شهد اليوم الثاني من الملتقى الوطني للحوار الاقتصادي أحداثا دراماتيكية متسارعة ، دعت وزير الاقتصاد الى مغادرة قاعة الاجتماع قبل انتهاء الوقت المحدد بعد هجوم عنيف عليه من قبل الحضور .
وتركزت المداخلات بالهجوم على السياسات الاقتصادية للحكومة ، في الوقت الذي طالب فيه اخرون " بتحديد اسم وهوية الاقتصاد السوري كونه اقتصاد ضائع بين الرأسمالية والاشتراكية ونظام السوق الاجتماعي " على حد تعبيرهم ، فيما طالب أحد " البعثيين القدامى " كما عرف عن اسمه بتطبيق ما أسماه " نظام السوق الاشتراكي" الأمر الذي قوبل بالضحك من قبل الحضور .
من جهة أخرى ، طالب الدكتور " مازن صباغ " القادم من محافظة حماه الحكومة بمعرفة ماذا يريد المتظاهرين في شوارع سوريا قبل عقد المؤتمرات ، لافتا في الوقت ذاته الى انه التقى عينة منهم وطالبوه بأن تكف الجرائد السورية عن وصف الازمة بأنها أزمة مازوت أو خبز .
وفي ذات السياق ، حمّل الدكتور " مدين الضابط " الحكومة السورية كامل المسؤولية عن تدهور الاقتصاد السوري ، مشيرا الى أن الدولة لاتمتلك أي اليات فعالة من أجل حماية المستهلك أو وقف الغلاء أو ضبط سياسة الانفاق .
و طرح الدكتور " الضابط " مجموعة أسئلة وضعها بملعب وزير الاقتصاد الذي كان حاضرا في الجلسة " هل تمتلك الدولة أي أدوت لتغيير الاقتصاد ؟ .. هل وزير الاقتصاد قادر أن يخفض سعر سلعة أو يحمي مستهلك ؟ .. هل الدولة قادرة على جباية الضرائب أو ضبط الانفاق العام ؟ " .
وصاحب المداخلات سجال واسع وفوضى داخل القاعة ، الامر الذي اضطر وزير الاقتصاد للدفاع عن نفسه بتقديم ورقة عمل مؤلفة من حلين الاولى " اسعافية " والثانية " استراتيجية " على حد وصفه ، مطالبا الموجودين بالابتعاد عن الشعارات والتنظير وتقديم اقتراحات على شكل " أوامر ".
لكن قاعة الحوار مالبثت وأن دخلت في فوضى جديدة بعد كلمة الوزير الامر الذي اضطره للانسحاب منها بعد فترة وجيزة ، فيما حاولمدير الجلسة " راتب الشلاح " لملمة الأمور بطلبه اكمال المداخلات من الحضور .
وفي ذات السياق قال الدكتور "موسى الغرير" محاضر في جامعة دمشق ، أن هناك " تحديات ديموغرافية واجتماعية واقتصادية وأمنية تحيط بالبلد ، ويجب وضع حلول سريعة لها ، لافتا الى ان التحدي الاكبر الذي يواجه الاقتصاد يتمثل بتحديد هويته .
وأيدت معظم المداخلات ماذهب اليه الدكتور " الغرير " من ضرورة تحديد هوية الاقتصاد السوري متسائلين " هل نحن في اقتصاد رأسمالي ، أم اشتراكي ، أم مختلط ؟ .
يشار إلى أن أعمال الملتقى الوطني للحوار الاقتصادي بدأ أمس الاحد و يستمر حتى الثلاثاء ، في قصر المؤتمرات بدمشق بمشاركة نحو 300 شخصية رسمية و عامة من مختلف الأطياف .
و قال رئيس الحكومة عادل سفر في كلمته الافتتاحية أمس أنه " لا عودة عن ثوابت وتوجهات عملية الإصلاح الاقتصادي وأن المطلوب في هذه المرحلة مراجعة وتقييم وتصويب السياسة الاقتصادية والاجتماعية بما يضمن المواءمة بين الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية إضافة إلى رصد آثار وانعكاسات تلك السياسات على حياة المواطنين بشكل عام وذوي الدخل المحدود منهم بشكل خاص ".
و لفت " سفر " إلى أن " سورية تأثرت بالأزمة السياسية والأمنية " ، موضحاً أن " سورية بلد يتمتع بالأمن الغذائي، وأنها بنت قواعد اقتصادية متينة خلال الثلاثين والأربعين سنة الماضية ".
أحمد العقدة ـ عكس السير
.