كثر الحديث حول كيفية الاستفادة من الأزمة المالية العالمية وتحويلها إلى فرصة واستغلالها لجهة جذب الاستثمارات السورية في الخارج والأموال السورية المهاجرة حيث يشير العديد من الخبراء إلى أن الأحداث الأخيرة التي سبقت الأزمة المالية العالمية وتحديداً منذ أحداث أيلول في مطلع الألفية الحالية أثبتت أن توطين الاستثمارات هي الملاذ الآمن لها.
ويؤكد الخبراء أن الربحية الوطنية لهذه الاستثمارات على أرض الوطن أكبر من ربحيتها في الخارج الأمر الذي يظهر ضرورة عودة الأموال السورية إلى أرض الوطن ولاسيما أن سورية مجال خصب لجميع أنواع الاستثمارات سواء اكانت زراعية أم صناعية أم خدمية حيث شكلت الاستثمارات الأجنبية في سورية بحسب التقرير السنوي الثاني لهيئة الاستثمار السورية الصادر عام 2008 حوالي 29 بالمئة من إجمالي الاستثمارات في سورية.
ولاشك أن ما تضخه الحكومات الغربية من أموال في الأسواق لإنقاذ اقتصادها سيؤثر سلباً على الاستثمارات الأجنبية بشكل عام ومنها الاستثمارات السورية.
وأكد الدكتور حيان سلمان في لقاء مع مندوب (سانا) الاقتصادي إن معدلات التضخم المرتفعة التي يشهدها الاقتصاد الخارجي سواء أكان الاقتصاد الأمريكي أم الأوروبي ستلتهم الكثير من الأموال السورية المهاجرة مشيراً إلى أن الأموال السورية المهاجرة ستعاني الكثير بسبب الأزمة جراء التضخم النقدي الاقتصادي الذي بدأ يزداد بمعدلات مرتفعة بسبب الإجراءات التي تتخذها دول العالم لتجاوز الأزمة ومنها ضخ مليارات الدولارات في الأسواق لإنقاذ المصارف والشركات والمؤسسات المالية والتأمينية.
وتوقع حيان أن تكون المرحلة القادمة مرحلة ركود تضخمي بحيث تجمع بين الركود من جهة وبين التضخم من جهة ثانية لأن هناك أموالاً كثيرة تضخ بالمقابل هناك انكماش في الناتج المحلي الصناعي الأمر الذي سينعكس سلباً على الاستثمارات السورية في الخارج.
ومن خلال المتابعة اليومية للإيداعات المصرفية السورية تظهر بعض الانعكاسات الإيجابية للأزمة حيث أثبتت البنوك السورية مصداقيتها وأعادت أموالاً بكميات كبيرة وهذا ما أكده وزير المالية وحاكم مصرف سورية المركزي ووزير الاقتصاد ورئيس اتحاد غرف التجارة وغيرهم وفي هذا الإطار يرى الدكتور حيان سلمان أن المشكلة ليست في الأموال وإنما تكمن المشكلة في كيفية تفعيل واستثمار هذه الأموال أي توجيهها الوجهة الصحيحة وقال:إن الأزمة ستترك نتائج إيجابية على الاقتصاد السوري وهذا لا يعني أن نجلس مرتاحين بل يجب تشكيل خلية عمل من المتخصصين لدراسة ومعالجة انعكاسات الأزمة على الاقتصاد الوطني.
ويضيف يجب استثمار الأموال في مجالات الإنتاج المادي وخاصة الزراعة والصناعة لمواجهة الركود الاقتصادي القادم والخروج من إطار توصيف الأزمة ووضع الحلول المعالجة لها من خلال الخروج من دائرة عطالة الموارد وإجراء نوع من التفاعل بين الزراعة والصناعة وفق ما يسمى العناقيد الصناعية بحيث تكون مخرجات الزراعة مدخلات للصناعة ومخرجات الصناعة مدخلات للزراعة وعدم التوقف عند تطوير المواد الأولية وإنما الانتقال إلى تصنيعها بحيث نضمن زيادة القيمة المضافة والربحية الوطنية وتقليل المستوردات وزيادة الصادرات.
وشكك الدكتور حيان سلمان في الأرقام التي بدأت تتحدث عن تراجع تحويلات المغتربين السوريين معتبرا أنه من المبكر الحكم على هذه الأرقام والنتائج وعن مصير الاتفاقيات الموقعة بين سورية والدول الأخرى بشأن العمالة وقال.. في ظل الأزمة لا احترام للمعاهدات والاتفاقيات والأزمة تفرض ظلالها على الجميع مضيفاً لا يوجد قهر سياسي في العالم إلا ووراءه قهر اقتصادي وبالتالي الآن كل دول العالم تنكمش حيث بدأت أمريكا تسرح عمالها وكذلك فرنسا وألمانيا ولاشك أن دول العالم ستسعى جاهدة إلى أن تحتفظ أو تؤمن فرصة عمل لمواطنيها على حساب الآخرين.