تغيرت الصورة في سوريا في الأيام الأخيرة. لم يعد السؤال عما اذا كان
نظام الرئيس بشار الاسد سيستطيع تجاوز الازمة، بل بات السؤال: متى سيُنهي
معركته الاحتوائية؟
صحيح أن هناك ازمة داخلية لا يجوز التقليل من
حجمها، وهناك آليات وضعها الاسد لكيفية تنفيذ الشق الاصلاحي والتدرج فيه،
لكن للامن والاستقرار الاولوية المطلقة التي تتقدم كل الاولويات الاخرى
مهما كانت مهمة او ملحة.
لا ينفي المسؤولون في دمشق ان سوريا اصيبت
بصدمة خلفت ارتباكا واضحا بفعل مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية التي
تضافرت للف الحبل حول رقبة النظام، مقرونة بالدور الوظيفي المكمل الذي
تؤديه فضائيات الاعتدال العربي في التعبئة والتحريض.
وكما يقولون في
سوريا، فإن الرصاصة التي لا تصيب تقوِّي، خاصة بعدما يخلع مطلقو النار
اقنعتهم ويكشفون عن وجوههم، فحينها تسهل مواجهتهم والتصدي لهم وردعهم.
بناء
على ذلك، فإن المعطيات لا تؤشر الى ان نظام الاسد قد اصيب في اسسه او
تصدّع، وان الهجوم عليه من الداخل والخارج، جعله نظاما متهاويا او آيلا
للتداعي والسقوط، بل العكس، فإن تلك المعطيات تؤشر الى ان النظام لم يُصَب
كما اشتهى «المهاجمون»، بل هو مصاب بنوع من الضرر المعنوي، ويقوم حاليا
بمداواة نفسه في السياسة والامن، وخاصة بعدما تم حصر نقاط الوجع، والضرر
المعنوي، ضمن حدود «ضيقة»، وليس كما تحاول ان تبثه الفضائيات، على امتداد
القطر العربي السوري، على حد تعبير احد المسؤولين السوريين.
يكشف
المسؤول المذكور ان نظام الاسد دخل في ما وصفها «مرحلة العلاج الاستئصالي»
لكل الالتهابات التي اصابت الجسم السوري، وهي عملية قد تتطلب أسابيع
قليلة. وحتى الآن، أمكن إلقاء القبض على أكثر من ستمئة شخص من المتورطين،
بينهم أشخاص ينتمون إلى جنسيات عربية مختلفة، كما يقول المسؤول السوري،
مشيرا الى وجود قرار مركزي باعتماد عمليات جراحية موضعية لانهاء «البؤر
الأمنية»، على غرار ما يجري في درعا حاليا.
هل أمسك النظام بزمام المبادرة فعليا؟بعيدا
عن الوظيفة التي تؤديها فضائيات الاعتدال العربي، فإن «القراءة الحزبية»
للمشهد السوري، تنطلق من «الجزم بفشل حملة استهداف سوريا»، وبأن الاسد «في
مرحلة معالجة التداعيات والارتدادات». وتخلص تلك القراءة الى تحديد ما
تسميها عناصر قوة النظام في سوريا، وهي الآتية:اولا: هناك من راهن
على ضعف الرئيس الأسد في مواجهة هول الاستهداف، وعلى عدم جرأته في الذهاب
الى قرارات بحجم قرار والده الراحل حافظ الأسد في العام 1981. وقد فاجأ
الاسد المراهنين بانه لم يتراجع امام الاستهداف، بل على العكس اتخذ القرار
بالمواجهة الموضعيّة.
ثانيا: تماسك المؤسسات والأجهزة العسكرية
والأمنية السورية. وثمة كلام لمسؤول سوري كبير يقول فيه: «لقد راهنوا على
انقسام الجيش السوري وتمرده، اعتقادا منهم ان هذا الجيش له امتدادات خارج
النظام، كما هي حال بعض الجيوش العربية التي أطاحت بقادة دولها»، في إشارة
واضحة إلى مصر وتونس.ثالثا: الحس القومي الموجود لدى الشعب
السوري، وكذلك وعي هذا الشعب، بكافة فئاته، مخاطر الاستهداف الذي تتعرض له
سوريا، وتمسكه بالاستقرار ورفضه استنساخ النموذجين العراقي او الليبي
وغيرهما من النماذج التفتيتية.
على ان من النتائج الفضلى لهذا الوعي،
إحباط الرهان على العامل المذهبي، خاصة ان محاولات ايقاظ هذا العامل، سواء
بالخطب او بالفضائيات أو بالشعارات، اتخذت بعدًا تخويفيا في الأوساط
السنية والعلوية ولدى الاقليات المسيحية والإسلامية السورية.
رابعا:
عدم وجود جسم متكامل للمعارضة التي بدت عبارة عن مجموعة من الأسماء
المتفرقة لا يجمعها اطار واحد او برنامج محدد او توجّه او مؤسسات ترتكز
عليها، او قيادات ورموز متماسكة، وهذا ما تبدّى في المواقف التي صدرت عن
جهات تدعو لاسقاط النظام وأخرى ترفض.
خامسا: افشال النظام أمنيا خطة
خارجية بالتعاون مع مجموعات داخلية تهدف الى خلق واقع جديد في سوريا تصبح
معه درعا هي قاعدة الانطلاق، ويتعاطى معها المجتمع الدولي على انها
«بنغازي سوريا»، وما قد يستتبع ذلك من تطورات قد تتخذ الطابع الدرامي على
اكثر من مستوى.
سادسا: موقع دمشق المحوري، بين جملة من القضايا
الحساسة في الشرق الاوسط، الذي تشكل من خلاله سوريا ضابط الايقاع لبقية
الساحات المعنية بها من فلسطين الى العراق وصولا الى لبنان والاردن، مرورا
بتركيا. فلو ذهبت سوريا الى الانهيار، فمن سيضبط ايقاع تلك الساحات،
وتحديدا لبنان؟
سابعا: ان دمشق تدرك ان استهدافها امر يلتقي عليه كل
من له مصلحة في تحقيق سلام مع اسرائيل بالشروط الاسرائيلية وبتصفية
القضية الفلسطينية. وهي كما تعي أن البعد الاميركي والاوروبي للهجوم عليها
هو الامن الاسرائيلي، وتعي ايضا الابعاد السعودية والقطرية والتركية
والحدود والعوامل «الشخصية» الكامنة خلفها، ومنها ما تبلغته دمشق مؤخرا،
حول تجرّئها على خطوات اعتبرت «مهينة» للمثلث السعودي القطري التركي، ومنها
على سبيل المثال لا الحصر اسقاط حكومة سعد الحريري في ذروة المسعى القطري
التركي وزيارة وزيري خارجيتي كلّ من قطر وتركيا دمشق وبيروت.
ويقول
المسؤول السوري: «في ما مضى حاولوا ضرب سوريا في لبنان من خلال اغتيال
الرئيس رفيق الحريري، ومن ثم خلال حرب تموز وصمدت دمشق.، وما تعرضت له
سوريا في هذه المرحلة، مكمل لمحاولات الضرب وتغيير السلوك وما الى ذلك من
عناوين. وكما سبق وتراجعوا وارسلت الولايات المتحدة الاميركية سفيرها الى
دمشق، فهناك الآن من يطرق باب دمشق، ويتصل بنا ليأتي الينا»؟
ثامنا:
لا اجماع عربيا ودوليا على استهداف سوريا. وتجلى ذلك في تعذر صياغة موقف
عربي أولا، لا بل حصول تضامن من معظم العالم العربي مع النظام السوري،
وكذلك الأمر في مجلس الامن، حيث كانت روسيا اشد المعترضين على هذا
الاستهداف تليها الصين، ذلك ان البلد العربي الوحيد الذي توجد فيه قاعدة
روسية على المياه الدافئة، هو سوريا، التي تشكل بالنسبة الى روسيا البلد
الوحيد الذي تطل منه، او يمكن ان تدخل منه العالم العربي.
نظام الرئيس بشار الاسد سيستطيع تجاوز الازمة، بل بات السؤال: متى سيُنهي
معركته الاحتوائية؟
صحيح أن هناك ازمة داخلية لا يجوز التقليل من
حجمها، وهناك آليات وضعها الاسد لكيفية تنفيذ الشق الاصلاحي والتدرج فيه،
لكن للامن والاستقرار الاولوية المطلقة التي تتقدم كل الاولويات الاخرى
مهما كانت مهمة او ملحة.
لا ينفي المسؤولون في دمشق ان سوريا اصيبت
بصدمة خلفت ارتباكا واضحا بفعل مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية التي
تضافرت للف الحبل حول رقبة النظام، مقرونة بالدور الوظيفي المكمل الذي
تؤديه فضائيات الاعتدال العربي في التعبئة والتحريض.
وكما يقولون في
سوريا، فإن الرصاصة التي لا تصيب تقوِّي، خاصة بعدما يخلع مطلقو النار
اقنعتهم ويكشفون عن وجوههم، فحينها تسهل مواجهتهم والتصدي لهم وردعهم.
بناء
على ذلك، فإن المعطيات لا تؤشر الى ان نظام الاسد قد اصيب في اسسه او
تصدّع، وان الهجوم عليه من الداخل والخارج، جعله نظاما متهاويا او آيلا
للتداعي والسقوط، بل العكس، فإن تلك المعطيات تؤشر الى ان النظام لم يُصَب
كما اشتهى «المهاجمون»، بل هو مصاب بنوع من الضرر المعنوي، ويقوم حاليا
بمداواة نفسه في السياسة والامن، وخاصة بعدما تم حصر نقاط الوجع، والضرر
المعنوي، ضمن حدود «ضيقة»، وليس كما تحاول ان تبثه الفضائيات، على امتداد
القطر العربي السوري، على حد تعبير احد المسؤولين السوريين.
يكشف
المسؤول المذكور ان نظام الاسد دخل في ما وصفها «مرحلة العلاج الاستئصالي»
لكل الالتهابات التي اصابت الجسم السوري، وهي عملية قد تتطلب أسابيع
قليلة. وحتى الآن، أمكن إلقاء القبض على أكثر من ستمئة شخص من المتورطين،
بينهم أشخاص ينتمون إلى جنسيات عربية مختلفة، كما يقول المسؤول السوري،
مشيرا الى وجود قرار مركزي باعتماد عمليات جراحية موضعية لانهاء «البؤر
الأمنية»، على غرار ما يجري في درعا حاليا.
هل أمسك النظام بزمام المبادرة فعليا؟بعيدا
عن الوظيفة التي تؤديها فضائيات الاعتدال العربي، فإن «القراءة الحزبية»
للمشهد السوري، تنطلق من «الجزم بفشل حملة استهداف سوريا»، وبأن الاسد «في
مرحلة معالجة التداعيات والارتدادات». وتخلص تلك القراءة الى تحديد ما
تسميها عناصر قوة النظام في سوريا، وهي الآتية:اولا: هناك من راهن
على ضعف الرئيس الأسد في مواجهة هول الاستهداف، وعلى عدم جرأته في الذهاب
الى قرارات بحجم قرار والده الراحل حافظ الأسد في العام 1981. وقد فاجأ
الاسد المراهنين بانه لم يتراجع امام الاستهداف، بل على العكس اتخذ القرار
بالمواجهة الموضعيّة.
ثانيا: تماسك المؤسسات والأجهزة العسكرية
والأمنية السورية. وثمة كلام لمسؤول سوري كبير يقول فيه: «لقد راهنوا على
انقسام الجيش السوري وتمرده، اعتقادا منهم ان هذا الجيش له امتدادات خارج
النظام، كما هي حال بعض الجيوش العربية التي أطاحت بقادة دولها»، في إشارة
واضحة إلى مصر وتونس.ثالثا: الحس القومي الموجود لدى الشعب
السوري، وكذلك وعي هذا الشعب، بكافة فئاته، مخاطر الاستهداف الذي تتعرض له
سوريا، وتمسكه بالاستقرار ورفضه استنساخ النموذجين العراقي او الليبي
وغيرهما من النماذج التفتيتية.
على ان من النتائج الفضلى لهذا الوعي،
إحباط الرهان على العامل المذهبي، خاصة ان محاولات ايقاظ هذا العامل، سواء
بالخطب او بالفضائيات أو بالشعارات، اتخذت بعدًا تخويفيا في الأوساط
السنية والعلوية ولدى الاقليات المسيحية والإسلامية السورية.
رابعا:
عدم وجود جسم متكامل للمعارضة التي بدت عبارة عن مجموعة من الأسماء
المتفرقة لا يجمعها اطار واحد او برنامج محدد او توجّه او مؤسسات ترتكز
عليها، او قيادات ورموز متماسكة، وهذا ما تبدّى في المواقف التي صدرت عن
جهات تدعو لاسقاط النظام وأخرى ترفض.
خامسا: افشال النظام أمنيا خطة
خارجية بالتعاون مع مجموعات داخلية تهدف الى خلق واقع جديد في سوريا تصبح
معه درعا هي قاعدة الانطلاق، ويتعاطى معها المجتمع الدولي على انها
«بنغازي سوريا»، وما قد يستتبع ذلك من تطورات قد تتخذ الطابع الدرامي على
اكثر من مستوى.
سادسا: موقع دمشق المحوري، بين جملة من القضايا
الحساسة في الشرق الاوسط، الذي تشكل من خلاله سوريا ضابط الايقاع لبقية
الساحات المعنية بها من فلسطين الى العراق وصولا الى لبنان والاردن، مرورا
بتركيا. فلو ذهبت سوريا الى الانهيار، فمن سيضبط ايقاع تلك الساحات،
وتحديدا لبنان؟
سابعا: ان دمشق تدرك ان استهدافها امر يلتقي عليه كل
من له مصلحة في تحقيق سلام مع اسرائيل بالشروط الاسرائيلية وبتصفية
القضية الفلسطينية. وهي كما تعي أن البعد الاميركي والاوروبي للهجوم عليها
هو الامن الاسرائيلي، وتعي ايضا الابعاد السعودية والقطرية والتركية
والحدود والعوامل «الشخصية» الكامنة خلفها، ومنها ما تبلغته دمشق مؤخرا،
حول تجرّئها على خطوات اعتبرت «مهينة» للمثلث السعودي القطري التركي، ومنها
على سبيل المثال لا الحصر اسقاط حكومة سعد الحريري في ذروة المسعى القطري
التركي وزيارة وزيري خارجيتي كلّ من قطر وتركيا دمشق وبيروت.
ويقول
المسؤول السوري: «في ما مضى حاولوا ضرب سوريا في لبنان من خلال اغتيال
الرئيس رفيق الحريري، ومن ثم خلال حرب تموز وصمدت دمشق.، وما تعرضت له
سوريا في هذه المرحلة، مكمل لمحاولات الضرب وتغيير السلوك وما الى ذلك من
عناوين. وكما سبق وتراجعوا وارسلت الولايات المتحدة الاميركية سفيرها الى
دمشق، فهناك الآن من يطرق باب دمشق، ويتصل بنا ليأتي الينا»؟
ثامنا:
لا اجماع عربيا ودوليا على استهداف سوريا. وتجلى ذلك في تعذر صياغة موقف
عربي أولا، لا بل حصول تضامن من معظم العالم العربي مع النظام السوري،
وكذلك الأمر في مجلس الامن، حيث كانت روسيا اشد المعترضين على هذا
الاستهداف تليها الصين، ذلك ان البلد العربي الوحيد الذي توجد فيه قاعدة
روسية على المياه الدافئة، هو سوريا، التي تشكل بالنسبة الى روسيا البلد
الوحيد الذي تطل منه، او يمكن ان تدخل منه العالم العربي.