الاقتصادية السورية
بعد مرور ثلاثة أشهر ونصف الشهر تقريباً على افتتاح سوق دمشق، يتساءل البعض: هل
استطاعت السوق السورية تحقيق المرجو منها في مراحلها الأولى، دعنا نقارن وظائف السوق
المالية بالمقاييس العالمية بما أنجزته السوق السورية حتى الآن.
من أهم وظائف السوق وتوفير السيولة لمكتتبي الأسهم الأوائل، وفعلاً يستطيع الآن أصحاب
الأسهم في الشركات المدرجة بسوق دمشق، البيع بسهولة، إلا أن تقييد حركة الأسعار قد
يضطرهم أحيانا إلى البيع على سعر غير عادل تماما بالنسبة لهم.
الوظيفة الثانية من وظائف السوق هي كونها منفذاً استثمارياً، من خلال توفير الأسهم لأصحاب
السيولة، هنا يبدأ الوضع بالاختلاف، ففي الفترة الماضية وباستثناء ما حدث مع البنك العربي
الاسبوع الماضي، فإن طلبات الشراء كانت تتفوق بشكل كبير عن طلبات البيع، ومن يرد أن
يشتري الأسهم فيجب أن ينتظر حتى يأتي دوره في ترتيب الطلبات، وهذا خرق مهم
لأساسيات السوق المالية الذي من مقوماته توافر الأسهم لمن يريد أن يشتري بسعر السوق،
وأزمة السيولة هذه قد تنعكس وتصبح طلبات البيع أكبر عند انخفاض السوق، ما يخلق أزمة
سيولة معاكسة.
أيضاً من مهام السوق الرئيسية تحديد أسعار الأسهم بشكل عادل، لكن تقييد تحرك الأسهم
في السوق السورية، لا يمكن السوق من تسعير السهم بالقيمة التي يحددها جمهور
المستثمرين، وهذا مأخذ آخر على القيود المطبقة على السوق المالية السورية، من جهة
أخرى يقول المدافعون عن القوانين الصارمة: إن تلك القوانين تلعب دور المكابح للأسعار وتقي
المستثمرين من الانقياد العاطفي ورفع الأسعار بشكل غير منطقي، وهنا تثار مسألة مهمة ألا
وهي، أن وظيفة السوق المالية تحديد أسعار الأسهم بشكل حر إلى حد ما، فهل التدخل
بتحديد هامش تحرك السعر وأحيانا تحديد أسعار مرجعية صارمة هو عنصر إيجابي؟ أم إنه
تدخل بآلية عمل السوق؟
وهناك العديد من النقاط الأخرى التي سنناقشها في أعداد قادمة، إلا أنه من الممكن القول إن
افتتاح السوق السورية كان خطوة لابد منها للانتقال إلى مرحلة جديدة في الاقتصاد، لكن
العملية لا تزال في أولها وتحتاج لمزيد من التطوير كما أنه من المبكر الحكم عليها.