[b]
قدم ضابط إستخبارات فرنسي سابق قراءة شاملة للأوضاع في سورية على ضوء التطورات الميدانية والسياسية - الدولية والإقليمية المحيطة بدمشق والمتدخلة في أزمتها الراهنة.
الضابط السابق أصبح اليوم خبيرا يعتد برأيه في الشؤون الخاصة بمكافحة الإرهاب الوهابي وهو عمل في سورية ولبنان ومصر وفلسطين المحتلة طوال عقود ويتابع الشأن السوري من موقع عمله الحالي في إحدى المؤسسات الأهلية المعنية بالبحوث السياسية .
ورأى المصدر ، الذي لا يزال وثيق الصلة بالدوائر الرسمية الأمنية في باريس، بأن عناد " ألان جوبيه " الغير منطقي سياسيا في الملف السوري يؤكد شكوك الإستخبارات الفرنسية حول تأثر وزير خارجية فرنسا بصداقته الوثيقة – ذات المنافع - مع الشيوخ القطريين .
المصدر الذي عمل سابقا في مكتب العمليات التابع لمدير المخابرات الخارجية الفرنسية يرى بأن الأزمة السورية مرت بثلاث مراحل وهي تمر حاليا بمرحلة رابعة مختلفة عن سابقاتها:
المرحلة الأولى:
تمتد من تاريخ إنطلاق التظاهرات في درعا وحتى مجزرة جسر الشغور التي تبادل النظام والمعارضة المسؤولية عنها إلى أن إعترفت إحدى تشكيلات المعارضة الإسلامية المتطرفة أخيرا بإرتكابها في فيديو يظهر بوضوح بعض لقطات المعركة التي أدت إلى مقتل أكثر من مئة وعشرين عنصر من قوات الشرطة الأمنية السورية (ودوما بحسب تعبير المصدر الفرنسي) .
حتى تلك المرحلة كان النظام يعاني مشكلة في إثبات وجود مسلحين وفي تبرير مقتل المئات من المتظاهرين ظلما على يد قوات الأمن التي كانت ترد على حجارة المتظاهرين وعلى بعض رصاصاتهم الطائشة بالرصاص القاتل بدل إستعمال المعدات الحديثة لمواجهة الإحتجاجات العنيفة وهو الأمر الذي تحتاج إليه سورية بشدة ولم يزودها به أحد. كانت التظاهرات السلمية بشكل عام هي الأداة لإسقاط النظام ولكن فلتان المجموعات المسلحة الغير منضبطة عجل في معزوفة التدخل التركي العسكري لإقامة منطقة عازلة وقد جرى لجم الأمر إقليميا من خلال سرعة السوريين في فتح قنوات تعاون مع مناهضي أردوغان داخل المؤسسة الرسمية التركية وايضا من خلال الديبلوماسية النشطة لكل من الإدارتين الأيرانية والروسية .
المرحلة الثانية:
بدأت ذروتها مع شهر الصوم (شهر رمضان ) وبدأ إنحدارها بعد فشل المتظاهرين في الإستفادة من التجمعات الدينية اليومية لنقل الحراك إلى المدن الساكنة مثل حلب ودمشق . مع نهاية شهر رمضان بدأت الخطة العربية البديلة للضغط على النظام السوري من قبل الجامعة العربية لتحقيق أمرين ، أولهما سحب القوى الأمنية والسماح للتظاهرات بالسيطرة على المدن وهم ما لم يرضخ له النظام وبدلا عن ذلك سمحت خطة مخادعة في حسم عرين الثورة التاريخي في حماة التي كان يعول عليها سفراء فرنسا وأميركا لإشعال ثورة شعبية شاملة في كل الاراضي السورية تسعى لإنهاء النظام خلال اسابيع، فإنتهى الأمر إلى فشل كبير وجرى بعدها حراك ديبلوماسي يرافقه إطلاق لعمليات مسلحة كبيرة وترسيخ لفكرة عسكرة الأنتفاضة الشعبية على أرض الواقع وسعي حثيث لشق الجيش وتفتيت مؤسسات الدولة.
طرد العرب سورية من مجلس الجامعة ثم جرت محاولات تدويل الأزمة وايضا فشلت تلك المحاولات بالفيتو الروسي المزدوج والذي أقفل الطريق نهائيا على المحاولات الغربية والخليجية لفرض تدخل عسكري لم تتحمس له أميركا ولكنها لم تكن تمانع أن يقوم به غيرها ولو لمصلحتها الأكيدة بإسقاط النظام .
المرحلة الثالثة
بدأت بالسعي لخنق النظام إقتصاديا وبالسعي إلى إغراق النظام في بؤر أمنية متراصة تخلق ملاذا آمنا متعدد المواقع جغرافيا ليصبح للمنشقين موئل يهربون إليه وينطلقون منه لتحرير المناطق الأخرى من وجود النظام . ولكن نظام الرئيس السوري نجى من العسكرة بفوضى المسلحين وبترابط وبتماسك جيشه وقواته الأمنية وإقتصاديا نجى نسبيا بالشريان الإيراني – العراقي – الروسي – الهندي – الصيني فإنتهت تلك المرحلة مع دخول الجيش السوري إلى بابا عمرو من الزبداني وريف دمشق(...)
ويشرح المصدر مقاصده فيقول:
لو فشل الجيش النظامي في فك الطوق الريفي المسلح عن دمشق لما إستطاع النظام حسم معركة بابا عمرو بسهولة كلفت كثيرا من الدمار في البناء ولم تكلف كثيرا في الارواح على الجانبين. فمسلحو المعارضة في ريف دمشق كانوا يستعدون لدخول العاصمة في الوقت الذي كان مسلحو حمص يستعدون للإنطلاق منها لتحرير حماة والأتصال بالمسلحين في أدلب . لكن الجيش السوري حسم الأمر ووجه ضربات قوية جدا للمسلحين .
المرحلة الرابعة
هي التي وصلت فيها دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا والمانية إلى قناعة بأن الخلاص من نظام الرئيس بشار الأسد لن يحصل في القريب العاجل، وأن إدارة حرب عصابات بالوكالة ليست أمرا مضمون النتائج، وأن التسوية مع النظام بشروط تناسب الغرب أفضل من انتظار معجزة قطرية – سعودية قد تأتي ولكن على جناح أشباح الزرقاوي وبن لادن .
ويضيف المصدر:
فور إنتهاء النظام السوري من تنظيف المدن والارياف العصية عليه حاليا مثل إدلب وريف حلب (وهي آخر معاقل المسلحين الرئيسية) فإنه سيطلق صفارة الإنتقام من الدول التي قاتلت مع المسلحين بالمال والتدريب وبالتسليح لذا لا مصلحة لفرنسا ولا لحلفائها في الإستمرار في الحملة الغير مجدية على الأسد فالروس حسموا أمر بقائه ووقواته العسكرية تمسك بالاراضي السورية بشكل مطلق وهي قادرة على سحق المسلحين مهما قدمت لهم السعودية وقطر من أسلحة ومعدات سيصل كثير منها إلى عملاء النظام المندسين بين قيادات وقواعد المعارضة كسرطان المريء.
وحول الموقف الفرنسي والخليجي قال المصدر :
الخليجيون مصابون بهستيريا إسمها " إسقاط نظام بشار الأسد " وهم يريدون إسقاطه بأي ثمن، ولم يقتنعوا بعد بإستحالة هذا الأمر ما دامت التظاهرات السلمية لم تحقق تلك النتيجة، و أيضا لم تحققها الحصون المسلحة وسط الأحياء المدنية في حمص وفي قرى ومدن ريف دمشق ، والقطريون والسعوديون لا يزالون يراهنون على نتيجة قد تأتي بها تفجيرات وإغتيالات يرى فيها القطريون والسعوديون فرصة أخيرة لإنهاك النظام وصولا إلى إسقاطه .
ويتابع المصدر:
وأما الان جوبيه وزير خارجية فرنسا فهو يتصرف وكأنه تابع للقطريين ولا يقود السياسة الخارجية لدولة عظمى !
وكشف المصدر في حديثه لـ "عربي برس" أن لدى المؤسسة الفرنسية الأمنية الكثير من علامات الإستفهام التي تتابعها عن كثب حول العلاقة الوثيقة التي تربط بعض رجال الأعمال الفرنسيين المقربين من الان جوبيه بشيوخ قطر الأثرياء الذين دخلوا إلى الأسواق الفرنسية ببذخ مبالغ فيه هدفه تحقيق نفوذ سياسي دون حساب الخسائر أو الأرباح المالية .
وكشف المصدر بأن المخابرات الفرنسية تلقت هدايا "سورية كريمة جدا في الفترة الأخيرة " دون أن نسلفهم شيء كفرنسيين ورغم محاربة بعض المتطرفين الوهابيين في سورية باسلحة فرنسية دفعت ثمنها قطر ودربهم عليها خبراء فرنسيون من القطاع الخاص إستأجرتهم الدوحة (صواريخ ميلان الفرنسية التي دمرت دبابات سورية) .
وحول رأيه في نهاية قريبة أو بعيدة للأزمة السورية قال المصدر:
هناك حراك سياسي سوري - روسي – أميركي – إيراني – الماني وبريطانيا ليست بعيدة عنه هدف كل طرف منه تحقيق مصالحه القصوى عند ترتيب نهاية يراها عادلة له (كل طرف من أطراف التفاوض بالنار حاليا ) وهذه المرحلة الإنتقالية يحدد طول مدتها من قصره النظام السوري نفسه ، فهو سيتعرض في الفترة الحالية إلى معمودية دم ينوي القيام بها كل من حكام السعودية وقطر وحليفهم الروحي – تنظيم القاعدة بكل تلاوينه وفروعه التي يوحد صفوفها التوحش في الرغبة بإراقة الدماء المدنية بالنيابة عما يعتقدونه عقيدتهم الدينية، وذلك بهدف تخريب الإنجازات التي حققها السوريون على حساب المعارضة المسلحة .
الروس يريدون ثمنا والأميركيون يبحثون عن حصتهم والإيراني شريك مضارب للقوتين العظميين وهو يبحث أيضا عن مصالحه وأما التركي فشاعر يرمي ابيات الشهر وينتظر عطايا الملوك والأمراء (....)
ما الذي يمكن للنظام السوري أن يفعله في مواجهة الحرب القطرية السعودية بالإرهاب على دمشق ؟
يجيب المصدر :
الحسم النهائي ضد خلايا الإرهاب صعب ولكنه ليس مستحيل ويحتاج إلى وقت طويل، ولكن عمليات القتل الجماعي لن تفيد المعارضة بل ستجعل النظام يبدو ضحية للإرهاب مثله مثل المدنيين.
هل سيبقى الرئيس الأسد جزءا من الحل ؟
يجيب المصدر الفرنسي : للأسف على القطريين والسعوديين أن يستعدوا منذ الآن لإقامة حفلات مصالحة ودية مع الرئيس السوري (يسميها العرب تبويس لحى ) .
فأي حل لن يكون ممكنا إلا إذا وافقت عليه القوة العسكرية والشعبية التي يمثلها النظام الخاضع بكل مفاصله لسيطرة الرئيس السوري.
وعما يتوقعه من قطر والسعودية إضافة إلى دعمهما المعلن للعمليات الإرهابية قال المصدر :
الطرفان يتنافسان على تمويل الحركات الاصولية المتطرفة في سورية وكلتاهما ستعملان بقسوة على ملفات أمنية وإعلامية، التفجيرات الإرهابية والإغتيالات هدفها ضرب الشعور بالأمن لدى المناصرين للأسد ، وإستكمال ذلك سيجري في الساحة الإعلامية وبطريقة تستهدف الأسد شخصيا لإقناع مناصريه بأنه يوالون الشخص الخطأ .
واضاف المصدر: هذا التحرك الخليجي يمثل – الف باء الحرب الدعائية التي يتعلمها ضباط المخابرات المعنيين بالبروباغندا السوداء في الكليات المختصة.
ولماذا قطر والسعودية (والان جوبيه) هم المعاندون ؟
يقول المصدر :
إنه الإنتقام البدوي الفطري الذي يلاحق الثأر أو يخشى منه فيريد الإجهاز على الضحية حتى لا تتمكن من طلب الثأر في المستقبل ، كلا الدولتين لم تتعلما الدرس الأميركي من العراق ، حتى لو إحتل الغرب سورية كما إحتل الاميركيون العراق فالنصر يبقى أمرا غير مضمون ، لذا يسعى الأميركيون لإستغلال الوضع الحالي لمصلحتهم عبر الدخول في تفاوض طويل الامد يضمن ربحا معقولا للسياسات الأميركية في المستقبل .
أما الخليجيين فكل ما يطمحون إليه حالياً هو الإبقاء على حالة الفوضى في سورية ومنع الجيش النظامي من إستكمال الحسم الشامل، هذا أولاً.
أما ثانياً فهدفهم دفع المناصرين للرئيس السوري إلى الإنفكاك عنه، وهو الأمر الذي يفسر خروج وكالات دعاية وإعلان بريطانية بافكار جهنمية من مثل التعرض للحياة الشخصية للرئيس ولعائلته وللمقربين منه !
عربي برس سألت المصدر الفرنسي الخبير بالشؤون الأمنية عن صحة ما تنشره صحيفة الغارديان البريطانية من بريد ألكتروني تزعم أنها حصلت عليه من ناشطين سوريين فقال:
بعيدا عن صحة مضمون ما تنشره الصحف البريطانية من عدمه، ولكن الوسط الإعلاني وشركات العلاقات العامة الأوروبية والأميركية كانت تتنافس خلال الاشهر الستة الماضية بغاية الحصول على حسابات (عقود علاقات عامة) قطرية وسعودية لخدمة عملية شيطنة الرئيس السوري عبر الإعلام. وهذا الامر يعرفه كل الوسط الأمني والديبلوماسي في أوروبا وفي الولايات المتحدة. فمنذ وعت القيادتين السعودية والقطرية (ومعهما دول أوروبية وتركيا بالطبع) لحقيقة ثبات نسبة معينة من السوريين على موقفها المناصر (للرئيس) بشار الأسد ، سعت تلك الدول إلى دراسة الطرق الإعلامية والإعلانية الواجب إتباعها لتفريق مناصري الأسد المدنيين والعسكريين من حوله، وأول تلك الوسائل هو ما نراه حاليا من حملة إعلانية مدفوعة الثمن بدأتها إحدى شركات العلاقات العامة البريطانية (رفض تسميتها) ضد الرئيس السوري من خلال الصحافة البريطانية . وقد إختارت تلك الشركة في حملتها صحيفة بريطانية معروفة ببعدها عن الإثارة (الغارديان) لبدء الحملة المعدة جيداً والممولة بسخاء خليجي.
وعن كيفية حصول الحملات الإعلامية المدفوعة ضد رئيس ما وخاصة لو كان الأساس في الحملة هو بريد الكتروني يمكن زعم أي كان أنه البريد الشخصي لأي كان ؟
قال المصدر:
إنه أمر معروف في الغرب وخاصة في أميركا ، كل الأحزاب تشتري خدمات شركات علاقة عامة لتسويق صورتها عبر الصحافة المرئية والمكتوبة والمسموعة أو لتسويق فضائح حقيقية أو مفبركة لخصومها، و الدول الغنية تشتري خدمات تلك الشركات لتسويق سياساتها أمام الرأي العام الغربي أو لشن حملة لتشويه سمعة أعدائها في عيون الرأي العام. فعلت ذلك إسرائيل خلال الإنتفاضة الفلسطينية الأولى وخلال الإنتفاضة الثانية.
وعلى سبيل المثال دفع السعوديون مئات ملايين الدولارات لتسويق حملة إعلانية - إعلامية تبرأهم من مسؤولية هجوم الحادي عشر من ايلول – سبتمبر ، وكذا فعل الليبيون بعد دفعهم للتعويضات لضحايا لوكربي . والشركات العملاقة للعلاقات العامة تهتم بتسويق شخص أو شركة أو حزب او مرشح أو دولة خارجية عبر فبركة قصص جيدة أو سيئة عنها أو عن اعدائها. واحيانا لا تكون الحملة مستندة إلا على الأكاذيب وأحيانا يجري إستغلال أمر عادي لتضخيمه ولجعل الحملة ذات مصداقية نسبيا .
وأعطى المصدر مثالا على قدرة الحملات الأعلامية المدفوعة على الفعل بالتحول الدراماتيكي في شعبية الرئيس ساركوزي في فرنسا.
فـ " خلال اسبوع فقط تحول موقعه من سيء إلى جيد جدا في إستطلاعات الرأي الشعبية بفضل شركة علاقات عامة نشرت عنه سلسلة من المقالات وبثت سلسلة اخرى من التقارير المتلفزة نجحت في تبديل صورته السلبية عند الناخبين الفرنسيين وجعلتها إيجابية. وبعد أن كان إستطلاع جرى في النصف من شباط فبراير قد أظهر أن ساركوزي يحتل المركز الثاني خلف المرشح الإشتراكي – هولند – أظهر إستطلاع أخير قبل أيام أن ساركوزي يتمتع بدعم ثمانية وعشرين بالمئة من الناخبين المحتملين بينما يتمتع هولاند بأربعة وعشرين بالمئة من الناخبين المحتملين الذين ينوون المشاركة في الإنتخابات الرئاسية .
وكشف المصدر لعربي برس أن شكوكا قوية تحوم حول تمويل أمير قطر السخي لحملة ساركوزي الإنتخابية وهو الأمر الذي مكنّه من التقدم على غريمه الإنتخابي.
قدم ضابط إستخبارات فرنسي سابق قراءة شاملة للأوضاع في سورية على ضوء التطورات الميدانية والسياسية - الدولية والإقليمية المحيطة بدمشق والمتدخلة في أزمتها الراهنة.
الضابط السابق أصبح اليوم خبيرا يعتد برأيه في الشؤون الخاصة بمكافحة الإرهاب الوهابي وهو عمل في سورية ولبنان ومصر وفلسطين المحتلة طوال عقود ويتابع الشأن السوري من موقع عمله الحالي في إحدى المؤسسات الأهلية المعنية بالبحوث السياسية .
ورأى المصدر ، الذي لا يزال وثيق الصلة بالدوائر الرسمية الأمنية في باريس، بأن عناد " ألان جوبيه " الغير منطقي سياسيا في الملف السوري يؤكد شكوك الإستخبارات الفرنسية حول تأثر وزير خارجية فرنسا بصداقته الوثيقة – ذات المنافع - مع الشيوخ القطريين .
المصدر الذي عمل سابقا في مكتب العمليات التابع لمدير المخابرات الخارجية الفرنسية يرى بأن الأزمة السورية مرت بثلاث مراحل وهي تمر حاليا بمرحلة رابعة مختلفة عن سابقاتها:
المرحلة الأولى:
تمتد من تاريخ إنطلاق التظاهرات في درعا وحتى مجزرة جسر الشغور التي تبادل النظام والمعارضة المسؤولية عنها إلى أن إعترفت إحدى تشكيلات المعارضة الإسلامية المتطرفة أخيرا بإرتكابها في فيديو يظهر بوضوح بعض لقطات المعركة التي أدت إلى مقتل أكثر من مئة وعشرين عنصر من قوات الشرطة الأمنية السورية (ودوما بحسب تعبير المصدر الفرنسي) .
حتى تلك المرحلة كان النظام يعاني مشكلة في إثبات وجود مسلحين وفي تبرير مقتل المئات من المتظاهرين ظلما على يد قوات الأمن التي كانت ترد على حجارة المتظاهرين وعلى بعض رصاصاتهم الطائشة بالرصاص القاتل بدل إستعمال المعدات الحديثة لمواجهة الإحتجاجات العنيفة وهو الأمر الذي تحتاج إليه سورية بشدة ولم يزودها به أحد. كانت التظاهرات السلمية بشكل عام هي الأداة لإسقاط النظام ولكن فلتان المجموعات المسلحة الغير منضبطة عجل في معزوفة التدخل التركي العسكري لإقامة منطقة عازلة وقد جرى لجم الأمر إقليميا من خلال سرعة السوريين في فتح قنوات تعاون مع مناهضي أردوغان داخل المؤسسة الرسمية التركية وايضا من خلال الديبلوماسية النشطة لكل من الإدارتين الأيرانية والروسية .
المرحلة الثانية:
بدأت ذروتها مع شهر الصوم (شهر رمضان ) وبدأ إنحدارها بعد فشل المتظاهرين في الإستفادة من التجمعات الدينية اليومية لنقل الحراك إلى المدن الساكنة مثل حلب ودمشق . مع نهاية شهر رمضان بدأت الخطة العربية البديلة للضغط على النظام السوري من قبل الجامعة العربية لتحقيق أمرين ، أولهما سحب القوى الأمنية والسماح للتظاهرات بالسيطرة على المدن وهم ما لم يرضخ له النظام وبدلا عن ذلك سمحت خطة مخادعة في حسم عرين الثورة التاريخي في حماة التي كان يعول عليها سفراء فرنسا وأميركا لإشعال ثورة شعبية شاملة في كل الاراضي السورية تسعى لإنهاء النظام خلال اسابيع، فإنتهى الأمر إلى فشل كبير وجرى بعدها حراك ديبلوماسي يرافقه إطلاق لعمليات مسلحة كبيرة وترسيخ لفكرة عسكرة الأنتفاضة الشعبية على أرض الواقع وسعي حثيث لشق الجيش وتفتيت مؤسسات الدولة.
طرد العرب سورية من مجلس الجامعة ثم جرت محاولات تدويل الأزمة وايضا فشلت تلك المحاولات بالفيتو الروسي المزدوج والذي أقفل الطريق نهائيا على المحاولات الغربية والخليجية لفرض تدخل عسكري لم تتحمس له أميركا ولكنها لم تكن تمانع أن يقوم به غيرها ولو لمصلحتها الأكيدة بإسقاط النظام .
المرحلة الثالثة
بدأت بالسعي لخنق النظام إقتصاديا وبالسعي إلى إغراق النظام في بؤر أمنية متراصة تخلق ملاذا آمنا متعدد المواقع جغرافيا ليصبح للمنشقين موئل يهربون إليه وينطلقون منه لتحرير المناطق الأخرى من وجود النظام . ولكن نظام الرئيس السوري نجى من العسكرة بفوضى المسلحين وبترابط وبتماسك جيشه وقواته الأمنية وإقتصاديا نجى نسبيا بالشريان الإيراني – العراقي – الروسي – الهندي – الصيني فإنتهت تلك المرحلة مع دخول الجيش السوري إلى بابا عمرو من الزبداني وريف دمشق(...)
ويشرح المصدر مقاصده فيقول:
لو فشل الجيش النظامي في فك الطوق الريفي المسلح عن دمشق لما إستطاع النظام حسم معركة بابا عمرو بسهولة كلفت كثيرا من الدمار في البناء ولم تكلف كثيرا في الارواح على الجانبين. فمسلحو المعارضة في ريف دمشق كانوا يستعدون لدخول العاصمة في الوقت الذي كان مسلحو حمص يستعدون للإنطلاق منها لتحرير حماة والأتصال بالمسلحين في أدلب . لكن الجيش السوري حسم الأمر ووجه ضربات قوية جدا للمسلحين .
المرحلة الرابعة
هي التي وصلت فيها دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا والمانية إلى قناعة بأن الخلاص من نظام الرئيس بشار الأسد لن يحصل في القريب العاجل، وأن إدارة حرب عصابات بالوكالة ليست أمرا مضمون النتائج، وأن التسوية مع النظام بشروط تناسب الغرب أفضل من انتظار معجزة قطرية – سعودية قد تأتي ولكن على جناح أشباح الزرقاوي وبن لادن .
ويضيف المصدر:
فور إنتهاء النظام السوري من تنظيف المدن والارياف العصية عليه حاليا مثل إدلب وريف حلب (وهي آخر معاقل المسلحين الرئيسية) فإنه سيطلق صفارة الإنتقام من الدول التي قاتلت مع المسلحين بالمال والتدريب وبالتسليح لذا لا مصلحة لفرنسا ولا لحلفائها في الإستمرار في الحملة الغير مجدية على الأسد فالروس حسموا أمر بقائه ووقواته العسكرية تمسك بالاراضي السورية بشكل مطلق وهي قادرة على سحق المسلحين مهما قدمت لهم السعودية وقطر من أسلحة ومعدات سيصل كثير منها إلى عملاء النظام المندسين بين قيادات وقواعد المعارضة كسرطان المريء.
وحول الموقف الفرنسي والخليجي قال المصدر :
الخليجيون مصابون بهستيريا إسمها " إسقاط نظام بشار الأسد " وهم يريدون إسقاطه بأي ثمن، ولم يقتنعوا بعد بإستحالة هذا الأمر ما دامت التظاهرات السلمية لم تحقق تلك النتيجة، و أيضا لم تحققها الحصون المسلحة وسط الأحياء المدنية في حمص وفي قرى ومدن ريف دمشق ، والقطريون والسعوديون لا يزالون يراهنون على نتيجة قد تأتي بها تفجيرات وإغتيالات يرى فيها القطريون والسعوديون فرصة أخيرة لإنهاك النظام وصولا إلى إسقاطه .
ويتابع المصدر:
وأما الان جوبيه وزير خارجية فرنسا فهو يتصرف وكأنه تابع للقطريين ولا يقود السياسة الخارجية لدولة عظمى !
وكشف المصدر في حديثه لـ "عربي برس" أن لدى المؤسسة الفرنسية الأمنية الكثير من علامات الإستفهام التي تتابعها عن كثب حول العلاقة الوثيقة التي تربط بعض رجال الأعمال الفرنسيين المقربين من الان جوبيه بشيوخ قطر الأثرياء الذين دخلوا إلى الأسواق الفرنسية ببذخ مبالغ فيه هدفه تحقيق نفوذ سياسي دون حساب الخسائر أو الأرباح المالية .
وكشف المصدر بأن المخابرات الفرنسية تلقت هدايا "سورية كريمة جدا في الفترة الأخيرة " دون أن نسلفهم شيء كفرنسيين ورغم محاربة بعض المتطرفين الوهابيين في سورية باسلحة فرنسية دفعت ثمنها قطر ودربهم عليها خبراء فرنسيون من القطاع الخاص إستأجرتهم الدوحة (صواريخ ميلان الفرنسية التي دمرت دبابات سورية) .
وحول رأيه في نهاية قريبة أو بعيدة للأزمة السورية قال المصدر:
هناك حراك سياسي سوري - روسي – أميركي – إيراني – الماني وبريطانيا ليست بعيدة عنه هدف كل طرف منه تحقيق مصالحه القصوى عند ترتيب نهاية يراها عادلة له (كل طرف من أطراف التفاوض بالنار حاليا ) وهذه المرحلة الإنتقالية يحدد طول مدتها من قصره النظام السوري نفسه ، فهو سيتعرض في الفترة الحالية إلى معمودية دم ينوي القيام بها كل من حكام السعودية وقطر وحليفهم الروحي – تنظيم القاعدة بكل تلاوينه وفروعه التي يوحد صفوفها التوحش في الرغبة بإراقة الدماء المدنية بالنيابة عما يعتقدونه عقيدتهم الدينية، وذلك بهدف تخريب الإنجازات التي حققها السوريون على حساب المعارضة المسلحة .
الروس يريدون ثمنا والأميركيون يبحثون عن حصتهم والإيراني شريك مضارب للقوتين العظميين وهو يبحث أيضا عن مصالحه وأما التركي فشاعر يرمي ابيات الشهر وينتظر عطايا الملوك والأمراء (....)
ما الذي يمكن للنظام السوري أن يفعله في مواجهة الحرب القطرية السعودية بالإرهاب على دمشق ؟
يجيب المصدر :
الحسم النهائي ضد خلايا الإرهاب صعب ولكنه ليس مستحيل ويحتاج إلى وقت طويل، ولكن عمليات القتل الجماعي لن تفيد المعارضة بل ستجعل النظام يبدو ضحية للإرهاب مثله مثل المدنيين.
هل سيبقى الرئيس الأسد جزءا من الحل ؟
يجيب المصدر الفرنسي : للأسف على القطريين والسعوديين أن يستعدوا منذ الآن لإقامة حفلات مصالحة ودية مع الرئيس السوري (يسميها العرب تبويس لحى ) .
فأي حل لن يكون ممكنا إلا إذا وافقت عليه القوة العسكرية والشعبية التي يمثلها النظام الخاضع بكل مفاصله لسيطرة الرئيس السوري.
وعما يتوقعه من قطر والسعودية إضافة إلى دعمهما المعلن للعمليات الإرهابية قال المصدر :
الطرفان يتنافسان على تمويل الحركات الاصولية المتطرفة في سورية وكلتاهما ستعملان بقسوة على ملفات أمنية وإعلامية، التفجيرات الإرهابية والإغتيالات هدفها ضرب الشعور بالأمن لدى المناصرين للأسد ، وإستكمال ذلك سيجري في الساحة الإعلامية وبطريقة تستهدف الأسد شخصيا لإقناع مناصريه بأنه يوالون الشخص الخطأ .
واضاف المصدر: هذا التحرك الخليجي يمثل – الف باء الحرب الدعائية التي يتعلمها ضباط المخابرات المعنيين بالبروباغندا السوداء في الكليات المختصة.
ولماذا قطر والسعودية (والان جوبيه) هم المعاندون ؟
يقول المصدر :
إنه الإنتقام البدوي الفطري الذي يلاحق الثأر أو يخشى منه فيريد الإجهاز على الضحية حتى لا تتمكن من طلب الثأر في المستقبل ، كلا الدولتين لم تتعلما الدرس الأميركي من العراق ، حتى لو إحتل الغرب سورية كما إحتل الاميركيون العراق فالنصر يبقى أمرا غير مضمون ، لذا يسعى الأميركيون لإستغلال الوضع الحالي لمصلحتهم عبر الدخول في تفاوض طويل الامد يضمن ربحا معقولا للسياسات الأميركية في المستقبل .
أما الخليجيين فكل ما يطمحون إليه حالياً هو الإبقاء على حالة الفوضى في سورية ومنع الجيش النظامي من إستكمال الحسم الشامل، هذا أولاً.
أما ثانياً فهدفهم دفع المناصرين للرئيس السوري إلى الإنفكاك عنه، وهو الأمر الذي يفسر خروج وكالات دعاية وإعلان بريطانية بافكار جهنمية من مثل التعرض للحياة الشخصية للرئيس ولعائلته وللمقربين منه !
عربي برس سألت المصدر الفرنسي الخبير بالشؤون الأمنية عن صحة ما تنشره صحيفة الغارديان البريطانية من بريد ألكتروني تزعم أنها حصلت عليه من ناشطين سوريين فقال:
بعيدا عن صحة مضمون ما تنشره الصحف البريطانية من عدمه، ولكن الوسط الإعلاني وشركات العلاقات العامة الأوروبية والأميركية كانت تتنافس خلال الاشهر الستة الماضية بغاية الحصول على حسابات (عقود علاقات عامة) قطرية وسعودية لخدمة عملية شيطنة الرئيس السوري عبر الإعلام. وهذا الامر يعرفه كل الوسط الأمني والديبلوماسي في أوروبا وفي الولايات المتحدة. فمنذ وعت القيادتين السعودية والقطرية (ومعهما دول أوروبية وتركيا بالطبع) لحقيقة ثبات نسبة معينة من السوريين على موقفها المناصر (للرئيس) بشار الأسد ، سعت تلك الدول إلى دراسة الطرق الإعلامية والإعلانية الواجب إتباعها لتفريق مناصري الأسد المدنيين والعسكريين من حوله، وأول تلك الوسائل هو ما نراه حاليا من حملة إعلانية مدفوعة الثمن بدأتها إحدى شركات العلاقات العامة البريطانية (رفض تسميتها) ضد الرئيس السوري من خلال الصحافة البريطانية . وقد إختارت تلك الشركة في حملتها صحيفة بريطانية معروفة ببعدها عن الإثارة (الغارديان) لبدء الحملة المعدة جيداً والممولة بسخاء خليجي.
وعن كيفية حصول الحملات الإعلامية المدفوعة ضد رئيس ما وخاصة لو كان الأساس في الحملة هو بريد الكتروني يمكن زعم أي كان أنه البريد الشخصي لأي كان ؟
قال المصدر:
إنه أمر معروف في الغرب وخاصة في أميركا ، كل الأحزاب تشتري خدمات شركات علاقة عامة لتسويق صورتها عبر الصحافة المرئية والمكتوبة والمسموعة أو لتسويق فضائح حقيقية أو مفبركة لخصومها، و الدول الغنية تشتري خدمات تلك الشركات لتسويق سياساتها أمام الرأي العام الغربي أو لشن حملة لتشويه سمعة أعدائها في عيون الرأي العام. فعلت ذلك إسرائيل خلال الإنتفاضة الفلسطينية الأولى وخلال الإنتفاضة الثانية.
وعلى سبيل المثال دفع السعوديون مئات ملايين الدولارات لتسويق حملة إعلانية - إعلامية تبرأهم من مسؤولية هجوم الحادي عشر من ايلول – سبتمبر ، وكذا فعل الليبيون بعد دفعهم للتعويضات لضحايا لوكربي . والشركات العملاقة للعلاقات العامة تهتم بتسويق شخص أو شركة أو حزب او مرشح أو دولة خارجية عبر فبركة قصص جيدة أو سيئة عنها أو عن اعدائها. واحيانا لا تكون الحملة مستندة إلا على الأكاذيب وأحيانا يجري إستغلال أمر عادي لتضخيمه ولجعل الحملة ذات مصداقية نسبيا .
وأعطى المصدر مثالا على قدرة الحملات الأعلامية المدفوعة على الفعل بالتحول الدراماتيكي في شعبية الرئيس ساركوزي في فرنسا.
فـ " خلال اسبوع فقط تحول موقعه من سيء إلى جيد جدا في إستطلاعات الرأي الشعبية بفضل شركة علاقات عامة نشرت عنه سلسلة من المقالات وبثت سلسلة اخرى من التقارير المتلفزة نجحت في تبديل صورته السلبية عند الناخبين الفرنسيين وجعلتها إيجابية. وبعد أن كان إستطلاع جرى في النصف من شباط فبراير قد أظهر أن ساركوزي يحتل المركز الثاني خلف المرشح الإشتراكي – هولند – أظهر إستطلاع أخير قبل أيام أن ساركوزي يتمتع بدعم ثمانية وعشرين بالمئة من الناخبين المحتملين بينما يتمتع هولاند بأربعة وعشرين بالمئة من الناخبين المحتملين الذين ينوون المشاركة في الإنتخابات الرئاسية .
وكشف المصدر لعربي برس أن شكوكا قوية تحوم حول تمويل أمير قطر السخي لحملة ساركوزي الإنتخابية وهو الأمر الذي مكنّه من التقدم على غريمه الإنتخابي.