منتدى فور جامعة 4jam3a - طلاب كلية اقتصاد طرطوس

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنتدى الطلابي الأول في طرطوس .. والحاضر يعلم الغايب


    هل شارفت أمريكا على الإفلاس؟/ أ.د. محمد السقا

    محمد عفارة
    محمد عفارة
    جامعي ذهبي
    جامعي ذهبي


    ذكر
    عدد المساهمات : 2250
    العمر : 38
    المكان : أتستراد ــــــــــ
    المزاج : الحمدلله تمااام
    الدراسة : اقتصاد
    السنة الدراسية : متخرج
    المستوى : 409
    نقاط : 3507
    تاريخ التسجيل : 10/10/2008

    هل شارفت أمريكا على الإفلاس؟/ أ.د. محمد السقا Empty هل شارفت أمريكا على الإفلاس؟/ أ.د. محمد السقا

    مُساهمة من طرف محمد عفارة السبت أغسطس 08, 2009 7:14 am


    المختصر / الولايات
    المتحدة دولة تعيش حاليا خارج حدود إمكاناتها ومواردها، فعلى الرغم من أن
    عدد سكان الولايات المتحدة يمثل تقريبا نحو 4.5 في المائة من سكان العالم،
    فإن هذه الدولة تستهلك نحو 25 في المائة من موارد العالم، أي خمسة أضعاف
    نسبة سكانها، ويتم تبرير ذلك بارتفاع مستويات الدخل الفردي الذي بلغ 47
    ألف دولار في 2008.
    الولايات المتحدة أيضا تستهلك أكثر
    مما تنتج، وتمول هذا الفرق من خلال استخدام مدخرات الدول الأخرى، الأمر
    الذي يؤدي إلى تصاعد مديونية هذه الدولة قبل الدول الأخرى في العالم.


    لا
    يمكن لدولة ما أن تعيش خارج حدود إمكاناتها لفترة طويلة من الزمن، إذ لا
    بد أن يأتي يوم ما تتراكم فيها التزاماتها بصورة تعجز معها عن سداد تلك
    الالتزامات، وحاليا أخذ الدين
    الفيدرالي في الولايات المتحدة في الانفجار حتى بلغ مستويات تاريخية، فقد
    بلغ الدين العام الأمريكي حتى كتابة هذا المقال 11.370 تريليون دولار،
    وبما أن عدد سكان الولايات المتحدة يبلغ 306.4 مليون نسمة، فإن نصيب الفرد
    الأمريكي من الدين العام يساوي 37105 دولارات أمريكية، وهو ما يضع الفرد
    الأمريكي في مقدمة أكثر الأفراد المدينين في العالم. من ناحية أخرى فإن
    الدين الفيدرالي بهذا الشكل يشكل نحو 80 في المائة من الناتج المحلي
    الإجمالي، وإذا ما استمر الدين الفيدرالي في التصاعد بهذا الشكل في
    المستقبل، وهو أمر مؤكد بسبب العجز المالي الكبير الذي تعانيه الولايات
    المتحدة، فإن الدين الفيدرالي سيقترب من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي
    خلال السنوات الخمس المقبلة
    ، ومنذ نشوء الأزمة المالية
    العالمية في العام الماضي والدين العام الأمريكي يزيد بنحو 3.7 مليار
    دولار يوميا. ويتوقع أن يشهد عام 2009 فقط إضافة نحو تريليوني دولار إلى
    الدين الفيدرالي.


    مع
    تضخم الدين الفيدرالي أخذت مدفوعات الفائدة على هذا الدين في التزايد تبعا
    لذلك، ففي عام 2008 بلغت مدفوعات الفائدة على الدين الفيدرالي 412 مليار
    دولار، وعلى الرغم من أن معدلات الفائدة على السندات الأمريكية في
    الولايات المتحدة تنخفض بشكل واضح حاليا وتقترب من الصفر، إلا أن تآكل
    القوة الشرائية للدولار سيدفع بمعدلات الفائدة نحو الارتفاع لاحقا، وهو ما
    يؤدي، مع تصاعد حجم الدين المحلي، إلى زيادة نسبة مدفوعات الفائدة على
    الدين إلى إجمالي الإنفاق العام في الولايات المتحدة، وهناك بعض التوقعات
    التي تشير إلى أنه من المحتمل أن تتجاوز مدفوعات الفائدة على الدين
    الأمريكي في المستقبل تريليون دولار سنويا.


    مع
    نشوء الأزمة المالية اضطرت الولايات المتحدة إلى تحمل عجز كبير في
    ميزانيتها لدفع تكاليف عملية الإنقاذ الاقتصادي من تبعات أخطر الأزمات
    التي تعرض لها الاقتصاد الأمريكي منذ الحرب العالمية الثانية، وبلغ عجز
    الميزانية في العام الماضي أكثر من 1.3 تريليون دولار، أما العجز المتوقع
    في عام 2009 فيقدر بنحو 1.75 تريليون دولار، ويتوقع أن ينخفض العجز إلى
    نحو 1.1 تريليون في 2010، وهذا العجز لا يشمل خطط الرئيس أوباما بخفض
    الضرائب أو بزيادة الإنفاق العام. مع الأسف تتخذ الولايات المتحدة حاليا
    خطوات لمعالجة الانكماش يمكن أن تؤدي إلى تضخم جامح. فسياسات التيسير
    الكمي (طبع الدولار) التي يتبعها الاحتياطي الفيدرالي حاليا تؤدي إلى ضخ
    تريليونات الدولارات الورقية إلى عرض النقود، تحت دعوى أن أسواق الائتمان
    المجمدة حاليا تحتاج إلى توسع كبير في عرض النقود، وذلك من أجل تنشيط
    شرايين التجارة للعمل مرة أخرى.


    ولكن
    كيف تسمح الولايات المتحدة للدين الفيدرالي بأن يصل إلى تلك المستويات
    الحرجة؟ الإجابة هي أن ذلك يتم في ظل التوقع بأنه حالما تتعدل الأوضاع
    وترتفع معدلات النمو الاقتصادي فإن العجز سينخفض كنسبة من الناتج المحلي
    ،
    ومن ثم ترتفع قدرة الولايات المتحدة على سداد التزاماتها يساعدها على ذلك
    الوضع الفريد للدولار كعملة احتياط عالمية. غير أن اتباع الحكومة سياسات
    التيسير الكمي مع الاحتفاظ بعجز مالي ضخم يمثل المزيج المناسب لنشوء
    التضخم الجامح. في ظل هذه الحقائق فإن هناك بعض الشواهد التي تشير إلى
    تزايد الشك في قدرة الولايات المتحدة على الاستمرار كدولة ذات ملاءة مالية
    على الأمد الطويل لدى المقرضين الخارجيين الأساسيين للولايات المتحدة،
    ويبدو أن الصين تحاول تنويع استثمارات صندوق ثروتها السيادي شيئا فشيئا
    بعيدا عن أدوات الدين الأمريكي كتعبير عن قلقها المتصاعد حيال مستويات
    المديونية المرتفعة للولايات المتحدة، أكثر من ذلك فقد بدأت الصين بالفعل
    في تحري البدائل الممكنة للدولار كعملة احتياط دولية. ومثل هذه المخاوف
    الصينية ناشئة أساسا عن المنظور المحتمل للتضخم الجامح الذي يمكن أن يقضي
    على جانب كبير من القيمة الحقيقية لاستثماراتها الدولارية، ويرجع ذلك إلى
    إيمان الصين بأن الولايات المتحدة لا يمكنها الاستمرار في خدمة عبء دينها
    العام المتصاعد دون اللجوء إلى التضخم كسبيل لتجنب إعلان الإفلاس الوطني،
    وهو ما يؤدي إلى تدهور القوة الشرائية للدولار، ومن ثم تراجع استثمارات
    الصين الدولارية. وفي أول حزيران (يونيو) 2009 صرح يو يوندينج المستشار
    السابق لبنك الصين المركزي بأن العالم يشهد أزمة مالية أخرى أساسها تراجع
    الثقة بالدولار إذا لم تحاول الولايات المتحدة زيادة مستويات ادخارها
    والسيطرة على العجز في ميزانها الجاري.
    صورة
    الدين الفيدرالي على الرغم من قتامتها قد تبدو وردية إذا ما قارناها
    بالعجز المتوقع في برامج الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية والمرشحة لأن
    تواجه عجزا مرعبا في المستقبل. ففي خطابه أمام نادي الكومونوليث في
    كاليفورنيا أشار ريتشارد فيشر رئيس الاحتياطي الفيدرالي في دالاس إلى أن
    القيمة الحالية لتوقعات التزامات الضمان الاجتماعي غير الممولة في
    الولايات المتحدة تبلغ نحو 13 تريليون دولار. غير أن هذا المبلغ الضخم يعد
    معقولا جدا بالنسبة للقيمة الحالية لتوقعات عجز برنامج الرعاية الصحية
    الذي يتكون من ثلاثة أجزاء هي الجزء (أ) الذي يشمل الإقامة في المستشفيات،
    والجزء (ب) الذي يغطي الزيارات للأطباء، والجزء (د) الذي يغطي دعم الدواء.
    ووفقا للسيناريوهات التي عرضها فيشر فإن القيمة الحالية للالتزامات غير
    الممولة للجزء (أ) تبلغ 34.4 تريليون دولار، والجزء (ب
    ) نحو
    34 تريليون دولار، أما العجز في الجزء (د) فيصل إلى نحو 17.2 تريليون
    دولار، أي أن العجز المتوقع في برامج الرعاية الصحية في الولايات المتحدة
    يبلغ 85.6 تريليون دولار، أي أكثر من ستة أضعاف العجز في الضمان
    الاجتماعي، وهو أيضا أكثر من ثمانية أضعاف الدين الفيدرالي وأكثر من خمسة
    أضعاف الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي
    .
    وإذا ما تمت إضافة العجز المتوقع في الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية في
    الولايات المتحدة، فإن إجمالي العجز المستقبلي المتوقع في البرنامجين يصل
    إلى نحو 100 تريليون دولار، وهو رقم مرعب حقا. إذ يعني هذا العجز أن
    التزامات الخزانة العامة تصل إلى نحو 330 ألف دولار للفرد الأمريكي
    الواحد، أو نحو 1.3 مليون دولار لكل أسرة مكونة من أربعة أفراد، هذا العجز
    يساوي 25 ضعف متوسط نصيب الفرد من الدخل، والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو:
    كيف للولايات المتحدة أن تواجه هذه الأعباء الضخمة؟ ولذلك لم يكن مستغربا
    أن يعلن الرئيس أوباما أمام الاجتماع السنوي للجمعية الطبية الأمريكية أن
    (الولايات المتحدة قد تسير على طريق «جنرال موتورز»)، أي نحو الإفلاس «إذا
    لم يتم إصلاح نظام الرعاية الصحية»، ذلك أن أحد أسباب اضطراب «جنرال
    موتورز» و»كرايزلر» هي التكاليف الضخمة التي تكلفتها في سبيل توفير
    الرعاية الصحية لعمالها كافة، وهو ما جعل الشركتين أقل ربحية ومن ثم أقل
    تنافسية في مقابل باقي مصنعي السيارات عبر العالم. الولايات
    المتحدة تسير إذن حاليا على الطريق نفسه ما لم تتخذ إصلاحات هيكلية في
    برامج رعايتها الصحية. وقد كان إصلاح نظام الرعاية الصحية أحد وعود أوباما
    الانتخابية، وحاليا يوجد نحو 50 مليون أمريكي دون تأمين صحي، وقد اقترح
    أوباما خطة من عشر سنوات تتكلف نحو 1.6 تريليون دولار لكي تصبح الرعاية
    الصحية متاحة لكل الأمريكيين. وتشمل خطط أوباما الإصلاحية تشجيع المنافسة
    بين شركات التأمين الصحي لجعل تكاليف التأمين الصحي معقولة للمواطنين كافة



    إن عجز ميزان المدفوعات الأمريكي كان أيضا من الناحية الكلاسيكية أحد
    أسباب اضطراب نظام المدفوعات على المستوى العالمي، وهناك ثلاثة أنواع من
    عجز ميزان المدفوعات الأمريكي، الأول العجز التجاري حيث تستورد الولايات
    المتحدة أكثر مما تصدر، والثاني هو العجز الناجم عن حركات الرساميل، حيث
    تشتري الشركات الأمريكية شركات أجنبية، والعجز الثالث وهو الأهم وهو العجز
    الناجم عن إنفاق ''البنتاجون'' في الخارج، الذي يمثل الإنفاق العسكري
    الأمريكي
    . وخلال العقود الخمسة السابقة كان الإنفاق
    العسكري الأمريكي مسؤولا عن جانب كبير من العجز في ميزان المدفوعات،
    ولتمويل اقتصاد في حالة حرب شبه دائمة أغرقت الولايات المتحدة العالم
    بالدولارات، وتذهب هذه الدولارات بعد استبدالها بالعملات المحلية إلى
    البنوك المركزية، وهنا تواجه البنوك المركزية للدول المختلفة مشكلة أساسية
    وهي أنه لا بد من إنفاق هذه الدولارات في الولايات المتحدة، وإلا فإن معدل
    صرف عملاتها بالنسبة للدولار سيأخذ في التزايد، الأمر الذي يؤثر بصورة
    سلبية في تنافسية صادراتها، ومن ثم لا تجد هذه البنوك خيارا آخر سوى إعادة
    تدوير هذه الأموال في الولايات المتحدة من خلال شراء الدين الحكومي، أي
    أنها وبشكل غير مباشر تمول الإنفاق العسكري الأمريكي، وقد مكن مثل هذا
    الوضع الفريد الولايات المتحدة من أن تطبع الدولار دون أي قيود لشراء
    وارداتها من الخارج ولتمويل توسعاتها العسكرية. غير أن بعض الشواهد تشير
    إلى أن هذا الوضع بدأ ينحسر الآن، وأنه إذا ما توقفت الدول الأخرى عن شراء
    السندات الأمريكية قد يصبح من غير الممكن للولايات المتحدة الاستمرار في
    الإنفاق العسكري على النحو الذي تسير عليه الأمور حاليا، وهي معضلة
    استراتيجية، فالولايات المتحدة في
    حاجة مستمرة إلى تعزيز إنفاقها العسكري كقوة عظمى ولتثبيت سيطرتها في عالم
    أحادي القطب، ومن ثم فإنه إذا ما أصرت على الاستمرار في إنفاقها العسكري
    عند مستوياته الحالية فلا بد أن تنخفض دخول الأمريكيين بشكل كبير من خلال
    الضرائب، وبلغت ميزانية الإنفاق العسكري الأمريكي في عام 2008 نحو 623
    مليار دولار
    .


    وحاليا
    يطمئن الرئيس أوباما وكذلك وزير خزانته تيموثي جايثنر الجميع بإمكانية
    استدامة الوضع الحالي وأنه حالما تنتهي الأزمة ستعود الولايات المتحدة مرة
    أخرى إلى اتباع سياسات مالية متحفظة. غير أن البعض يشكك بشدة في إمكانية
    حدوث ذلك طارحين ثلاثة سبل للخروج من الخلل المالي الذي تعانيه الميزانية
    الأمريكية وهو
    أولا: زيادة الضرائب على نحو كبير، أو خفض الإنفاق الحكومي بشكل جذري، وهما خياران مستبعدان في ظل ظروف الأزمة، أو ثانيا: السماح بتضخم جامح لتخفيض القيمة الحقيقية للدين المحلي ومن ثم تدمير قيمة الدولار، أو ثالثا:
    التوقف عن سداد الدين الفيدرالي وهو ما يعد إعلانا رسميا بالإفلاس. ومما
    لا شك فيه أن إعلان التوقف عن السداد سيحمل آثارا رهيبة على النظام
    الاقتصادي العالمي، سواء المالي أو الاقتصادي أو على صعيد العلاقات
    الدولية أو التحالفات الاستراتيجية.


    إن
    استمرار عجز ميزان المدفوعات وتزايد عجز الميزانية ومن ثم تصاعد الدين
    الأمريكي، مع سياسات نقدية تضخمية لا تعطي خيارا للدول ذات الفوائض
    الدولارية سوى محاولة تجنب تراكم تلك الفوائض الدولارية لديها، وقد حاولت
    الصين أن تنوع من محافظها الدولارية بعدم الاقتصار على الاحتفاظ بالسندات
    الدولارية، ولكن دون نجاح حتى الآن على ما يبدو. وفي زيارته إلى الصين صرح
    تيموثي جايثنر وزير الخزانة الأمريكي بأن عجز الميزانية الأمريكي يصل
    حاليا إلى نحو 13 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة مرتفعة،
    إلا أن جايثنر أعلن أن الولايات المتحدة تخطط إلى تخفيض العجز إلى نحو 3
    في المائة، والواقع أن جايثنر لم يكن مقنعا خصوصا أنه لم يوضح من الناحية
    الحسابية كيف يمكن الوصول إلى تلك المستهدفات، فالوضع الأمريكي في غاية
    الصعوبة، فلا يمكن رفع معدلات الضرائب في ظل تراجع معدلات النمو
    الاقتصادي، وفي ضوء الجمود النسبي للإنفاق العام الأمريكي وتكلفة حربين لا
    تستطيع الولايات المتحدة أن تفك التزاماتها فيهما، يصبح من الصعب الحديث
    عن السيطرة على عجز الميزانية. وفي محاولة لتهدئة المخاوف الصينية أشار
    جايثنر إلى أن الأصول الاستثمارية المالية في الولايات المتحدة آمنة جدا،
    وأن إدارة أوباما ملتزمة بسياسة الدولار القوي، وهي سياسة لم تثمر حتى هذه
    اللحظة. الصين أيضا شغوفة حاليا لمعرفة كيفية السيطرة على نمو السيولة في
    الولايات المتحدة، والآليات التي من خلالها سيتم سحب تلك السيولة مستقبلا
    من الاقتصاد الأمريكي لكي تتجنب مخاطر التضخم.


    وتبذل
    حاليا جهودا من قبل الصين وروسيا بصورة أساسية لاستبدال الدولار كعملة
    احتياط دولية بعملة أخرى، وإذا ما نجحت تلك الدول فإن الدولار سينخفض بشكل
    كبير. فقد وقعت الصين اتفاقيات مع البرازيل وماليزيا بأن تتم تسوية
    الصفقات التجارية الثنائية بينها من خلال اليوان الصيني أو الجنيه
    الاسترليني أو اليورو بدلا من الدولار، كذلك وعدت روسيا بأنها ستبدأ عقد
    صفقاتها التجارية بالروبل والعملات المحلية للدول التي تتاجر معها، كذلك
    تحاول الصين التخلص جزئيا من احتياطياتها الدولارية من خلال شراء مصانع
    وأصول عبر دول العالم، فبما أن الولايات المتحدة ترفض أن تبيع أي من
    صناعاتها عالية التقنية للصين، فإن الصين لا تجد خيارا آخر سوى شراء تلك
    الأصول خارج الولايات المتحدة في ظل توقعها أن يفقد الدولار قيمته بسرعة
    في المستقبل
    .


    ولكن
    السؤال الأساسي هو: هل يستطيع المدخرون بالدولار الاتجاه بمدخراتهم بعيدا
    عن الدين الأمريكي؟ الإجابة لحسن حظ الولايات المتحدة قد تبدو لا
    ،
    وتجدر الإشارة إلى أن محافظ البنك المركزي الصيني كان قد اقترح وقف
    استخدام الدولار كعملة احتياط، واستخدام وحدات حقوق السحب الخاصة التي
    يصدرها صندوق النقد الدولي كعملة احتياط دولية بدلا من الدولار، وفي رأيي
    فإن فرص نجاح تلك المحاولات تعد شبه معدومة بسبب عدم وجود بديل جاهز حاليا
    أو في المستقبل القريب للدولار، وفي مقال لاحق سنحلل الأسباب التي تحول
    دون نجاح مثل هذا المقترح.


    الوضع
    المالي للولايات المتحدة إذن حرج للغاية، ويدور التساؤل حاليا وبقوة حول
    ما إذا كانت الحكومة الأمريكية ستجبر على إعلان إفلاسها بعد أن دخلت
    مديونية الولايات المتحدة الخطوط الحمراء حول المعدلات الآمنة لنسبة الدين
    إلى الناتج المحلي الإجمالي. ليس أمرا مستبعدا أن تفلس إمبراطورية ما، إلا
    أن التاريخ يخبرنا بأن الإمبراطوريات التي تفلس تفقد قوتها على الصعيد
    العالمي. لحسن الحظ فإن السيناريو الحالي تكرر في الولايات المتحدة، وربما
    بصورة أسوأ، في أعقاب أزمة 1929، وخرج الاقتصاد الأمريكي من الأزمة معافى
    من دون أن تضطر الحكومة الأمريكية إلى إعلان إفلاسها، ومن المؤكد أن
    الاقتصاد الأمريكي يملك من القوى التي تمكنه من أن يحول دون بلوغ حافة
    الإفلاس، غير أنه للحيلولة دون ذلك فإن الولايات المتحدة في حاجة إلى
    مراجعة شاملة لسياسات الإنفاق التي تتبعها حاليا، بما في ذلك إنفاقها
    العسكري، وإصلاح برامج الرعاية الصحية والاجتماعية، واتباع سياسات تقشفية
    للسيطرة على العجز المتصاعد في ميزانيتها الفيدرالية، ورفع معدلات الادخار
    المحلي لتقليل اعتمادها على مدخرات العالم الخارجي
    ، وهي سياسات قد تبدو غريبة على مسامع الفرد الأمريكي، إلا أنها ضرورة أساسية للحيلولة دون لجوء الحكومة الأمريكية إلى إعلان إفلاسها.

    المصدر: الاقتصادية الإلكترونية

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 4:19 am