يعتبر القرار رقم 501/م ن/ب ع الصادر بتاريخ 10/5/2009 من أهم القرارات التي اتخذها مجلس النقد والتسليف في الفترة الأخيرة.
وأهمية القرار لا تنبع من كونه يضع ضوابط وحدوداً لتوظيفات المصارف في مجالات محددة بل من كونه خطوة جديدة على الطريق الطويلة التي توصلنا في النهاية إلى تطبيق معايير بازل (2) التي ما زلنا بعيدين عنها وعن تطبيقها، وليس خافياً على أحد أن تطبيق هذه المعايير سيبعد المخاطر عن المصارف ويبقيها في بر الأمان.
يحدد القرار مجموعة من الضوابط الاحترازية على الاستثمارات في الأوراق المالية بشكل خاص وطبيعي أن المصارف الخاصة هي الجهة المعنية بتطبيقه في هذه المرحلة قبل غيرها.
ويشترط القرار أن لا يتعدى مجموع إيداعات وتوظيفات أي مصرف وارتباطاته المالية الناشئة عن البنود داخل الميزانية مع المجموعة المصرفية (تشمل المؤسسة الأم للمصرف والمؤسسات التابعة والشقيقة والزميلة) نسبة 25% من الأموال الخاصة للمصرف سواء أكان المصرف تقليداً ًأم إسلامياً.
كما يشترط ألا يتعدى مجموع التعاملات المصرفية داخل وخارج الميزانية غير القابلة للإلغاء مع المجموعة المصرفية ما نسبته 100% من رأس المال.
وبالنسبة للإيداعات والتوظيفات في الخارج فقد اشترط القرار ألا يزيد مجموع الودائع والتوظيفات والارتباطات المالية الناشئة عن بنود الموازنة مع كل مؤسسة مالية أو مجموعتها المصرفية نسبة 25% من الأموال الخاصة للمصرف وألا يتجاوز مجموع التعاملات المصرفية داخل وخارج الميزانية غير القابلة للإلغاء مع كل مؤسسة مالية أو مجموعتها المصرفية في الخارج نسبة 75% من الأموال الصافية للمصرف.
ويبدو واضحاً أن الهدف من القرار هو الحد من المخاطر التي ترافق عمليات التوظيف في الخارج والمخاطر التي يمكن أن يتعرض لها أي مصرف نتيجة السياسات التي تطبقها بعض الدول ورغم أن البعض يرى أن توظيف الأموال ضمن البلد أضمن وأكثر عائدية فإن المبدأ أن المصارف يجب أن تكون حرة في توظيف أموالها شريطة ألا تقع في أي مخاطر.
ووصولاً إلى تطبيق تصنيف المخاطر ألزم القرار المصارف بتثقيل الإيداعات والارتباطات وفق درجات التصنيف المعتمدة عالمياً.
وفي هذا الإطار ووصولاً إلى الحد من المخاطر الخارجية وتفادي المخاطر غير الضرورية ألزمت المصارف بتفادي التعامل مع المؤسسات المالية ذات المخاطر العالية أو المتواجدة في مناطق غير آمنة واشترط ألا تتجاوز قيمة الاستثمارات الخارجية خارج القطر 30% من الأموال الخاصة وألا يتجاوز الحد الأقصى للاستثمار بالأسهم خارج القطر 15% من الأموال الخاصة وألا يتجاوز الحد الأقصى للاستثمار بالأسهم داخل وخارج القطر 30% من الأموال الخاصة الصافية للمصرف.
أما بالنسبة للأوراق الحكومية ونظراً لانخفاض المخاطر على الاستثمار فيها ودرجة الأمان التي تتمتع بها فقد أجاز القرار للمصارف الاستثمار في الأوراق المالية الحكومية وربطه بمجموعة من الضوابط لتلافي المبالغة في التوظيف في هذه الأوراق.
ويفرض القرار على المصارف وضع سياسة واضحة لكيفية التوظيف في الاستثمارات المالية وإدارة محفظة الاستثمارات لديها بما يتناسب مع حجم الأعمال في كل مصرف ومع تنوع الأنشطة وذلك بغرض ضمان المواءمة بين الربحية والسيولة والأمان واشترط لتحقيق درجة مقبولة من الأمان أن تتمتع الأوراق النقدية المشتراة بدرجة تصنيف جيدة بحيث لا تقل عن B.B.B وفق تصنيف المؤسسات المعتمدة عالمياً وذلك تطبيقاً لأحكام المبدأ السابع من المبادئ الأساسية الفعالة للجنة بازل التي تحمل المصرف مسؤولية وضع السياسات الائتمانية الخاصة به واتخاذ الإجراءات التي من شأنها المحافظة على التسهيلات الممنوحة وتوزيع الاستثمارات والتوظيفات على قاعدة واسعة من النشاطات وإنشاء نظام واضح لإدارة مخاطر الائتمان. ووفق معايير بازل فإن التقييم المستقل لسياسات وممارسات وإجراءات المصارف المتعلقة بمنح القروض والاستثمارات وتقييم الإجراءات التي يتبعها المصرف لإدارة مخاطر الائتمان يعتبر جزءاً أساسياً من نظام الرقابة الفعال.
وبعد صدور هذا القرار الذي يساهم في إيجاد التشريعات المناسبة التي تضبط عمل المصارف يأتي دور مفوضية الحكومة الذي يفترض أن يكون الحارس الأمين والجهة التي تحدد مدى التزام المصارف بالقرارات التي يصدرها مجلس النقد والتسليف.