التقت
«القبس» بالخبير الاقتصادي الدكتور جمال عبدالخضر للتعرف على ماهية
المشتقات المالية ومخاطرها، وكيفية تجنب تلك المخاطر، فكان الحوار التالي:
1ــ بم تعرف المشتقات المالية؟
ــ
ببساطة، وبلغة الشارع يمكن ان نقول ان المشتقات لا تعتبر ولا تصنف اصولا
مالية او عينية او تبادلا او تملكا لشيء ما، وانما تعتبر من الصفقات
المالية للدخول في عقود المخاطرة التي تهدف الى تبادل المخاطر.
فالمشتقات
تعتبر احد انواع العقود التي يترتب عليها حقا لطرف والتزاما على طرف آخر،
وهي نوع من انواع الرهان والمقامرة ،لانها لا تتعلق بسلعة او اصول لها
تأثير مهم في النشاط الاقتصادي.
ويعرف صندوق النقد
الدولي المشتقات المالية بانها عقود تتوقف قيمتها على اسعار الاصول
المالية محل التعاقد، ولكنها لا تقتضي او تتطلب استثمارا لاصل المال في
هذه الاصول. وكعقد بين طرفين على تبادل المدفوعات على اساس الاسعار
والفوائد، فان اي انتقال لملكية الاصل محل التعاقد والتدفقات النقدية يصبح
امرا غير ضروري.
2ــ ما آلية وهدف تلك العقود؟
ــ
التعامل بالمشتقات قد يكون من خلال الاسهم او العملات، والاصل فيها هو نقل
المخاطر من طرف الى آخر بقبول الطرفين. مثلا: اذا كان هناك عقد آجل او
بيوع مستقبلية على مبادلة عملتين، فان الهدف ما هو الا تثبيت سعر الصرف
السائد بتاريخ العقد ولمدة العقد، فاذا حل الاجل يحق للطرفين عمل التبادل
في العملتين دون النظر الى سعر الصرف السائد وقت التعاقد، فيخسر طرف ويربح
طرف آخر.
ولايصال المفهوم للقارئ بشكل اوضح نفترض ان
احد البنوك يتملك اسهما ويمنح عملاءه من خارج البلد حق المراهنة على هذه
الاسهم من خلال عقود المشتقات، وذلك بان يدفع العميل مارجن معين (10% او
اكثر) مع بداية العقد، فاذا ارتفع السهم الذي راهن عليه العميل بعد حلول
الاجل وانتهاء العقد، فان العميل يأخذ الارباح الناتجة عن ارتفاع اسعار
السهم من دون ان يتملك ايا من اصل الاسهم، وكذلك الامر اذا هبط سعر السهم،
فان العميل يتحمل خسارة الفرق بين سعر السهم في بداية العقد مع نهايته من
دون تأثير على اصول الاسهم التي يتملكها البنك.
وفي
حال وصلت قيمة الخسارة الى كامل المارجن الذي دفعه العميل في بداية العقد،
فان العقد يعتبر منتهيا ويخسر العميل امواله التي دفعها.
3ــ ما المخاطر الناتجة عن التعامل في المشتقات المالية؟
ــ
لا تقتصر مخاطر المشتقات على المتعاملين فيها، وانما تمتد الى تدمير
الكيان الاقتصادي برمته، لانها من ادوات المجازفة والرهان على تقلب
الاسعار والاسترباح منها، فهي لا تخضع في غالب الامر للتحوط، وعليه:
فنتيجة المشتقات تكون دائما تحقيق ارباح لطرف مقابل خسائر لطرف آخر، فهو
يحجب اصحاب رؤوس الاموال عن تدوير اموالهم في العجلة الاقتصادية المطلوب
لنمو اي اقتصاد، وتتسبب في تفجير وضع الاقتصاد الوطني او القومي عند حلول
الكارثة، مما يؤثر سلبا على احد اخطر انواع المخاطر، والذي لا يمكن علاجه
بسهولة ويسر، وهو مخاطر السمعة في المؤسسة التي تدخل في هذا المجال، مما
سيؤدي الى عدم استقرار الاقتصاد في مدة قصيرة او متوسطة.
4ــ ما اسباب المخاطر التي تعتري مثل هذا النوع من التعاملات؟
ــ
كما ذكرنا فان المشتقات لا ترتبط بالنشاط الحقيقي لسلعة ما، بل تقتصر على
تبادل المخاطر، فنمو المشتقات اسهل بكثير من نمو الاقتصاد، حيث بلغت
قيمتها اكثر من 600 تريليون دولار حول العالم، لغياب الضوابط والقوانين،
ما جعل بنك الكويت المركزي يمنعها، واعتقد بان الشرع يحرمها، فهي لن تولد
سوى الانهيارات.
ونعتقد في رأينا ان من نتائج
المشتقات السلبية ما نراه اليوم، والذي اخذ يعصف بأسواق المال في الولايات
المتحدة واوروبا، فهي تكبر ككرة الثلج حتى تصل الى ادنى نقطة في الاودية
لتضرب كل ما هو امامها وتدمره.
5ــ ما الطريقة التي يمكن من خلالها التصدي لمثل هذه المخاطر؟
ــ
اذا كانت هناك شركات دخلت في مثل هذا النوع من الاستثمار من دون ان يكون
من ضمن اغراض تأسيسها، فيجب محاسبتها قانونيا، مع الاخذ بالحسبان ان بعض
الشركات تتعامل في هذه المشتقات من خلال صناديق تؤسسها في الخارج، كما ان
ادارة المخاطر في كل بنك والمفروضة على تلك البنوك من البنك المركزي يجب
ان تقوم بواجبها بمنع تلك الصفقات. لكن للاسف نجد انه في بعض الحالات يخاف
موظفو تلك الادارات على فقد وظائفهم، وبالتالي تقف تقارير هذه الادارات
عند مجلس الادارة.
وفي هذا المجال ارى ان البنك المركزي مطالب
بان يفرض على ادارات المخاطر في البنوك تقديم تقرير له عن الادوات المالية
عاليةالخطورة مباشرة من دون الرجوع الى مجلس اداراتهم، وذلك في حال وجود
ادوات مالية يرغب البنك العمل فيها من دون ان تكون هناك موافقة مسبقة من
البنك المركزي عليها على ان يوفر المركزي الحماية لموظفي تلك الادارات.