شرائح فلسطينية .. بالمايونيز
آخر ما توصل إليه الطهاة العرب في فن الطبخ، طبق جديد أطلقوا عليه اسم : (شرائح
فلسطينية .. بالمايونيز.(..
ولمن له اهتمامات بالتدبير المنزلي، ولمن له ولع بتحضير أطباق فاتحة للشهية، هذه هي
الراشيتة:
1المقادير: -
رطل ونصف من اللحم الفلسطيني المجلد (اللحم الفلسطيني الطازج مفقود منذ 15 أيار
1948 ) .. بصلتان كبيرتان. كباية سمن عربي ..ملعقتا طحين .. فلفل .. وقرفة .. وشطة
حمراء..
2الطريقة: -
يقطع اللحم الفلسطيني إلى شرائح رقيقة .. ويراعى في عملية التقطيع أن تكون الشرائح مأخوذة
من كل أجزاء الجسد الفلسطيني.. ويستحسن أن تكون الأضلاع من قطاع غزة .. والفخذ من
الضفة الغربية .. واللسان من الضفة الشرقية..
توضع (الطبخة) على نار الحطب لمدة ثلاثين عاماً .. ويضاف إليها كل عام .. قليل من النبيذ ..
إلى أن تذوب أنسجة اللحم ذوباناً تاماً .. بفعل النار .. والنبيذ .. ومرور الزمن..
يسكب الخليط في طبق كريستوفل .. ويزين بالبقدونس ، والفجل .. وخطابات الترحيب .. ويقدم
للمدعويين بعد أخذ مجموعة من الصور التذكارية .. للعشاء الأخير..
لم أكن بين المدعويين إلى العشاء الأخير..
فأنا لا أملك ربطة عنق سوداء .. ولا حذاء لماعاً .. ولا وجهاً من الشمع أستعمله في المناسبات
الرسمية..
ولكن الذين حضروا الحفلة ، وذاقوا الطعام، قالوا لي إن طعم اللحم الفلسطيني كان شديد
المرارة .. وإنه رغم مرور ثلاثين عاماً على وضعه على النار .. بقي نيئاً .. وإن ديكور
البقدونس ، والنعناع ، والفجل الأحمر .. لم يكن كافياً لمنع الفلسطنيين من أن يخرجوا بملابسهم
المرقطة، وكلاشينكوفاتهم، من داخل الطبق اليومي.
لم أكن حاضراً حفلة (ختان) .. فلسطين.
ولكن رئيس الخدم وصف لي كيف كانت عيون الأطفال الفلسطينيين تعوم على سطح النبيذ
الأحمر .. وكيف كانت أصابعهم تنقر على زجاج الكؤوس .. وكيف كانت شرائح اللحم الفلسطيني
تتجمع من ركام المخيمات المضروبة ، وتتعانق، ويكمل بعضها بعضاً.. كما تتلاقى أجساد العشاق
يوم القيامة..
في العشرينات من هذا القرن، كان الإستعمار القديم يمزق العالم العربي .. ليحكم..
في السبعينات من هذا القرن ، انتقلت وظيفة الإستعمار إلينا ..
صار العربي يمزق العربي .. ليحكم..
أصبح لدينا فلسطيني أبيض .. وفلسطيني أحمر .. وفلسطيني بنفسجي .. إلى آخر قائمة ألوان
الطيف..
ومدن فلسطين الطيبة .. الوديعة .. المغلوبة على أمرها هي الأخرى أصبحت مقسمة إلى فئات..
فمثلما هناك برلين شرقية .. وبرلين غربية..
سوف يكون لنا عكا شرقية وعكا غربية .. ورام الله شرقية ورام الله غربية .. وعريش شرقية
وعريش غربية..
وبالطبع سيكون هناك نقاط حدود .. ومراكز أمن عام . وجمارك ، ودوريات تفتيش .. وبيارق
عربية من الحرير الأصلي ترفرف على الجانبين..
أي أنك لكي تشتري قطعة صابون من نابلس .. فعليك أن تجتاز بوابتين .. وتضرب سلاماً
لبيرقين .. وتتكلم اللغة العربية بلهجتين .. وتنطق أمام حرس الحدود بالشهادتين..
عرف عن العرب أنهم بارعون في كتابة الخط الكوفي وصناعة الفسيفساء .. كما عرف عنهم
أنهم استطاعوا أن يتوصلوا إلى تشكيلات لونية وزخرفية تصل إلى حد الإعجاز..
لقد كنت دائماً (أدوخ) عندما أدخل قاعات قصر الحمراء في غرناطة.. وأتساءل كيف استطاعت
هذه الأصابع العربية الماهرة تحويل الحجر إلى دانتيل .. والآيات القرآنية وقصائد الشعر إلى
مطرزات جميلة أين منها مطرزات شانغهاي وفلورنسه والبندقية..
واليوم تعاودني (الدوخة) مرة أخرى .. وأنا أقرأ عن) الفسيفساء الفلسطينية.(
من كان يتصور أن الفلسطينيين يمكن أن يتحولوا ذات يوم إلى سيراميك .. على يد مهندسي
السياسة العربية ومصممي ديكوراتها ؟
للمرة الأولى أسمع أن هناك (أجناساً) فلسطينية لا جنسا واحداً . وللمرة الأولى أسمع أن خصائص
النوع الفلسطيني ليست خصائص موحدة..
وللمرة الأولى أسمع أن جمجمة إنسان القدس هي غير جمجمة إنسان حيفا .. وأن عدد أضراس
إنسان الضفة الغربية يزيد على عدد أضراس إنسان الضفة الشرقية.. وأن اتساع الحوض لدى
المرأة النابلسية مختلف عن اتساع الحوض لدى المرأة الغزاوية.
إن معلوماتي الطبية ضعيفة.. وليس لي اطلاع واسع على علم السلالات والأنواع .. لكنني
أعرف بحكم تجربتي وصداقاتي ، أن أصابع اليد اليمنى لغسان كنفاني ، تشابه في طولها ..
ونحولها .. وحرارتها .. وتشنجها .. أصابع اليد اليمنى لكمال ناصر .. وأن الهياكل العظيمة
لجميع ثوار العالم تأخذ بعد الموت شكلاً واحداً...
إن كل مطعم عربي يقدم لزبائنه (الشرائح الفلسطينية بالمايونيز (.. هو مطعم يبيع اللحم الحي في
السوق السوداء..
إن الثورة الفلسطينية لا تؤكل بمثل هذه السهولة..
ولا أحد .. لا أحد.. لا أحد .. يستطيع أن يدفنها تحت طبقة من المايونيز..
my story so far
اني رسول الحب..
أحمل للنساء مفاجآتي
لو أنني بالخمر .. لم أغسلهما
ماكانا على قيد الحياة..نهداك
فإذا استدارت حلمتاك
فتلك أصغر معجزاتي ..
آخر ما توصل إليه الطهاة العرب في فن الطبخ، طبق جديد أطلقوا عليه اسم : (شرائح
فلسطينية .. بالمايونيز.(..
ولمن له اهتمامات بالتدبير المنزلي، ولمن له ولع بتحضير أطباق فاتحة للشهية، هذه هي
الراشيتة:
1المقادير: -
رطل ونصف من اللحم الفلسطيني المجلد (اللحم الفلسطيني الطازج مفقود منذ 15 أيار
1948 ) .. بصلتان كبيرتان. كباية سمن عربي ..ملعقتا طحين .. فلفل .. وقرفة .. وشطة
حمراء..
2الطريقة: -
يقطع اللحم الفلسطيني إلى شرائح رقيقة .. ويراعى في عملية التقطيع أن تكون الشرائح مأخوذة
من كل أجزاء الجسد الفلسطيني.. ويستحسن أن تكون الأضلاع من قطاع غزة .. والفخذ من
الضفة الغربية .. واللسان من الضفة الشرقية..
توضع (الطبخة) على نار الحطب لمدة ثلاثين عاماً .. ويضاف إليها كل عام .. قليل من النبيذ ..
إلى أن تذوب أنسجة اللحم ذوباناً تاماً .. بفعل النار .. والنبيذ .. ومرور الزمن..
يسكب الخليط في طبق كريستوفل .. ويزين بالبقدونس ، والفجل .. وخطابات الترحيب .. ويقدم
للمدعويين بعد أخذ مجموعة من الصور التذكارية .. للعشاء الأخير..
لم أكن بين المدعويين إلى العشاء الأخير..
فأنا لا أملك ربطة عنق سوداء .. ولا حذاء لماعاً .. ولا وجهاً من الشمع أستعمله في المناسبات
الرسمية..
ولكن الذين حضروا الحفلة ، وذاقوا الطعام، قالوا لي إن طعم اللحم الفلسطيني كان شديد
المرارة .. وإنه رغم مرور ثلاثين عاماً على وضعه على النار .. بقي نيئاً .. وإن ديكور
البقدونس ، والنعناع ، والفجل الأحمر .. لم يكن كافياً لمنع الفلسطنيين من أن يخرجوا بملابسهم
المرقطة، وكلاشينكوفاتهم، من داخل الطبق اليومي.
لم أكن حاضراً حفلة (ختان) .. فلسطين.
ولكن رئيس الخدم وصف لي كيف كانت عيون الأطفال الفلسطينيين تعوم على سطح النبيذ
الأحمر .. وكيف كانت أصابعهم تنقر على زجاج الكؤوس .. وكيف كانت شرائح اللحم الفلسطيني
تتجمع من ركام المخيمات المضروبة ، وتتعانق، ويكمل بعضها بعضاً.. كما تتلاقى أجساد العشاق
يوم القيامة..
في العشرينات من هذا القرن، كان الإستعمار القديم يمزق العالم العربي .. ليحكم..
في السبعينات من هذا القرن ، انتقلت وظيفة الإستعمار إلينا ..
صار العربي يمزق العربي .. ليحكم..
أصبح لدينا فلسطيني أبيض .. وفلسطيني أحمر .. وفلسطيني بنفسجي .. إلى آخر قائمة ألوان
الطيف..
ومدن فلسطين الطيبة .. الوديعة .. المغلوبة على أمرها هي الأخرى أصبحت مقسمة إلى فئات..
فمثلما هناك برلين شرقية .. وبرلين غربية..
سوف يكون لنا عكا شرقية وعكا غربية .. ورام الله شرقية ورام الله غربية .. وعريش شرقية
وعريش غربية..
وبالطبع سيكون هناك نقاط حدود .. ومراكز أمن عام . وجمارك ، ودوريات تفتيش .. وبيارق
عربية من الحرير الأصلي ترفرف على الجانبين..
أي أنك لكي تشتري قطعة صابون من نابلس .. فعليك أن تجتاز بوابتين .. وتضرب سلاماً
لبيرقين .. وتتكلم اللغة العربية بلهجتين .. وتنطق أمام حرس الحدود بالشهادتين..
عرف عن العرب أنهم بارعون في كتابة الخط الكوفي وصناعة الفسيفساء .. كما عرف عنهم
أنهم استطاعوا أن يتوصلوا إلى تشكيلات لونية وزخرفية تصل إلى حد الإعجاز..
لقد كنت دائماً (أدوخ) عندما أدخل قاعات قصر الحمراء في غرناطة.. وأتساءل كيف استطاعت
هذه الأصابع العربية الماهرة تحويل الحجر إلى دانتيل .. والآيات القرآنية وقصائد الشعر إلى
مطرزات جميلة أين منها مطرزات شانغهاي وفلورنسه والبندقية..
واليوم تعاودني (الدوخة) مرة أخرى .. وأنا أقرأ عن) الفسيفساء الفلسطينية.(
من كان يتصور أن الفلسطينيين يمكن أن يتحولوا ذات يوم إلى سيراميك .. على يد مهندسي
السياسة العربية ومصممي ديكوراتها ؟
للمرة الأولى أسمع أن هناك (أجناساً) فلسطينية لا جنسا واحداً . وللمرة الأولى أسمع أن خصائص
النوع الفلسطيني ليست خصائص موحدة..
وللمرة الأولى أسمع أن جمجمة إنسان القدس هي غير جمجمة إنسان حيفا .. وأن عدد أضراس
إنسان الضفة الغربية يزيد على عدد أضراس إنسان الضفة الشرقية.. وأن اتساع الحوض لدى
المرأة النابلسية مختلف عن اتساع الحوض لدى المرأة الغزاوية.
إن معلوماتي الطبية ضعيفة.. وليس لي اطلاع واسع على علم السلالات والأنواع .. لكنني
أعرف بحكم تجربتي وصداقاتي ، أن أصابع اليد اليمنى لغسان كنفاني ، تشابه في طولها ..
ونحولها .. وحرارتها .. وتشنجها .. أصابع اليد اليمنى لكمال ناصر .. وأن الهياكل العظيمة
لجميع ثوار العالم تأخذ بعد الموت شكلاً واحداً...
إن كل مطعم عربي يقدم لزبائنه (الشرائح الفلسطينية بالمايونيز (.. هو مطعم يبيع اللحم الحي في
السوق السوداء..
إن الثورة الفلسطينية لا تؤكل بمثل هذه السهولة..
ولا أحد .. لا أحد.. لا أحد .. يستطيع أن يدفنها تحت طبقة من المايونيز..
my story so far
اني رسول الحب..
أحمل للنساء مفاجآتي
لو أنني بالخمر .. لم أغسلهما
ماكانا على قيد الحياة..نهداك
فإذا استدارت حلمتاك
فتلك أصغر معجزاتي ..