منتدى فور جامعة 4jam3a - طلاب كلية اقتصاد طرطوس

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنتدى الطلابي الأول في طرطوس .. والحاضر يعلم الغايب


    تفاصيل أخرى للعشق 2

    روحنا_الوسوف
    روحنا_الوسوف
    جامعي فضي
    جامعي فضي


    ذكر
    عدد المساهمات : 1943
    العمر : 37
    المكان : صافيتا
    المزاج : ولا أحلا
    الدراسة : اقتصاد
    السنة الدراسية : 4
    المستوى : 13
    نقاط : 2487
    تاريخ التسجيل : 04/11/2008

    تفاصيل أخرى للعشق 2 Empty تفاصيل أخرى للعشق 2

    مُساهمة من طرف روحنا_الوسوف الجمعة مايو 15, 2009 5:02 am

    تكورت من وطأة الخيبة.
    تكومت كمعطف في مكانها. تذكرت: مع كلمة "تكوّم" تتخيل جسدها باقة ورد يتكوم في حضنه.
    "لأنك تعيشين خوفاً متجذراً"
    "ربما لأني أشعر أنك الذي يحميني"
    نظرت حولها. ظهر لها الهاتف كجثة جامدة. لاحسّ ولا حركة. حرّكت سمّاعة تستجديها أن تصرخ. أن تبكي. الخط مقطوع، الجهاز ميت، ركلته بقدمها. غطت وجهها بأناملها العشرة وراحت تنحني إلى الأمام، تنحني، تتكور، حتى اصطدم رأسها بركبتيها. شعرت أنها بدأت تتلاشى، لكن يداً ربتت على ظهرها. لم تتحرك، لم ترفع عينيها، "بماذا تفكرين ياسيدتي؟ "
    كان الصوت يعوي، يحشرج، يجرح كزجاج مكسور. لم ترد. عاد الصوت يهدر "بالورد؟" قهقه الصوت "جميل الإهداء. منه. إليها"
    ظلّت مكومة على نفسها "ماذا تخبئين؟ " كادت تصدق. أجل ماذا تخبئ في حضنها؟ وروده؟! وجهه؟! صوته؟! وأشياء كثيرة يمكن أن تتناثر أمامهم إذا نهضت الآن؟!
    تكورت أكثر. اليد ربتت مرة أخرى ولكن بألم وفجور أكثر "بماذا تفكرين سيدتي الجميلة؟" قالت وهي ماتزال منحنية "هذه أفكاري. هي تخصني وحدي ياسيد".
    "لا الأفكار لاتخصّ الشخص وحده. ربما تفكرين بجعل المدينة حديقة. الأفكار ملك عام إلى أن يقولها صاحبها. قولي بماذا تفكرين؟"
    ظلّت هادئة. صامتة، أخذت تحدق بالوردة، والوردة تحدق في الوجوه. اليد تمتد إلى رأس المرأة. يمسك بباقة الشعر. يرفع الرأس إلى أعلى.
    "هنا انظري"
    القطار يصفر. نوافذه تركض على رؤوس الأشجار. هاهي تستعيد كل التفاصيل. الحياة تصنعها التفاصيل. الصداقة تصنعها التفاصيل. الحب يتجذر بالتفاصيل. تنهدت. كل يوم تسأله ماذا ترتدي؟ أي لون؟ ويسألها ماذا تفعل؟! ماذا ترتدي؟ من زارها. هل تناولت الطعام جيداً؟
    شدّ رأسها ثانية. حدقت في الجدار المواجه. رأت لوحة ترتفع أمامها. اللوحة لطفلة تحمل حذاءها وتركض على الورق اليابس لشجرة كافور.
    "اللوحة مؤثرة"
    يسأل الرجل الآخر.
    هي ترد: أجل:
    "وأنتِ.. ؟!"
    "أنا.. ؟!"
    "ما الذي يقصّفك، كأغصان هذه الشجرة؟
    كادت أن تقول له: الهاتف الصامت. الحوار الذي انقطع. أو ستختصر كل ذلك وتقول: الوردة. ولكن لماذا عليها أن تقول؟ أفكارها ملكها وحدها. يحدق الرجل بجرأة في جسدها المختبئ تحت قميص أسود حريري ويقول وهو ينقر على جبهتها بسبابته.
    "أخرجي الأفكار من هنا، من رأسك، هنا لا أفكار خاصة، ولا أفراح خاصة، ثم رفع مسدسه عالياً. أطلق عدة طلقات في الهواء.
    "قولي بماذا تفكرين؟ "
    "... ... ..."
    لكزها مرة أخرى.. "قولي"
    المرأة تظلّ صامتة.
    الرجل يرفع مسدّسه في وجه المرأة.
    هي، تتكور على أفكارها وجسدها وروحها. تشعر بأنها تخبئه في حضنها كسرّ. كعطر. تسمع روحها تشكو وهو يردد "حبيبتي". تغمض عينيها لتراه أكثر. تتكوم بين ذراعيه "وحدك القادر على احتوائي" يضمها بقوة، تريد أن تبكي. "لماذا هذه الدموع؟" تجهش "لأني لا أقدر أن أثبّت الزمن. أمسك به. أدخله غرفتي فلا يهرب، لماذا لم نلتق قبل الآن؟! "
    "أأنت تهذين؟ قولي شيئاً مفيداً؟" صوت الرصاص يدوّي.
    نظرت بتحدٍ وجمر غضب يتطاير من صوتها "به.. أنا أفكر به"
    "من؟ من به. ما اسمه؟ ألا يوجد له اسم؟"
    "لايهم الاسم. أنا أسميه بكل الأسماء التي أحبّها"
    "ماذا تقصدين؟"
    "أقصد؟! أقصد الهاتف. أقصد. انقطع الحوار وهو في الطرف الآخر من العالم"
    "أقصد.. فقدت صبري يا امرأة"
    حرّك مسدسه في الهواء. أخذت الطلقات ترش سماء الغرفة، طلقة طائشة تصيب الوردة. طلقة أخرى تصيب الفتاة الصغيرة في اللوحة. الفتاة تنزل على الأرض تحمل حذاءها المثقوب وهي تعرج وتنزف.
    "قلتُ: بماذا تفكرين؟"
    يركلها. تقول: أفكر بعودة الخط لأكمل الحوار، الحوار يحولنا إلى بشرٍ.. أريد أن أتابع حواري الخاص، أفكاري الخاصة "قلت لك: لاأفكار خاصة" شدّها بقوة باتجاه الجدار. الطلقات تنهمر غزيرة على الأفكار فتقتلها. أرض الغرفة تفيض بالأفكار الميتة والدم الذي يفيض، أرض الغرفة تصير بحيرة، الطفلة تعرجُ، بحيرة الدم ترتفع والأفكار تطفو كأسماك ميتة، بينما المرأة تعود إلى تكورها كمعطف سقط عن جسد، تحدق بالأفكار وتنتظر الهاتف أن يرنّ.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 12:05 pm