جهينة نيوز-خاص- "كفاح نصر":
ما الهدف من ترحيل أهل السنة؟.. ولماذا في حمص كان السلاح والعصابات بهذه الكثافة..؟
إن إحباط مشروع ما، يجعل التكهّن بالنتائج فيما لو نجح أمراً صعباً،
ولذلك حين تفضح المخطّطات، هناك من يستطيع التكهّن بخطورتها، وآخر قد يقول
لم تكن بهذه الخطورة، فمعرفة نتائج عملية أمنية بحجم عملية الياسمينة
الزرقاء يحتاج إلى دراسة العادات والتقاليد والوضع السياسي والأمني
والديموغرافي والكثير من الأمور، وتفاصيل الأحداث وغيرها، ولهذا السبب هناك
الكثير ممن شكّكوا بخطورة المشروع الأمريكي، معتقدين أنه حتى ولو نجح لما
استطاع إحراق سورية، ولهذا وجب التوسّع بهذه النقطة وذكر أمثلة حيّة وإعادة
تسليط الضوء على بعض النقاط.
من كان يعتقد أن مقتل الحريري الأب من الممكن أن تكون نتائجه خروج
القوات السورية من لبنان وإقالة قادة القوى الأمنية في لبنان وترك بلد كامل
في فراغ أمني، وإسقاط نظامه، ربما الآن يقول شخص إن له وزناً دولياً (أهم
من جون كينيدي والملك فيصل وبنازير بوتو)، ولهذا لن أتكلم عن الحريري بل عن
طالب مدرسة كاد مقتله أن يشعل منطقة ما، فجريمة القتل قد تخلق ثأراً في
حال كانت جريمة ولكن حين تكون ضمن مخطّط مؤامرة محكمة ستغيّر التاريخ
والجغرافيا والديموغرافيا.
التهجير.. نموذج للفتنة..؟
ومن هنا نسأل: هل يمكن فعلاً تهجير طائفة معيّنة (كما فعلت واشنطن في
يوغسلافيا والعراق وغيرها)؟.. نعم يمكن وقد حدث هذا في سورية وبنفس الأدوات
والأسلوب؟!.. وهنا نتكلم في المحظور الذي أصبح الحديث فيه ضرورة لأنه
يهدّد الجميع وليس فئة معينة.
قبل سنوات ليست ببعيدة يأتي بدوي إلى السويداء من مغتربه في السعودية،
ومعه كمّ هائل من الأموال وسيارة فارهة، وبحجة الترشح لمجلس الشعب يبدأ
جولة في أماكن عيش البدو، ويساعده مجموعة من السعوديين وبعض من جنّدهم،
وخلال زياراته يعلن برنامج (سنرحل الدروز من الجبل ونطردهم ونقتلهم)، ثم
قام بتسليح مجموعة من الناس، وبعد فترة بدأ التعدي على بساتين الفلاحين من
خلال بعض الرعاة، حتى وصل الأمر إلى رمي قنبلة على مزارع، وجريمة قتل
لطالب، وأكرّر قتل طالب وليس رئيس حكومة.
وحدثت الفتنة، بسبب احتقان سببه تراكم التعدي على الزرع، وكذلك هناك من
ساهم بتحريك رد الفعل، حيث يكفي شخص ضمن جماعة أن يحرك رد الفعل، وفعلاً
بدأ حرق البيوت حين انتفض طلاب المدارس (لاحظوا معي طلاب المدارس
المراهقين) وحين خرج طلاب المدارس طلباً لثأر زميلهم، لم يعد بوسع الأهالي
(وبشكل خاص أهالي الطلاب الذين انتفضوا) أن يبقوا خارج المعركة، وجزء مما
عاشته سورية، هو جرّ المراهقين لجرّ أهاليهم إلى الصراع، وجزء مما حدث قيام
طرف ثالث بقتل مراهقين وشباب لجرّ عائلاتهم إلى الصراع (لاحظوا معي البعد
النفسي في عملية تحريك الاحتجاج أو العصيان من خلال تحريك المراهق لجرّ
أهله وعائلته).
ووقعت الفتنة وخلال يومين لم يبقَ بدويّ في جبل العرب نهائياً، لأن من
كان يحرّضهم وأشعل الحرب حين بدأ الصراع (انسحب وهرب وسحب السلاح كما كان
سيحدث في درعا والساحل حين تقع الفتنة)، ويذكر أن طرفاً ثالثاً في وقتها
قام بزرع الفتنة بين الجيش والمواطنين، كما يحدث اليوم بالضبط، رغم أن
يومها كان عبد الحليم خدام الذي هو جزء من اللعبة جزءاً من السلطة، وقام
عبر بعض المسؤولين بتغطية الجريمة، لجرّ الناس إلى فتنة مع الجيش.
ولكن ما كشف المؤامرة هو إعلان قناة العربية خبر (الدروز يحرقون المساجد
في السويداء)، ووصل الخبر للمحتجين وهم يعرفون أن الخبر غير صحيح، وتمّت
مراقبة المساجد وقُبض على ثلاثة أشخاص يحاولون إحراق مسجد من المساجد في
قرية الرحى، ومع إرسال القيادة وفداً استطلع الخبر الصحيح وتبيّن المؤامرة
من خلال قناة العربية، اكتشف الناس أن ما حدث كان مشروع فتنة ولا علاقة
للبدو به، وتوضّح دور المغترب فاعل الخير في المؤامرة، وهدأت الأمور في
اليوم الثالث ولكن لم يبقَ بدوي في بيته، لولا قيام الدولة بتعويض كل مواطن
وطلاء البيوت التي احترقت، وزال الحقد من النفوس حين تكشّفت المؤامرة،
ولولا كبح جماح الفتنة لما عاد الأهالي من البدو إلى بيوتهم، ويذكر يومها
أنه من بين الأسلحة التي استعملت لإشعال الفتنة وجدت قنابل إسرائيلية، وهي
القنبلة التي هوجم بها أحد الفلاحين حين تمّ الاعتداء على بستانه.
نعم.. خلال ثلاثة أيام فقط تمّ ترحيل البدو من أهل السنة، ولولا قيام
الشباب المحتجين وقتها بالقبض على من أراد إحراق المسجد وحدث هذا الحريق
لتوسّعت الفتنة ولم يبقَ مسلمون سنة في السويداء، وخلال يومين سقط مئات
الجرحى وبعض القتلى، وبنفس الطريقة كان سيتمّ ترحيل أهل السنة من درعا
والساحل بشكل خاص.
وللعلم من زرع الفتنة، ومن سلّح العصابات، ومن قام بالتحريض حين وقعت
الفتنة هرب، ولا يوجد أي إدانة قضائية عليه، بل لا يمكن إدانته إذ لا
إثباتات تدينه، فهو زرع الفتنة وهرب تاركاً الناس لمصيرها.
حمص الجريحة..!
ولهذا السبب فقط نجد أن حمص هي المنطقة الوحيدة، التي كان فيها مئات بل
آلاف المقاتلين غير السوريين ولها طرق إمداد إستراتيجيّة بالأسلحة، وكشف عن
أنفاق تمّ حفرها من أيام عبد الحليم خدام، وهذا يؤكد ما قلناه سابقاً عن
حدود دويلة سنية محاصرة تشمل دمشق وحمص وجزءاً من شمال لبنان تنتهي حدودها
في الرستن، لتبدأ حدود دويلة إسماعيلية كان سيقف عندها التركي فيما لو نجح
مخطّط احتلال سورية وتقسيمها، ولهذا السبب السلاح في حماة حيث يوجد مناصرون
للإخوان المسلمين كان محدوداً، وهرّب لها بعد فشل الياسمينة الزرقاء،
ولهذا السبب أيضاً لم يتحرك الإخوان المسلمون إلا بعد سقوط الياسمينة
الزرقاء تماماً.
تساؤلات...؟
وهنا لكي لا يتهمني أي شخص بالكلام عمّا يسمّى نظرية المؤامرة، لنلقي نظرة على التالي:
- في جبلة حصراً حيث المسلمون السنة أقلية صغيرة جداً، هل يعقل
أن يخرج مراهقون يتظاهرون ويرفعون شعارات (علوية على التابوت ومسيحيي على
بيروت) هل هو انتحار أم إثارة للأكثرية للهجوم على الأقلية، وهل هذا الشعار
منطقي ويُطرح من عاقل، أم إن من قام بالعمل من غير أهل المنطقة؟.. ولماذا
كانوا ملثمين هل لأنهم غير سوريين ودخلوا لزرع الفتنة؟.
- حين دخل الجيش إلى درعا وأصبح داخلها هل كان إرسال ما يقارب
من 300- 400 مقاتل إلى مساكن الضباط أمراً طبيعياً؟ أم أن الطبيعي لثورة أن
ترسلهم لتحرير المدينة فيما لو كانوا يريدون إمارة إسلامية كما أخبرهم
زعماؤهم في السعودية؟.. هل كان حصار الجيش في درعا ومهاجمة مساكن ضباطه من
الممكن أن يؤدي إلى تدمير المدينة، وبدء انهيار الجيش وتحويله إلى عصابات؟
هل يمكن لأي قارئ أن يعتبر نفسه ضابطاً محاصراً يعيش معركة حقيقيّة بالسلاح
الخفيف ويصله خبر الهجوم على بيته، هل سيبدأ باستعمال أسلحة ثقيلة والبدء
بتدمير المدينة بمدافع الدبابات، متمرداً على أوامر قيادته؟.. وهنا أذكّر
القارئ بأهمية قيام القيادة بإرسال وحدات عسكرية مساكن ضباطها خارج درعا.
- هل تزوير التاريخ والإساءة لسلطان باشا الأطرش الذي قاد
الثورة السورية في العام 1925 قبل ولادة الرئيس بشار الأسد وقبل أن يصبح
الرئيس حافظ الأسد ضابطاً شيء طبيعي في ثورة حرية، أو في بناء إمارة. يُتهم
الرئيس الأسد بأنه زوّر التاريخ، ولماذا كان أمر العمليات عبر مأمون
الحمصي على قناة العربية الذي بادر بالإساءة، وتزوير التاريخ أليست هذه
مؤامرة، تستهدف شعباً؟؟.
- هل قتل نضال جنود والعميد التلاوي أمر طبيعي؟ وهل إرسال الصور
والفيديو إلى الانترنيت وضمنه صور المجرمين أمر طبيعي؟ هل يوجد مجرم ينشر
صورة جريمته على الانترنيت؟!!.
- هل مهاجمة باصات في مناطق بالقرب من جديدة عرطوز أمر طبيعي؟.
- هل حرق قصور العدل أمر طبيعي؟.
- هل التحرك بفترات زمنية متفاوتة أمر طبيعي؟ لماذا لم يتحرك
المسلحون في حمص وبانياس ودرعا معاً..؟ بل وفق تسلسل زمني وضعه من خطّط
للعدوان على سورية؟.. وسؤال للإخوان المسلمين: لماذا بعد سقوط الأمريكي
غطيتم انسحابه وأنتم تعلمون أن كل ما حدث بدءاً من نهاية شهر أيار لا يمكن
أن يُسقطَ النظام؟!.
- لماذا لم يتحرك الإخوان المسلمون في حماة وجسر الشغور خلال كل
هذه الأحداث، بدءاً من درعا وتلكلخ واللاذقية وبانياس، ولم يتحركوا إلا
بعد سقوط الياسمينة الزرقاء وخروج عملاء الناتو من سورية؟.
- هل سأل المقاتلون في درعا لماذا تورّطوا في نزاع مسلح دون
وجود خط إمداد من الأردن؟.. ولماذا طريق الأردن كان الطريق الوحيد الآمن
والذي لا يحوي مستودعات سلاح وإمداد؟.
- وعد البعض بتدخل قوات أجنبية.. ولكن هل كان في الأردن أي نوع
من القوات سوى مصوّر قناة الجزيرة الذي كان ينتظر دخول النازحين؟.
- هل طبيعي انطفاء الاحتجاجات في مكان واشتعالها مع هروب
الأمريكي (اللاذقية، بانياس، درعا، تلكلخ)، ثم انتقالها إلى مكان آخر
(حماة، جسر الشغور، ودير الزور)، وحين تسقط مفاعيل إقامة منطقة عازلة يعاد
إلى إشعال حمص بالدم.
واشنطن لا تفرّق بين مذاهب ضحاياها..!
إذا كان المشروع الأمريكي خطراً على كل البشرية لأنه سيترك 80% من سكان
الكوكب في نزاعات طويلة الأمد، ويجب على كل شخص مقاومته، فإن مشروع تفتيت
سورية خطر على كل سوري أياً كان مذهبه، وأياً كان منصبه، ورغم أن المشاريع
الأمريكية واضحة تماماً، ولكن للأسف البعض يريد أن يرى بعين واحدة، فواشنطن
حين ادّعت الدفاع عن الإسلام في كوسوفو تركتهم الآن مشردين بعد أن قسّمت
يوغسلافيا، وحين قرّرت مهاجمة الإسلام في العراق وأفغانستان لم تترك لا
مسلماً ولا مسيحياً خارج دائرة الاستهداف، لأن الشركات الأمريكية لا دين
لها إلا المال ولا تفرّق بين مذاهب ضحاياها.
الملحق القادم: متى ستنتصر سورية.. وإلى أين تذهب الأحداث..؟
ما الهدف من ترحيل أهل السنة؟.. ولماذا في حمص كان السلاح والعصابات بهذه الكثافة..؟
إن إحباط مشروع ما، يجعل التكهّن بالنتائج فيما لو نجح أمراً صعباً،
ولذلك حين تفضح المخطّطات، هناك من يستطيع التكهّن بخطورتها، وآخر قد يقول
لم تكن بهذه الخطورة، فمعرفة نتائج عملية أمنية بحجم عملية الياسمينة
الزرقاء يحتاج إلى دراسة العادات والتقاليد والوضع السياسي والأمني
والديموغرافي والكثير من الأمور، وتفاصيل الأحداث وغيرها، ولهذا السبب هناك
الكثير ممن شكّكوا بخطورة المشروع الأمريكي، معتقدين أنه حتى ولو نجح لما
استطاع إحراق سورية، ولهذا وجب التوسّع بهذه النقطة وذكر أمثلة حيّة وإعادة
تسليط الضوء على بعض النقاط.
من كان يعتقد أن مقتل الحريري الأب من الممكن أن تكون نتائجه خروج
القوات السورية من لبنان وإقالة قادة القوى الأمنية في لبنان وترك بلد كامل
في فراغ أمني، وإسقاط نظامه، ربما الآن يقول شخص إن له وزناً دولياً (أهم
من جون كينيدي والملك فيصل وبنازير بوتو)، ولهذا لن أتكلم عن الحريري بل عن
طالب مدرسة كاد مقتله أن يشعل منطقة ما، فجريمة القتل قد تخلق ثأراً في
حال كانت جريمة ولكن حين تكون ضمن مخطّط مؤامرة محكمة ستغيّر التاريخ
والجغرافيا والديموغرافيا.
التهجير.. نموذج للفتنة..؟
ومن هنا نسأل: هل يمكن فعلاً تهجير طائفة معيّنة (كما فعلت واشنطن في
يوغسلافيا والعراق وغيرها)؟.. نعم يمكن وقد حدث هذا في سورية وبنفس الأدوات
والأسلوب؟!.. وهنا نتكلم في المحظور الذي أصبح الحديث فيه ضرورة لأنه
يهدّد الجميع وليس فئة معينة.
قبل سنوات ليست ببعيدة يأتي بدوي إلى السويداء من مغتربه في السعودية،
ومعه كمّ هائل من الأموال وسيارة فارهة، وبحجة الترشح لمجلس الشعب يبدأ
جولة في أماكن عيش البدو، ويساعده مجموعة من السعوديين وبعض من جنّدهم،
وخلال زياراته يعلن برنامج (سنرحل الدروز من الجبل ونطردهم ونقتلهم)، ثم
قام بتسليح مجموعة من الناس، وبعد فترة بدأ التعدي على بساتين الفلاحين من
خلال بعض الرعاة، حتى وصل الأمر إلى رمي قنبلة على مزارع، وجريمة قتل
لطالب، وأكرّر قتل طالب وليس رئيس حكومة.
وحدثت الفتنة، بسبب احتقان سببه تراكم التعدي على الزرع، وكذلك هناك من
ساهم بتحريك رد الفعل، حيث يكفي شخص ضمن جماعة أن يحرك رد الفعل، وفعلاً
بدأ حرق البيوت حين انتفض طلاب المدارس (لاحظوا معي طلاب المدارس
المراهقين) وحين خرج طلاب المدارس طلباً لثأر زميلهم، لم يعد بوسع الأهالي
(وبشكل خاص أهالي الطلاب الذين انتفضوا) أن يبقوا خارج المعركة، وجزء مما
عاشته سورية، هو جرّ المراهقين لجرّ أهاليهم إلى الصراع، وجزء مما حدث قيام
طرف ثالث بقتل مراهقين وشباب لجرّ عائلاتهم إلى الصراع (لاحظوا معي البعد
النفسي في عملية تحريك الاحتجاج أو العصيان من خلال تحريك المراهق لجرّ
أهله وعائلته).
ووقعت الفتنة وخلال يومين لم يبقَ بدويّ في جبل العرب نهائياً، لأن من
كان يحرّضهم وأشعل الحرب حين بدأ الصراع (انسحب وهرب وسحب السلاح كما كان
سيحدث في درعا والساحل حين تقع الفتنة)، ويذكر أن طرفاً ثالثاً في وقتها
قام بزرع الفتنة بين الجيش والمواطنين، كما يحدث اليوم بالضبط، رغم أن
يومها كان عبد الحليم خدام الذي هو جزء من اللعبة جزءاً من السلطة، وقام
عبر بعض المسؤولين بتغطية الجريمة، لجرّ الناس إلى فتنة مع الجيش.
ولكن ما كشف المؤامرة هو إعلان قناة العربية خبر (الدروز يحرقون المساجد
في السويداء)، ووصل الخبر للمحتجين وهم يعرفون أن الخبر غير صحيح، وتمّت
مراقبة المساجد وقُبض على ثلاثة أشخاص يحاولون إحراق مسجد من المساجد في
قرية الرحى، ومع إرسال القيادة وفداً استطلع الخبر الصحيح وتبيّن المؤامرة
من خلال قناة العربية، اكتشف الناس أن ما حدث كان مشروع فتنة ولا علاقة
للبدو به، وتوضّح دور المغترب فاعل الخير في المؤامرة، وهدأت الأمور في
اليوم الثالث ولكن لم يبقَ بدوي في بيته، لولا قيام الدولة بتعويض كل مواطن
وطلاء البيوت التي احترقت، وزال الحقد من النفوس حين تكشّفت المؤامرة،
ولولا كبح جماح الفتنة لما عاد الأهالي من البدو إلى بيوتهم، ويذكر يومها
أنه من بين الأسلحة التي استعملت لإشعال الفتنة وجدت قنابل إسرائيلية، وهي
القنبلة التي هوجم بها أحد الفلاحين حين تمّ الاعتداء على بستانه.
نعم.. خلال ثلاثة أيام فقط تمّ ترحيل البدو من أهل السنة، ولولا قيام
الشباب المحتجين وقتها بالقبض على من أراد إحراق المسجد وحدث هذا الحريق
لتوسّعت الفتنة ولم يبقَ مسلمون سنة في السويداء، وخلال يومين سقط مئات
الجرحى وبعض القتلى، وبنفس الطريقة كان سيتمّ ترحيل أهل السنة من درعا
والساحل بشكل خاص.
وللعلم من زرع الفتنة، ومن سلّح العصابات، ومن قام بالتحريض حين وقعت
الفتنة هرب، ولا يوجد أي إدانة قضائية عليه، بل لا يمكن إدانته إذ لا
إثباتات تدينه، فهو زرع الفتنة وهرب تاركاً الناس لمصيرها.
حمص الجريحة..!
ولهذا السبب فقط نجد أن حمص هي المنطقة الوحيدة، التي كان فيها مئات بل
آلاف المقاتلين غير السوريين ولها طرق إمداد إستراتيجيّة بالأسلحة، وكشف عن
أنفاق تمّ حفرها من أيام عبد الحليم خدام، وهذا يؤكد ما قلناه سابقاً عن
حدود دويلة سنية محاصرة تشمل دمشق وحمص وجزءاً من شمال لبنان تنتهي حدودها
في الرستن، لتبدأ حدود دويلة إسماعيلية كان سيقف عندها التركي فيما لو نجح
مخطّط احتلال سورية وتقسيمها، ولهذا السبب السلاح في حماة حيث يوجد مناصرون
للإخوان المسلمين كان محدوداً، وهرّب لها بعد فشل الياسمينة الزرقاء،
ولهذا السبب أيضاً لم يتحرك الإخوان المسلمون إلا بعد سقوط الياسمينة
الزرقاء تماماً.
تساؤلات...؟
وهنا لكي لا يتهمني أي شخص بالكلام عمّا يسمّى نظرية المؤامرة، لنلقي نظرة على التالي:
- في جبلة حصراً حيث المسلمون السنة أقلية صغيرة جداً، هل يعقل
أن يخرج مراهقون يتظاهرون ويرفعون شعارات (علوية على التابوت ومسيحيي على
بيروت) هل هو انتحار أم إثارة للأكثرية للهجوم على الأقلية، وهل هذا الشعار
منطقي ويُطرح من عاقل، أم إن من قام بالعمل من غير أهل المنطقة؟.. ولماذا
كانوا ملثمين هل لأنهم غير سوريين ودخلوا لزرع الفتنة؟.
- حين دخل الجيش إلى درعا وأصبح داخلها هل كان إرسال ما يقارب
من 300- 400 مقاتل إلى مساكن الضباط أمراً طبيعياً؟ أم أن الطبيعي لثورة أن
ترسلهم لتحرير المدينة فيما لو كانوا يريدون إمارة إسلامية كما أخبرهم
زعماؤهم في السعودية؟.. هل كان حصار الجيش في درعا ومهاجمة مساكن ضباطه من
الممكن أن يؤدي إلى تدمير المدينة، وبدء انهيار الجيش وتحويله إلى عصابات؟
هل يمكن لأي قارئ أن يعتبر نفسه ضابطاً محاصراً يعيش معركة حقيقيّة بالسلاح
الخفيف ويصله خبر الهجوم على بيته، هل سيبدأ باستعمال أسلحة ثقيلة والبدء
بتدمير المدينة بمدافع الدبابات، متمرداً على أوامر قيادته؟.. وهنا أذكّر
القارئ بأهمية قيام القيادة بإرسال وحدات عسكرية مساكن ضباطها خارج درعا.
- هل تزوير التاريخ والإساءة لسلطان باشا الأطرش الذي قاد
الثورة السورية في العام 1925 قبل ولادة الرئيس بشار الأسد وقبل أن يصبح
الرئيس حافظ الأسد ضابطاً شيء طبيعي في ثورة حرية، أو في بناء إمارة. يُتهم
الرئيس الأسد بأنه زوّر التاريخ، ولماذا كان أمر العمليات عبر مأمون
الحمصي على قناة العربية الذي بادر بالإساءة، وتزوير التاريخ أليست هذه
مؤامرة، تستهدف شعباً؟؟.
- هل قتل نضال جنود والعميد التلاوي أمر طبيعي؟ وهل إرسال الصور
والفيديو إلى الانترنيت وضمنه صور المجرمين أمر طبيعي؟ هل يوجد مجرم ينشر
صورة جريمته على الانترنيت؟!!.
- هل مهاجمة باصات في مناطق بالقرب من جديدة عرطوز أمر طبيعي؟.
- هل حرق قصور العدل أمر طبيعي؟.
- هل التحرك بفترات زمنية متفاوتة أمر طبيعي؟ لماذا لم يتحرك
المسلحون في حمص وبانياس ودرعا معاً..؟ بل وفق تسلسل زمني وضعه من خطّط
للعدوان على سورية؟.. وسؤال للإخوان المسلمين: لماذا بعد سقوط الأمريكي
غطيتم انسحابه وأنتم تعلمون أن كل ما حدث بدءاً من نهاية شهر أيار لا يمكن
أن يُسقطَ النظام؟!.
- لماذا لم يتحرك الإخوان المسلمون في حماة وجسر الشغور خلال كل
هذه الأحداث، بدءاً من درعا وتلكلخ واللاذقية وبانياس، ولم يتحركوا إلا
بعد سقوط الياسمينة الزرقاء وخروج عملاء الناتو من سورية؟.
- هل سأل المقاتلون في درعا لماذا تورّطوا في نزاع مسلح دون
وجود خط إمداد من الأردن؟.. ولماذا طريق الأردن كان الطريق الوحيد الآمن
والذي لا يحوي مستودعات سلاح وإمداد؟.
- وعد البعض بتدخل قوات أجنبية.. ولكن هل كان في الأردن أي نوع
من القوات سوى مصوّر قناة الجزيرة الذي كان ينتظر دخول النازحين؟.
- هل طبيعي انطفاء الاحتجاجات في مكان واشتعالها مع هروب
الأمريكي (اللاذقية، بانياس، درعا، تلكلخ)، ثم انتقالها إلى مكان آخر
(حماة، جسر الشغور، ودير الزور)، وحين تسقط مفاعيل إقامة منطقة عازلة يعاد
إلى إشعال حمص بالدم.
واشنطن لا تفرّق بين مذاهب ضحاياها..!
إذا كان المشروع الأمريكي خطراً على كل البشرية لأنه سيترك 80% من سكان
الكوكب في نزاعات طويلة الأمد، ويجب على كل شخص مقاومته، فإن مشروع تفتيت
سورية خطر على كل سوري أياً كان مذهبه، وأياً كان منصبه، ورغم أن المشاريع
الأمريكية واضحة تماماً، ولكن للأسف البعض يريد أن يرى بعين واحدة، فواشنطن
حين ادّعت الدفاع عن الإسلام في كوسوفو تركتهم الآن مشردين بعد أن قسّمت
يوغسلافيا، وحين قرّرت مهاجمة الإسلام في العراق وأفغانستان لم تترك لا
مسلماً ولا مسيحياً خارج دائرة الاستهداف، لأن الشركات الأمريكية لا دين
لها إلا المال ولا تفرّق بين مذاهب ضحاياها.
الملحق القادم: متى ستنتصر سورية.. وإلى أين تذهب الأحداث..؟