منتدى فور جامعة 4jam3a - طلاب كلية اقتصاد طرطوس

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنتدى الطلابي الأول في طرطوس .. والحاضر يعلم الغايب


    الثنائي دوبتشيك ...هافل....جوزيف سماحة (1)

    علي
    علي
    جامعي جديد


    ذكر
    عدد المساهمات : 109
    العمر : 36
    المكان : طرطوس
    المزاج : شيييييييييييييييي... ما......شيييييييييييييييييييي
    السنة الدراسية : 4
    المستوى : 0
    نقاط : 202
    تاريخ التسجيل : 08/10/2008

    الثنائي دوبتشيك ...هافل....جوزيف سماحة (1) Empty الثنائي دوبتشيك ...هافل....جوزيف سماحة (1)

    مُساهمة من طرف علي الجمعة أكتوبر 17, 2008 12:49 am

    [size=18]الحد الادنى من الاخلاق يقود الى المعارضة الشاملة


    فاكلاف هافل: من المسرح إلى السجن إلى رئاسة تشيكوسلوفاكيا


    في يوم واحد اقترع البرلمان التشيكوسلوفاكي مرتين: مرة لتنصيب ألكسندر دوبتشيك رئيساً له، والثانية لتعيين فاكلاف هافل رئيساً للجمهورية(*). أنهى الأول، بذلك، عزلة قسرية عمرها عشرون عاماً. وتحوّل الثاني، من سجين سياسي سابق، إلى الرجل الأول في الدولة. وليس سراً أن البرلمان إيّاه هو إحدى المؤسسات العازلة لدوبتشيك والساجنة لهافل. ومع ذلك تراجع ضغط "الثورة المخملية" واستدار بالكامل لتكريم خصوم الأمس... وبالإجماع!
    إذا عدنا عشرين سنة إلى الوراء، أي إلى العام 1969، نجد أن الرجلين جمعهما موقف واحد: رئيس كان يحاول الإصلاح من أجل إسباغ "الوجه الإنساني" على النظام الاشتراكي، ومثقف يحاول، من موقعه، دعم هذه الوجهة. لقد أدى إفشال هذا المشروع إلى انسحاب الأول من الحياة السياسية، واستمرار الثاني في دفاعه عن المبادئ نفسها. في تلك الأيام، بعد إسقاط "ربيع براغ" في 1968، وجملة التطورات التي تلت ذلك، أرسل هافل رسالة إلى دوبتشيك، وهو يقول، اليوم، إنه واثق أنها وصلته.
    يقول هافل في كتابه "استجواب من بعيد" (كناية عن حوار طويل أجراه معه صحافي تشيكوسلوفاكي وصدر قبل أسابيع بالفرنسية)، يقول إنه وجد نسخة من هذه الرسالة. ويمضي متذكّراً تلك المرحلة ليشير أنه أصيب بقلق كبير عشية إعلان دوبتشيك عن موقفه: هل يقوم بالنقد الذاتي المفروض عليه أو يضع نهاية شريفة لدوره السياسي؟ وبما أن هافل كان يخشى أن يتغلّب ـ لدى دوبتشيك، الولاء العميق للحزب فقد حاول التدخل لديه لإقناعه بانتهاج سلوك آخر. قال له إنه من الأهمية بمكان، لمستقبل الأمة والاشتراكية، أن يبقى أميناً لنفسه في وقت لم يعد يملك شيئاً يفقده. أضاف "أن عملاً مستوحى من الهموم الأخلاقية، ولو من دون أمل في إحداث أثر سياسي مباشر، يمكنه أن يكتسب قيمة مع الزمن". ولكن يبدو أن دوبتشيك، بهذه الرسالة أو من دونها، كان قد اتخذ قراره. لقد انسحب بهدوء وخجل من الحياة السياسية. وانتظر عشرين عاماً قبل أن يضفي الزمن قيمة على عمله ليعود، بالصخب المعروف، ومع فاكلاف هافل، إلى قمة السلطة في براغ المتحولة!


    القوى الصاعدة

    يمثّل الثنائي دوبتشيك ـ هافل عيّنة عن الطاقم الصاعد إلى الحكم في عواصم أوروبا الشرقية والوسطى: شيوعيين سابقين إصلاحيي النزعة ومثقفين معارضين ذوي همّ أخلاقي ـ اجتماعي. والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى. هذا النوع من القيادات هو الذي قاد تحول الحزب الشيوعي الهنغاري إلى حزب اشتراكي. وهو الذي يقود، اليوم، الأحزاب المتفرعة عن الحزب الشيوعي البلغاري. وفي رومانيا ليست "جبهة الخلاص الوطني"، أولاً، ثم "الجبهة المؤقتة للوحدة الوطنية" إلاّ تعبيراً، ولو غير موفق تماماً، عن هذا اللقاء. في ألمانيا الشرقية أعلن الشيوعيون أنفسهم اشتراكيين تمهيداً للانتخابات التشريعية في 18 آذار (مارس) التي يتوقع للحزب الاشتراكي الديمقراطي أن يفوز فيها. وفي بولونيا، أيضاً، انشق حزب العمال الموحّد (الشيوعي) إلى حزبين، اشتراكيين ديمقراطيين لا يختلفان سوى في أن الأصغر بينهما يريد أن يكون أكثر اشتراكية ديمقراطية من الأكبر. وحتى في قيادة "تضامن" نجد أن أبرز القيادات كانت شيوعية سابقة قبل أن تخفف غلوائها باتجاه الأفكار الاشتراكية: جيريميك، كورون، ميتشنيك. وحتى إذا كان رئيس الوزراء تاديوس مازوفيتسكي ينفذ سياسة ليبرالية فهو يفعل ذلك اضطراراً من دون أن ينسى ماضيه المسيحي اليساري والأفكار التي تربى عليها، ولقد، كان ملفتاً للنظر أن ينبري ليش فاليسا عشية انعقاد المؤتمر الاستثنائي للحزب الشيوعي ليطالب بانبعاث تيار يساري إصلاحي قوي يمنع بولونيا "التي لا يمكنها إلاّ أن تسير على قدمين" من الانزلاق القوي في اتجاه اليمين!
    لا يعني ما تقدم أن موجات التغيير في أوروبا الشرقية كانت كلها من هذه الطبيعة. ثمة انبعاث، أيضاً، لتيارات يمينية ويمينية متطرفة ولكنها تعاني من مشكلة الأحزاب الشيوعية نفسها. فهذه الأخيرة، بالرغم من تحولها، لن تستطيع التهرّب من دفع ثمن الماضي القريب. وكذلك فإن الأحزاب اليمينية واليمينية المتطرفة سوف تدفع ثمن ماضيها الأبعد. لقد كان معظم هذه الأحزاب حاكماً في بلدانه بين الحربين وتميّز بفرض الديكتاتورية من جهة (باستثناء تشيكوسلوفاكيا) وبالتعاون مع النازية من جهة أخرى. ولذلك فإن عودته إلى الحياة لا تثير حماس مواطنيه في حين أنها تثير حفيظة الرأي العام الغربي (والقوى السياسية أيضاً) الذي لا يجد فيها انعكاساً لديمقراطيته وليبراليته، على علاتهما.
    وتعطي ألمانيا مثلاً واضحاً على ما نقول. ففي الشرق يحاول الحزب الجمهوري الغربي ذو الاتجاهات النازية أن يثبت قدميه من دون أن ينجح. وكذلك يحاول هلموت كول بث الحياة في جسم التيار الديمقراطي المسيحي اليميني فيفشل لأسباب كثيرة منها أن الحزب المذكور أمضى عقوداً من الزمن في تحالف متين مع الشيوعيين!
    هذه الخارطة الجديدة، وغير النهائية طبعاً، للوضع السياسي في أوروبا الشرقية تفسّر هذا النوع من الإحباط الذي أصيب به اليمين الأوروبي الغربي. لقد كانت مارغريت تاتشر شديدة الحماس لإسقاط الأنظمة الشيوعية ولكن حماسها خفّ بعدما تبلورت البدائل المتوقعة. وما يقال عنها يقال عن اليمين الفرنسي الذي يسجل فشلاً ذريعاً في توظيف أحداث أوروبا الشرقية في السجال مع الحزب الاشتراكي الحاكم فلا يجد أمامه سوى الإمعان في التهجّم على حزب شيوعي مهمش أصلاً. وهلموت كول نفسه يضع يده على قلبه خوفاً من أن يعزز فوز الاشتراكيين الديمقراطيين شرقاً في انتخابات آذار (مارس) اتجاه الألمان الغربيين للتصويت للاشتراكيين الديمقراطيين في انتخابات كانون الأول (ديسمبر) 1990. وهو أمر، إذا حصل، لن يكون أقل من انقلاب "السحر" على الساحر!


    هافل والاشتراكية والرأسمالية

    بهذا المعنى يشكل الثنائي دوبتشيك ـ هافل، على الخلافات بينهما، عيّنة عن القوى الجديدة في أوروبا الشرقية، أو عن بعضها الأقوى، على الأقل.
    وإذا كانت أفكار الرئيس التشيكوسلوفاكي السابق معروفة فإن الكثيرين يدهشون عند التعرّف على أفكار الرئيس التشيكوسلوفاكي الحالي. وليست الدهشة مدعاة للسرور عند الجميع، لا بل إن هناك مَن يكتم غيظه ويتجاهل الجوانب الفكرية والسياسية عند هافل ليتوقف فقط أمام مسرحياته وكتاباته الأدبية! (رسمت منشورتان عربيتان صورة شخصية لهافل فإذا به كاتب مسرحي من الطراز الأول لم يسبق له أن تعاطى السياسة أو كتب فيها أو أدلى بوجهات نظر في قضاياها!).
    عندما يُسأل هافل "هل أنت اشتراكي؟"، يجيب: "اعتبرت نفسي، باستمرار، اشتراكياً. ولكن فقدان هذه الكلمة لمعناها والاستخدامات التي تعرّضت لها تجعل أفكاري تضطرب". يضيف: "الاشتراكية، بالنسبة لي، هي موقف إنساني، أخلاقي، عاطفي". نعم، يعتبر هافل نفسه اشتراكياً ويؤسس لذلك على نقد جذري لكل من النظامين الشيوعي والرأسمالي الليبرالي. فالغرب، في رأيه، "يجتاز، مثل بلدان الشرق، أزمة متشابهة، لا بل متماثلة تماماً". أكثر من ذلك يرى هافل في بعض جوانب الأزمة الاشتراكية تطويراً للجانب المأزوم في الرأسمالية. والمثال الذي يقدمه على ذلك هو "التأميم الاشتراكي". لا يقف ضد التأميم الشامل دفاعاً عن الملكية الخاصة، والمبادرة الفردية، ودور رأس المال في الإنتاج. يقف ضده لأنه يعتبره استكمالاً لفصل المنتج عن إنتاجه، هذا الفصل الموجود أصلاً في النظام الرأسمالي والذي يصل في "الاشتراكية الواقعية"، إلى ذروة غير مسبوقة. "الاستلاب" في رأي هافل، "كان رأسمالياً في البداية. وكذلك لا يمكن لعودة الرأسمالية أن تكون الحل. إن أخطر ما نواجهه هو أن كل ما نقوم به يضيع معناه".
    لا ينكر هافل أن تكون الرأسمالية أكثر ربحية فهذا، في رأيه، ثانوي جداً. لكنه يستدرك قائلاً إن الوضع في الشركات الرأسمالية العملاقة، بالنسبة للعامل، أسوأ منه في المؤسسات الاشتراكية. صحيح أن الألوان الخارجية للرأسمالية زاهية وأن الاشتراكية، تنويعات على الرمادي. "ولكن الحياة، في أي منهما، هي صحراء وفقدت معناها".
    المطالعة التي يقوم بها هافل نقداً لفصل المنتج عن إنتاجه، أي عن حياته ومصيره، يمكن أن نجدها في كتابات ماركسية عديدة، بدءاً بكتابات ماركس نفسه، ولكن ميزة هافل، أو جديده، هي أنه يعاينها في نظام يدّعي الاشتراكية ويعجز حتى عن ضمان مردودية مقنعة. وعلى هذا الأساس فإن تفوّق نظام على آخر كامن في أن أحدهما يعتمد الديمقراطية السياسية، والتعددية، ورقابة الرأي العام، في حين يقوم الثاني على حكم الحزب الواحد وإلغاء الحريات واعتماد الكذب اليومي عدّة فكرية لا عدّة غيرها ولا حماية لها غير... القمع!


      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد نوفمبر 24, 2024 1:58 pm