دعونا نلتفت إلى أمير قطر، لنرى كيف يمكن له أن يلعب ليس فقط دوراً واحداً، بل جملة من الأدوار الخطيرة في تقرير مصير هذه الأمة، فقد استحوذ على حين غرة على أدوار صار يلعبها في ساحات عمالقة العرب؛ دفع مصر جانباً وصار يتدخل في شؤونها، ودفع السعودية إلى الوراء وتجاوزها، ولا تسل عن العراق أو سوريا، وصار يسقط الأنظمة ويرسل ضباطه وطياريه ليقتلوا العرب والمسلمين في ديارهم هنا وهناك، وصار يقود مهزلة الربيع العربي، ويلعب كما يقال "شاطي شباطي" بمقدرات الجامعة العربية ويعلق عضوية من أسسوا هذه الجامعة يوم كانت قطر عبارة عن خيمتين بجانبها بعيران وعنزة جرباء. نتساءل لماذا تعطي أمريكا هذه الأدوار الخطيرة لهذا الأمير؟ وبم اشترى هذا الأمير أدواره من أمريكا وبالتالي من إسرائيل؟
لا معنى لسرد التفاصيل عن حجم قطر وقيمتها حتى فيما يتعلق بمواردها من النفط، فهي ليست، مثلاً، أغنى من الإمارات العربية المتحدة. ومساحة قطر كما يقال بالعامية "ربع شبر" وأكثر من نصف هذه الـ "ربع شبر" لا يستطيع الأمير أن يدخلها لأن عليها قاعدة أمريكية. ما هي إذاً قدرة الأمير الشرائية في سوق الأدوار؟ أهي قناة الجزيرة؟ أهي الخطوط الجوية القطرية؟ أهي موقعه الجغرافي على حدود الصين أو روسيا؟ أهي جحافله المجحفلة، أم جامعاته التكنولوجية؟ قطر ليس فيها حتى معهد مستقل فالمؤسسات التعليمية المعدودة فيها عبارة عن فروع لكليات أمريكية، أي إن إدارتها ليست قطرية، وكوادرها ليسوا قطريين. كل ما حصل في قطر في عصر النفط وفي ظل الأمير هو أن الخيمتين اللتين كان البعيران يسرحان مع العنزة الجرباء قربهما تحولتا إلى عدد من القصور وصار البعيران مع العنزة يعيشون في قصور.
لن يجد أحد سبباً مادياً، ستراتيجياً أو تكتيكياً، واحداً، سواء أكان اقتصادياً أو سياسياً أو عسكرياً يفسر بشكل مقنع بيع أمريكا وإسرائيل جملة الأدوار هذه لأمير قطر. لا بد أن يكون هذا الأمير يمتلك شيئاً ما لأمريكا وإسرائيل حاجة ماسة إليه في هذه الأيام.
قد لا يكون ذلك في واقع الأمر سراً، فأمير قطر يمتلك شيئين مهمين بدل شيء واحد: أولاً إنه أمير لدولة عربية مجهرية، وثانياً لأنه متخلف عقلياً.
أما أنه أمير دولة عربية مجهرية فليس عاملاً سلبياً كما قد نظن، على العكس، هذا عامل نفسي ستراتيجي خطير تحتاجه أمريكا الآن في سياستها تجاه المنطقة العربية، السياسة التي ترمي إلى تقطيع المنطقة وتقسيمها إلى أصغر ما يمكن من الوحدات الإدارية شبه السياسية، مثل قطر. واختيار قطر هنا للعب أدوار خطيرة أمر مدروس بعناية فائقة، وإعطاء أمير قطر هذه الأدوار يخدم هذه السياسة بشكل لا يصدق، إذ إنه يهيء العرب، خاصة الأغلبية الأمية منهم، نفسياً وذهنياً لتقبل فكرة Small is beautiful. أمريكا تريد أن تجعل العرب يفكرون كالآتي: "ها قد مرّ قرن على تقسيمنا وفق اتفاقية سايكس بيكو، ونشأنا مع وجود دول عربية عملاقة، مصر، السودان، الجزائر، العراق، سوريا، السعودية، المغرب، ليبيا. ماذا جنينا من كوننا نعيش في بلدان عملاقة؟ هل منعنا قيام إسرائيل؟ هل إنتصرت دولنا الكبيرة عليها ولو مرة واحدة؟ هل عشنا فيها بكرامة؟ بل هل مات كل رئيس فيها بكرامة؟ وكنا مجانين نريد توحيد الدول العملاقة في دولة عربية واحدة! كل ذلك كان خسارة من أعمارنا. والآن انظروا إلى قطر .. دولة تكاد لا ترى على الخارطة وانظروا إلى الأدوار التي تلعبها، وإلى الأهمية التي تتمتع بها، وإلى غنى شعبها والطلعة البهية لأميرها وغلظه. ألا يمكن أن تكون هذه الطائفة أو تلك وهذه العشيرة أو تلك سعيدة ومهمة مثل قطر وأميرها لو عاشت في دولة صغيرة مثلها؟"
نعم، أمريكا تريد الإيحاء للعرب بأن زمن الدول العربية الكبيرة قد ولى، والمستقبل هو لدول عربية بحجم ومواصفات قطر. إنها تريد جعل قطر صورة المستقبل في ذهن من يعيشون في بلدان عربية كبيرة .. صورة القزم السعيد! ومن هنا كل هذه الأدوار لكيان نكرة مثل قطر.
أما أن أمير قطر متخلف عقلياً، فكلام ليس، والعياذ بالله، من ياب الشتيمة، لكن فلينظر الأخصائيون النفسانيون إلى وجه الأمير وإلى عينيه حين يلقي عن رأسه الغترة والعقال ويضحك. ماذا سيكتشفون على الفور حتى دون إجراء اختبار الـ (IQ) له؟ سيقرون جميعاً أنه أجذب، وأن أكثر شيء يمتلك منه الأمير هو التخلف العقلي. إنه متخلف عقلياً. ومن لا يصدق فله أن يسأل الأمير هل "اطلب العلم ولو في الصين" حديث شريف أم آية في القرآن الكريم؟ إنه سيجيب على الفور بأنها آية في القرآن الكريم. فإذا كان هذا مستواه في مجال المعلومات العامة لأي مسلم، وعربي فوق ذلك، فكم سيبلغ (IQ) الأمير حين ينتقل الاختبار إلى مجالات علمية وفكرية ورياضية وعقلية مجردة؟
من حق الناس، بعد أن تؤمن بأن أمير قطر متخلف عقلياً، أن تتساءل: ما حاجة أمريكا وإسرائيل إلى التخلف العقلي لأمير قطر؟ بلى، أمريكا بحاجة ملحة اليوم أيضاً إلى أن تعطي أدواراً مهمة للمتخلفين عقلياً، فهناك أدوار لا يمكن أن يقوم بها أناس أسوياء. أمريكا لم تعد تقلق على النفط وعلى حق إقامة القواعد في أرض العرب، ولم تعد تعاني من أية صعوبات في تجنيد العملاء وتنصيبهم رؤساء وأمراء على العرب، فالراغبون في مثل هذه الأدوار يقفون في طوابير لا نهاية لها – خاصة بعد أن جعل العراقي إياد علاوي العمالة لستة عشر جهاز استخبارات مفخرة وعلوّ قدر، وكانت "عميل" من قبل كلمة تقشعر منها الأبدان.
أمريكا وإسرائيل تريدان الآن ليس فقط تقزيم العرب وجعل قطر في نظرهم دولة مثالية حجماً وقيمة، بل إنهما تريدان مسخ العرب في أعين العالم وفي أعينهم أنفسهم، وسياسة مسخ العرب لا يمكن أن يشارك في تنفيذها عربي سوي. إياد علاوي، العميل لستة عشر جهاز استخبارات، مثلاً، لا يمكنه أن يفعل ذلك، لأن شخصيته وذكاءه لا يناسبان هذا الدور، فعلاوي حين يظهر أمام الملأ فإنه يتكلم كلاماً منطقياً وموزوناً، ولهذا فإنه لا يعطي للعالم إنطباعاً بأن العرب قردة، بينما المتخلف عقلياً، أمير قطر، وهو يرى أنه يزداد ضخامة وغلظاً في تنفيذ دور في هذه السياسة، سياسة مسخ العرب، فلا يمانع في أن يظهر أمام العالم مثل القرد ويضحك الناس عليه. لذلك فإن أمير قطر هو الأكثر جدارة بهذا الدور؛ تصوروا أن هذا الأضحوكة يسوق في العالم الآن كرمز للعرب بعدما كان عبدالناصر، عبد الناصر بشخصيته الفذة وهيبته الكارزمية، هو الإسم الذي يعني في قواميس العالم "العرب". إنه لأمر مهين ومشين!
ثم إنه لا شيء يحبط العرب أنفسهم ويجعلهم يشعرون بالصغر أكثر من أن يروا هذا البعير الأجرب القادم من أعماق الصحراء يتحدث عن الحرية والديمقراطية ويتدخل بإسمهما في تقرير مصائرهم.
حريات الشعوب تسعى وتناضل من أجلها فئاتها ونخبها المتنورة المثقفة المخلصة الواعية وتنتزعها جماهيرها التواقة إلى الحرية وتحميها جيوشها الوطنية؛ ولا تأتيها على ظهر بعير. ألا يشعر السوري، مثلاً، أياً كان، بالإهانة حين يسمع أن هذا المتخلف عقلياً الذي لا يستطيع تكوين جملة مفيدة بالعربية يتطاول على بنيان سوريا الحضاري الشامخ، ويتدخل في شؤونها؟ أليس هذا إهانة لعشرات بل مئات الآلاف من مثقفي سوريا، ومفكريها، وعلمائها، وأكاديمييها، وفنانيها، وأدبائها الذين أنجبتهم سوريا، وأنشأتهم على مدى أجيال على حب الوطن والحرية وبناء الحضارة، أن يروا أن الأجذب هذا هو من يريد أن يعلمهم اليوم الديمقراطية والحرية؟ هذا هو ما تريده أمريكا، أن تجعل السوريين وكل العرب يشعرون بالمهانة. ومن يجرؤ على توجيه هكذا إهانة إلى شعب سوريا، شعب الحضارات العريقة، إن لم يكن مختلاً عقلياً، وليس فقط متخلفاً؟ والتخلف العقلي هو رأسمال أمير قطر وسر قوته الشرائية في سوق الأدوار الحقيرة. ولهذا لم يجد أحداً يزايد عليه في شراء هذا الدور الحقير.
إنه لأمر مخز أن يكون هناك سوري واحد يدوس على كرامته ويستمع إلى أمير قطر وهو يتكلم عن الديمقراطية والحرية في سوريا. مارغريت تاتشر انسحبت من احتفالات فرنسا في الذكرى المئوية الثانية للثورة الفرنسية لأن الرئيس الفرنسي قال في كلمته في المناسبة إن الثورة الفرنسية أعطت للعالم مبادئ المساواة والعدالة والحرية. الرجل لم يكذب وإنما بالغ في حديثه. لكن تاتشر اعتبرت ذلك إهانة، وانسحبت، وعادت إلى لندن فوراً. فكيف يجوز لسوري، أياً كان، أن يستمع بهدوء وخنوع إلى هذا الطرطور الحامل للتخلف العقلي في جيناته الوراثية وهو يقول إنه يعطي الحرية والديمقراطية لشعب سوريا؟ أية ديمقراطية يعطيها لشعب سوريا وهو لا يستطيع حتى أن يلفظ كلمة "ديمقراطية" بالعربية؟
أنا لا أشتم هذا الشيخ الآن حين أصفه بالمتخلف عقلياً، فهكذا كان انطباعي عنه قبل أن أغضب من بشاعة فعلته في ليبيا وقبل أن أدين تآمره على سوريا، فقد كنت في الدوحة عام 2006 لحضور مؤتمر للعلماء العرب المغتربين رعته قرينته الشيخة موزة بنت مسند. وهناك سمعت الكثير من الحديث الظريف عن الشيخ حمد، لم أتوقف عندها كثيراً، إذ لم أكن أرى أن تلك الأمور ستزيد شيئاً في إنطباعاتي عن حمد بأنه كما يقول المثل العراقي (ثور الله بأرض الله).
ذاكرتي، وأنا أتابع الأحداث المأساوية في ليبيا ودور حمد فيها، عادت إلى تلك الأيام القليلة التي قضيتها في قطر في عام 2006، وإلى انطباعاتي عن حمد وما سمعت عنه، وصرت أتساءل: تُرى أية مشاكل كان حمد يعاني منها في طفولته فجعلته يقسو على والده فيرميه في مستشفى للمجاذيب؟ وهل هناك من علاقة بين طفولته وعلاقته بأبيه وبين ما يقترفه من جرائم بحق المدنيين الليبيين؟ وتعمق هذا السؤال حين صار هذا المسكين يتحرش بسوريا.
أنا لست طبيباً ولا اختصاصياً في علم النفس، لكن نقاشاتي مع أهل الاختصاص على ضوء الوضع المزري لحمد الآن أوصلتني إلى نتيجة مفادها أن ما سمعته عن حمد كان يعني أن الأطباء شخصوا في طفولة حمد أنه مصاب بمرض "التوحّد"، بالإنجليزية "autism".
التوحد مرض يتجلى في جملة من الأعراض أنتقي من بينها هنا إثنين فقط. أولاً، المصاب بمرض حمد، التوحّد، لا يستطيع أن يتعامل مع المشاعر والأفكار، فهو يفتقر إلى القدرة على التفاعل الإنساني، ويتعامل مع كل ما حوله كأشياء، فلا يستطيع أن يميز، مثلاً، بين الطفل الذي يشاركه اللعب وبين أية لُعبة، وكذلك فهو لا يشعر بالأسف حين يُلحق الأذى بغيره، فلو رأى، مثلاً، لعبة أو دمية في يد طفل آخر فإنه يغتصب اللعبة ولا يبالي ببكاء ذلك الطفل وتألمه، وهذا لا يعني بالضرورة أنه مهتم بتلك اللعبة أو راغب في اللعب بها، فقد يرميها عن نفسه بعد قليل، ربما في سلة الأزبال، فعلاقته حتى بالأشياء لا تكون حسية أو تتصف بالارتباط بمشاعر. باختصار، إنه يكون بليداً متبلد الأحاسيس.
ولو أخذنا فقط قصة انقلاب حمد على والده وإلقائه إياه في السجن أو في مستشفى للأمراض العقلية بغرض الإستيلاء على الحكم، فإن لدينا دليل واضح على كون حمد مصاباً بمرض التوحّد، فوالده لا يمثل عنده قيمة أخلاقية ولا علاقة عاطفية، إنه ليس إلا شيء، دمية، يأخذه ويرميه في سلة الأزبال. وهذا سلوك يتكرر في حياة المصاب بالمرض في كل يوم وفي كل ساعة. فلو سألنا الناس الذين حول حمد، مثلاً، عن ردود فعله حين رأى القذافي في لحظاته الأخيرة؟ سنسمع أنه لم يتأثر قطعاً بالمشاهد المقززة (ونحن عرفنا من الإعلام أن مبارك بكى بمرارة لذلك، وملك الأردن أصيب بكآبة). ولو سألنا مَن حول حمد عما إذا كان يبدي اهتماماً بالمناسبات السعيدة في حياتهم، مثل الزواج والميلاد والنجاح؟ سيجيبون "لا، إطلاقاً". بالتأكيد لأنه لا يعرف معنى التفاعل العاطفي والشعوري والاجتماعي. سلو حمد نفسه ماذا سيفعل لو "حرر" السوريين من نظام بشار الأسد. إنه سيسكت لأنه غير معني بما يحدث بعد ذلك. إنه ينظر إلى السوريين كأنهم لُعبة، وبمجرد أن يأخذهم من يد بشار ينتهي اهتمامه بهم!
أما ثاني أعراض مرض التوحد فيتعلق بضعف أو عدم قدرة الطفل على تعلم اللغة ومن ثم عدم قدرته على استخدام اللغة في التواصل مع محيطه، وهنا فأنا يمكنني، ودون تردد، أن أضع توقيعي غير المشروط على أية وثيقة تصدر بحق حمد بأنه مصاب بالتوحد. حمد ليس لديه لغة. إنه في الحقيقة ضعيف في كل مناحي العلم والمعلومات والقدرات والمهارات، وخاصة في اللغة. لماذا؟ ربما كان المقصود مما سمعته في قطر عن أن حمد كان في طفولته يفضل قضاء أكثر الأوقات في البرية مع الأباعر أنه كان تلميذاً سيئاً لا يميل إلى التعلم، أو يهرب منه لنقص قدرته على التعلم. ولم يكن يميل إلى اللعب مع الأطفال الآخرين لأن ذلك يتطلب منه التخاطب والتفاعل معهم، بينما التعامل مع الأباعر كأشياء أسهل.
أنا لا أشتم، ولكن يبدو لي أن مرض التوحد شائع بين شيوخ وملوك الجزيرة العربية، وأنا أحكم بهذا من مراقبتي للغتهم. وحتى تصدقوا أني لا أشتم أضرب لكم مثلاً ملك الأردن، عبدالله الثاني الذي أكره خبثه أيضاً. هذا الرجل يكاد لا يعرف العربية، ليس لأنه مصاب بالتوحد، بل لأنه لم يتعلم العربية في صغره، لكنه يتكلم الإنجليزية بطلاقة فهي لغته الأم. الرجل ليس عليه أية إشارات لغوية بخصوص مرض التوحد. أما شيخ قطر، حمد، فلا يعرف لا العربية ولا الإنجليزية ولا غير ذلك .. ثور الله بأرض الله. ولا ينافسه في الأعراض اللغوية لمرض التوحد إلا ملك السعودية. وهذا، في الحقيقة، فارق جوهري بين عبدالله السعودي وحمد من جهة وبين بشار الأسد الذي يقف أمام شاشات التلفزيون لما يزيد عن الساعة ويرتجل خطاباً يكاد يخلو من الأخطاء اللغوية.
على أية حال، فقد أوحيت في حديثي عن بريفيك عن وجود أوجه شبه بين ذلك القاتل النرويجي وبين حمد من حيث سوء العلاقة مع الوالد، وتلبيس السلوك المرضي لبوس الديمقراطية والحرية. لكن بريفيك قتل ثمانين يافعاً، ربما بسبب عُقد نفسية نشأت لديه بسبب علاقته السيئة بأبيه، وألبس عُقده لبوس كره الإسلام والحفاظ على الثقافة النرويجية التي انتهكها بأبشع صورة حين قتل. أما حمد فقد تسبب وشارك في قتل مئة وثلاثين ألف ليبي (إبن عمه اعترض في مجلس الأمن على الرقم وقال إن خمسين ألف فقط قتلوا! يا ابن الخبيثة .. فقط!)، وحسب إحصاءات قناة الجزيرة فإن حمد تسبب حتى الآن أيضاً في مقتل أكثر من ستة آلاف سوري، وكل ذلك ربما أيضاً لعُقد نشأت لديه بسبب علاقته السيئة بأبيه، وهو يلبسها لبوس الديمقراطية والحرية التي هي براء منه مثلما أن الثقافة النرويجية براء من بريفيك. لكن مشكلة حمد، يقيناً، ليست مجرد العلاقة السيئة بأبيه، فتلك العلاقة السيئة كانت نتيجة لسبب آخر أهم، ألا وهو كونه مصاباً بمرض التوحد. كل ما يأتيه حمد من سلوك مصدره مرض التوحد.
ولولا مرض التوحد، الذي يعني أيضاً عدم القدرة على التعامل مع الأفكار، فإنه كان سيرى أنه لن يستطيع أن يخدم الأمريكيين والإسرائيليين أكثر مما خدمهم كثيرون غيره، مثلاً شاه إيران الذي جعلوه شرطياً للخليج – كيف انتهى الشاه المرحوم ولماذا لم تقدّر أمريكا خدماته فتدعه، على الأقل، يقضي آخر أيامه على أراضيها؟ لماذا رفض حتى ملك المغرب أن يؤويه؟ حمد لا يعرف أن الأمريكيين مغرمون بإهانة وإذلال من يصنعون منهم أباطرة وملوكاً وشيوخاً بعد أن يستنفذوا أغراضهم ويظن الواحد من هؤلاء أنه أصبح رجل زمانه.
اعذروني، حين أقول لكم إنني، ورغم الغضب الذي في قلبي وقلوب الملايين، أترقب ليلة نحزن فيها على حمد، ونقول عنه إنه كان ضحية، فالأمريكان هم الذين جعلوه أضحوكة وجعلوه مجرماً، ونتساءل لماذا يعملون به كل هذا وهم يعلمون أنه متخلف عقلياً؟ ونتساءل لماذا لا يوفرون له معاملة كتلك التي لقيها بريفيك؟ وسوف نشعر أن إهانته هي في آخر المطاف إهانة لصورة الإنسان العربي، ونلقي باللائمة على الذين من حوله، إذ كان الأولى بهم أن يوفروا له المعالجة من مرض التوحّد بدل اتخاذه شيخاً.
مندوب سوريا يعطي درسا في التاريخ والأخلاق والدبلوماسية لهيئة الأمم المتحدة
وأنا أشاهد الجلسة المنعقدة في مبنى الأمم المتحدة والتي دعى لها محور الشر والتآمر العربي العبري الأمبريالي
في شاشة الوطن السورية وكيف كان مندوب جمهورية سوريا العربية يلقن كلب الأمريكان ورجل تل أبيب في الخميج العبري درسا في الأخلاق والتاريخ والدبلوماسية وكأني به يقول لحارس حقول الغاز القطري وذيله المصري نبيل العبري هكذا نكون أو لانكون وكأني أشاهد ظل الزعيم الليبي وهو يوحي للمندوب العربي السوري حسن الحديث وكأني بالزعيم الليبي وهو يخطب أمام المسيرات المليونية التي لم ترها عيون وشهود قناة الخنازير والزعيم يقول قولته المشهورة "الحياة بدون عز لاقيمة لها"، نعم إما أن تكون هكذا أو لا تكون.
لقد سبقها إليهم الرئيس الراحل صدام حسين المجيد حينما قال يوما "إن لم تستطع أن تكون الرأس فلا تكن الذيل" وأظن أنه لهذا السبب يقال عنه بأنه دكتاتور.
نعم لقد لقن المندوب العربي السوري درسا قاسيا في الأخلاق لهيئة الأمم المتحدة وهو يتحدث بلباقة واتزان وثقة في النفس وكأنه يعلم مسبقا أن كلب الحراسة القطري وذيله الأجرب المصري وهما يتسولان في أروقة الأمم المتحدة ويلهثون كالكلاب وراء سراب فرنسا وبريطانيا وأمريكا عارضين عليهم رشاوي في الكواليس أن مصيرهم الخزي والعار إلى يوم الدين، وأنا أعلم وأكاد أجزم من خلال الثقة الزائدة بالنفس للمندوب العربي بنفسه وهو يتحدث ويعطي الدروس للمجلس أنه على علم مسبق وواثق من أن مصير مبادرة الكلب القطري وذيله الأجرب زبالة الأمم المتحدة لكن فقط بعد أن يتبول عليها كل من المندوب الروسي فيتالي تشوركين وشريكه الصيني ليقوم المندوب العربي السوري بالخري عليها ليعيدها إلى عاصمة العهر السياسي الخليجي قطر ليتبرك بها الحمدين هناك.
كان يمكن للمندوب العربي السوري وهو يقول للمجلس بأنه حينما كان هناك برلمان في سوريا في سنة 1919 كان لورنس يسرح ويمرح في صحاري الخليج العبري ولم تكن هناك أي مظاهر للحضارة سوى مجموعات من رعاة الإبل والماعز، وكأني به يقول أنه حينما إمارات الصحراء عبارة عن كثبان من الرمل وكان ملوك وأمراء الخليج عبارة عن حمالين في موانئ البصرة وموانئ مايقال عنه السعودية اليوم وكان بعضهم ذيلا للورنس وخادما لملكة الإمبراطورية البريطانية التي لن تقبل بهم حتى غلمان ورعاة.
المندوب السوري يقول لكلب الحراسة وذيله "أنت ياجلف الصحراء تريد أن تعلم سوريا الحضارة؟"
كان بالإمكان لهذه الكلمات أن تقتل كلب الحراسة القطري وذيله الأجرب المصري وأن ترفع الجلسة ولكن لابأس بالإستمرار وتلقين المجلس دروسا سورية عربية وليست خليجية ولكن لاحياة لمن تنادي لأن الكلب كما هو معروف عنه أنك إن تركته يلهث وإن تحمل عليه يلهث وهو حال كلبي الحراسة فعلا لا قولا.
على خلاف ذيل الأمريكان التركي أردوغان فإن ماقاله المندوب السوري حول الجرائم في حق البشرية والتي إقترفها المستعمر الفرنسي في كل من سوريا والجزائر كان كلاما صادقا ونابعا من القلب وليس مزايدة وعهرا سياسيا ولا متاجرة بدماء الجزائريين كما فعل ذيل الأمريكان أردوغان والذي وللأسف نجد في الجزائر من لهث وراء تلك التصريحات ويثمنها في قذارة وسفالة لم نعهدها عند الجزائريين الشهماء ولكن حمدا لله أن رئيس الحكومة الجزائري أحمد أويحي وضع النقاط على الحروف حينما ألجم الذيل التركي بأن قال أن تصريحات أردوغان هي مزايدة ومتاجرة بدماء الشهداء وكان على حق، لأنه قال بأن تركيا لم تقف يوما في صف الجزائر.
للأسف مرة أخرى حينما قام أبوجرة وهو معروف في الجزائر بسفالته وانتهازيته ونفاقه بالثناء على أردوغان نفاقا لأنه يريد بهذا التقرب وإرسال إشارة للباب العالي التركي بأنه على استعداد لترأس المجلس الإنتقالي المستقبلي وأن يكون كلبا إخوانيا في الجزائر، لكن أطرافا ما في النظام أرسلت له رسالة واضحة أسكتته فيما بعد.
ماحدث اليوم في الجلسة العلنية للامم المتحدة من بهدلة الوفد الخليجي بقيادة كلب الأمريكان ورجل تل أبيب في المنطقة وذيله المصري لهو يوم مشهود وماقام به المندوب السوري من تلقين درس في الأخلاق والسياسة والتاريخ للسفلة من مندوبي حراس النفط والغاز الخميجيين ليستحق من الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد وسام الشرف لهذا المندوب السوري العربي الشهم والذي أثبت للعالم أنه ليس بمندوب ليبيا ولا سفرائها الخونة حاشا البعض منهم وأن الشهامة لاتعطى بل هي فطرة تولد مع الإنسان، فمن هو شهم شهم بالفطرة ومن هو كلب حراسة فهو كلب حراسة بالفطرة.
الرسالة واضحة كل الوضوح وهي أن سوريا أكبر من أن تكون لقمة سائغة، إن سوريا هي العروبة والعرب هم سوريا وسوريا هي العرب، فحينما كانت هناك جامعة وبرلمان سوري لم تكن إمارات النفط والغاز سوى مجموعات من الرعاة الرحل الذي لا حول لهم ولا قوة يرعون الإبل والماعز ويصطادون الضب وفأر الصحراء، ومايريد المندوب العربي السوري قوله لفئران الخميج هو مايلي : "من أراد الحديث باسم العرب فعليه أولا أن يثبت أنه عربي"
جفت الأقلام ورفعت الصحف.
لا معنى لسرد التفاصيل عن حجم قطر وقيمتها حتى فيما يتعلق بمواردها من النفط، فهي ليست، مثلاً، أغنى من الإمارات العربية المتحدة. ومساحة قطر كما يقال بالعامية "ربع شبر" وأكثر من نصف هذه الـ "ربع شبر" لا يستطيع الأمير أن يدخلها لأن عليها قاعدة أمريكية. ما هي إذاً قدرة الأمير الشرائية في سوق الأدوار؟ أهي قناة الجزيرة؟ أهي الخطوط الجوية القطرية؟ أهي موقعه الجغرافي على حدود الصين أو روسيا؟ أهي جحافله المجحفلة، أم جامعاته التكنولوجية؟ قطر ليس فيها حتى معهد مستقل فالمؤسسات التعليمية المعدودة فيها عبارة عن فروع لكليات أمريكية، أي إن إدارتها ليست قطرية، وكوادرها ليسوا قطريين. كل ما حصل في قطر في عصر النفط وفي ظل الأمير هو أن الخيمتين اللتين كان البعيران يسرحان مع العنزة الجرباء قربهما تحولتا إلى عدد من القصور وصار البعيران مع العنزة يعيشون في قصور.
لن يجد أحد سبباً مادياً، ستراتيجياً أو تكتيكياً، واحداً، سواء أكان اقتصادياً أو سياسياً أو عسكرياً يفسر بشكل مقنع بيع أمريكا وإسرائيل جملة الأدوار هذه لأمير قطر. لا بد أن يكون هذا الأمير يمتلك شيئاً ما لأمريكا وإسرائيل حاجة ماسة إليه في هذه الأيام.
قد لا يكون ذلك في واقع الأمر سراً، فأمير قطر يمتلك شيئين مهمين بدل شيء واحد: أولاً إنه أمير لدولة عربية مجهرية، وثانياً لأنه متخلف عقلياً.
أما أنه أمير دولة عربية مجهرية فليس عاملاً سلبياً كما قد نظن، على العكس، هذا عامل نفسي ستراتيجي خطير تحتاجه أمريكا الآن في سياستها تجاه المنطقة العربية، السياسة التي ترمي إلى تقطيع المنطقة وتقسيمها إلى أصغر ما يمكن من الوحدات الإدارية شبه السياسية، مثل قطر. واختيار قطر هنا للعب أدوار خطيرة أمر مدروس بعناية فائقة، وإعطاء أمير قطر هذه الأدوار يخدم هذه السياسة بشكل لا يصدق، إذ إنه يهيء العرب، خاصة الأغلبية الأمية منهم، نفسياً وذهنياً لتقبل فكرة Small is beautiful. أمريكا تريد أن تجعل العرب يفكرون كالآتي: "ها قد مرّ قرن على تقسيمنا وفق اتفاقية سايكس بيكو، ونشأنا مع وجود دول عربية عملاقة، مصر، السودان، الجزائر، العراق، سوريا، السعودية، المغرب، ليبيا. ماذا جنينا من كوننا نعيش في بلدان عملاقة؟ هل منعنا قيام إسرائيل؟ هل إنتصرت دولنا الكبيرة عليها ولو مرة واحدة؟ هل عشنا فيها بكرامة؟ بل هل مات كل رئيس فيها بكرامة؟ وكنا مجانين نريد توحيد الدول العملاقة في دولة عربية واحدة! كل ذلك كان خسارة من أعمارنا. والآن انظروا إلى قطر .. دولة تكاد لا ترى على الخارطة وانظروا إلى الأدوار التي تلعبها، وإلى الأهمية التي تتمتع بها، وإلى غنى شعبها والطلعة البهية لأميرها وغلظه. ألا يمكن أن تكون هذه الطائفة أو تلك وهذه العشيرة أو تلك سعيدة ومهمة مثل قطر وأميرها لو عاشت في دولة صغيرة مثلها؟"
نعم، أمريكا تريد الإيحاء للعرب بأن زمن الدول العربية الكبيرة قد ولى، والمستقبل هو لدول عربية بحجم ومواصفات قطر. إنها تريد جعل قطر صورة المستقبل في ذهن من يعيشون في بلدان عربية كبيرة .. صورة القزم السعيد! ومن هنا كل هذه الأدوار لكيان نكرة مثل قطر.
أما أن أمير قطر متخلف عقلياً، فكلام ليس، والعياذ بالله، من ياب الشتيمة، لكن فلينظر الأخصائيون النفسانيون إلى وجه الأمير وإلى عينيه حين يلقي عن رأسه الغترة والعقال ويضحك. ماذا سيكتشفون على الفور حتى دون إجراء اختبار الـ (IQ) له؟ سيقرون جميعاً أنه أجذب، وأن أكثر شيء يمتلك منه الأمير هو التخلف العقلي. إنه متخلف عقلياً. ومن لا يصدق فله أن يسأل الأمير هل "اطلب العلم ولو في الصين" حديث شريف أم آية في القرآن الكريم؟ إنه سيجيب على الفور بأنها آية في القرآن الكريم. فإذا كان هذا مستواه في مجال المعلومات العامة لأي مسلم، وعربي فوق ذلك، فكم سيبلغ (IQ) الأمير حين ينتقل الاختبار إلى مجالات علمية وفكرية ورياضية وعقلية مجردة؟
من حق الناس، بعد أن تؤمن بأن أمير قطر متخلف عقلياً، أن تتساءل: ما حاجة أمريكا وإسرائيل إلى التخلف العقلي لأمير قطر؟ بلى، أمريكا بحاجة ملحة اليوم أيضاً إلى أن تعطي أدواراً مهمة للمتخلفين عقلياً، فهناك أدوار لا يمكن أن يقوم بها أناس أسوياء. أمريكا لم تعد تقلق على النفط وعلى حق إقامة القواعد في أرض العرب، ولم تعد تعاني من أية صعوبات في تجنيد العملاء وتنصيبهم رؤساء وأمراء على العرب، فالراغبون في مثل هذه الأدوار يقفون في طوابير لا نهاية لها – خاصة بعد أن جعل العراقي إياد علاوي العمالة لستة عشر جهاز استخبارات مفخرة وعلوّ قدر، وكانت "عميل" من قبل كلمة تقشعر منها الأبدان.
أمريكا وإسرائيل تريدان الآن ليس فقط تقزيم العرب وجعل قطر في نظرهم دولة مثالية حجماً وقيمة، بل إنهما تريدان مسخ العرب في أعين العالم وفي أعينهم أنفسهم، وسياسة مسخ العرب لا يمكن أن يشارك في تنفيذها عربي سوي. إياد علاوي، العميل لستة عشر جهاز استخبارات، مثلاً، لا يمكنه أن يفعل ذلك، لأن شخصيته وذكاءه لا يناسبان هذا الدور، فعلاوي حين يظهر أمام الملأ فإنه يتكلم كلاماً منطقياً وموزوناً، ولهذا فإنه لا يعطي للعالم إنطباعاً بأن العرب قردة، بينما المتخلف عقلياً، أمير قطر، وهو يرى أنه يزداد ضخامة وغلظاً في تنفيذ دور في هذه السياسة، سياسة مسخ العرب، فلا يمانع في أن يظهر أمام العالم مثل القرد ويضحك الناس عليه. لذلك فإن أمير قطر هو الأكثر جدارة بهذا الدور؛ تصوروا أن هذا الأضحوكة يسوق في العالم الآن كرمز للعرب بعدما كان عبدالناصر، عبد الناصر بشخصيته الفذة وهيبته الكارزمية، هو الإسم الذي يعني في قواميس العالم "العرب". إنه لأمر مهين ومشين!
ثم إنه لا شيء يحبط العرب أنفسهم ويجعلهم يشعرون بالصغر أكثر من أن يروا هذا البعير الأجرب القادم من أعماق الصحراء يتحدث عن الحرية والديمقراطية ويتدخل بإسمهما في تقرير مصائرهم.
حريات الشعوب تسعى وتناضل من أجلها فئاتها ونخبها المتنورة المثقفة المخلصة الواعية وتنتزعها جماهيرها التواقة إلى الحرية وتحميها جيوشها الوطنية؛ ولا تأتيها على ظهر بعير. ألا يشعر السوري، مثلاً، أياً كان، بالإهانة حين يسمع أن هذا المتخلف عقلياً الذي لا يستطيع تكوين جملة مفيدة بالعربية يتطاول على بنيان سوريا الحضاري الشامخ، ويتدخل في شؤونها؟ أليس هذا إهانة لعشرات بل مئات الآلاف من مثقفي سوريا، ومفكريها، وعلمائها، وأكاديمييها، وفنانيها، وأدبائها الذين أنجبتهم سوريا، وأنشأتهم على مدى أجيال على حب الوطن والحرية وبناء الحضارة، أن يروا أن الأجذب هذا هو من يريد أن يعلمهم اليوم الديمقراطية والحرية؟ هذا هو ما تريده أمريكا، أن تجعل السوريين وكل العرب يشعرون بالمهانة. ومن يجرؤ على توجيه هكذا إهانة إلى شعب سوريا، شعب الحضارات العريقة، إن لم يكن مختلاً عقلياً، وليس فقط متخلفاً؟ والتخلف العقلي هو رأسمال أمير قطر وسر قوته الشرائية في سوق الأدوار الحقيرة. ولهذا لم يجد أحداً يزايد عليه في شراء هذا الدور الحقير.
إنه لأمر مخز أن يكون هناك سوري واحد يدوس على كرامته ويستمع إلى أمير قطر وهو يتكلم عن الديمقراطية والحرية في سوريا. مارغريت تاتشر انسحبت من احتفالات فرنسا في الذكرى المئوية الثانية للثورة الفرنسية لأن الرئيس الفرنسي قال في كلمته في المناسبة إن الثورة الفرنسية أعطت للعالم مبادئ المساواة والعدالة والحرية. الرجل لم يكذب وإنما بالغ في حديثه. لكن تاتشر اعتبرت ذلك إهانة، وانسحبت، وعادت إلى لندن فوراً. فكيف يجوز لسوري، أياً كان، أن يستمع بهدوء وخنوع إلى هذا الطرطور الحامل للتخلف العقلي في جيناته الوراثية وهو يقول إنه يعطي الحرية والديمقراطية لشعب سوريا؟ أية ديمقراطية يعطيها لشعب سوريا وهو لا يستطيع حتى أن يلفظ كلمة "ديمقراطية" بالعربية؟
أنا لا أشتم هذا الشيخ الآن حين أصفه بالمتخلف عقلياً، فهكذا كان انطباعي عنه قبل أن أغضب من بشاعة فعلته في ليبيا وقبل أن أدين تآمره على سوريا، فقد كنت في الدوحة عام 2006 لحضور مؤتمر للعلماء العرب المغتربين رعته قرينته الشيخة موزة بنت مسند. وهناك سمعت الكثير من الحديث الظريف عن الشيخ حمد، لم أتوقف عندها كثيراً، إذ لم أكن أرى أن تلك الأمور ستزيد شيئاً في إنطباعاتي عن حمد بأنه كما يقول المثل العراقي (ثور الله بأرض الله).
ذاكرتي، وأنا أتابع الأحداث المأساوية في ليبيا ودور حمد فيها، عادت إلى تلك الأيام القليلة التي قضيتها في قطر في عام 2006، وإلى انطباعاتي عن حمد وما سمعت عنه، وصرت أتساءل: تُرى أية مشاكل كان حمد يعاني منها في طفولته فجعلته يقسو على والده فيرميه في مستشفى للمجاذيب؟ وهل هناك من علاقة بين طفولته وعلاقته بأبيه وبين ما يقترفه من جرائم بحق المدنيين الليبيين؟ وتعمق هذا السؤال حين صار هذا المسكين يتحرش بسوريا.
أنا لست طبيباً ولا اختصاصياً في علم النفس، لكن نقاشاتي مع أهل الاختصاص على ضوء الوضع المزري لحمد الآن أوصلتني إلى نتيجة مفادها أن ما سمعته عن حمد كان يعني أن الأطباء شخصوا في طفولة حمد أنه مصاب بمرض "التوحّد"، بالإنجليزية "autism".
التوحد مرض يتجلى في جملة من الأعراض أنتقي من بينها هنا إثنين فقط. أولاً، المصاب بمرض حمد، التوحّد، لا يستطيع أن يتعامل مع المشاعر والأفكار، فهو يفتقر إلى القدرة على التفاعل الإنساني، ويتعامل مع كل ما حوله كأشياء، فلا يستطيع أن يميز، مثلاً، بين الطفل الذي يشاركه اللعب وبين أية لُعبة، وكذلك فهو لا يشعر بالأسف حين يُلحق الأذى بغيره، فلو رأى، مثلاً، لعبة أو دمية في يد طفل آخر فإنه يغتصب اللعبة ولا يبالي ببكاء ذلك الطفل وتألمه، وهذا لا يعني بالضرورة أنه مهتم بتلك اللعبة أو راغب في اللعب بها، فقد يرميها عن نفسه بعد قليل، ربما في سلة الأزبال، فعلاقته حتى بالأشياء لا تكون حسية أو تتصف بالارتباط بمشاعر. باختصار، إنه يكون بليداً متبلد الأحاسيس.
ولو أخذنا فقط قصة انقلاب حمد على والده وإلقائه إياه في السجن أو في مستشفى للأمراض العقلية بغرض الإستيلاء على الحكم، فإن لدينا دليل واضح على كون حمد مصاباً بمرض التوحّد، فوالده لا يمثل عنده قيمة أخلاقية ولا علاقة عاطفية، إنه ليس إلا شيء، دمية، يأخذه ويرميه في سلة الأزبال. وهذا سلوك يتكرر في حياة المصاب بالمرض في كل يوم وفي كل ساعة. فلو سألنا الناس الذين حول حمد، مثلاً، عن ردود فعله حين رأى القذافي في لحظاته الأخيرة؟ سنسمع أنه لم يتأثر قطعاً بالمشاهد المقززة (ونحن عرفنا من الإعلام أن مبارك بكى بمرارة لذلك، وملك الأردن أصيب بكآبة). ولو سألنا مَن حول حمد عما إذا كان يبدي اهتماماً بالمناسبات السعيدة في حياتهم، مثل الزواج والميلاد والنجاح؟ سيجيبون "لا، إطلاقاً". بالتأكيد لأنه لا يعرف معنى التفاعل العاطفي والشعوري والاجتماعي. سلو حمد نفسه ماذا سيفعل لو "حرر" السوريين من نظام بشار الأسد. إنه سيسكت لأنه غير معني بما يحدث بعد ذلك. إنه ينظر إلى السوريين كأنهم لُعبة، وبمجرد أن يأخذهم من يد بشار ينتهي اهتمامه بهم!
أما ثاني أعراض مرض التوحد فيتعلق بضعف أو عدم قدرة الطفل على تعلم اللغة ومن ثم عدم قدرته على استخدام اللغة في التواصل مع محيطه، وهنا فأنا يمكنني، ودون تردد، أن أضع توقيعي غير المشروط على أية وثيقة تصدر بحق حمد بأنه مصاب بالتوحد. حمد ليس لديه لغة. إنه في الحقيقة ضعيف في كل مناحي العلم والمعلومات والقدرات والمهارات، وخاصة في اللغة. لماذا؟ ربما كان المقصود مما سمعته في قطر عن أن حمد كان في طفولته يفضل قضاء أكثر الأوقات في البرية مع الأباعر أنه كان تلميذاً سيئاً لا يميل إلى التعلم، أو يهرب منه لنقص قدرته على التعلم. ولم يكن يميل إلى اللعب مع الأطفال الآخرين لأن ذلك يتطلب منه التخاطب والتفاعل معهم، بينما التعامل مع الأباعر كأشياء أسهل.
أنا لا أشتم، ولكن يبدو لي أن مرض التوحد شائع بين شيوخ وملوك الجزيرة العربية، وأنا أحكم بهذا من مراقبتي للغتهم. وحتى تصدقوا أني لا أشتم أضرب لكم مثلاً ملك الأردن، عبدالله الثاني الذي أكره خبثه أيضاً. هذا الرجل يكاد لا يعرف العربية، ليس لأنه مصاب بالتوحد، بل لأنه لم يتعلم العربية في صغره، لكنه يتكلم الإنجليزية بطلاقة فهي لغته الأم. الرجل ليس عليه أية إشارات لغوية بخصوص مرض التوحد. أما شيخ قطر، حمد، فلا يعرف لا العربية ولا الإنجليزية ولا غير ذلك .. ثور الله بأرض الله. ولا ينافسه في الأعراض اللغوية لمرض التوحد إلا ملك السعودية. وهذا، في الحقيقة، فارق جوهري بين عبدالله السعودي وحمد من جهة وبين بشار الأسد الذي يقف أمام شاشات التلفزيون لما يزيد عن الساعة ويرتجل خطاباً يكاد يخلو من الأخطاء اللغوية.
على أية حال، فقد أوحيت في حديثي عن بريفيك عن وجود أوجه شبه بين ذلك القاتل النرويجي وبين حمد من حيث سوء العلاقة مع الوالد، وتلبيس السلوك المرضي لبوس الديمقراطية والحرية. لكن بريفيك قتل ثمانين يافعاً، ربما بسبب عُقد نفسية نشأت لديه بسبب علاقته السيئة بأبيه، وألبس عُقده لبوس كره الإسلام والحفاظ على الثقافة النرويجية التي انتهكها بأبشع صورة حين قتل. أما حمد فقد تسبب وشارك في قتل مئة وثلاثين ألف ليبي (إبن عمه اعترض في مجلس الأمن على الرقم وقال إن خمسين ألف فقط قتلوا! يا ابن الخبيثة .. فقط!)، وحسب إحصاءات قناة الجزيرة فإن حمد تسبب حتى الآن أيضاً في مقتل أكثر من ستة آلاف سوري، وكل ذلك ربما أيضاً لعُقد نشأت لديه بسبب علاقته السيئة بأبيه، وهو يلبسها لبوس الديمقراطية والحرية التي هي براء منه مثلما أن الثقافة النرويجية براء من بريفيك. لكن مشكلة حمد، يقيناً، ليست مجرد العلاقة السيئة بأبيه، فتلك العلاقة السيئة كانت نتيجة لسبب آخر أهم، ألا وهو كونه مصاباً بمرض التوحد. كل ما يأتيه حمد من سلوك مصدره مرض التوحد.
ولولا مرض التوحد، الذي يعني أيضاً عدم القدرة على التعامل مع الأفكار، فإنه كان سيرى أنه لن يستطيع أن يخدم الأمريكيين والإسرائيليين أكثر مما خدمهم كثيرون غيره، مثلاً شاه إيران الذي جعلوه شرطياً للخليج – كيف انتهى الشاه المرحوم ولماذا لم تقدّر أمريكا خدماته فتدعه، على الأقل، يقضي آخر أيامه على أراضيها؟ لماذا رفض حتى ملك المغرب أن يؤويه؟ حمد لا يعرف أن الأمريكيين مغرمون بإهانة وإذلال من يصنعون منهم أباطرة وملوكاً وشيوخاً بعد أن يستنفذوا أغراضهم ويظن الواحد من هؤلاء أنه أصبح رجل زمانه.
اعذروني، حين أقول لكم إنني، ورغم الغضب الذي في قلبي وقلوب الملايين، أترقب ليلة نحزن فيها على حمد، ونقول عنه إنه كان ضحية، فالأمريكان هم الذين جعلوه أضحوكة وجعلوه مجرماً، ونتساءل لماذا يعملون به كل هذا وهم يعلمون أنه متخلف عقلياً؟ ونتساءل لماذا لا يوفرون له معاملة كتلك التي لقيها بريفيك؟ وسوف نشعر أن إهانته هي في آخر المطاف إهانة لصورة الإنسان العربي، ونلقي باللائمة على الذين من حوله، إذ كان الأولى بهم أن يوفروا له المعالجة من مرض التوحّد بدل اتخاذه شيخاً.
مندوب سوريا يعطي درسا في التاريخ والأخلاق والدبلوماسية لهيئة الأمم المتحدة
وأنا أشاهد الجلسة المنعقدة في مبنى الأمم المتحدة والتي دعى لها محور الشر والتآمر العربي العبري الأمبريالي
في شاشة الوطن السورية وكيف كان مندوب جمهورية سوريا العربية يلقن كلب الأمريكان ورجل تل أبيب في الخميج العبري درسا في الأخلاق والتاريخ والدبلوماسية وكأني به يقول لحارس حقول الغاز القطري وذيله المصري نبيل العبري هكذا نكون أو لانكون وكأني أشاهد ظل الزعيم الليبي وهو يوحي للمندوب العربي السوري حسن الحديث وكأني بالزعيم الليبي وهو يخطب أمام المسيرات المليونية التي لم ترها عيون وشهود قناة الخنازير والزعيم يقول قولته المشهورة "الحياة بدون عز لاقيمة لها"، نعم إما أن تكون هكذا أو لا تكون.
لقد سبقها إليهم الرئيس الراحل صدام حسين المجيد حينما قال يوما "إن لم تستطع أن تكون الرأس فلا تكن الذيل" وأظن أنه لهذا السبب يقال عنه بأنه دكتاتور.
نعم لقد لقن المندوب العربي السوري درسا قاسيا في الأخلاق لهيئة الأمم المتحدة وهو يتحدث بلباقة واتزان وثقة في النفس وكأنه يعلم مسبقا أن كلب الحراسة القطري وذيله الأجرب المصري وهما يتسولان في أروقة الأمم المتحدة ويلهثون كالكلاب وراء سراب فرنسا وبريطانيا وأمريكا عارضين عليهم رشاوي في الكواليس أن مصيرهم الخزي والعار إلى يوم الدين، وأنا أعلم وأكاد أجزم من خلال الثقة الزائدة بالنفس للمندوب العربي بنفسه وهو يتحدث ويعطي الدروس للمجلس أنه على علم مسبق وواثق من أن مصير مبادرة الكلب القطري وذيله الأجرب زبالة الأمم المتحدة لكن فقط بعد أن يتبول عليها كل من المندوب الروسي فيتالي تشوركين وشريكه الصيني ليقوم المندوب العربي السوري بالخري عليها ليعيدها إلى عاصمة العهر السياسي الخليجي قطر ليتبرك بها الحمدين هناك.
كان يمكن للمندوب العربي السوري وهو يقول للمجلس بأنه حينما كان هناك برلمان في سوريا في سنة 1919 كان لورنس يسرح ويمرح في صحاري الخليج العبري ولم تكن هناك أي مظاهر للحضارة سوى مجموعات من رعاة الإبل والماعز، وكأني به يقول أنه حينما إمارات الصحراء عبارة عن كثبان من الرمل وكان ملوك وأمراء الخليج عبارة عن حمالين في موانئ البصرة وموانئ مايقال عنه السعودية اليوم وكان بعضهم ذيلا للورنس وخادما لملكة الإمبراطورية البريطانية التي لن تقبل بهم حتى غلمان ورعاة.
المندوب السوري يقول لكلب الحراسة وذيله "أنت ياجلف الصحراء تريد أن تعلم سوريا الحضارة؟"
كان بالإمكان لهذه الكلمات أن تقتل كلب الحراسة القطري وذيله الأجرب المصري وأن ترفع الجلسة ولكن لابأس بالإستمرار وتلقين المجلس دروسا سورية عربية وليست خليجية ولكن لاحياة لمن تنادي لأن الكلب كما هو معروف عنه أنك إن تركته يلهث وإن تحمل عليه يلهث وهو حال كلبي الحراسة فعلا لا قولا.
على خلاف ذيل الأمريكان التركي أردوغان فإن ماقاله المندوب السوري حول الجرائم في حق البشرية والتي إقترفها المستعمر الفرنسي في كل من سوريا والجزائر كان كلاما صادقا ونابعا من القلب وليس مزايدة وعهرا سياسيا ولا متاجرة بدماء الجزائريين كما فعل ذيل الأمريكان أردوغان والذي وللأسف نجد في الجزائر من لهث وراء تلك التصريحات ويثمنها في قذارة وسفالة لم نعهدها عند الجزائريين الشهماء ولكن حمدا لله أن رئيس الحكومة الجزائري أحمد أويحي وضع النقاط على الحروف حينما ألجم الذيل التركي بأن قال أن تصريحات أردوغان هي مزايدة ومتاجرة بدماء الشهداء وكان على حق، لأنه قال بأن تركيا لم تقف يوما في صف الجزائر.
للأسف مرة أخرى حينما قام أبوجرة وهو معروف في الجزائر بسفالته وانتهازيته ونفاقه بالثناء على أردوغان نفاقا لأنه يريد بهذا التقرب وإرسال إشارة للباب العالي التركي بأنه على استعداد لترأس المجلس الإنتقالي المستقبلي وأن يكون كلبا إخوانيا في الجزائر، لكن أطرافا ما في النظام أرسلت له رسالة واضحة أسكتته فيما بعد.
ماحدث اليوم في الجلسة العلنية للامم المتحدة من بهدلة الوفد الخليجي بقيادة كلب الأمريكان ورجل تل أبيب في المنطقة وذيله المصري لهو يوم مشهود وماقام به المندوب السوري من تلقين درس في الأخلاق والسياسة والتاريخ للسفلة من مندوبي حراس النفط والغاز الخميجيين ليستحق من الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد وسام الشرف لهذا المندوب السوري العربي الشهم والذي أثبت للعالم أنه ليس بمندوب ليبيا ولا سفرائها الخونة حاشا البعض منهم وأن الشهامة لاتعطى بل هي فطرة تولد مع الإنسان، فمن هو شهم شهم بالفطرة ومن هو كلب حراسة فهو كلب حراسة بالفطرة.
الرسالة واضحة كل الوضوح وهي أن سوريا أكبر من أن تكون لقمة سائغة، إن سوريا هي العروبة والعرب هم سوريا وسوريا هي العرب، فحينما كانت هناك جامعة وبرلمان سوري لم تكن إمارات النفط والغاز سوى مجموعات من الرعاة الرحل الذي لا حول لهم ولا قوة يرعون الإبل والماعز ويصطادون الضب وفأر الصحراء، ومايريد المندوب العربي السوري قوله لفئران الخميج هو مايلي : "من أراد الحديث باسم العرب فعليه أولا أن يثبت أنه عربي"
جفت الأقلام ورفعت الصحف.