جهينة نيوز-خاص- "كفاح نصر":
يتساءل الكثيرون: لماذا الياسمينة الزرقاء؟.. ولماذا تفتيت سورية فقط من
الداخل وليس عبر حرب؟.. يأتي هذا التساؤل من القرّاء فقط لمعرفة مصير
سورية في الأزمة الراهنة، وهل هناك إمكانية لشن حرب على سورية؟.. في هذا
الملحق سنناقش لماذا الياسمينة الزرقاء ومشروع إشعال سورية من الداخل،
ولماذا التدخل العسكري في سورية مستحيل؟.
كما ذكرت في الجزء الأول فالحرب هي في المقدّمة حرب أنابيب غاز على
المدى القريب لوقف النفوذ الروسي في أوروبا ولاحقاً النفوذ الإيراني السوري
عبر خط الغاز الإيراني الذي تكلمنا عنه سابقاً، وحرب مصادر نفط على المدى
البعيد، حيث نفط الخليج خلال خمسين سنة لن يبقى منه إلا القليل غير الكافي
لمواكبة تطوّر العالم، وسيصبح نفط العالم من بحر قزوين في وسط آسيا والمحيط
المتجمد الشمالي، وبالتالي المستهدف الأول والمباشر من هذه الحرب بالدرجة
الأولى هو روسيا لوقف نفوذها في أوروبا عبر الغاز البديل من جهة ولمحاصرتها
كونها تشرف على نفط المستقبل في بحر قزوين والقطب الشمالي، ولهذا قال
الكثير من المحللين الروس: إن الهجوم على سورية يستهدف روسيا، وروسيا منذ
الإعلان عن خط نابوكو أدركت أن الأمريكي لا يقبل أي منافس تجاري له، ولن
يتوانى عن التلويح بكل الخيارات في وجه حلفائه عبر سياسة القطب الأوحد،
فضلاً عن الروس، ولهذا اعتبرت موسكو خط غاز نابوكو عملاً عدائياً ضد روسيا.
وذكرنا أنه مع بدء تمديد شبكات غاز في جورجيا أعلنت أبخازيا وأوسيتيا
الجنوبية استقلالها عن جورجيا، فشنّت جورجيا حربها مما أدى الى دخول الروسي
في الحرب ودحر العدوان الجورجي، بل دخول باقي أراضي جورجيا، وتدمير كل ما
يختص بالغاز في جورجيا، ولم يترك حجراً على حجر في المنشآت التابعة لخط
نابوكو، وبعد حرب القوقاز وقّعت شركة "غازبروم" اتفاقها مع أذربيجان،
وبالتالي المساس بوسط آسيا مستحيل نظرياً ويجب أن يكون تحصيل حاصل، حيث إن
الأمريكي لا يمكن أن يحلّ معضلته إلا بسقوط إما سورية أو إيران لتأمين
إمداد الغاز من إيران أو من شرقي المتوسط قبل قطع الغاز الروسي عن أوروبا
لترك روسيا متخبطة اقتصادياً من جهة، وطبعاً إشعال روسيا التي تضمّ 20
مليون مسلم روسي عبر الإسلام المتطرف، فما هي الاحتمالات أمام الأمريكي؟.
خيار الحرب العسكرية على سورية
بغض النظر عن أي حلفاء لسورية، فبمجرد شن حرب على سورية يعني وضع إيران
في الحضن الروسي تماماً، وهذا في العلم الجيوسياسي يعني وصول موسكو إلى
الخليج العربي، ولذلك هذا الخيار مستبعد من دون التفاصيل، فكيف مع التحالف
الإيراني السوري الذي قد يشعل المنطقة، فالحرب لا تنتج إسلاماً متطرفاً
يساهم بتقسيم المنطقة، بل تنتج إسلاماً مقاوماً للمشروع الأمريكي. فضلاً عن
أن الناتو يحمي إسرائيل، وحين يأتي الناتو إلى سورية لن تتوانى سورية عن
توسيع الحرب إلى إسرائيل، بل ومسح تل أبيب لأن واشنطن لا يمكنها أن تحارب
مع إسرائيل علناً. وهنا أذكّر القارئ بأن إسرائيل لم ترد على صواريخ العراق
التي أطلقها صدام إبان حرب الخليج، لأن أي حرب تشنّها أمريكا مع إسرائيل
يستحيل أن تلاقي دعماً عربياً، وإذا كانت عدّة صواريخ عراقية أثارت الشارع
العربي حين سقطت على إسرائيل، فكيف سيكون الحال مع مطر الصواريخ السورية
التي تزيد عن 100 ألف صاروخ مرعب (اس اس 21، سكود أ، سكود سي، وإسكندر)
التي تحمل شحنات لا تقل عن 500 كغ وتصل إلى 1300 كم. بالإضافة إلى أن حلفاء
سورية في لبنان وفلسطين والمنطقة لن يقفوا على الحياد، فأي حرب على سورية
ستقضي على المشروع الأمريكي حتى لو دُمّرت سورية، وبالتالي الحرب على سورية
هي خيار انتحاري مستحيل، ويتيح لسورية مسح إسرائيل دون أن تستطيع إسرائيل
الرد.
خيار الحرب على إيران
هي عكس للخيار الأول، ففي حال أدركت موسكو أن واشنطن تقترب من حدودها في
إيران وتحضّر لضرب مصالحها في أوروبا ستغطي سورية لشن حرب على إسرائيل،
وبغض النظر عن البعد الجيوسياسي فإن الحرب على إيران تعني حرباً شاملة في
المنطقة، عدا عن أن من تجسّس على العراق إبان البحث عن أسلحة الدمار الشامل
لم يستطع دخول إيران، فضلاً عن امتلاك إيران ثلاثة جيوش (جيش نظامي، حرس
الثورة، قوات الباسيج) وبالتالي الحرب على إيران هي دخول في حرب لمدة لا
تقل عن عام ولا يمكن التنبؤ بنتائجها مع وجود روسيا على حدودها. إضافة إلى
أن الحرب على إيران ستقطع نفط الخليج عن أوروبا وسينهار اليورو والاتحاد
الأوروبي، وبالتالي تكون واشنطن سلّمت روسيا والصين الدول الأوروبية دون
مقابل ومجاناً.
خيار الحرب على سورية وإيران معاً
هو الخيار الوحيد المتاح أمام واشنطن لتفادي أي تصعيد روسي أو صيني أو
أي من الدول الصاعدة التي تخشى سياسة القطب الواحد والهيمنة الأمريكية على
العالم، ولكن ما تبعات الحرب على سورية وإيران معاً؟؟.
يمكن تلخيص حرب لبنان في العام 2006 إبان العدوان الإسرائيلي كملخص
للحرب، فأي حرب شاملة ضد محور المقاومة قد تكلّف واشنطن وجودها في المنطقة
كاملة وليس في جزء من المنطقة، وفي حال ارتفاع أسعار النفط بسبب الحرب قد
ينهار الاتحاد الأوروبي وتسلم واشنطن أوروبا للصيني والروسي مجاناً، فهل
ستقدم واشنطن للروسي والصيني ما تقاتل لأجله، وبالتالي خيار الحرب على
لبنان وسورية وإيران دفعة واحدة هو الخيار الأفضل لواشنطن لولا آلاف
العقبات أمام هذا الخيار، وقبل اجتماع السيد حسن نصر الله والرئيس بشار
الأسد والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في دمشق كان الأمريكي يدرك أن أي
حرب غير شاملة في المنطقة قد تقلب الطاولة في وجه الأمريكي، وأي حرب شاملة
أيضاً ستقلب الطاولة في وجه الأمريكي، ولهذا من نهاية العام 1999 ومطلع
العام 2000 أدرك الامريكي أن مشروعه لا يمكن أن يحيا إلا بما سُمّي الفوضى
الخلاقة (الربيع العربي) وهي نتيجة حتمية لدراسات مئات وآلاف الخبراء وليس
حيلة.
طبعاً ما سبق من سيناريوهات دُرست مطلع العام 2000 ولكن مع تكشّف قدرات
حزب الله قلنا سابقاً إن هذا أجبر إسرائيل على إجراء خمس مناورات كبرى،
فكيف الأمر مع تكشف القدرات الإيرانية وخصوصا الصواريخ المصومعة التي
يستحيل وقف تدفقها.
الحل فقط لواشنطن ضرب سورية من الداخل وتقسيمها
لأن كل الخيارات العسكرية ضد سورية أو إيران غير متاحة، لجأت واشنطن إلى
مشروع الياسمينة الزرقاء لتفتيت سورية من الداخل، فمع إشعال الحرب
الطائفية في سورية فإن الأمريكي لن يقضي على القضية الفلسطينية فحسب، بل
يكون قد سيطر على أهم المعابر الإستراتيجية في العالم من أوكرانيا نزولاً
لسورية وثم إلى تونس ولا يبقى أمامه عقبات سوى روسيا البيضاء والجزائر
الذين سيكونون تحصيل حاصل للفوضى الخلاقة، ومع الفوضى الطائفية ستشعل
واشنطن روسيا نفسها والصين بالإسلام التكفيري، وبالتالي كان مشروع الفوضى
الخلاقة هو الحل الوحيد أمام الأمريكي من خلال إشعال العالم وإعادة ترتيبه
ولكن سقط المشروع بعد العدوان على لبنان، وسقط أيضاً بعد العدوان على
سورية، وأصبح الأمريكي في سباق مع الزمن، بل إن أي خطوة سيخطوها لا يمكن
التراجع عنها.
ملاحظة: لهذا السبب الحل العسكري وتدخل الناتو في سورية أمر مستحيل،
ولهذا السبب حاولوا توريط أردوغان في سورية، لكن ورغم كل الضغوط على تركيا
لم تتجرأ على التدخل بمنطقة عازلة لمفاوضة سورية عليها، مما دفع الأمريكي
للجوء إلى جامعة الدول العربية لتغطية الانسحاب من العراق وأملاً بتمديد
الأزمة السورية لنهاية العام ومحاولة محاصرة سورية اقتصادياً، وهذا الأمر
سينقلب على حلفاء واشنطن.
حول مستقبل المشروع الأمريكي
يمكن التأكيد أن المشروع الأمريكي في سورية سقط منذ مطلع الشهر الخامس
من هذا العام، وما تلاه لم يكن سوى إبتزاز سياسي كالذي حدث في لبنان بعد
عدوان تموز، وعسى ألا ينتهي بحرب على غزة، ولكن المشروع الأمريكي تأجل وما
يحصل في سورية الآن محاولة لمحاصرتها اقتصادياً وتغطية الخروج الأمريكي من
العراق لا أكثر ولا أقل.
ولهذا على واشنطن أن تقوم بالتالي:
1- تأمين بديل غازي قبل العام 2014 لاستمرار المشروع ومثال ذلك عقد صفقة
مع حركة طالبان لتمرير غاز اذري إلى باكستان ونقله إلى أوروبا، وما الحديث
عن فتح مكتب لحركة طالبان في قطر إلا جزء من هذا المشروع وربما تحاول
استخراج غاز في شرقي المتوسط.
2- تأمين سلام في المنطقة إما عبر فرضه بالقوة من خلال حرب على غزة من قبل إسرائيل أو جر إسرائيل إلى السلام في المنطقة.
3- التخطيط لتقسيم سورية مرة أخرى في العام 2014 وما بعد ذلك.
ولهذه الأسباب فإن قرار الجامعة العربية لن يكون إلا قبراً للجامعة العربية بأحسن الأحوال.
الملحق القادم: وليد جنبلاط والياسمينة الزرقاء.. المسألة الدرزية!
يتساءل الكثيرون: لماذا الياسمينة الزرقاء؟.. ولماذا تفتيت سورية فقط من
الداخل وليس عبر حرب؟.. يأتي هذا التساؤل من القرّاء فقط لمعرفة مصير
سورية في الأزمة الراهنة، وهل هناك إمكانية لشن حرب على سورية؟.. في هذا
الملحق سنناقش لماذا الياسمينة الزرقاء ومشروع إشعال سورية من الداخل،
ولماذا التدخل العسكري في سورية مستحيل؟.
كما ذكرت في الجزء الأول فالحرب هي في المقدّمة حرب أنابيب غاز على
المدى القريب لوقف النفوذ الروسي في أوروبا ولاحقاً النفوذ الإيراني السوري
عبر خط الغاز الإيراني الذي تكلمنا عنه سابقاً، وحرب مصادر نفط على المدى
البعيد، حيث نفط الخليج خلال خمسين سنة لن يبقى منه إلا القليل غير الكافي
لمواكبة تطوّر العالم، وسيصبح نفط العالم من بحر قزوين في وسط آسيا والمحيط
المتجمد الشمالي، وبالتالي المستهدف الأول والمباشر من هذه الحرب بالدرجة
الأولى هو روسيا لوقف نفوذها في أوروبا عبر الغاز البديل من جهة ولمحاصرتها
كونها تشرف على نفط المستقبل في بحر قزوين والقطب الشمالي، ولهذا قال
الكثير من المحللين الروس: إن الهجوم على سورية يستهدف روسيا، وروسيا منذ
الإعلان عن خط نابوكو أدركت أن الأمريكي لا يقبل أي منافس تجاري له، ولن
يتوانى عن التلويح بكل الخيارات في وجه حلفائه عبر سياسة القطب الأوحد،
فضلاً عن الروس، ولهذا اعتبرت موسكو خط غاز نابوكو عملاً عدائياً ضد روسيا.
وذكرنا أنه مع بدء تمديد شبكات غاز في جورجيا أعلنت أبخازيا وأوسيتيا
الجنوبية استقلالها عن جورجيا، فشنّت جورجيا حربها مما أدى الى دخول الروسي
في الحرب ودحر العدوان الجورجي، بل دخول باقي أراضي جورجيا، وتدمير كل ما
يختص بالغاز في جورجيا، ولم يترك حجراً على حجر في المنشآت التابعة لخط
نابوكو، وبعد حرب القوقاز وقّعت شركة "غازبروم" اتفاقها مع أذربيجان،
وبالتالي المساس بوسط آسيا مستحيل نظرياً ويجب أن يكون تحصيل حاصل، حيث إن
الأمريكي لا يمكن أن يحلّ معضلته إلا بسقوط إما سورية أو إيران لتأمين
إمداد الغاز من إيران أو من شرقي المتوسط قبل قطع الغاز الروسي عن أوروبا
لترك روسيا متخبطة اقتصادياً من جهة، وطبعاً إشعال روسيا التي تضمّ 20
مليون مسلم روسي عبر الإسلام المتطرف، فما هي الاحتمالات أمام الأمريكي؟.
خيار الحرب العسكرية على سورية
بغض النظر عن أي حلفاء لسورية، فبمجرد شن حرب على سورية يعني وضع إيران
في الحضن الروسي تماماً، وهذا في العلم الجيوسياسي يعني وصول موسكو إلى
الخليج العربي، ولذلك هذا الخيار مستبعد من دون التفاصيل، فكيف مع التحالف
الإيراني السوري الذي قد يشعل المنطقة، فالحرب لا تنتج إسلاماً متطرفاً
يساهم بتقسيم المنطقة، بل تنتج إسلاماً مقاوماً للمشروع الأمريكي. فضلاً عن
أن الناتو يحمي إسرائيل، وحين يأتي الناتو إلى سورية لن تتوانى سورية عن
توسيع الحرب إلى إسرائيل، بل ومسح تل أبيب لأن واشنطن لا يمكنها أن تحارب
مع إسرائيل علناً. وهنا أذكّر القارئ بأن إسرائيل لم ترد على صواريخ العراق
التي أطلقها صدام إبان حرب الخليج، لأن أي حرب تشنّها أمريكا مع إسرائيل
يستحيل أن تلاقي دعماً عربياً، وإذا كانت عدّة صواريخ عراقية أثارت الشارع
العربي حين سقطت على إسرائيل، فكيف سيكون الحال مع مطر الصواريخ السورية
التي تزيد عن 100 ألف صاروخ مرعب (اس اس 21، سكود أ، سكود سي، وإسكندر)
التي تحمل شحنات لا تقل عن 500 كغ وتصل إلى 1300 كم. بالإضافة إلى أن حلفاء
سورية في لبنان وفلسطين والمنطقة لن يقفوا على الحياد، فأي حرب على سورية
ستقضي على المشروع الأمريكي حتى لو دُمّرت سورية، وبالتالي الحرب على سورية
هي خيار انتحاري مستحيل، ويتيح لسورية مسح إسرائيل دون أن تستطيع إسرائيل
الرد.
خيار الحرب على إيران
هي عكس للخيار الأول، ففي حال أدركت موسكو أن واشنطن تقترب من حدودها في
إيران وتحضّر لضرب مصالحها في أوروبا ستغطي سورية لشن حرب على إسرائيل،
وبغض النظر عن البعد الجيوسياسي فإن الحرب على إيران تعني حرباً شاملة في
المنطقة، عدا عن أن من تجسّس على العراق إبان البحث عن أسلحة الدمار الشامل
لم يستطع دخول إيران، فضلاً عن امتلاك إيران ثلاثة جيوش (جيش نظامي، حرس
الثورة، قوات الباسيج) وبالتالي الحرب على إيران هي دخول في حرب لمدة لا
تقل عن عام ولا يمكن التنبؤ بنتائجها مع وجود روسيا على حدودها. إضافة إلى
أن الحرب على إيران ستقطع نفط الخليج عن أوروبا وسينهار اليورو والاتحاد
الأوروبي، وبالتالي تكون واشنطن سلّمت روسيا والصين الدول الأوروبية دون
مقابل ومجاناً.
خيار الحرب على سورية وإيران معاً
هو الخيار الوحيد المتاح أمام واشنطن لتفادي أي تصعيد روسي أو صيني أو
أي من الدول الصاعدة التي تخشى سياسة القطب الواحد والهيمنة الأمريكية على
العالم، ولكن ما تبعات الحرب على سورية وإيران معاً؟؟.
يمكن تلخيص حرب لبنان في العام 2006 إبان العدوان الإسرائيلي كملخص
للحرب، فأي حرب شاملة ضد محور المقاومة قد تكلّف واشنطن وجودها في المنطقة
كاملة وليس في جزء من المنطقة، وفي حال ارتفاع أسعار النفط بسبب الحرب قد
ينهار الاتحاد الأوروبي وتسلم واشنطن أوروبا للصيني والروسي مجاناً، فهل
ستقدم واشنطن للروسي والصيني ما تقاتل لأجله، وبالتالي خيار الحرب على
لبنان وسورية وإيران دفعة واحدة هو الخيار الأفضل لواشنطن لولا آلاف
العقبات أمام هذا الخيار، وقبل اجتماع السيد حسن نصر الله والرئيس بشار
الأسد والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في دمشق كان الأمريكي يدرك أن أي
حرب غير شاملة في المنطقة قد تقلب الطاولة في وجه الأمريكي، وأي حرب شاملة
أيضاً ستقلب الطاولة في وجه الأمريكي، ولهذا من نهاية العام 1999 ومطلع
العام 2000 أدرك الامريكي أن مشروعه لا يمكن أن يحيا إلا بما سُمّي الفوضى
الخلاقة (الربيع العربي) وهي نتيجة حتمية لدراسات مئات وآلاف الخبراء وليس
حيلة.
طبعاً ما سبق من سيناريوهات دُرست مطلع العام 2000 ولكن مع تكشّف قدرات
حزب الله قلنا سابقاً إن هذا أجبر إسرائيل على إجراء خمس مناورات كبرى،
فكيف الأمر مع تكشف القدرات الإيرانية وخصوصا الصواريخ المصومعة التي
يستحيل وقف تدفقها.
الحل فقط لواشنطن ضرب سورية من الداخل وتقسيمها
لأن كل الخيارات العسكرية ضد سورية أو إيران غير متاحة، لجأت واشنطن إلى
مشروع الياسمينة الزرقاء لتفتيت سورية من الداخل، فمع إشعال الحرب
الطائفية في سورية فإن الأمريكي لن يقضي على القضية الفلسطينية فحسب، بل
يكون قد سيطر على أهم المعابر الإستراتيجية في العالم من أوكرانيا نزولاً
لسورية وثم إلى تونس ولا يبقى أمامه عقبات سوى روسيا البيضاء والجزائر
الذين سيكونون تحصيل حاصل للفوضى الخلاقة، ومع الفوضى الطائفية ستشعل
واشنطن روسيا نفسها والصين بالإسلام التكفيري، وبالتالي كان مشروع الفوضى
الخلاقة هو الحل الوحيد أمام الأمريكي من خلال إشعال العالم وإعادة ترتيبه
ولكن سقط المشروع بعد العدوان على لبنان، وسقط أيضاً بعد العدوان على
سورية، وأصبح الأمريكي في سباق مع الزمن، بل إن أي خطوة سيخطوها لا يمكن
التراجع عنها.
ملاحظة: لهذا السبب الحل العسكري وتدخل الناتو في سورية أمر مستحيل،
ولهذا السبب حاولوا توريط أردوغان في سورية، لكن ورغم كل الضغوط على تركيا
لم تتجرأ على التدخل بمنطقة عازلة لمفاوضة سورية عليها، مما دفع الأمريكي
للجوء إلى جامعة الدول العربية لتغطية الانسحاب من العراق وأملاً بتمديد
الأزمة السورية لنهاية العام ومحاولة محاصرة سورية اقتصادياً، وهذا الأمر
سينقلب على حلفاء واشنطن.
حول مستقبل المشروع الأمريكي
يمكن التأكيد أن المشروع الأمريكي في سورية سقط منذ مطلع الشهر الخامس
من هذا العام، وما تلاه لم يكن سوى إبتزاز سياسي كالذي حدث في لبنان بعد
عدوان تموز، وعسى ألا ينتهي بحرب على غزة، ولكن المشروع الأمريكي تأجل وما
يحصل في سورية الآن محاولة لمحاصرتها اقتصادياً وتغطية الخروج الأمريكي من
العراق لا أكثر ولا أقل.
ولهذا على واشنطن أن تقوم بالتالي:
1- تأمين بديل غازي قبل العام 2014 لاستمرار المشروع ومثال ذلك عقد صفقة
مع حركة طالبان لتمرير غاز اذري إلى باكستان ونقله إلى أوروبا، وما الحديث
عن فتح مكتب لحركة طالبان في قطر إلا جزء من هذا المشروع وربما تحاول
استخراج غاز في شرقي المتوسط.
2- تأمين سلام في المنطقة إما عبر فرضه بالقوة من خلال حرب على غزة من قبل إسرائيل أو جر إسرائيل إلى السلام في المنطقة.
3- التخطيط لتقسيم سورية مرة أخرى في العام 2014 وما بعد ذلك.
ولهذه الأسباب فإن قرار الجامعة العربية لن يكون إلا قبراً للجامعة العربية بأحسن الأحوال.
الملحق القادم: وليد جنبلاط والياسمينة الزرقاء.. المسألة الدرزية!