سعى وزير المواصلات الإسرائيلي، يسرائيل كاتس (الليكود)، إلى استغلال صلاحيته على اللافتات المنصوبة على جوانب الطريق، لتطبيق أجندته السياسية الصهيونية، وصدّق على مخطط لتغيير الأسماء العربية والإنكليزية من على اللافتات، وكتابتها بكنيتها العبرية (بحروف عربية)، حيث سيكتب اسم مدينة القدس «يوروشلايم»، وستكون «يافو» مكان يافا، وهي كلمات أصلاً غير موجودة في اللغة العربية. بذلك، يكون الوزير قد «ضرب عصفورين بحجر» مستهدفاً اسم المكان أولاً، واللغة العربية ثانياً في مخطط واحدٍ. ويؤمن الوزير، وغيره كثيرون إيماناً ليس معلناً، بأنَّ الاسم الموجود على اللافتة سيغلب الحقيقة الخاضعة للمخططات منذ أكثر من ستين عاماً.
كاتس، واحد من قادة «الليكود» البارزين، ومن الصعب اعتبار مخططه هذا «إشراقة» حديثة في حكومة اليمين، لأنّ اللافتات الموجودة حالياً وقبل تبديلها، خاضعة لنفس المخطط وتتضمن تزويراً قبل سعي كاتس وغيره إلى جعل مخططهم رسمياً.
فمن يحمل الكاميرا، ويتوقف عند اللافتات اليوم، سيجد تزوير حقائق مغلفاً بجرائمَ لغوية، وسيرى كيف تُكْتَب الكلمتان الإنكليزية والعبرية بحروف متقنة، بينما تتضمن العربية، في أحيان كثيرة، أخطاءً لغويةً فضائحيةً. كما سعت المؤسسة إلى تغيير الكثير من الأسماء العربية وكتابتها بكنيتها العبرية، وبحروف عربية، مثل كتابة «لود» بدلاً من اللد، وتحويل مدينة عكا إلى «عكو» ووصل الأمر أحياناً إلى كتابة أسماء لقرى عربية كتابةً خاطئة. فهل هذا خطأ مقصود ومبرمج؟ أم إن موظفي وزارة المواصلات يتقنون كل اللغات إلا العربية؟!
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن كاتس قوله «إذا كان أحدهم (العرب) يريد بواسطة لافتة تحويل يوروشلايم اليهودية إلى القدس الفلسطينية، فإنَّ هذا لن يحصل في هذه الحكومة ولا في عهد هذا الوزير»، مضيفاً «لا يوجد عربي لا يعرف معنى يوروشلايم، جزء منهم لا يحبون هذا، لكنَّ جميعهم يعرفون».
وتعاني القرى العربية في الداخل من بنى تحتية بائسة، الشوارع سيئة ولا تحمل أسماءً ولا لافتات، وثمة شوارع أخرى توصل بين قرى يطلق عليها أسماء مثل «شارع الموت»، شوارع التفافية ومظلمة، باتت مرتعاً لحوادث الطرق، وكثيراً ما تظاهر أهلها لتحسينها، لكنَّ الوزارة مشغولة بأجندة سياسيةٍ لبلورة مخططٍ لتغيير الاسم على اللافتة، ليصبح حتى الاسم العربي للقرية العربية يكتب بكنيته العبرية: الناصرة تصبح نتسرات، وشفاعمر تصبح «شفارعام».
كاتس ليس وحده، هو واحد من سرب، فمثل هذه «التحديثات» كانت موجودة من قبل. سبقته وزيرة المعارف السابقة ليمور ليفنات باقتراح قانون في عهد الحكومة السابقة لإلغاء العربية كلغةٍ رسمية. والمخططات متوالية منذ خمسينيات القرن الماضي للغرض نفسه.
وفي رد على المخططات الصهيونية الجديدة، قال رئيس كتلة «التجمع الوطني الديموقراطي»، جمال زحالقة، إنَّ «هوية المكان وهوية قرانا ومدننا ومناطق فلسطين المختلفة ستبقى عربية. وهذا (كاتس) مصاب بالغباء إذا أعتقد أن تغيير اللافتات يغير هوية المكان»، مضيفاً «كنا خلال عقود وما زلنا في صراع مرير على الأسماء العربية الفلسطينية لكل جبل وسهل وواد ومدينة وقرية. ولنا الغلبة في النهاية لأننا الأصل والجذور»، مشدداً على أن «من لا يريد أن يرى الأسماء العربية، لا يريد عرباً وفلسطينيين في هذه البلاد، ولكن عليهم أن يعلموا أننا باقون في وطننا ولن يستطيعوا ترحيلنا واقتلاعنا إلا في توابيت. بل وننتظر عودة أبناء شعبنا إلى ديارهم ومدنهم وقراهم بأسمائها العربية».
بدوره، قال رئيس الجبهة الديموقراطية، محمد بركة، «إن منسوب العنصرية في حكومة بنيامين نتنياهو يرتفع من يوم إلى آخر، وباتت هي المقياس للنجاح السياسي للوزراء وغيرهم من أعضاء الكنيست، وهناك من يراها درب النجاح للوصول إلى وظائف أكبر، ولكننا نقول إن التاريخ أقوى وهوية المكان أقوى وأسماء المكان أقوى، فهذه الأرض وترابها تعرف أبناءها الذين يعرفونها ويعرفون أسماءها»، مشدداً على أن «كاتس وعقليته وحكومته زائلة لا محالة، أما الوطن فهو باق في الواقع وفي الوعي والضمير، وكل خطوة عنصرية ستلاقي حتماً رد فعل شعبياً مناسباً في حينه».
يشار إلى أنَّ تغيير الأسماء العربية هو سياسة انتهجت في قلب المدن العربية؛ فبعد قيام الدولة العبرية، سعت البلديات إلى تغيير أسماء الشوارع العربية داخل المدن الكبيرة المختلطة، واستبدلتها بعبرية. ففي حيفا تحول شارع الكرمل مثلاً إلى «جادة بن غوريون» على الرغم من أن غالبية سكانه من العرب الفلسطينيين. كما تحول شارع الجبل إلى «هتسيونوت» (الصهيونية) وقد سرى هذا على كل الشوارع، بينما بقيت شوارع قليلة هامشية تحمل أسماءً عربية. واتبع النهج نفسه أيضاً في باقي المدن الكبيرة، وثمة أمثلة لا تنتهي على هذه السياسة.