لم تكن قارات العالم خمساً كما هو معروف عليه الآن, بل كانت ثماني قارات إذ تشير أخبار القديم من الزمن إلى وجود قارات ومدن وحضارات اختفت بأكملها في ظروف غامضة وغابت في أعماق المياه, وقد اعتبر ذلك هزلاً, حتى بدأت تشير الأحداث إلى احتمال صحته بعد أن اكتشف الملاح (آرثر شليمان) عام 1870م بقايا مدينة اختفت عن الوجود بعد أن غمرتها المياه هي مدينة (تروى) التي ذاع صيتها في الماضي البعيد, والأنباء عن الأراضي المفقودة كثيرة أشهرها اختفاء ثلاث قارات هي:
اطلانتس وقارتا مو وليموريا, ويرجع الحديث إلى اطلانتس في القرن الرابع ق.م, حيث يذكر المؤرخ القديم بلاتو الذي عاش في تلك الفترة أن القارة موجودة في خضم البحر المتوسط ويقصد به المحيط الأطلنطي تجاه اسبانيا من ناحية الغرب, كما ورد ذكرها في محاورات أفلاطون حوالى 335 ق.م, ففي محاورته الشهيرة باسم (تيماوس) يحكي (كريتياس) أن الكهنة المصريين استقبلوا (صولون) في معابدهم, وهذه حقيقة تاريخية, بعد ذلك أخبروا صولون عن قصة قديمة تحويها سجلاتهم تقول:
إن هناك امبراطورية عظيمة تعرف باسم أطلانتس, تحتل قارة هائلة خلف أعمدة هرقل (مضيق جبل طارق حالياً) وهي أكبر من شمال إفريقيا وآسيا الصغرى مجتمعتين وخلفها سلسلة من الجزر تربط بينها وبين قارة ضخمة أخرى, وقد وصفها كريتياس بأنها جنة الله سبحانه على الأرض, تنمو كل النباتات والخضراوات والفواكه فيها, تحيا كل الحيوانات والطيور عليها, تنفجر فيها ينابيع المياه الحارة والباردة, وشعبها من أرقى الشعوب وأعظمها.
في سنة (1882) تجدد ذكر القارة المفقودة مرة أخرى, حين صدر كتاب اطلانتس قبل الطوفان للكاتب والسياسي الأمريكي (دونلي) الذي يشير فيه بناء على افتراضات جيولوجية وتاريخية إلى وجود هذه القارة في يوم من الأيام, وقيام حضارات مزدهرة على أرضها, واختفائها عن الوجود وبعد أن غمرها الطوفان, وقد لاقت فكرة هذا الكتاب قبولاً واسعاً واستمرت بعد ذلك صدور كتب تحكي عن اطلانتس ومستقبلاً تصوير أفلام سينمائية.
اختلف العلماء في حقيقة اطلانتس فقد أشار أحدهم إلى أنها أمريكا, وأكد آخر أن الجزر البريطانية هي جزء من اطلانتس, في حين اقترح البعض الأخر وجودها في السويد أو المحيط الهندي وحتى القطب المتجمد الشمالي, وروايات أخرى تقر بوجودها في بحر (إيجة) عندما عثر هناك على مدينة مدفونة تحت ركام بركاني كثيف.
وهناك اكتشافات عن وجود القارة, فقد عثر في مدينة بيترسبورغ الروسية على مخطوطة تشير إلى ارسال الفرعون بعثة إلى الغرب بحثاً عنها, وجود سلسلة جبال في مقر المحيط الأطلنطي غرب مضيق جبل طارق صورتها بعثة روسية بواسطة غواصة, عثور الباحثين بالقرب من سواحل فنزويلا على سور طوله أكثر من 120 كم في أعماق المحيط, هذا وشاهدت ماسحة محيطات فرنسية درجات سلم منحوتة في القاع بالقرب من بورتوريكو, بالإضافة إلى العثور على خارطة في سنة 1929 محفوظة في مكتبة مجلس الشيوخ الأمريكي تظهر اسم وموقع قارة أطلانتس على الخارطة.
إن اختفاء حضارات وبلاد ليس غريباً على البشرية جمعاء, ففي حوالى سنة 1400 ق.م انهدمت جزيرة (ثيرا) بالبحر المتوسط بعد أن انفجر بها بركان مروع وغطتها بالمياه, ما أدى إلى زوال حضارة (مينون) المزدهرة التي قامت على جزيرة كريت, لذلك فاختفاء اطلانتس أو غيرها ليس مستبعداً ولا يزال الأمر غامضاً يتأرجح بين الحقيقة والخيال.