جهينة نيوز- خاص- كفاح نصر:
تكلّمت في الجزء السابق عن طبيعة المخطّط السوري الإيراني للقضاء على الكيان الصهيوني، وذلك عبر تحويل محيطه إلى ممر للطاقة إلى الإتحاد الأوروبي، في حال تمّ ربط خط الغاز العربي القادم من مصر عبر الأردن بخط الغاز الإسلامي القادم من إيران عبر العراق، وبالتالي تصبح مصالح الأردن وإسرائيل في حال تناقض من جهة، والعلاقات المصرية الإسرائيلية إلى تناقض آخر من جهة ثانية، وطبعاً الأهم هو تحويل محيط الكيان الصهيوني لممر للطاقة للأوروبيين، وخطر مشروع الغاز الذي خطّطت له إيران وسورية على الكيان الصهيوني أخطر بكثير من امتلاك سورية وإيران للسلاح النووي، والجنون الغربي الإسرائيلي القطري ضد سورية يوضح حجم الرعب الكبير من المشروع الإيراني السوري، وهنا يكمن السر الكبير لكلام الرئيس بشار الأسد عن الانتقال من الصراع على سورية إلى الصراع مع سورية، لأن الرئيس الأسد يدرك تماماً أن وجود العصابات المسلحة دون الفتنة (كمعلف بلا حصان) وبالتالي تحريكها قد يكون مؤلماً لسورية، ولكنه انتحار لها في الوقت ذاته، وتفرّغ سورية لقيادة المواجهة القادمة، وذلك كون المشروع السوري الإيراني أخذ أبعاداً إستراتيجية كبرى غيّرت الخرائط السياسية للعالم بالتزامن مع هزيمة المشروع الأمريكي.
13- تحول إيران وسورية إلى بيضة القبان: بالعودة للبداية نتذكّر، الصراع بين محور المقاومة والكيان الصهيوني دائماً تميل الكفة فيه للكيان الصهيوني عسكرياً كونه بلداً نووياً ومدعوماً بغطاء الناتو والمظلّة المالية الخليجية، في حين لدى محور المقاومة ردعٌ كافٍ لحلم هذا الكيان، في ظل غياب غطاء نووي للجبهة السورية، وصراع الطاقة بين روسيا والولايات المتحدة صراع قاتل لروسيا، حوّل روسيا إلى غطاء سياسي لسورية ومن خلفها مجموعه "بريك"، وتكلّمت عن غطاء جديد حصلت عليه سورية وهو غطاء معبر مضيق هرمز، ولكن هذا الغطاء له دور إستراتيجي جديد بحيث لم يقتصر انتصار روسيا في الحصول على كل ما تريد لمدّ خط غاز السيل الجنوبي، بل وأصبح إغلاق مضيق هرمز ورقة روسية، فحين أعلن الرئيس الأوكراني نيّته تخفيض شراء الغاز الروسي للنصف، جاء الإنذار الإيراني بإغلاق مضيق هرمز كصفعة كفّ للغرب، وبالتالي روسيا كما لا تستطيع التفريط بسورية لحفظ أمنها لم يعد يقتصر الحفاظ على إيران لإبعاد الناتو عن الحدود الروسية، والحفاظ على إمدادات الطاقة الصينيّة الهندية، بل تعداه إلى وصول روسيا إلى الخليج العربي بقوة، وتحوّل العلاقات الروسية الإيرانية إلى علاقات إستراتيجية وحلف غير معلن، وبالتالي روسيا في حال تحالفت بشكل كامل مع إيران وسورية انتصرت بكل معاركها مع الغرب باستثناء الدرع الصاروخ، ومع اقتراب تضاعف حاجة الإتحاد الأوروبي إلى الغاز أصبح خط الغاز الإيراني ضرورة روسية لتنويع إمدادات الإتحاد الأوروبي من الغاز، وهذه الزيادة هي نفسها زادت النفوذ الروسي في أذربيجان حين رفعت روسيا قيمة وارداتها من الغاز الأذري إلى الضعف ليصل إلى شراء روسيا لثلاث مليارات متر مكعب من الغاز الأذري، وبالتالي الانتصار الروسي في سورية وفي حرب الغاز بدأت تظهر معالمه على أكثر من جبهة، ومن معالم توسّع الجبهة المضادة للمصالح الأمريكية الكثير من النقاط:
13،1:- العلاقات الباكستانية الهندية: كما توقعت في مقال سابق أن مفاوضات واشنطن– طالبان في الدوحة ستنعكس على العلاقات الهندية الباكستانية ولم تمضِ أسابيع على نشر المقال حتى أعلنت باكستان عن دعمها خط الغاز الإيراني الهندي، وبالتالي هناك مشروع اقتصادي جديد في آسيا يؤسّس لما لا ترغب به واشنطن، وهو تحسّن العلاقات ما بين الهند وباكستان ومعهم إيران، وبالتالي فضاء اقتصادي جديد ضد مصالح واشنطن، بل وسينعكس عليها في أفغانستان بشكل خاص وفي آسيا بشكل عام، خصوصاً وأن واشنطن في كل مشاريعها لم تراعِ مصالح اليابان صاحبة العجز المالي الكبير بديون بآلاف مليارات الدولارات، والعلاقات الهندية الباكستانية وكذلك الصينية الهندية مع التراخي الأمريكي لابد أن تتحوّل إلى علاقات تعاون مستقبلاً.
13،2:- التناقض التركي الإسرائيلي: ما وحّد السعودية وقطر وتركيا وإسرائيل ومصر ضد سورية ولبنان سابقًا خط غاز شرق المتوسط وخط الغاز القطري الإسرائيلي، وإذا كان فشل خط غاز شرق المتوسط وتحوّل خط الغاز العربي إلى جزرة عزلت مصر عن التحالف مع المحور المعادي لسورية، فهناك تناقض جديد عنوانه فشل خط غاز شرق المتوسط، يتزامن مع ظهور تناقض تركي إسرائيلي جديد عنوانه الحدود المائية لجهة قبرص، وبالتالي تركيا أرادت أم لم ترد ففي حال خروج سورية منتصرة ستكون في محور مضاد لإسرائيل رغماً عنها، وبدأت تطفو للسطح هذه التناقضات التي ستتفاقم في الشهور القادمة.
13،3:- العلاقات التركية السورية: هنا تكمن الضربة القاضية، فهناك الكثير من الصعوبة في حل الأزمة السورية التركية رغم إدراك تركيا أن سورية انتصرت، وتريد تركيا من سورية ثمن خروجها من إمدادات الغاز البرية، وهذا ما تعتقد سورية أنها غير ملزمة بدفعه بعد أن شاركت تركيا علناً بالهجوم على سورية، وربما يريد أردوغان أن يحفظ ماء وجهه في الداخل التركي كونه كان سبب الدخول في مواجهة خاسرة، ولكن في النهاية عليه أن يندمج بمحيطه خوفاً من أي عزلة قادمة وبالتالي قد تطول المفاوضات، ولكن مع بدء ترسيم الحدود البحرية سيجد أردوغان نفسه معنياً بالاتصال بسورية في دائرة الملف اللبناني على الأقل، وسيكون مرغماً على القبول بالمطالب السورية قريباً والرضوخ للشروط السورية، أو الحلول الوسط التي تقدّمها روسيا، ومن ذلك يمكن الاستنتاج بأن تركيا في حال لم تندمج بمحيطها الطبيعي ستكون ضمن عزلة قاتلة، ويدرك أردوغان تماماً أن سورية لا تقدم ثمن إزالة معسكرات التدريب للعصابات الإرهابية بل إزالة هذا المعسكرات هو بداية التفاوض مع سورية، ويدرك تماماً أنه في حال لم يدفع هذا الثمن سيزيد الثمن الذي سيدفعه، وهو أصلاً الآن يقاتل على ما خسره من ثمن كان قد قبضه وخسره لأنه راهن على واشنطن وأعمى الطمع عيونه، ومهما اشتدت تصريحاته فهناك في تركيا شركات تركية أصبحت مصالحها في وادٍ آخر مهما كان السخاء الخليجي عليها.
14:- الإجراءات الوقائية للكيان الصهيوني والأمريكيين خوفاً من المشروع الإيراني السوري: يدرك الإسرائيليون تماماً خطورة المشروع الإيراني السوري، وقد شاهدوا الثورة البرتقالية تدفع ثمن هزيمة إسرائيل في حرب لبنان، وشاهدوا الحسناء تيموشينكو بالسجن كما يخطّط الآن لكل من نتنياهو ووزير خارجيته، ولهذا بدأ الكيان الصهيوني بإجراءات وقائية عنوانها الحفاظ على الأردن لإتمام عزل مصر عن سورية ليصبح الكيان الصهيوني بيضة قبان، وبالتالي عليه إما احتلال الأردن أو ضمّها لمجلس التعاون الخليجي وخلق تصادم بينها وبين مصر، ولكن من يخطّط الآن هو اللوبي الصهيوني الأمريكي ومعهم قائد (الجيش السوري الحر) يوسف مايمان الضابط السابق في الموساد، ودليل ذلك هو أن ما يحدث يتم بالتزامن مع كشف أوراق فساد لكل من نتنياهو وليبرمان، وما يريده يوسف مايمان هو سلام مع سورية ولبنان على أمل حرمان الأردن من خط الغاز العربي وإرغام مصر على إيصال غازها إلى سورية عبر المتوسط، وبالتالي مايمان يخوض حرب الحفاظ على إسرائيل وعلى خط الغاز الذي يملك ربعه في المتوسط، وهدفه كما قال أوباما سابقاً السلام ربما بحدود العام 1967، ولهذا حين بدأت معالم خروج سورية من أزمتها تلوح في الأفق، بدأت إسرائيل تلوح بحرق مصر وقطر بضم الأردن لمجلس التعاون الخليجي وأسواق غازها عبر إغوائها بملياري دولار مجاناً من الغاز القطري، فما هي نتائج الخطوات الإسرائيلية القطرية الأمريكية التي يقودها يوسف مايمان شخصياً، وهو القائد الفعلي لـ(الجيش السوري الحر)؟؟.
14،1- الأردن لعزل مصر عن سورية: ما إن انهار مشروع الياسمينة الزرقاء وبدء التصرف بجنون ضد سورية حتى أعلن مجلس التعاون الخليجي نيّته ضم المغرب (كون خط غاز الصحراء الكبرى يعزله أو يخرجه من المعطف الأمريكي) والأردن (كونه نافذة للاتصال بين سورية ومصر) لعضوية مجلسهم، وخلافات قطر والأردن الكبرى زالت فجأة، والهدف الرئيسي هو عزل مصر عن سورية، حيث لم يعد الكيان الصهيوني قادراً على هذه المهمة، وأصبح وجوده مهدّداً بعامل خط الغاز المصري السوري (خط الغاز العربي)، وبالتالي عزل عرب آسيا عن عرب إفريقيا تماماً، ومنع محاصرة إسرائيل، وعلى وقع تفجير خطوط الغاز التي تغذي الأردن بدأ الكلام عن مد الغاز القطري للأردن وهو الخط المكمل لخط غاز شرق المتوسط، أي هو عملية إحياء لخط الغاز القطري الإسرائيلي، وبالتالي حين تقرّر تأجيل خط نابوكو إلى العام 2017 لم يلغَ، بل ربما هناك تحضير لمشروع جديد ضد سورية أو ضد لبنان ربما في العام 2015، حسب ما قيل للقطريين والسعوديين واليمين الإسرائيلي، وربما للاتفاق على سلام عادل مع سورية ولبنان وإدخال الكيان الصهيوني ضمن مخطط مد الطاقة للأوروبيين كما يخطط اللوبي الصهيوني الأمريكي، ولكن الأهم ماذا يعني نقل الغاز القطري إلى الأردن، وبدعم خليجي يصل إلى ملياري دولار، طبعاً الهدف واحد هو ضرب الاقتصاد المصري أولاً، وتدمير خط الغاز العربي ثانياً، غير أن ما يعرفه الأمريكيون والبريطانيون ولا يعرفه نتنياهو وحكام قطر والسعودية أن ذلك يعني تحويل الأردن (أكبر حدود مع فلسطين المحتلة) إلى ساحة صراع بين القوى الدولية، والتي في حال تحوّلها إلى ساحة صراع يصبح كل صاروخ كاتيوشا قادراً على ضرب أي هدف في الكيان العبري، فحرق الأردن هو حرق للمنطقة والرهان على الصراع على الساحة الأردنية رهان خاسر، ويدرك ذلك اللوبي الصهيوني الأمريكي.
14،2- حرق مصر قبل أن تنهض: لم يكد يسقط حسني مبارك حتى حاولوا إشعال الفتنة، بل وقبل أن يسقط كان العمل جارياً على خلق فتنة إسلامية قبطية في مصر، وعربية نوبية كذلك، والهدف تقسيم مصر التي كان تقسيمها ضمن مخطط تقسيم الشرق الأوسط الآن، على أمل قطع الطريق نهائياً أمام أي تلاقٍ بين عرب آسيا وإفريقيا، والخوف من محاصرة إسرائيل بخط الغاز العربي يتمّ محاولة حرقها مرة ثانية، والسبب هو الخوف القادم من مصر، وهنا نتذكر قول الرئيس الإيراني "إن التحالف المصري الإيراني سيؤدي إلى زوال إسرائيل"، وما دعم الإسلام المتطرّف في مصر إلا دليل على نية خلق الفتنة والتقسيم، ولكن إسرائيل كانت أكثر وضوحاً، فهي أعلنت عن نيتها مد سكك حديدية تربط البحر الأحمر بالمتوسط، وقالت حرفياً "لتكون بديلاً لقناة السويس" والسؤال: هل يوجد شركة شحن تفضّل تنزيل وتحميل بضائعها مرتين ودفع رسوم عبور بالبر عوضاً عن الاستمرار بالإبحار عبر قناة السويس، والجواب طبعاً لا، إلا إذا كان هناك مخطط لإشعال جمهورية مصر العربية وتحويل قناة السويس إلى معبر غير آمن، وبكل وقاحة تقوم الجمعيات المدعومة أمريكياً بمحاولة خلق فتنة بين الجيش المصري والشعب المصري.
15- هل المشروع حرق مصر أم الضغط عليها؟: يعتقد البعض أن الضغط القطري الإسرائيلي على مصر يأتي ضمن جرّها إلى مواقف معادية لسورية، وهذا خطأ كبير، فما يخطّط لمصر يأتي مع بدء الحسم على الأرض السورية، ويأتي بدء الضغط على مصر مع حرق كل الأوراق في سورية إلى درجة الوقاحة والمغامرة، وليس ذلك فحسب، بل وبعد جر جامعة الدول العربية إلى تدويل الملف السوري، أي إن الضغط على سورية لا يحتاج إلى أي تهديدات عربية لمصر، وبالتالي هناك مشروع حقيقي لتفتيت وحرق مصر نهائياً والقصة ليست قصة ضغوط كما كان يفعل القطري سابقاً حين يلوح بالغاز القطري إلى إسرائيل بهدف جر حسني مبارك إلى بيع الغاز للكيان الصهيوني بأقل الأسعار، وثم تفضح بـ(جزيرتها) حسني مبارك بأسعار الغاز للكيان الصهيوني متناسية أن قطر تبيع الغاز لبريطانيا بأقل بكثير من سعر الغاز المصري لإسرائيل.
16- ماذا يعني محاولة حرق مصر وهل ينجح؟: ربما مصر التي تقبع تحت ديون تزيد عن 180 مليار دولار واقتراب توقف المساعدات الأمريكية نهائياً في أزمة كبرى، ولا يوجد مشاريع حل حقيقية للاقتصاد المصري، والوضع المصري منذ سقوط نظام حسني مبارك قلق وغير آمن، ولكن ماذا يعني محاولة حرق مصر، يعني بكل بساطة نقل الصراعات الدولية بشكل رئيسي إلى الأردن حيث هناك أطول حدود مع الكيان الصهيوني، وإلى قطر حيث أكبر قاعدة عسكرية أمريكية، وبالتالي الغريق الصهيوني يتعلّق بقشة على أمل الحياة، وأما الأردن حيث يعاني أصلاً من حراك شعبي، والمناخ السائد هو مناخ عدم استقرار خلقته واشنطن على أمل النجاح في ضرب سورية، وذلك اللا استقرار هو سلاح ضد واشنطن نفسها، وأما في قطر فقد أصبح هناك نصف العالم له مصلحة بضرب محطات تسييل غاز قطر للضغط على واشنطن وأوروبا وبشكل خاص بريطانيا التي تستورد 55% من غازها من قطر، ومن هنا ندرك عمق القلق البريطاني من استمرار الأعمال الإستخباراتية في سورية، لأن توسيع دائرة الصراع سيتحول إلى كابوس على لندن بشكل خاص والإتحاد الأوروبي بشكل عام، وتدرك بريطانيا أن سورية وإيران فقط قادرتان على حرق المنطقة، فضلاً عن الدول التي تقف خلفهم (مجموعه بريك) ومعهم، وقادرتان على حرق العالم وليس فقط المنطقة، في حال بدأ التعامل بالمثل وشنّت الحروب الإستخباراتية، ومن هنا ندرك أن الصراع في الشرق الأوسط أصبح على حافة الهاوية ولا يوجد أي أمل للكيان الصهيوني إلا بالسلام العادل والشامل، وحدود السلام وضعها الرئيس السوري بشار الأسد منذ بدء الأحداث، حين اعترف بحدود العام 1967 من جهة وتظاهرات الجولان التي مفادها لا تنازل عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين من جهة ثانية.
17- الموقف الروسي المرعب: إذا كان من مآثر المشروع الأمريكي خلق تحالف غير معلن بين محور المقاومة وروسيا والصين ومن معهم من مجموعة "بريك" ومجموعة الإتحاد الآوروآسيوي، فإن المأثرة الكبرى للمشروع الأمريكي هي تحويل صهيونية إسرائيل إلى خطر على روسيا، ولأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، فأي سلام وأي حرب روسيا ليست طرفاً فيها تشكّل خطراً على روسيا، فروسيا انتصرت في الشرق الأوسط بخط غازها، ولكن الصراع قائم في شمال إفريقيا خصوصاً وأن واشنطن قطعت الطرق أمام خط غاز الصحراء الكبرى بفرعه الذي يمرّ من تونس، وتستخرج الغاز من سواحل المتوسط في ليبيا، وبالتالي الصراع الأمريكي الروسي قائم، ويضاف له الملف الأفغاني وهو الملف الذي يقلق روسيا بالإضافة إلى الدرع الصاروخي، ولهذا بدأت روسيا بمنح سورية ليس فقط غطاء عسكرياً دفاعياً بل غطاء عسكري هجومي ربما يصل إلى الغطاء النووي، ومن هنا يمكن القول إن روسيا إما تدعم السلام حسب وجهة النظر السورية وخصوصاً مع قيام القيادة السورية بعملية إصلاح تطمئن روسيا على مستقبل سورية، أو تغطي سورية غطاء نووياً كغطاء الإتحاد السوفييتي لمصر وسورية في حرب تشرين التحريرية (أكتوبر)، وكذلك يبقى الأهم تلاقي مشروع الأسد ربط البحار الخمسة بمشروع بوتين الآوروآسيوي، وقد دعم بوتين الرئيس السوري أثناء محاولات فض النزاع التركي الأرميني بسبب تلاقي وجهات النظر، وسيتمّ إحياء هذا المشروع مرة جديدة بعد عودة العلاقات التركية السورية لمجراها الإلزامي القادم، وهنا يبقى السؤال: إلى أين يتجه الصراع العالمي وما هي الأوراق السورية الإيرانية المرعبة التي لم تُكشف، وهل ستقدّم روسيا مشاريع حماية حقوق الإنسان في دول الخليج ونشر الديمقراطية، هل ضرب السفارات الإسرائيلية ونائب رئيس الموساد هو بداية الحسم الأمني السوري الإيراني .؟؟.. نتركه للجزء القادم.
تكلّمت في الجزء السابق عن طبيعة المخطّط السوري الإيراني للقضاء على الكيان الصهيوني، وذلك عبر تحويل محيطه إلى ممر للطاقة إلى الإتحاد الأوروبي، في حال تمّ ربط خط الغاز العربي القادم من مصر عبر الأردن بخط الغاز الإسلامي القادم من إيران عبر العراق، وبالتالي تصبح مصالح الأردن وإسرائيل في حال تناقض من جهة، والعلاقات المصرية الإسرائيلية إلى تناقض آخر من جهة ثانية، وطبعاً الأهم هو تحويل محيط الكيان الصهيوني لممر للطاقة للأوروبيين، وخطر مشروع الغاز الذي خطّطت له إيران وسورية على الكيان الصهيوني أخطر بكثير من امتلاك سورية وإيران للسلاح النووي، والجنون الغربي الإسرائيلي القطري ضد سورية يوضح حجم الرعب الكبير من المشروع الإيراني السوري، وهنا يكمن السر الكبير لكلام الرئيس بشار الأسد عن الانتقال من الصراع على سورية إلى الصراع مع سورية، لأن الرئيس الأسد يدرك تماماً أن وجود العصابات المسلحة دون الفتنة (كمعلف بلا حصان) وبالتالي تحريكها قد يكون مؤلماً لسورية، ولكنه انتحار لها في الوقت ذاته، وتفرّغ سورية لقيادة المواجهة القادمة، وذلك كون المشروع السوري الإيراني أخذ أبعاداً إستراتيجية كبرى غيّرت الخرائط السياسية للعالم بالتزامن مع هزيمة المشروع الأمريكي.
13- تحول إيران وسورية إلى بيضة القبان: بالعودة للبداية نتذكّر، الصراع بين محور المقاومة والكيان الصهيوني دائماً تميل الكفة فيه للكيان الصهيوني عسكرياً كونه بلداً نووياً ومدعوماً بغطاء الناتو والمظلّة المالية الخليجية، في حين لدى محور المقاومة ردعٌ كافٍ لحلم هذا الكيان، في ظل غياب غطاء نووي للجبهة السورية، وصراع الطاقة بين روسيا والولايات المتحدة صراع قاتل لروسيا، حوّل روسيا إلى غطاء سياسي لسورية ومن خلفها مجموعه "بريك"، وتكلّمت عن غطاء جديد حصلت عليه سورية وهو غطاء معبر مضيق هرمز، ولكن هذا الغطاء له دور إستراتيجي جديد بحيث لم يقتصر انتصار روسيا في الحصول على كل ما تريد لمدّ خط غاز السيل الجنوبي، بل وأصبح إغلاق مضيق هرمز ورقة روسية، فحين أعلن الرئيس الأوكراني نيّته تخفيض شراء الغاز الروسي للنصف، جاء الإنذار الإيراني بإغلاق مضيق هرمز كصفعة كفّ للغرب، وبالتالي روسيا كما لا تستطيع التفريط بسورية لحفظ أمنها لم يعد يقتصر الحفاظ على إيران لإبعاد الناتو عن الحدود الروسية، والحفاظ على إمدادات الطاقة الصينيّة الهندية، بل تعداه إلى وصول روسيا إلى الخليج العربي بقوة، وتحوّل العلاقات الروسية الإيرانية إلى علاقات إستراتيجية وحلف غير معلن، وبالتالي روسيا في حال تحالفت بشكل كامل مع إيران وسورية انتصرت بكل معاركها مع الغرب باستثناء الدرع الصاروخ، ومع اقتراب تضاعف حاجة الإتحاد الأوروبي إلى الغاز أصبح خط الغاز الإيراني ضرورة روسية لتنويع إمدادات الإتحاد الأوروبي من الغاز، وهذه الزيادة هي نفسها زادت النفوذ الروسي في أذربيجان حين رفعت روسيا قيمة وارداتها من الغاز الأذري إلى الضعف ليصل إلى شراء روسيا لثلاث مليارات متر مكعب من الغاز الأذري، وبالتالي الانتصار الروسي في سورية وفي حرب الغاز بدأت تظهر معالمه على أكثر من جبهة، ومن معالم توسّع الجبهة المضادة للمصالح الأمريكية الكثير من النقاط:
13،1:- العلاقات الباكستانية الهندية: كما توقعت في مقال سابق أن مفاوضات واشنطن– طالبان في الدوحة ستنعكس على العلاقات الهندية الباكستانية ولم تمضِ أسابيع على نشر المقال حتى أعلنت باكستان عن دعمها خط الغاز الإيراني الهندي، وبالتالي هناك مشروع اقتصادي جديد في آسيا يؤسّس لما لا ترغب به واشنطن، وهو تحسّن العلاقات ما بين الهند وباكستان ومعهم إيران، وبالتالي فضاء اقتصادي جديد ضد مصالح واشنطن، بل وسينعكس عليها في أفغانستان بشكل خاص وفي آسيا بشكل عام، خصوصاً وأن واشنطن في كل مشاريعها لم تراعِ مصالح اليابان صاحبة العجز المالي الكبير بديون بآلاف مليارات الدولارات، والعلاقات الهندية الباكستانية وكذلك الصينية الهندية مع التراخي الأمريكي لابد أن تتحوّل إلى علاقات تعاون مستقبلاً.
13،2:- التناقض التركي الإسرائيلي: ما وحّد السعودية وقطر وتركيا وإسرائيل ومصر ضد سورية ولبنان سابقًا خط غاز شرق المتوسط وخط الغاز القطري الإسرائيلي، وإذا كان فشل خط غاز شرق المتوسط وتحوّل خط الغاز العربي إلى جزرة عزلت مصر عن التحالف مع المحور المعادي لسورية، فهناك تناقض جديد عنوانه فشل خط غاز شرق المتوسط، يتزامن مع ظهور تناقض تركي إسرائيلي جديد عنوانه الحدود المائية لجهة قبرص، وبالتالي تركيا أرادت أم لم ترد ففي حال خروج سورية منتصرة ستكون في محور مضاد لإسرائيل رغماً عنها، وبدأت تطفو للسطح هذه التناقضات التي ستتفاقم في الشهور القادمة.
13،3:- العلاقات التركية السورية: هنا تكمن الضربة القاضية، فهناك الكثير من الصعوبة في حل الأزمة السورية التركية رغم إدراك تركيا أن سورية انتصرت، وتريد تركيا من سورية ثمن خروجها من إمدادات الغاز البرية، وهذا ما تعتقد سورية أنها غير ملزمة بدفعه بعد أن شاركت تركيا علناً بالهجوم على سورية، وربما يريد أردوغان أن يحفظ ماء وجهه في الداخل التركي كونه كان سبب الدخول في مواجهة خاسرة، ولكن في النهاية عليه أن يندمج بمحيطه خوفاً من أي عزلة قادمة وبالتالي قد تطول المفاوضات، ولكن مع بدء ترسيم الحدود البحرية سيجد أردوغان نفسه معنياً بالاتصال بسورية في دائرة الملف اللبناني على الأقل، وسيكون مرغماً على القبول بالمطالب السورية قريباً والرضوخ للشروط السورية، أو الحلول الوسط التي تقدّمها روسيا، ومن ذلك يمكن الاستنتاج بأن تركيا في حال لم تندمج بمحيطها الطبيعي ستكون ضمن عزلة قاتلة، ويدرك أردوغان تماماً أن سورية لا تقدم ثمن إزالة معسكرات التدريب للعصابات الإرهابية بل إزالة هذا المعسكرات هو بداية التفاوض مع سورية، ويدرك تماماً أنه في حال لم يدفع هذا الثمن سيزيد الثمن الذي سيدفعه، وهو أصلاً الآن يقاتل على ما خسره من ثمن كان قد قبضه وخسره لأنه راهن على واشنطن وأعمى الطمع عيونه، ومهما اشتدت تصريحاته فهناك في تركيا شركات تركية أصبحت مصالحها في وادٍ آخر مهما كان السخاء الخليجي عليها.
14:- الإجراءات الوقائية للكيان الصهيوني والأمريكيين خوفاً من المشروع الإيراني السوري: يدرك الإسرائيليون تماماً خطورة المشروع الإيراني السوري، وقد شاهدوا الثورة البرتقالية تدفع ثمن هزيمة إسرائيل في حرب لبنان، وشاهدوا الحسناء تيموشينكو بالسجن كما يخطّط الآن لكل من نتنياهو ووزير خارجيته، ولهذا بدأ الكيان الصهيوني بإجراءات وقائية عنوانها الحفاظ على الأردن لإتمام عزل مصر عن سورية ليصبح الكيان الصهيوني بيضة قبان، وبالتالي عليه إما احتلال الأردن أو ضمّها لمجلس التعاون الخليجي وخلق تصادم بينها وبين مصر، ولكن من يخطّط الآن هو اللوبي الصهيوني الأمريكي ومعهم قائد (الجيش السوري الحر) يوسف مايمان الضابط السابق في الموساد، ودليل ذلك هو أن ما يحدث يتم بالتزامن مع كشف أوراق فساد لكل من نتنياهو وليبرمان، وما يريده يوسف مايمان هو سلام مع سورية ولبنان على أمل حرمان الأردن من خط الغاز العربي وإرغام مصر على إيصال غازها إلى سورية عبر المتوسط، وبالتالي مايمان يخوض حرب الحفاظ على إسرائيل وعلى خط الغاز الذي يملك ربعه في المتوسط، وهدفه كما قال أوباما سابقاً السلام ربما بحدود العام 1967، ولهذا حين بدأت معالم خروج سورية من أزمتها تلوح في الأفق، بدأت إسرائيل تلوح بحرق مصر وقطر بضم الأردن لمجلس التعاون الخليجي وأسواق غازها عبر إغوائها بملياري دولار مجاناً من الغاز القطري، فما هي نتائج الخطوات الإسرائيلية القطرية الأمريكية التي يقودها يوسف مايمان شخصياً، وهو القائد الفعلي لـ(الجيش السوري الحر)؟؟.
14،1- الأردن لعزل مصر عن سورية: ما إن انهار مشروع الياسمينة الزرقاء وبدء التصرف بجنون ضد سورية حتى أعلن مجلس التعاون الخليجي نيّته ضم المغرب (كون خط غاز الصحراء الكبرى يعزله أو يخرجه من المعطف الأمريكي) والأردن (كونه نافذة للاتصال بين سورية ومصر) لعضوية مجلسهم، وخلافات قطر والأردن الكبرى زالت فجأة، والهدف الرئيسي هو عزل مصر عن سورية، حيث لم يعد الكيان الصهيوني قادراً على هذه المهمة، وأصبح وجوده مهدّداً بعامل خط الغاز المصري السوري (خط الغاز العربي)، وبالتالي عزل عرب آسيا عن عرب إفريقيا تماماً، ومنع محاصرة إسرائيل، وعلى وقع تفجير خطوط الغاز التي تغذي الأردن بدأ الكلام عن مد الغاز القطري للأردن وهو الخط المكمل لخط غاز شرق المتوسط، أي هو عملية إحياء لخط الغاز القطري الإسرائيلي، وبالتالي حين تقرّر تأجيل خط نابوكو إلى العام 2017 لم يلغَ، بل ربما هناك تحضير لمشروع جديد ضد سورية أو ضد لبنان ربما في العام 2015، حسب ما قيل للقطريين والسعوديين واليمين الإسرائيلي، وربما للاتفاق على سلام عادل مع سورية ولبنان وإدخال الكيان الصهيوني ضمن مخطط مد الطاقة للأوروبيين كما يخطط اللوبي الصهيوني الأمريكي، ولكن الأهم ماذا يعني نقل الغاز القطري إلى الأردن، وبدعم خليجي يصل إلى ملياري دولار، طبعاً الهدف واحد هو ضرب الاقتصاد المصري أولاً، وتدمير خط الغاز العربي ثانياً، غير أن ما يعرفه الأمريكيون والبريطانيون ولا يعرفه نتنياهو وحكام قطر والسعودية أن ذلك يعني تحويل الأردن (أكبر حدود مع فلسطين المحتلة) إلى ساحة صراع بين القوى الدولية، والتي في حال تحوّلها إلى ساحة صراع يصبح كل صاروخ كاتيوشا قادراً على ضرب أي هدف في الكيان العبري، فحرق الأردن هو حرق للمنطقة والرهان على الصراع على الساحة الأردنية رهان خاسر، ويدرك ذلك اللوبي الصهيوني الأمريكي.
14،2- حرق مصر قبل أن تنهض: لم يكد يسقط حسني مبارك حتى حاولوا إشعال الفتنة، بل وقبل أن يسقط كان العمل جارياً على خلق فتنة إسلامية قبطية في مصر، وعربية نوبية كذلك، والهدف تقسيم مصر التي كان تقسيمها ضمن مخطط تقسيم الشرق الأوسط الآن، على أمل قطع الطريق نهائياً أمام أي تلاقٍ بين عرب آسيا وإفريقيا، والخوف من محاصرة إسرائيل بخط الغاز العربي يتمّ محاولة حرقها مرة ثانية، والسبب هو الخوف القادم من مصر، وهنا نتذكر قول الرئيس الإيراني "إن التحالف المصري الإيراني سيؤدي إلى زوال إسرائيل"، وما دعم الإسلام المتطرّف في مصر إلا دليل على نية خلق الفتنة والتقسيم، ولكن إسرائيل كانت أكثر وضوحاً، فهي أعلنت عن نيتها مد سكك حديدية تربط البحر الأحمر بالمتوسط، وقالت حرفياً "لتكون بديلاً لقناة السويس" والسؤال: هل يوجد شركة شحن تفضّل تنزيل وتحميل بضائعها مرتين ودفع رسوم عبور بالبر عوضاً عن الاستمرار بالإبحار عبر قناة السويس، والجواب طبعاً لا، إلا إذا كان هناك مخطط لإشعال جمهورية مصر العربية وتحويل قناة السويس إلى معبر غير آمن، وبكل وقاحة تقوم الجمعيات المدعومة أمريكياً بمحاولة خلق فتنة بين الجيش المصري والشعب المصري.
15- هل المشروع حرق مصر أم الضغط عليها؟: يعتقد البعض أن الضغط القطري الإسرائيلي على مصر يأتي ضمن جرّها إلى مواقف معادية لسورية، وهذا خطأ كبير، فما يخطّط لمصر يأتي مع بدء الحسم على الأرض السورية، ويأتي بدء الضغط على مصر مع حرق كل الأوراق في سورية إلى درجة الوقاحة والمغامرة، وليس ذلك فحسب، بل وبعد جر جامعة الدول العربية إلى تدويل الملف السوري، أي إن الضغط على سورية لا يحتاج إلى أي تهديدات عربية لمصر، وبالتالي هناك مشروع حقيقي لتفتيت وحرق مصر نهائياً والقصة ليست قصة ضغوط كما كان يفعل القطري سابقاً حين يلوح بالغاز القطري إلى إسرائيل بهدف جر حسني مبارك إلى بيع الغاز للكيان الصهيوني بأقل الأسعار، وثم تفضح بـ(جزيرتها) حسني مبارك بأسعار الغاز للكيان الصهيوني متناسية أن قطر تبيع الغاز لبريطانيا بأقل بكثير من سعر الغاز المصري لإسرائيل.
16- ماذا يعني محاولة حرق مصر وهل ينجح؟: ربما مصر التي تقبع تحت ديون تزيد عن 180 مليار دولار واقتراب توقف المساعدات الأمريكية نهائياً في أزمة كبرى، ولا يوجد مشاريع حل حقيقية للاقتصاد المصري، والوضع المصري منذ سقوط نظام حسني مبارك قلق وغير آمن، ولكن ماذا يعني محاولة حرق مصر، يعني بكل بساطة نقل الصراعات الدولية بشكل رئيسي إلى الأردن حيث هناك أطول حدود مع الكيان الصهيوني، وإلى قطر حيث أكبر قاعدة عسكرية أمريكية، وبالتالي الغريق الصهيوني يتعلّق بقشة على أمل الحياة، وأما الأردن حيث يعاني أصلاً من حراك شعبي، والمناخ السائد هو مناخ عدم استقرار خلقته واشنطن على أمل النجاح في ضرب سورية، وذلك اللا استقرار هو سلاح ضد واشنطن نفسها، وأما في قطر فقد أصبح هناك نصف العالم له مصلحة بضرب محطات تسييل غاز قطر للضغط على واشنطن وأوروبا وبشكل خاص بريطانيا التي تستورد 55% من غازها من قطر، ومن هنا ندرك عمق القلق البريطاني من استمرار الأعمال الإستخباراتية في سورية، لأن توسيع دائرة الصراع سيتحول إلى كابوس على لندن بشكل خاص والإتحاد الأوروبي بشكل عام، وتدرك بريطانيا أن سورية وإيران فقط قادرتان على حرق المنطقة، فضلاً عن الدول التي تقف خلفهم (مجموعه بريك) ومعهم، وقادرتان على حرق العالم وليس فقط المنطقة، في حال بدأ التعامل بالمثل وشنّت الحروب الإستخباراتية، ومن هنا ندرك أن الصراع في الشرق الأوسط أصبح على حافة الهاوية ولا يوجد أي أمل للكيان الصهيوني إلا بالسلام العادل والشامل، وحدود السلام وضعها الرئيس السوري بشار الأسد منذ بدء الأحداث، حين اعترف بحدود العام 1967 من جهة وتظاهرات الجولان التي مفادها لا تنازل عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين من جهة ثانية.
17- الموقف الروسي المرعب: إذا كان من مآثر المشروع الأمريكي خلق تحالف غير معلن بين محور المقاومة وروسيا والصين ومن معهم من مجموعة "بريك" ومجموعة الإتحاد الآوروآسيوي، فإن المأثرة الكبرى للمشروع الأمريكي هي تحويل صهيونية إسرائيل إلى خطر على روسيا، ولأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، فأي سلام وأي حرب روسيا ليست طرفاً فيها تشكّل خطراً على روسيا، فروسيا انتصرت في الشرق الأوسط بخط غازها، ولكن الصراع قائم في شمال إفريقيا خصوصاً وأن واشنطن قطعت الطرق أمام خط غاز الصحراء الكبرى بفرعه الذي يمرّ من تونس، وتستخرج الغاز من سواحل المتوسط في ليبيا، وبالتالي الصراع الأمريكي الروسي قائم، ويضاف له الملف الأفغاني وهو الملف الذي يقلق روسيا بالإضافة إلى الدرع الصاروخي، ولهذا بدأت روسيا بمنح سورية ليس فقط غطاء عسكرياً دفاعياً بل غطاء عسكري هجومي ربما يصل إلى الغطاء النووي، ومن هنا يمكن القول إن روسيا إما تدعم السلام حسب وجهة النظر السورية وخصوصاً مع قيام القيادة السورية بعملية إصلاح تطمئن روسيا على مستقبل سورية، أو تغطي سورية غطاء نووياً كغطاء الإتحاد السوفييتي لمصر وسورية في حرب تشرين التحريرية (أكتوبر)، وكذلك يبقى الأهم تلاقي مشروع الأسد ربط البحار الخمسة بمشروع بوتين الآوروآسيوي، وقد دعم بوتين الرئيس السوري أثناء محاولات فض النزاع التركي الأرميني بسبب تلاقي وجهات النظر، وسيتمّ إحياء هذا المشروع مرة جديدة بعد عودة العلاقات التركية السورية لمجراها الإلزامي القادم، وهنا يبقى السؤال: إلى أين يتجه الصراع العالمي وما هي الأوراق السورية الإيرانية المرعبة التي لم تُكشف، وهل ستقدّم روسيا مشاريع حماية حقوق الإنسان في دول الخليج ونشر الديمقراطية، هل ضرب السفارات الإسرائيلية ونائب رئيس الموساد هو بداية الحسم الأمني السوري الإيراني .؟؟.. نتركه للجزء القادم.