علي عبود ـ تنتابني موجة من التفاؤل المريب في كل مرة أسمع أو أقرأ فيها تصريحا أو مداخلة أو إجابة على أسئلة للنائب الإقتصادي لرئيس مجلس الوزراء عبدالله الدردري . ووصلت في مرحلة من المراحل إلى الميل لأستخدام المثل الشائع - مع تعديل بسيط - في كل مرة أشعر فيها بالتشاؤم من النتائج الكارثية للإداء الإقتصادي على المواطن السوري :
تفاءلوا بالدردري تجدوه في الحال !
إلا أنني لم استطع - على الرغم من جرعات التفاؤل المفرطة التي يحقنها الدردري في شرايين المواطنين بصورة شبه يومية - التغلب على شكوكي سواء بالأرقام التي يفيض ويستفيض بها أو بالمديح الإستثنائي بأداء الحكومة الذي تفوق على أداء جميع الحكومات السورية السابقة مجتمعة !
أن تفاؤلي المريب بأحاديث وأرقام الدردري ليست جديدة فقد بدأت مع حضوره المكثف على صفحات الجرائد الحكومية ، واستمر تفاؤلي المريب أكثر فأكثر ، بعد حضور الدردري كضيف دائم في المطبوعات الخاصة !
لاأنكر أن لدي شكوك - ربما تحولت إلى مرض مزمن - بالأرقام التي تعلنها الحكومات السورية ، ولدي العذر بل والمسببات لهذه الشكوك .
لقد أدمنت الحكومات السابقة على الزعم أن معدل النمو تجاوز نسبة 12 % سنويا وبخاصة في عقد التسعينات لنكتشف لاحقا أن هذه النسبة كانت أقل من 1 % بكثير .
وزعمت الحكومات السابقة أن التضخم بالكاد يصل إلى 4 أو 5 % ثم اكتشفنا أيضا أنه تجاوز 15 % سنويا طوال سنوات التسعينات .
من حقي وحق أي مواطن قد يتفاءل بأحاديث الدردري أن يشكك ويرتاب ويسأل :
ما المنعكسات الإيجابية للإنتعاش الذي يشهده الإقتصاد السوري على الشريحة العظمى من السوريين ؟
يقول الدردري أن ضريبة الرواتب والأجور لاتشكل عنصرا أساسيا من إيرادات الضرائب لأنها لاتتجاوز 7 مليارات ليرة سورية ، وهذا صحيح ولكن هل العاملون بأجر يوفّرون من رواتبهم كي تستقطع منها الضرائب والرسوم ؟
وهي ضرائب زادت وستزيد مستقبلا بفضل القانون 18 لعام 2007 الذي سمح للوحدات الإدارية ، بالإضافة إلى وزارة المالية ، بشفط مبالغ جديدة من دخول المواطنين التي بالكاد تكفي لسد جزء بسيط من كفاف يومهم بحجة تحسين أحوالهم !
لا أدري فعلا ما المقصود بالجملة التي يرددها الدردري وقبله وزير المالية وغيرهما من أن تصحيح العجز في الموازنة سيزيد إيرادات الخزينة مما سيعود بالفائدة على المواطنين ..
السؤال : ماذا استفاد المواطن عندما كان النفط يمول الخزينة والموازنة ؟
جميل جدا أن يتفاءل الدردري وأن يحقن المواطنين بالتفاؤل ويعلن أن معدل النمو لن يقل عن 5 % في أسوأ الأحوال ، والأكثر جمالا وتفاؤلا تأكيده أن الإقتصاد السوري هو أقوى اقتصاد في المنطقة قدرة على مواجهة أي اضطراب إقليمي ..
والسؤال : عن أي اقتصاد يتحدث الدردري ؟
نعم عن أي اقتصاد سوري يتحدث الدردري دون أن يعرف أحد مكونات هذا الإقتصاد ومعالمه وتوجهاته وخططه إلا إذا كانت الشعارات المرفوعة منذ أعوام أو الخطة الخمسية العاشرة تشكل اقتصادا سوريا !
وما هذا الإقتصاد إذا كان لاأحد أو قلة فقط تعرف الحال الفعلية للإقتصاد السوري ؟
وهل هي مصادفة أن لا أحدا من الحكومة يتكلم بالتفصيل عن ميزان المدفوعات أو ينشر أرقامه في النشرات الرسمية الإحصائية أو يناقش على مستويات متخصصة ؟
وكعادته يفيض ويستفيض الدردري في الحديث عن مناخ الإستثمار !
ولو عدنا إلى بدايات صدور قانون الإستثمار في عام 1991 لوجدنا تصريحات متشابهة ..!
صحيح أنها لم تصل إلى درجة من التفاؤل المريب كالتي وصلتها تصريحات الدردري .. !
ولكن الصحيح أيضا أن الوقائع الفعلية لاتشكل 1 % مما يعلنه رجال الحكومة منذ مطلع التسعينات .
على سبيل المثال تم إعداد مشروع قانون سوق دمشق المالية في عام 1992 واستغرق إيجاد هذه السوق رسميا أكثر من 15 عاما !
وقيل أن مناخ الإستثمار سيوفر عشرات الآلاف من فرص العمل وسيقضى على البطالة ويحسن الرواتب والأجور .. فماذا كانت النتيجة ؟
بطالة وتضخم وفساد وتدهور للقدرات الشرائية للشريحة العظمى من المواطنين .. الخ
ومع أن مناخ الإستثمار يتطلب محكمة خاصة بالمستثمرين فإن هذه المحكمة لم تبصر النور حتى الان .
ونحن مع الدردري بأن يأتي الإصلاح متسلسلا ولكن السؤال : هل لدى الحكومة مشروعا مقرّا للإصلاح لتقوم بتنفيذه متسلسلا ؟
وإذا كان إصلاح القطاع العام على طاولة الحكومة منذ مطلع عقد التسعينات فمتى ستبدأ الكحومة بتنفيذه متسلسلا ؟
أما إذا كان المقصود بالإصلاح الإقتصاد السوري بشكل عام فيبدو أن الدردري لايحب أن يتذكر أن المؤتمر العاشر لحزب البعث المنعقد في حزيران 2005 قد كلف الحكومة بإعداد برنامج إصلاح اقتصادي شامل وعرضه على القيادة القطرية للحزب والجبهة الوطنية التقدمية لمناقشته .. لذا نسأله وهو الذي كانت له بصمات واضحة في المؤتمر :
أين برنامج الإصلاح الإقتصادي بعد مرور أكثر من ثلاثة أعوام على تكليف مؤتمر حزب البعث للحكومة بإعداده .. ؟
أم أن الحكومة أنجزت برنامج الإصلاح لكنها تفضل تنفيذه سرا بعيدا عن الرقابة وعن المنتقدين وعن مؤتمر البعث ؟
ولاأدري المستند الرقمي الذي دفع بالدردري إلى التفاؤل المفرط ليؤكد أن نمو الفساد في سورية أقل من نمو الإقتصاد السوري .. !
ترى هل سبب التفاؤل المؤكد يعود إلى تنفيذ الحكومة لتوصية المؤتمر العاشر لحزب البعث ؟
لقد طلبت التوصية المذكورة من الحكومة بوضع آليات وخطة متكاملة لاستئصال الفساد والقضاء على أسبابه وأشكاله وتشكيل هيئة مستقلة لمكافحته .. فهل حصل ذلك فعلا ؟
أما أكثر ما يثير شكوكي وريبتي في أحاديث الدردري المفرطة بالتفاؤل فهو قوله أن همّ الحكومة هو زيادة دخل المواطن وقد ذكّرني ذلك بحديث رجالات الحكومات السابقة الذين كان يؤرقهم هم واحد هو :
تحسين المستوى المعيشي للمواطنين !
هذا الهم ترجمته الحكومة عكسيا حتى الآن من خلال تبني سياسات أدت إلى تدني القدرات الشرائية للمواطنين ، وبخاصة بعد موجات الغلاء المستمرة منذ عام 2004 على الأقل والتي وصلت إلى موجة غير مسبوقة بالغلاء في العامين السابقين .
أما السؤال الذي يتجنب الدردري وجميع المسؤولين السابقين والحاليين الإجابة عليه فهو :
كيف سيصدق المواطن أن الهّم اليومي للحكومة ينصب على تحسين أحواله المعيشية في الوقت الذي عملت فيه الحكومات منذ منتصف الثمانينات على القضاء على الطبقة الوسطى في المجتمع السوري قضاء مبرما من جهة ، وباتباع سياسات منهجية نجحت بتجميد الرواتب والأجور فتآكلت ووصلت الآن إلى مرحلة تحتاج فيه إلى خطة خمسية إسعافية سريعة لإصلاحها ..
هذا إذا لم يكن إصلاحها قد أصبح في حكم المعجزات .
وبدلا من أن يقنعنا الدردري بأن همّ الحكومة هو زيادة دخل المواطن لماذا لا يترجم ذلك عمليا بوضع دراسة للإحتياجات الأساسية للأسرة السورية من سكن ومأكل ومشرب وتعليم .. الخ وحد أدنى من الرفاهية لتحدد الحكومة على ضوء مكونات هذه الإحتياجات - الضرورية لحياة كريمة - الحد الأدنى للأجور ؟
عندها فقط يقتنع المواطن أن همّ الحكومة هو تحسين دخله وتحسين معيشته وعندها فقط يمكن أن نقول : تفاءلوا بالدردري تجدوه في الحال!
تفاءلوا بالدردري تجدوه في الحال !
إلا أنني لم استطع - على الرغم من جرعات التفاؤل المفرطة التي يحقنها الدردري في شرايين المواطنين بصورة شبه يومية - التغلب على شكوكي سواء بالأرقام التي يفيض ويستفيض بها أو بالمديح الإستثنائي بأداء الحكومة الذي تفوق على أداء جميع الحكومات السورية السابقة مجتمعة !
أن تفاؤلي المريب بأحاديث وأرقام الدردري ليست جديدة فقد بدأت مع حضوره المكثف على صفحات الجرائد الحكومية ، واستمر تفاؤلي المريب أكثر فأكثر ، بعد حضور الدردري كضيف دائم في المطبوعات الخاصة !
لاأنكر أن لدي شكوك - ربما تحولت إلى مرض مزمن - بالأرقام التي تعلنها الحكومات السورية ، ولدي العذر بل والمسببات لهذه الشكوك .
لقد أدمنت الحكومات السابقة على الزعم أن معدل النمو تجاوز نسبة 12 % سنويا وبخاصة في عقد التسعينات لنكتشف لاحقا أن هذه النسبة كانت أقل من 1 % بكثير .
وزعمت الحكومات السابقة أن التضخم بالكاد يصل إلى 4 أو 5 % ثم اكتشفنا أيضا أنه تجاوز 15 % سنويا طوال سنوات التسعينات .
من حقي وحق أي مواطن قد يتفاءل بأحاديث الدردري أن يشكك ويرتاب ويسأل :
ما المنعكسات الإيجابية للإنتعاش الذي يشهده الإقتصاد السوري على الشريحة العظمى من السوريين ؟
يقول الدردري أن ضريبة الرواتب والأجور لاتشكل عنصرا أساسيا من إيرادات الضرائب لأنها لاتتجاوز 7 مليارات ليرة سورية ، وهذا صحيح ولكن هل العاملون بأجر يوفّرون من رواتبهم كي تستقطع منها الضرائب والرسوم ؟
وهي ضرائب زادت وستزيد مستقبلا بفضل القانون 18 لعام 2007 الذي سمح للوحدات الإدارية ، بالإضافة إلى وزارة المالية ، بشفط مبالغ جديدة من دخول المواطنين التي بالكاد تكفي لسد جزء بسيط من كفاف يومهم بحجة تحسين أحوالهم !
لا أدري فعلا ما المقصود بالجملة التي يرددها الدردري وقبله وزير المالية وغيرهما من أن تصحيح العجز في الموازنة سيزيد إيرادات الخزينة مما سيعود بالفائدة على المواطنين ..
السؤال : ماذا استفاد المواطن عندما كان النفط يمول الخزينة والموازنة ؟
جميل جدا أن يتفاءل الدردري وأن يحقن المواطنين بالتفاؤل ويعلن أن معدل النمو لن يقل عن 5 % في أسوأ الأحوال ، والأكثر جمالا وتفاؤلا تأكيده أن الإقتصاد السوري هو أقوى اقتصاد في المنطقة قدرة على مواجهة أي اضطراب إقليمي ..
والسؤال : عن أي اقتصاد يتحدث الدردري ؟
نعم عن أي اقتصاد سوري يتحدث الدردري دون أن يعرف أحد مكونات هذا الإقتصاد ومعالمه وتوجهاته وخططه إلا إذا كانت الشعارات المرفوعة منذ أعوام أو الخطة الخمسية العاشرة تشكل اقتصادا سوريا !
وما هذا الإقتصاد إذا كان لاأحد أو قلة فقط تعرف الحال الفعلية للإقتصاد السوري ؟
وهل هي مصادفة أن لا أحدا من الحكومة يتكلم بالتفصيل عن ميزان المدفوعات أو ينشر أرقامه في النشرات الرسمية الإحصائية أو يناقش على مستويات متخصصة ؟
وكعادته يفيض ويستفيض الدردري في الحديث عن مناخ الإستثمار !
ولو عدنا إلى بدايات صدور قانون الإستثمار في عام 1991 لوجدنا تصريحات متشابهة ..!
صحيح أنها لم تصل إلى درجة من التفاؤل المريب كالتي وصلتها تصريحات الدردري .. !
ولكن الصحيح أيضا أن الوقائع الفعلية لاتشكل 1 % مما يعلنه رجال الحكومة منذ مطلع التسعينات .
على سبيل المثال تم إعداد مشروع قانون سوق دمشق المالية في عام 1992 واستغرق إيجاد هذه السوق رسميا أكثر من 15 عاما !
وقيل أن مناخ الإستثمار سيوفر عشرات الآلاف من فرص العمل وسيقضى على البطالة ويحسن الرواتب والأجور .. فماذا كانت النتيجة ؟
بطالة وتضخم وفساد وتدهور للقدرات الشرائية للشريحة العظمى من المواطنين .. الخ
ومع أن مناخ الإستثمار يتطلب محكمة خاصة بالمستثمرين فإن هذه المحكمة لم تبصر النور حتى الان .
ونحن مع الدردري بأن يأتي الإصلاح متسلسلا ولكن السؤال : هل لدى الحكومة مشروعا مقرّا للإصلاح لتقوم بتنفيذه متسلسلا ؟
وإذا كان إصلاح القطاع العام على طاولة الحكومة منذ مطلع عقد التسعينات فمتى ستبدأ الكحومة بتنفيذه متسلسلا ؟
أما إذا كان المقصود بالإصلاح الإقتصاد السوري بشكل عام فيبدو أن الدردري لايحب أن يتذكر أن المؤتمر العاشر لحزب البعث المنعقد في حزيران 2005 قد كلف الحكومة بإعداد برنامج إصلاح اقتصادي شامل وعرضه على القيادة القطرية للحزب والجبهة الوطنية التقدمية لمناقشته .. لذا نسأله وهو الذي كانت له بصمات واضحة في المؤتمر :
أين برنامج الإصلاح الإقتصادي بعد مرور أكثر من ثلاثة أعوام على تكليف مؤتمر حزب البعث للحكومة بإعداده .. ؟
أم أن الحكومة أنجزت برنامج الإصلاح لكنها تفضل تنفيذه سرا بعيدا عن الرقابة وعن المنتقدين وعن مؤتمر البعث ؟
ولاأدري المستند الرقمي الذي دفع بالدردري إلى التفاؤل المفرط ليؤكد أن نمو الفساد في سورية أقل من نمو الإقتصاد السوري .. !
ترى هل سبب التفاؤل المؤكد يعود إلى تنفيذ الحكومة لتوصية المؤتمر العاشر لحزب البعث ؟
لقد طلبت التوصية المذكورة من الحكومة بوضع آليات وخطة متكاملة لاستئصال الفساد والقضاء على أسبابه وأشكاله وتشكيل هيئة مستقلة لمكافحته .. فهل حصل ذلك فعلا ؟
أما أكثر ما يثير شكوكي وريبتي في أحاديث الدردري المفرطة بالتفاؤل فهو قوله أن همّ الحكومة هو زيادة دخل المواطن وقد ذكّرني ذلك بحديث رجالات الحكومات السابقة الذين كان يؤرقهم هم واحد هو :
تحسين المستوى المعيشي للمواطنين !
هذا الهم ترجمته الحكومة عكسيا حتى الآن من خلال تبني سياسات أدت إلى تدني القدرات الشرائية للمواطنين ، وبخاصة بعد موجات الغلاء المستمرة منذ عام 2004 على الأقل والتي وصلت إلى موجة غير مسبوقة بالغلاء في العامين السابقين .
أما السؤال الذي يتجنب الدردري وجميع المسؤولين السابقين والحاليين الإجابة عليه فهو :
كيف سيصدق المواطن أن الهّم اليومي للحكومة ينصب على تحسين أحواله المعيشية في الوقت الذي عملت فيه الحكومات منذ منتصف الثمانينات على القضاء على الطبقة الوسطى في المجتمع السوري قضاء مبرما من جهة ، وباتباع سياسات منهجية نجحت بتجميد الرواتب والأجور فتآكلت ووصلت الآن إلى مرحلة تحتاج فيه إلى خطة خمسية إسعافية سريعة لإصلاحها ..
هذا إذا لم يكن إصلاحها قد أصبح في حكم المعجزات .
وبدلا من أن يقنعنا الدردري بأن همّ الحكومة هو زيادة دخل المواطن لماذا لا يترجم ذلك عمليا بوضع دراسة للإحتياجات الأساسية للأسرة السورية من سكن ومأكل ومشرب وتعليم .. الخ وحد أدنى من الرفاهية لتحدد الحكومة على ضوء مكونات هذه الإحتياجات - الضرورية لحياة كريمة - الحد الأدنى للأجور ؟
عندها فقط يقتنع المواطن أن همّ الحكومة هو تحسين دخله وتحسين معيشته وعندها فقط يمكن أن نقول : تفاءلوا بالدردري تجدوه في الحال!