ظاهرة انتشار السيارات المتنقلة التي تبيع المياه في "البيدونات" (عبوات بلاستيكية تزن 20 ليتر) انتشرت في طرطوس بشكل كبير في السنوات القليلة الماضية، ورغم التحاليل التي قامت بها مؤسسة مياه الشرب في المحافظة لبعض العينات من هذه السيارات، والتي أثبتت تلوث هذه المياه واحتوائها على الجراثيم إلا أن العديد منها ما يزال يجوب شوارع وأماكن عديدة ضمن المحافظة.
ولا يمكن أن ننكر الحملات التي قامت بها المحافظة في الأشهر الماضية لإيقاف هذه السيارات ومنعها من بيع المياه، إلا أنها لم ترتدع بل عمل بعضها على تغيير شكل "عبوة المياه وتعبئتها في "بيدونات" مخصصة للحليب للتهرب من الدوريات.
وفي المقابل تشتري الكثير من العائلات هذه المياه المعبأة، دون التأكد حتى من مصدرها ولأسباب حاولنا التعرف عليها من خلال التحقيق التالي.
حكاية المياه الكلسية
قد يكون سعر المياه الرخيص التي تباع في السيارات أولاً، والمكان "المزمع" إحضار الماء منه، أي (الينابيع المنتشرة في الجبال الساحلية) ثانياً، الأسباب الرئيسية لشراء هذه المياه واستخدامها للشرب.
ولكن توجد أسباب آخرى تدفع الأهالي لشراء هذه العبوات.
يرى العديد من المواطنين أن ازدياد نسبة الكلس في مياه شرب الشبكة داخل المنازل هو من أهم الأسباب التي دفعتهم لشراء هذه العبوات، وكذلك الأمر ما يتعلق بالفوائد الكيميائية لمياه الينابيع البازلتية والتي تحتوي على العديد من المعادن.
ويقول السيد محمد 64 عاماً " أخاف أن يسبب هذا الكلس أية أمراض لي وخصوصاً الحصى، كما أنني لا أستسيغ شرب الشاي المغلية بهذه المياه الكلسية، ولذلك أشتري العبوات البلاستيكية التي تباع في السيارات الجوالة ولا نشرب إلا منها ونستخدمها للشاي والقهوة ".
وعند حديثنا عن تلوث المياه التي تباع في السيارات الجوالة، يقول السيد محمد" لم أسمع بهذا الأمر من أحد ولا حتى بالتلفزيون".
ما قاله السيد محمد شاركه به العديد من المواطنين الذين يشترون هذه العبوات، مؤكدين على موضوع رخص هذه العبوات والذي لا يتجاوز35 ليرة سورية، فهي كما يقولون "لن تقدم ولن تأخر بميزانية البيت أو المحل".
والغريب في الأمر أن الكثير ممن التقيناهم غير متأكدين من مصدر المياه التي يشترونها، هل هي من الينابيع أو من الأمطار أو السدود أو من "شي حنفية ضيعة" تقل فيها نسبة الكلس(فنسبة الكلس ترتفع في أماكن وتقل في آخرى) كما علمنا.
"المياه غير المعقمة... ملوثة"
مسببات تلوث المياه عديدة منها : المجاري البيتية والصناعية، الأسمدة الزراعية، المبيدات، مسببات الأمراض" بكتريا وفيروسات"، النفط، المواد المشعة وعناصر معدنية وغيرها من الملوثات التي تجعل الماء غير صالح للشرب ولا حتى للغسيل إلا بعد التعقيم الذي يتم من خلال الكلور وهو ما أكد عليه المدير العام لمؤسسة مياه الشرب والصرف الصحي في طرطوس المهندس محمد إبراهيم .
وأضاف المهندس إبراهيم" تم تحليل العديد من عينات مياه السيارات الجوالة وتبين أنها ملوثة وقدمنا نتائج التحاليل إلى الجهات المعنية".
وعن وجود الكلس في مياه الشرب المنزلي، أكد المهندس إبراهيم أن "نسبة الكلس ضمن المواصفات، وبالتالي ليس لها أي مساوئ وهو ما تأكده نتائج التحاليل التي تقوم بها المؤسسة ومخابر الوزارة، كما أن عدم وجود كلس في مياه العبوات يعود إلى أنها بازلتية المصدر فهي لا تحتوي مواد منحلة".
ويذكر لنا المهندس إبراهيم مثالاً عن تلوث مياه الينابيع فيقول أنه تم تحليل عينة من" نبع عين الكرم في صافيتا فكانت النتيجة أن تعداده الجرثومي أكثر من 240 عصية، في حين أن الحد المسموح به وفي حالات الطوارئ 10 عصيات من دون تعقيم".
ما حدثنا به المهندس إبراهيم أكده لنا الأستاذ "غيث سعد" رئيس المخبر في دائرة الأمراض البيئية في طرطوس وذلك من خلال تحليل عينة من مياه الشبكة وأخرى من أحد الينابيع غير المعقمة، فقد أظهرت النتائج بوضوح كمية الجراثيم الموجودة في هذا النبع.(والصورة تظهر الفرق بين العينتين).
عندما يصبح الماء في الجسم ناراً
لعل الكوليرا والتيفوئيد هي أشهر الأمراض التي تصيب جسم الإنسان نتيجة شرب أو غسيل الطعام بالمياه الملوثة، فهذه المياه من الناحية الجرثومية والكلام للدكتور غياث سليمان تسبب أمراض عديدة منها" الالتهابات المعوية والتهاب الكبد الانتاني أي اليرقان".
وبحسب دراسات طبية، تصبح هذه الأمراض خطرة على الأطفال وكبار السن أو من تكون أجهزة المناعة لديهم ضعيفة، وتعتبر الفيروسات والبكتيريا المسببين الرئيسين لإصابة البالغين والأطفال بالالتهابات المعوية.
وهو إذ يؤكد على أهمية الكلس لجسم الإنسان وخاصة للعظام والأسنان ضمن الحدود المسموح بها، لا ينصح الدكتور سليمان بالمياه المكلسة لمن يعاني من ضمور في الكلى، و"لكن الحل لا يكون من خلال هذه المياه الملوثة".
كلمة صغيرة
في ظل كل هذه التحاليل والتي تؤكد تلوث المياه غير معروفة المصدر التي تباع في السيارات الجوالة، نتساءل عن سبب عدم الاستمرار في حملة إيقاف هذه السيارات، كما أن حملات التوعية من خطر استخدام هذه المياه ماتزال دون المطلوب.
لذلك يجب عدم التهاون في موضوع المياه، فإذا كان الخبز خط أحمر فيجب وضع 100خط أحمر للمياه قبل أن تقع "الفأس بالرأس" ونسمع عن وجود 50 حالة مرضية هنا أو 70حالة هناك بسبب المياه الملوثة.
مقالة حسين جنيدي
ولا يمكن أن ننكر الحملات التي قامت بها المحافظة في الأشهر الماضية لإيقاف هذه السيارات ومنعها من بيع المياه، إلا أنها لم ترتدع بل عمل بعضها على تغيير شكل "عبوة المياه وتعبئتها في "بيدونات" مخصصة للحليب للتهرب من الدوريات.
وفي المقابل تشتري الكثير من العائلات هذه المياه المعبأة، دون التأكد حتى من مصدرها ولأسباب حاولنا التعرف عليها من خلال التحقيق التالي.
حكاية المياه الكلسية
قد يكون سعر المياه الرخيص التي تباع في السيارات أولاً، والمكان "المزمع" إحضار الماء منه، أي (الينابيع المنتشرة في الجبال الساحلية) ثانياً، الأسباب الرئيسية لشراء هذه المياه واستخدامها للشرب.
ولكن توجد أسباب آخرى تدفع الأهالي لشراء هذه العبوات.
يرى العديد من المواطنين أن ازدياد نسبة الكلس في مياه شرب الشبكة داخل المنازل هو من أهم الأسباب التي دفعتهم لشراء هذه العبوات، وكذلك الأمر ما يتعلق بالفوائد الكيميائية لمياه الينابيع البازلتية والتي تحتوي على العديد من المعادن.
ويقول السيد محمد 64 عاماً " أخاف أن يسبب هذا الكلس أية أمراض لي وخصوصاً الحصى، كما أنني لا أستسيغ شرب الشاي المغلية بهذه المياه الكلسية، ولذلك أشتري العبوات البلاستيكية التي تباع في السيارات الجوالة ولا نشرب إلا منها ونستخدمها للشاي والقهوة ".
وعند حديثنا عن تلوث المياه التي تباع في السيارات الجوالة، يقول السيد محمد" لم أسمع بهذا الأمر من أحد ولا حتى بالتلفزيون".
ما قاله السيد محمد شاركه به العديد من المواطنين الذين يشترون هذه العبوات، مؤكدين على موضوع رخص هذه العبوات والذي لا يتجاوز35 ليرة سورية، فهي كما يقولون "لن تقدم ولن تأخر بميزانية البيت أو المحل".
والغريب في الأمر أن الكثير ممن التقيناهم غير متأكدين من مصدر المياه التي يشترونها، هل هي من الينابيع أو من الأمطار أو السدود أو من "شي حنفية ضيعة" تقل فيها نسبة الكلس(فنسبة الكلس ترتفع في أماكن وتقل في آخرى) كما علمنا.
"المياه غير المعقمة... ملوثة"
مسببات تلوث المياه عديدة منها : المجاري البيتية والصناعية، الأسمدة الزراعية، المبيدات، مسببات الأمراض" بكتريا وفيروسات"، النفط، المواد المشعة وعناصر معدنية وغيرها من الملوثات التي تجعل الماء غير صالح للشرب ولا حتى للغسيل إلا بعد التعقيم الذي يتم من خلال الكلور وهو ما أكد عليه المدير العام لمؤسسة مياه الشرب والصرف الصحي في طرطوس المهندس محمد إبراهيم .
وأضاف المهندس إبراهيم" تم تحليل العديد من عينات مياه السيارات الجوالة وتبين أنها ملوثة وقدمنا نتائج التحاليل إلى الجهات المعنية".
وعن وجود الكلس في مياه الشرب المنزلي، أكد المهندس إبراهيم أن "نسبة الكلس ضمن المواصفات، وبالتالي ليس لها أي مساوئ وهو ما تأكده نتائج التحاليل التي تقوم بها المؤسسة ومخابر الوزارة، كما أن عدم وجود كلس في مياه العبوات يعود إلى أنها بازلتية المصدر فهي لا تحتوي مواد منحلة".
ويذكر لنا المهندس إبراهيم مثالاً عن تلوث مياه الينابيع فيقول أنه تم تحليل عينة من" نبع عين الكرم في صافيتا فكانت النتيجة أن تعداده الجرثومي أكثر من 240 عصية، في حين أن الحد المسموح به وفي حالات الطوارئ 10 عصيات من دون تعقيم".
ما حدثنا به المهندس إبراهيم أكده لنا الأستاذ "غيث سعد" رئيس المخبر في دائرة الأمراض البيئية في طرطوس وذلك من خلال تحليل عينة من مياه الشبكة وأخرى من أحد الينابيع غير المعقمة، فقد أظهرت النتائج بوضوح كمية الجراثيم الموجودة في هذا النبع.(والصورة تظهر الفرق بين العينتين).
عندما يصبح الماء في الجسم ناراً
لعل الكوليرا والتيفوئيد هي أشهر الأمراض التي تصيب جسم الإنسان نتيجة شرب أو غسيل الطعام بالمياه الملوثة، فهذه المياه من الناحية الجرثومية والكلام للدكتور غياث سليمان تسبب أمراض عديدة منها" الالتهابات المعوية والتهاب الكبد الانتاني أي اليرقان".
وبحسب دراسات طبية، تصبح هذه الأمراض خطرة على الأطفال وكبار السن أو من تكون أجهزة المناعة لديهم ضعيفة، وتعتبر الفيروسات والبكتيريا المسببين الرئيسين لإصابة البالغين والأطفال بالالتهابات المعوية.
وهو إذ يؤكد على أهمية الكلس لجسم الإنسان وخاصة للعظام والأسنان ضمن الحدود المسموح بها، لا ينصح الدكتور سليمان بالمياه المكلسة لمن يعاني من ضمور في الكلى، و"لكن الحل لا يكون من خلال هذه المياه الملوثة".
كلمة صغيرة
في ظل كل هذه التحاليل والتي تؤكد تلوث المياه غير معروفة المصدر التي تباع في السيارات الجوالة، نتساءل عن سبب عدم الاستمرار في حملة إيقاف هذه السيارات، كما أن حملات التوعية من خطر استخدام هذه المياه ماتزال دون المطلوب.
لذلك يجب عدم التهاون في موضوع المياه، فإذا كان الخبز خط أحمر فيجب وضع 100خط أحمر للمياه قبل أن تقع "الفأس بالرأس" ونسمع عن وجود 50 حالة مرضية هنا أو 70حالة هناك بسبب المياه الملوثة.
مقالة حسين جنيدي