تحذير من خطر إفلاس مصارف سورية بسبب تمويل قروض طويلة الأجل من ودائع قصيرة
اقتصادي: هذه مشكلة كبيرة جدا للمودع
والبنك لما يؤديه من نقص في السيولة
بين تقرير صادر عن مؤسسة التمويل الدولية أن "المصارف السورية
تستخدم الودائع قصيرة الأجل لتمويل القروض طويلة الأجل ذات الفائدة الثابتة", محذرا
من أن "هذا ينطوي على قدر كبير من المخاطرة التي يمكن أن تقود إلى أزمة حادة في
السيولة والى الإفلاس في نهاية المطاف".
ودعا التقرير, الذي نشرته صحيفة محلية, مجلس النقد والتسليف إلى
"التعاون مع مصرف سورية المركزي لإرساء تمييز واضح بين معدلات الفائدة المستحقة على
الودائع بالعملة السورية، وذلك بناء على الآجال المختلفة لهذه الودائع، مع تشديد
خاص على تشجيع الاستثمار طويل ومتوسط الأجل والإقلال من الادخار قصير الأجل".
من جهته، قال الباحث الاقتصادي نهاد حيدر لـسيريانيوز إن " مجلس
النقد والتسليف قام خفض مؤخرا الفوائد على الودائع تحت الطلب أو قصيرة الأجل جدا،
تخفيضا كبيرا, وهذه السياسة تهدف إلى تحريك الاستثمار، لكن هذا لم يغير فعليا من
بنية الودائع في المصارف, فبقيت الكتلة الكبيرة من الودائع في المصارف ودائع تحت
الطلب".
وأوضح أن "الودائع هي اللبنة الأساسية التي تعتمد عليها المصارف
في التوظيف، والتوظيفات الاستثمارية في سورية تتطلب أجالا طويلة، ما يدفع المصارف
إلى تمويل القروض طويلة الأجل من الودائع قصيرة الأجل".
وتابع حيدر أن "هذه مشكلة كبيرة جدا للطرفين؛ المودع وللبنك,
لما يؤديه من نقص في السيولة، فالبنك عبر هذا التمويل يستنزف سيولته وبالتالي يفتقد
القدرة على مجابهة الطلب غير المتوقع على الودائع، وبالنسبة للمودع الذي لم يعد
البنك قادر على منحة السيولة حينما يريد تحريكها، وهنا تصبح الأزمة مزدوجة، ولهذا
يجب أن تكون مدة التوظيف متناسبة مع مدة الودائع".
من جهة ثانية, دعا تقرير مؤسسة التمويل الدولية إلى أن "يسمح
مجلس النقد والتسليف للمصارف العامة والخاصة بالاتجار بشهادات الإيداع بين البائعين
والمشترين المستعدين لذلك إن وجدوا, نظرا لغياب سوق رأس المال".
وحول هذه النقطة, قال حيدر إن " شهادات الإيداع حاليا هي لمدد
وبأسعار فائدة محددة، أي ثابتة لم تتغير، في حين يمكن الاستفادة منها ليس فقط
بتداول شهادات الإيداع، بل يمكن أن تصبح شهادات الإيداع كالأسهم في سوق الأوراق
المالية، بحسب الطلب عليها الخاضع للمدة وسعر الفائدة، بل أكثر من ذلك فشهادات
الإيداع لها ميزة كبيرة جدا وهي أن تصبح موضع للتوظيف، أي أن يقوم المصرف بإقراض
أحد المستثمرين بضمانة شهادة الإيداع".
كما أوصى التقرير بأن "يتم اللجوء مستقبلا إلى شراء وبيع
الديون، كمصدر تمويل خارجي مهم للشركات الصغيرة والمتوسطة"، معتبرا أن "شراء الدين
ليس بالمنتج المستعجل حاليا ويمكن أن يكون لاحقا في المرحلة القادمة وليس الآنية،
وذلك رغم أن إدخاله يمكن أن يسهل تطور ونمو الشركات الصغيرة والمتوسطة في سورية على
المدى المتوسط".
ولفت حيدر إلى أنها "فكرة شراء وبيع الديون جيدة، لأنها تؤدي
إلى غربلة الزبائن والقروض، وحاليا قابلة للتطبيق بعد التوجه إلى إنهاء حالة التخصص
المصرفي التي كانت متواجدة في سورية وهو مبدأ متعامل به في معظم دول العالم".
وخضع النظام المصرفي في سورية لعقود لنظام التخصص المصرفي كأن
يكون المصرف تجاري أو صناعي أو زراعي، ما يحد من توسع أعمال المصارف, في حين بدأت
المصارف في الفترة الأخيرة التحول إلى مصارف عامة تقدم مختلف الخدمات في شتى
القطاعات.
وتأتي توصيات مؤسسة التمويل الدولية نتيجة دراسة حول عدد من
المؤسسات والمنتجات المالية الجديدة التي يمكن إدخالها أو إقامتها في سورية.
وبين الخبراء عبر التقرير أن "تنفيذ هذه الخيارات يتطلب زخما
أطول أو قد يتطلب إيجاد إطار تشريعي أو تنظيمي ملائم".
ورأى حيدر أن "الخطوات التي قطعت في تطوير النظام المالي في
سورية إلى الآن هي خطوات مقبولة، والآن وصلنا إلى مراحل حساسة وجيدة، قطعنا المرحل
الأولى البدائية، وبدأت تدخل المصارف السورية إلى سوق الأوراق المالية وهذا شيء
جيد، ونحن في سورية نتبع سياسة الخطوة خطوة وهي سياسة مقبولة".
وأشار إلى أنه "يجب أن ننتظر حتى تظهر النتائج جليا, وخاصة في
ظل الأزمة الاقتصادية العالمية, التي كان أحد أسبابها هو التوظيف طويل الأجل من
الودائع قصيرة الأجل، هذه إحدى التجاوزات المرتكبة من قبل بعض البنوك العالمية ".
ويشهد العالم أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ 80 عاما، حسب بعض
الاقتصاديين، بدأت بأزمة ائتمان بنكية وانعكست بأزمة الرهن العقاري الأمريكي، ما
سبب انهيار كبرى المؤسسات المالية وتفشي الكساد في كثير من دول العام، وخسارة
ملايين الأشخاص لوظائفهم.
رواد بلان - سيريانيوز