحل الأمني العسكري، والضرب بيد من حديد، آن الأوان ليفهم من يحمي
عرشه بقوات أمريكية أنه لا يوجد في الدول العربية إلا جيش واحد وهو الجيش
العربي السوري، ويكفي جمع معلومات من هذه العصابات، وحان وقت جمع الجثث
فقط. إن الشهر القادم سيكون صعباً بكل الأحوال فليكن صعباً مرة واحدة، فقد
منح الجميع حق اكتشاف العدوان على سورية ومن لا يرى المؤامرة الآن خائن
وليس معارضاً، وقد منح الحل السياسي أكثر مما يستحق من الوقت، ومنح (عرب
الاعتلال) فرصتهم، ولا حل إلا بقلب الطاولة تماماً، فهي ساعة ستغني عن كل
الألم، نثق بقيادتنا بعد كل ما أُنجز على الأرض، والآن سنقف أمامها وليس
خلفها، نريد الحل الأمني العسكري في أسرع وقت، وكلنا مشاريع شهادة.
ملاحظة للوزراء العرب ومن خلفهم في الغرب وخصوصاً واشنطن: منذ ما يقارب
العشرة أشهر، بل وعشر سنين وأنتم تخطّطون لضرب سورية ومع كل حركة تجدون
أسفلكم الخازوق، أجيبوني هل أنتم تقاتلوننا أم تتلذذون بالخازوق، ونحذركم
إذا كنتم تتلذذون بالخازوق كما يتلذذ العرعور، تأكدوا أن الخازوق القادم لن
يكون طوله أقل من متر، ولا مجال للشعور باللذة.
ملاحظة ثانية: إذا كان الناتو قد أنقذ بنغازي من الجيش الليبي فقد دمّر
ليبيا والجيش الليبي، والأهم أن سورية ليست ليبيا وليست اليمن، وما أدراكم
من هي سورية، ولو أن أسيادكم في الناتو يتجرؤون على سورية لأكملوا حرب
العام 2006، فلا تهدّدونا بقوات عربية والناتو يحمي عروشكم.
ملاحظة ثالثة: إذا كنتم تراهنون على المرتزقة العرب والأجانب والخونة
الذين تسمّونهم (الجيش السوري الحر).. للتذكير فقط، ثلاثة ضباط عرب كبار من
قادة هذا الجيش ومنهم قائد أركانه اختفوا عن الأراضي التركية.
ملاحظة أخيرة: يمكن للقطط أن تحاول تعلّم النباح، ولكنها لن تتعلّم مواجهة الأسود، وإن غداً لناظره قريب.
في العام 2001 بدأت واشنطن وإسرائيل بناء ما يُسمّى اليوم (الجيش السوري
الحر)، وهم عصابات مرتزقة للعمل على الساحة اللبنانية والسورية، وقد تمّ
تدريب كوادر هذا الجيش في عدة دول، وجنسياتهم من عدة دول، وإن كان أغلبهم
قد تمّ تدريبه في مصر والعراق في تلك الأيام، والهدف من إنشاء هذا الجيش هو
احتلال حمص تماماً، ومحاصرة دمشق، والسيطرة على مقرات وألوية الصواريخ
الإستراتيجية، وإعاقة تقدّم القوات السورية الخاصة التي من الممكن أن تتقدم
لإنقاذ ألوية الصواريخ الإستراتيجية السورية، وطبعاً كان هذا المخطط بعد
أن يتمّ القضاء على حزب الله واشتعال بيروت بحرب طائفية بين السكان
والنازحين الجنوبيين، وانتقال هذه الحرب إلى الجنوب والساحل السوري، وبدء
تفكك الجيش العربي السوري كنتيجة حتمية للحرب الطائفية، بحيث يبدأ عمل هذه
العصابات للتمهيد لدخول تركيا وإسرائيل إلى الأراضي السورية بعد شل
المقدرات الصاروخية السورية التي لازالت للساعة ترعب إسرائيل، ولأخذ العلم
من بين وظائف هذه المجموعات استنزاف الجيش العربي السوري قبل الفتنة في
المدن السورية.
عن "الجيش السوري الحر"..؟
عندما تمّ تدريبه كان الهدف ليس فقط الأرض السورية، بل كذلك الساحة
اللبنانية وهو جزء من منظومة عسكرية تمّ تدريبها جيداً لخوض حرب الشوارع في
لبنان وبشكل خاص في بيروت، وفي سورية، ولكن الفشل الإسرائيلي بالعدوان على
لبنان في نهاية العام 2006 أسقط كل الأحلام الأمريكية، وبدأت واشنطن وتل
أبيب بإعادة هيكلة (الجيش السوري الحر)، على وقع التخلّص من الوجوه التي
كُشفُتْ، والتي تمّ التخلّص منها في 5 أيار، حين قرّر السنيورة الاعتداء
على شبكة اتصالات المقاومة، وتمّ التخلّص من قسم من الوجوه المعروفة كذلك
في مخيم نهر البارد، وفي 7 أيار من العام 2008 كانت واشنطن قد تخلّصت من كل
الوجوه التي عُرفتْ وكُشفتْ من هذه العصابات، وقطعت شوطاً في إعادة تأسيس
هذه العصابات المسلحة، والهدف إعادة الكرّة في العام 2011 بعد أن تشتعل
سورية طائفياً، وللمناسبة مع كل تحركات هذه العصابات كان يترافق زيارة
لمسؤولين أمريكيين إلى مطار القليعات، حيث إن واشنطن على أنقاض مخيم نهر
البارد كانت تحلم بإقامة قاعدة عسكرية ومن مطار القليعات كانت ستدير
عملياتها.
في العام 2011 على ضوء الأحداث في سورية
في يوم 2052011 كانت المخابرات الأمريكية قد أرسلت رسالة لكبار عملائها
في سورية تقول لهم فيها، انتهت العملية وذلك لسحبهم عن الأرض، ولكن لم يأتِ
رد من العملاء بل من جهاز الإستخبارات العامة السورية الذي أرسل للأمريكي
رسالة مقتضبة يقول فيها "لقد انتهت العملية مع تحيات المخابرات العامة
السورية" وبتاريخ 3152011 كانت الاستخبارات السورية قد أوقعت الأمريكي بفخ
جديد حرمته من الانتقام من كبار ضباط الاستخبارات السورية، وأُعلن موت ما
سُمّي عملية الياسمينة الزرقاء نهائياً، وأصبح (الجيش السوري الحر) عصابات
من دون قيادات ولا عمل لهم إلا التخريب ما أرسلوهم لأجله سقط مع سقوط
الفتنة وصمود الجيش العربي السوري.
الضربات التي شلت "الجيش السوري الحر"
في الجنوب والساحل بشكل خاص سقطت الفتنة، ولم تنجح واشنطن بإحداث أي
اشتباك طائفي، والمجموعات التي كان وظيفتها شلّ الجيش السوري في المدن
سقطت، ولم يبقَ بيد الأمريكي إلا مجموعات في حمص ومحيط دمشق، وما يقارب من
1000 مقاتل على الحدود التركية، وقيام الاستخبارات السورية بتفكيك شبكات
الاتصال في حمص وحرستا وبانياس، جعل من هذا (الجيش الحر) عبارة عن عصابات
متناثرة، ولم ينجح تشغيل مخدم خليوي ثالث في لبنان بإعادة جمع شملهم.
إعادة التجميع
خلال سبعة شهور وواشنطن تحاول خلق منطقة كدارفور على الحدود التركية
وفشلت، وفي هذه الأثناء كانت تعيد تجميع خلايا مبعثرة من العصابات المسلحة،
وتجنيد المزيد، وإرسال دعم بشري لها، وطبعاً تدرك واشنطن جيداً أنها إذا
قامت بتحريك كل هذه العصابات دفعة واحدة قد ترهق النظام السوري، وقد تفقد
السيطرة على ردة الفعل وهذا ما يرعب الأمريكي والإسرائيلي، وهم يعلمون
تماماً أن الصراع في المنطقة على حافة الهاوية التي يتقن السوريون جيداً فن
اللعب بها كما أثبتت الأعوام السابقة، ومن الواضح أن واشنطن نجحت في تجميع
خلاياها الإجرامية، ولكنها أعجز عن استثمارها إلا في دفعها بعمليات
انتحارية للتخلّص منها من جهة وللتفاوض عليها من جهة ثانية.
مواقع فلول "الجيش السوري الحر"
لو أن سورية اشتعلت طائفياً لكان تحرك هذا الجيش دفعة واحدة، في كل من
(حرستا، دوما، التل، حمص، الكسوة، منطقة المطلة والنشابية)، وفي هذه
المناطق نخبة من تمّ تدريبه من هذه العصابات، ومناطق إمدادها وبالذات
الزبداني ومضايا، الميدان وربما القدم، تلكلخ، والقصير، وطبعاً يوجد
تعزيزات على الحدود التركية والأردنية ولكنها غير مقلقة، والأهم أن الخطر
منها قد سقط نهاية العام 2011، ولكن الوجود الحقيقي لها هو فقط في حمص
ومحيط دمشق، وبعد الضربة القاضية العام الفائت لم يبقَ منهم سوى فلول خرجت
من مناطق الاشتباك الرئيسية، وهنا نسأل كيف استثمرتهم واشنطن؟.
التخلص من "الجيش السوري الحر"
على الحدود التركية حرقت واشنطن القسم الأكبر من هذه العصابات على أمل
خلق دارفور سوري بموجبه تجر القيادات السورية للتفاوض معها تحت وقع محكمة
الجنايات الدولية كما حدث في السودان ولكن لم تنجح، ومازال داخل الأراضي
التركية ما يقارب من 4000 مقاتل قيل إنه سيتمّ نقلهم إلى لبنان، بل ونقل
بعضهم ليكونوا دعماً لوجستياً لخلايا ستعمل على الحدود اللبنانية، ولكن من
الواضح أن واشنطن تقوم بحرقهم بشكل رخيص جداً، فمثلاً آخر أحلام تحويل
الحدود التركية الى دارفور في إدلب وجسر الشغور حرقت منهم المئات في الشمال
وفي حمص حيث كانت تريد إشغال الأمن السوري، ما إن سقطت كل الأحلام في جبل
الزاوية حتى حركتهم في الزبداني وريف دمشق، والهدف خلق بيئة عدم استقرار
وشن حرب نفسية على السوريين، فضلاً عن الوظيفة الأساسية التي سأتكلم عنها
أدناه.
ماذا يعني تحريك هذه العصابات..؟
أي عمليات أمنية ضد القوات الفرنسية في أفغانستان حالياً ستسجل في برامج
الانتخابات الفرنسية، وكل استهداف للقوات الفرنسية سيكون له تأثير على
نتائج الانتخابات الفرنسية، ولاحقاً ينطبق نفس الأمر على البرامج
الانتخابية للرئيس الأمريكي القادم، وتحريك واشنطن لهذه العصابات دون حدوث
أي اشتباك طائفي هو دفع هذه العصابات للموت السريع، فاحتلال الزبداني مثلاً
بـ1400 مقاتل هو دفعهم للموت إذا قرّر الجيش السوري إرسال فوج قوات خاصة،
وليس مجرد كتيبة مقاتلة أو كتيبتين.
كي لا تنسى واشنطن
في آخر خطاب للرئيس الأسد قال: الصراع لن يكون على سورية بل سيكون مع
سورية، وإذا كانت واشنطن تعتقد أنها ترسل رسائل على الأرض السورية، عليها
ليس انتظار الجواب فقط بل وانتظار الرد السوري، أين وكيف هم يعلمون، ولكن
لنذكرهم بالموت الذي عاشوه بعد زيارات مسؤولين أمريكيين إلى مطار القليعات،
ونذكرهم بأنهم أرسلوا لاحقاً جنبلاط والحريري للاعتذار صاغرين في موقف
مذل، ونذكرهم أن الذي لا يتعلّم من التاريخ سيعلمه التاريخ، وبعد أسبوع من
اليوم ينتهي العفو الأخير الذي أصدره الرئيس وآخر فرصة للحل السياسي،
ونتمنى ألا يقبلوا الحل السياسي ليعلموا كيف سيكون الحل الأمني، فاليوم
فُضِحَتْ المؤامرة والأسد قادر على فرض حل أمني دون أي خوف أو قلق، لأن
المعركة أصبحت مكشوفة تماماً، ونتمنى أن يكون الحل الأمني برد الصاع صاعين
كما حدث بعد العدوان على لبنان.
وزراء الخارجية العرب و"الجيش الحر"
لم يتردّد نبيل العربي في اعتبار (الجيش الحر) أنه قوة على الأرض رغم أن
من يقوده ضباط فرنسيون وقطريون، ورغم أن حاشيته من أكثر من 13 جنسية
مختلفة، ولكن (هذا الجيش) خذل الوزراء العرب خلال وجود المراقبين، فلم
يستطع إنشاء دارفور في إدلب وجسر الشغور حين وصول المراقبين كما خططوا له،
ولم يستطع السيطرة على دوما والزبداني إبان اجتماع الوزراء لكي يقولوا إن
هناك انقساماً في سورية، ومع ذلك قال العربي إن (الجيش السوري الحر) هو قوة
على الأرض، أي إن العربي وخلفه الوزراء العرب، وخلفهم واشنطن وإسرائيل
وفرنسا لازالوا يراهنون على بقايا مرتزقتهم، والأسوأ من ذلك عوضاً عن
التراجع يرفعون الخطاب، فبالأمس جاء أوغلو إلى دمشق يريد إشراك الإخوان
المسلمين في السلطة وعاد وثيابه الخلفية مبللة بالماء البارد، والآن حين
تغيّر اسم الإخوان المسلمين إلى (الإخوان الشياطين) وعلى وقع استنفاد أكثر
من نصف قوات المرتزقة، يرفع الوزراء العرب المطالب وكأنهم يهدّدون بأن
الأيام القادمة ستكون دموية، ويبقى السؤال: هل ستكون دموية فقط في سورية،
وهل سورية ستمنح هؤلاء الرعاع شهراً آخر، ليحاولوا فيه إثبات أن هناك
انقساماً في سورية، وأن العصابات التي توردها خنازير النفط وأسيادهم هم
جنود فارون من الخدمة، أم سيبدأ الحسم؟؟.
آخر الأوراق الأمريكية..!
أدرك أن ما تبقى من عصابات قادر على خلق بعض البلبلة واللااستقرار، كما
ندرك بأن هذه العصابات هي آخر الأوراق الأمريكية، وندرك أن التصرف بعنف قد
يؤدي الى المزيد من الضحايا المدنيين، ولكن آن الأوان لترك الحل السياسي
واعتماد الحل الأمني العسكري، والضرب بيد من حديد، آن الأوان ليفهم من يحمي
عرشه بقوات أمريكية أنه لا يوجد في الدول العربية إلا جيش واحد وهو الجيش
العربي السوري، ويكفي جمع معلومات من هذه العصابات، وحان وقت جمع الجثث
فقط. إن الشهر القادم سيكون صعباً بكل الأحوال فليكن صعباً مرة واحدة، فقد
منح الجميع حق اكتشاف العدوان على سورية ومن لا يرى المؤامرة الآن خائن
وليس معارضاً، وقد منح الحل السياسي أكثر مما يستحق من الوقت، ومنح (عرب
الاعتلال) فرصتهم، ولا حل إلا بقلب الطاولة تماماً، فهي ساعة ستغني عن كل
الألم، نثق بقيادتنا بعد كل ما أُنجز على الأرض، والآن سنقف أمامها وليس
خلفها، نريد الحل الأمني العسكري في أسرع وقت، وكلنا مشاريع شهادة.
ملاحظة للوزراء العرب ومن خلفهم في الغرب وخصوصاً واشنطن: منذ ما يقارب
العشرة أشهر، بل وعشر سنين وأنتم تخطّطون لضرب سورية ومع كل حركة تجدون
أسفلكم الخازوق، أجيبوني هل أنتم تقاتلوننا أم تتلذذون بالخازوق، ونحذركم
إذا كنتم تتلذذون بالخازوق كما يتلذذ العرعور، تأكدوا أن الخازوق القادم لن
يكون طوله أقل من متر، ولا مجال للشعور باللذة.
ملاحظة ثانية: إذا كان الناتو قد أنقذ بنغازي من الجيش الليبي فقد دمّر
ليبيا والجيش الليبي، والأهم أن سورية ليست ليبيا وليست اليمن، وما أدراكم
من هي سورية، ولو أن أسيادكم في الناتو يتجرؤون على سورية لأكملوا حرب
العام 2006، فلا تهدّدونا بقوات عربية والناتو يحمي عروشكم.
ملاحظة ثالثة: إذا كنتم تراهنون على المرتزقة العرب والأجانب والخونة
الذين تسمّونهم (الجيش السوري الحر).. للتذكير فقط، ثلاثة ضباط عرب كبار من
قادة هذا الجيش ومنهم قائد أركانه اختفوا عن الأراضي التركية.
ملاحظة أخيرة: يمكن للقطط أن تحاول تعلّم النباح، ولكنها لن تتعلّم مواجهة الأسود، وإن غداً لناظره قريب.