جهينة نيوز- خاص- "كفاح نصر":
تكلمنا في الجزء الأول عن ضرورة بيع الطاقة بالعملة الخضراء والصفقة مع القطري لبدء جر الغاز والوقود الحيوي إلى أوروبا، وأصبحت واشنطن بمأمن، ولكن عليها قبل العام 2010 أن تكون قد سيطرت على غاز شرق المتوسّط، وقبل العام 2018 على غاز إيران، وقبل العام 2025 على غاز وسط آسيا، لتضمن الوصول إلى العام 2030 حيث سيكون قد تضاعف استهلاك الغاز عدّة مرات، ويأتي هذا على خط موازٍ لضمان السيطرة على موارد الغاز الإفريقي في الجزائر ونيجيريا بشكل خاص، وعلى خط متوازٍ مع قطع الغاز الروسي عن أوروبا، والتجهيز لإعادة تفكيك الاتحاد الأوروبي، وفعلاً في الجزائر أُرسلت عصابات مسلحة وبدأت أعمال عنف كبيرة شهدتها الجزائر في التسعينات بهدف إسقاط النظام غير الموالي لواشنطن، وبدأ التحضير للشرق الأوسط الجديد.
تقسيم الشرق الأوسط..؟
تريد واشنطن بشكل خاص السيطرة على الغاز المصري، وهو فعلياً معها مروراً بالغاز في الساحل الفلسطيني وهو معها، مروراً بالغاز الموجود على الساحل اللبناني والقبرصي، وغاز شمال العراق وغاز إيران، ولاحقاً غاز أذربيجان وتركمانستان، والذي يتوسّط هذه الدول، ليكون منفذ غاز هذه الدول هو تركيا.
تدرك واشنطن أن ثلاث دول إذا ضُربت ستوقظ الدب الروسي من سباته وسيسقط حليفها يلتسن، وهذه الدول هي تركمانستان وأذربيجان وإيران، لأن هذه الدول تهدّد الأمن القومي الروسي، فكان عليها الانقضاض البطيء، عبر فرض سياسة الأمر الواقع، بتأمين بديل للغاز الروسي من الشرق الأوسط وبدء الزحف باتجاه موسكو من جهة أوروبا، على أمل فرض صفقة كبرى لاحقاً، وهنا أختار الأمريكيون تركيا لنقل الغاز من مصر في إفريقيا وبلاد الشام والرافدين وصولاً إلى تركيا ليجمع معه لاحقاً غاز وسط آسيا.
الخطة الأمريكية
وتقضي هذه الخطة بنقل غاز مصر وشرق المتوسط وشمال العراق إلى أوروبا لتأمين بديل للغاز الروسي، قطع مؤقت لطريق الغاز الإيراني عن أوروبا، ومن ثم ضرب إمدادات الغاز الروسي في روسيا البيضاء وأوكرانيا، فتحصل على دعم أوروبي للزحف إلى وسط آسيا الذي سيصبح كتحصيل حاصل تحت النفوذ الأمريكي، والأهم السيطرة على شمال إفريقيا، وهنا أصبحت سورية وروسيا البيضاء وأوكرانيا والجزائر عوائق أمام المشروع الأمريكي.
1- الجزائر لإطباق عزل إفريقيا عن أوروبا، كي تضمن طرق الإمداد التي تضمن لها السيطرة والنفوذ على ثروات إفريقيا، وتوقف الزحف الصيني في القارة السوداء وتقطع الطريق أمام الروسي، والأهم تسيطر على ثروات الجزائر من الغاز والنفط.
2- روسيا البيضاء وأوكرانيا لعرقلة مرور الغاز الروسي القائم إلى أوروبا.
3- سورية لإيصال غاز مصر وفلسطين ولبنان إلى تركيا.
قرّرت الإدارة الأمريكية أن ضرب سورية صعب نظرياً بسبب علاقاتها الدولية، والجزائر فشل ضربها في التسعينات، ولهذا قرّرت القضاء على المقاومة في لبنان وبالتالي تضمن استخراج الغاز ونقله، ولاحقاً تقسيم المنطقة.. ولكن الكارثة كانت بهزيمة إسرائيل في (عملية عناقيد الغضب) عام 1996 وفشلها في القضاء على حزب الله، ولهذا أدركت واشنطن أنه حتى لو تمّ القضاء على حزب الله ومر الغاز فإن مروره غير آمن ولهذا أصبح لزاماً عليها تقسيم الشرق الأوسط قبل كل شيء.
مشروع الشرق الأوسط الجديد
منذ العام 1996 وحتى العام 2000 بدأت واشنطن تتلقى ضربات موجعة، ففي العام 1997 تمّ توقيع شراكة بين الصين وروسيا وزال خلاف دام عقوداً إبان العهد السوفييتي، لتصل في عهد بوتين إلى اتفاقية حسن الجوار في العام 2001، وسقطت لاحقاً فنزويلا من الحظيرة الأمريكية وفيها الغاز الذي تريده واشنطن لنفسها، وبرز بوتين كحاكم فعلي في روسيا بعد أن أطفأ نار الشيشان ليستلم لاحقاً السلطة في العام 2000 ويبدأ الحلم الأمريكي المزعج، والأخطر كان بدء تصاعد التيار الإسلامي في تركيا، التي شهدت حلّ أكثر من حزب إسلامي، فضلاً عن هزيمة كبرى تلقتها إسرائيل جنوب لبنان أيقظت الشارع العربي وزرعت الأمل في قلوب العرب.
الصفقة مع رجب طيب أردوغان وعبد الله غل..؟
لا يمكن لواشنطن تقسيم الشرق الأوسط وخلق نزعه الانفصال عند الأقليات دون إسلام تكفيري متشدّد، ولا يمكن وقف المدّ الإسلامي المناهض لواشنطن في تركيا دون إسلام متشدّد، ولا يمكن إعادة إشعال روسيا (الشيشان وداغستان) والصين (الإيغوريين) دون إسلام متشدّد، ولا يمكن بعد تقسيم المنطقة لجر الأقليات إلى الحضن الإسرائيلي دون إسلام متشدّد، وعبد الله غل وأردوغان يعلمان أن واشنطن لا تسمح لأي حزب مناهض لها في تركيا بالوصول إلى السلطة والجيش بيدها، فحلّت حزب الفضيلة وحزب الرفاه وقمعت الإسلاميين، وتحت العصا تمّ التفاوض مع رجب طيب أردوغان وعبد الله غل وفق شروط إيصالهم إلى السلطة:
1- تلتزم واشنطن بعزل اليونان ونفوذها في قبرص لصالح تركيا، تركيا تستفيد وأمريكا تكون خلقت الثغرة التي ستسقط الاتحاد الأوروبي واليورو.
2- تقبل تركيا بتقسيم المنطقة بما فيها أجزاء من تركيا.
3- تُعوّضُ تركيا باحتلال جزء من سورية وبنفوذ في دويلات سنية في مصر وسورية التي ستُمنح مساحات منها تعويضاً عمّا ستفقده في دويلة كردية ودويلة علوية ستصل حتى حدودها.
4- تقوم أمريكا بتحويل تركيا إلى عقدة غاز عالمية تؤمّن لها الرفاه الاقتصادي.
5- تلتزم واشنطن بمنح أردوغان وغل دوراً عالمياً، كما حصل مع أمير قطر (كانت الخطة بإخراجه كفاتح للشام.. وسنتكلم عن هذا لاحقاً).
6- توافق تركيا على تصفية القضية الفلسطينية.
7- تساعد تركيا في الخفاء واشنطن في احتلال العراق وأفغانستان ولاحقاً سورية.
8- تسهّل دخول الأمريكي إلى وسط آسيا، والأهم نشر الفوضى في البلقان.
9- تحصل تركيا على النفط السوري مقابل الغاز اللبناني لإسرائيل. ويكون الغاز القبرصي تحت النفوذ التركي.
واشنطن تكشر عن أنيابها
وصل عبد الله غل إلى رئاسة الحكومة في تركيا بعد تأسيس حزب العدالة والتنمية، وخيانته لمعلمه نجم الدين أربكان كما خان أمير قطر والده، وتمّ في نفس العام احتلال أفغانستان، والأهم هو قيام واشنطن بكشف مخططها نابوكو، في العام 2002 حين كشرت واشنطن عن أنيابها، من ظهور العدالة والتنمية والإعلان عن خط نابوكو، واحتلال أفغانستان.
الدهاء الأمريكي
لا يعلم بوجود الغاز في المتوسّط سوى واشنطن، واشنطن التي تعلم أماكن الطاقة في كل نقاط العالم، فطرحت مشروعها الذي اعتبرته روسيا عملاً عدائياً، حين صرح الأمريكيون أن خط نابوكو يهدف إلى ربط وسط آسيا بوسط أوروبا دون المرور بالأراضي الروسية، والأمريكي حين طرح مشروعه كان بدهاء كبير، فهو ليس غبياً ليكشف عن مخطّطه، ولكن كان يريد مقايضة روسيا التي لا تعلم بوجود الغاز في المتوسط، ودخل إلى روسيا عبر الإيحاء بأنه يريد حصة من الغاز وسيربط وسط آسيا بوسط أوروبا كسقف عالٍ لمطالبه، ولكن إذا أرادت روسيا ألا تقترب واشنطن من وسط آسيا فلنتفق على تقسيم المنطقة، نترك لكم أذربيجان وتركمانستان مقابل إيران والعراق وسورية لتمرير الغاز المصري.
حين طرح الأمريكي مشروع نابوكو الذي يهدّد الأمن القومي الروسي، كان يهدف إلى الإيحاء لروسيا بأنه يطالب بسقف عالٍ من المطالب التي لا تقبلها موسكو للاتفاق على حل وسط عبر تقسيم المنطقة، فيجتمع الأمريكي والروسي ويوقعان اتفاقاً تترك واشنطن تركمانستان وأذربيجان ووسط آسيا لروسيا، مقابل أن تترك روسيا إيران وسورية والعراق للولايات المتحدة الأمريكية، وجاء ذلك بعد احتلال أفغانستان، أي جاءت المفاوضات بسياسة العصا والجزرة، فهي حاصرت إمدادات الصين وأوحت لروسيا بأنها بصدد التوسّع في وسط آسيا، وطرحت مشروعها على أمل نجاحه، فإذا نجح تكون قد دقّت إسفيناً في العلاقات الروسية الصينية التي تطوّرت في العام 2001 وتحوّلت إلى خطر على المصالح الأمريكية بعد توقيع اتفاق حسن الجوار، ومن جهة ثانية مع غاز المتوسط ستحاصر روسيا في أوروبا وتبدأ بالزحف باتجاه وسط آسيا بعد فوات الأوان، بحيث تُفرض على الأرض سياسة الأمر الواقع.
نابوكو
الموسيقيون يعلمون أن نابوكو هو اسم عمل موسيقي لفيردي يتكلم عن اضطهاد اليهود في العراق أيام نبوخذ نصر، وما سُمّي بالسبي البابلي لليهود، والتاريخ السياسي يسجل أن الإعلان عن نابوكو كان مقدّمة لاحتلال العراق، فحتى اختيار الأسماء حين يختارها الأمريكي لا يختارها عن عبث، نعم أردوغان يقاتل لأجل نابوكو وليس لأجل العثمانية، ولا لأجل الإسلام، فعثمانيته الجديدة هي تحويل عدو الإسلام من الصهيونية والاحتلال إلى الأقليات الإسلامية والمسيحية، وتقسيم المنطقة بحيث يتخلّى عن بعض الأراضي ويأخذ تعويضاً عنها.
وقبل وضع خريطة نابوكو الحقيقية، لنرى كيف طرحها الأمريكي حسب وكالة الصحافة الفرنسية، لاحظ عدم مرورها باليونان، علماً أن اليونان بلد مستهلك للغاز، وهي (اليونان) التي ستصبح لاحقاً نقطة ضعف أوروبا.
الرد الروسي
ما عُرض على روسيا بالمبدأ من خلال تقاسم العالم كان صفقة مقبولة، وحين الكلام عن تقاسم الغاز في العالم يمكن لروسيا أن تستغني عن إيران والعراق ومصر كونها أصلاً خارج نفوذها، والتنازل عن سورية كونها تهدّد إسرائيل التي أصبحت مصلحة لكل الدول الكبرى، لأنها تفصل آسيا عن إفريقيا وتمنع قيام دولة عربية كبرى، مقابل أن تتعهد واشنطن بعدم الاقتراب من وسط آسيا، وهذا يلائم الروسي بحيث يتقاسم العالم مع واشنطن دون حروب، ولكن روسيا من الواضح أنها شعرت بوجود خديعة، وخصوصاً أن علاقاتها مع سورية هي المدخل للشرق الأوسط، ومن الواضح أنها لم تكن تعلم بوجود الغاز في المتوسّط، ولهذا احتياطاً قامت بطرح مشاريع لترى مدى مصداقية واشنطن، فقرّرت إنشاء السيل الجنوبي والسيل الشمالي، لتغذية أوروبا بالغاز عبر البحر، أي ضمن أنابيب لا يمكن عرقلة مرورها، أو أنها كانت تعلم وتصرّفت بدهاء، وقدّمت روسيا مشروعها بحيث يصل أحد فروع السيل الجنوبي إلى اليونان التي لم يشملها خط نابوكو، وطرحت لاحقاً خط غاز السيل الأزرق كجزرة للتركي ولرفع السقف العالي مع واشنطن.
هنا واشنطن أدركت أن الخديعة لم تنطلِ على الروس، وبدأ صراع من نوع آخر، وتحوّل نابوكو والسيل الجنوبي إلى خصوم وبدأ الصراع يخرج إلى العلن بشكل حذر وغير معلن.
الولايات المتحدة تهاجم
تمّ اغتيال الحريري، وبدأ الهجوم على سورية ولبنان، وفي أوكرانيا كان النظام على وشك السقوط على وقع الثورة البرتقالية، وليظهر لاحقاً حلفاء واشنطن الذين وظيفتهم فتح حرب الغاز، وبدأت حرب الغاز بين روسيا وأوكرانيا التي قطعت الغاز عن أوروبا أسبوعين، وفي روسيا البيضاء بدأ الضغط الأمريكي وأصبح الهجوم على لوكاشينكو شبه يومي، والأوروبي الذي شاهد الضربات الأمريكية رضخ للأمريكي بطريقة مثيرة للجدل، حيث ما بعد احتلال العراق سيطرت واشنطن على القرار الفرنسي، وقد يشير هذا إلى صفقة أمريكية فرنسية قد تظهر معالمها لاحقاً، ولاحقاً أصبح اتفاق نابوكو وثيقة وقعتها خمس دول عبور في تركيا العام 2009 ولكن بعد فشل العدوان على لبنان أدركت واشنطن أن الوقت يداهمها، فحاولت إسرائيل احتلال غزة لفرض سلام بالقوة على أمل -على الأقل- البدء بتنفيذ مشاريع الغاز، ولكن عدوان إسرائيل فشل، فزار أردوغان مصر واقترح ما يُسمّى خط الغاز العربي لنقل الغاز المصري إلى الأردن فسورية ثم إلى تركيا، وطبعاً كان هذا لتطمين مصر من أن روسيا لن تستطيع مد خط غاز السيل الأزرق، فحين أعلنت روسيا عن السيل الأزرق من تركيا إلى سورية لتغذية الأردن ومنها إلى إسرائيل، أدركت مصر أن عليها التفاوض مع روسيا في إفريقيا لتسوّق غازها، وكان خط أردوغان الوهمي لمنع مصر من التفكير بأي شراكة مع الروسي ولكي لا تشعر بالقلق وخصوصاً أن مصر بدأت ببيع الغاز لإسرائيل بسعر تفضيلي كي لا توقع على خط غاز السيل الأزرق، أما ما سمّاه أردوغان خط الغاز العربي فلم يكن إلا خديعة مثل خط الغاز الأزرق.
الحرب على لبنان
الحرب على لبنان شكلت فشلاً ذريعاً لواشنطن لم تتوقعه، فقرّرت تأجيل الياسمينة الزرقاء من العام 2007 إلى العام 2011، حيث إن عدوان إسرائيل على لبنان لم يعطِ حزب الله انتصاراً تاريخياً فحسب، بل من أهم ما حدث في العام 2006 هو سقوط الفتنة التي كانت ستساعد واشنطن في حرق سورية، إذ نسي العالم الاحتقان السني الشيعي الذي كرّسته قناتا الجزيرة والعربية وصرفت عليه واشنطن مليارات الدولارات، والأهم أخذت سورية فرصتها بحرق الأمريكي في العراق وتغيير قواعد اللعبة على الأرض، وبدأ القطري باستقطاب اللبنانيين، لأنه لاحقاً ستتغيّر اللعبة، فكانت سورية ستُتهم بقتل الحريري، وبعد احتلال لبنان والقضاء على حزب الله ستتمّ مهاجمة سورية، وزرع الفتنة مع عصا المحكمة الدولية، ولكن مع فشلهم في لبنان عُكستْ الخطة وتأجلت إلى العام 2011 حيث أصبح من الضروري اتهام حزب الله وحرق سورية أولاً، ولهذا قامت واشنطن بهدنة وبدأ ربيع قطري سوري، وتركي سوري، وتوقفت الجزيرة عن مهاجمة سورية وبدأ التحضير للمعركة القادمة.
تأجيل الياسمينة الزرقاء
خُطّطَ للياسمينة الزرقاء أن تحرق سورية في نهاية العام 2006 ومطلع العام 2007 ولكن خسارة إسرائيل الحرب وبدء معالم الأزمة المالية أجّلا مشروع ضرب سورية، ومع بدء نفاد الوقت ومع بدء الدخول الروسي إلى إفريقيا توسّعت رقعه المواجهة، وقرّرت واشنطن استبدال التكتيك لتصبح الياسمينة الزرقاء ضمن مشروع سُمّي لاحقاً (الربيع العربي).. وبعد العام 2007 وبطلب من المخابرات الأمريكية بدأت قطر باستقدام التونسيين إلى قطر في العام 2008، ورغم كل الخلاف مع مصر تمّ حلّه وفتح التأشيرات إلى مصر وجرى استقدام المزيد من المصريين، ولنتذكر هنا أنه في العام 2004 والعام 2005 فتحت قطر التأشيرات للسوريين، بحيث ستقوم الاستخبارات الأمريكية في قطر بتجنيد من سيقوم بالمهمات المنوطة به، وفي العام 2006 بعد سقوط حلم احتلال لبنان فُتِحَتْ التأشيرات للبنانيين، وهذا يدلّ على أن قطر فعلاً مركز للاستخبارات الأمريكية في المنطقة.
روسيا تكشر عن أنيابها
حين شاهد الروسي الأمريكي يصطدم بالجدران بدأ بالتصعيد، وأعلن أنه سيسيطر على كل تجارة الغاز في العالم، وسيورد الغاز لكل العالم وإلى جانب السيل الجنوبي والسيل الشمالي، أعلن بوتين أنه سيستثمر الغاز في أمريكا اللاتينية ليُصَدّر إلى واشنطن نفسها، وسيستثمر في إفريقيا ليوصل الغاز الإفريقي إلى أوروبا، وسيطرح أنبوب السيل الأزرق من تركيا إلى سورية فالأردن وإسرائيل (وهذا يثبت أن الروسي لا يعلم بوجود الغاز في المتوسّط أو أنه يعلم ويريد إغواء التركي كخدعة خط الغاز العربي كون هذا الخط لاحقاً أرغم الأمريكي على الكشف عن غاز المتوسط، لأن السيل الأزرق جعل مصر تشعر بالقلق على مستقبلها وتتفاوض مع الروسي) بالعبور، وهنا قرّرت واشنطن شنّ هجوم (الربيع العربي) الذي ستكون الياسمينة الزرقاء جزءاً منه.
في الجزء الثالث: الربيع العربي.. الأم الحنون للياسمينة الزرقاء
تكلمنا في الجزء الأول عن ضرورة بيع الطاقة بالعملة الخضراء والصفقة مع القطري لبدء جر الغاز والوقود الحيوي إلى أوروبا، وأصبحت واشنطن بمأمن، ولكن عليها قبل العام 2010 أن تكون قد سيطرت على غاز شرق المتوسّط، وقبل العام 2018 على غاز إيران، وقبل العام 2025 على غاز وسط آسيا، لتضمن الوصول إلى العام 2030 حيث سيكون قد تضاعف استهلاك الغاز عدّة مرات، ويأتي هذا على خط موازٍ لضمان السيطرة على موارد الغاز الإفريقي في الجزائر ونيجيريا بشكل خاص، وعلى خط متوازٍ مع قطع الغاز الروسي عن أوروبا، والتجهيز لإعادة تفكيك الاتحاد الأوروبي، وفعلاً في الجزائر أُرسلت عصابات مسلحة وبدأت أعمال عنف كبيرة شهدتها الجزائر في التسعينات بهدف إسقاط النظام غير الموالي لواشنطن، وبدأ التحضير للشرق الأوسط الجديد.
تقسيم الشرق الأوسط..؟
تريد واشنطن بشكل خاص السيطرة على الغاز المصري، وهو فعلياً معها مروراً بالغاز في الساحل الفلسطيني وهو معها، مروراً بالغاز الموجود على الساحل اللبناني والقبرصي، وغاز شمال العراق وغاز إيران، ولاحقاً غاز أذربيجان وتركمانستان، والذي يتوسّط هذه الدول، ليكون منفذ غاز هذه الدول هو تركيا.
تدرك واشنطن أن ثلاث دول إذا ضُربت ستوقظ الدب الروسي من سباته وسيسقط حليفها يلتسن، وهذه الدول هي تركمانستان وأذربيجان وإيران، لأن هذه الدول تهدّد الأمن القومي الروسي، فكان عليها الانقضاض البطيء، عبر فرض سياسة الأمر الواقع، بتأمين بديل للغاز الروسي من الشرق الأوسط وبدء الزحف باتجاه موسكو من جهة أوروبا، على أمل فرض صفقة كبرى لاحقاً، وهنا أختار الأمريكيون تركيا لنقل الغاز من مصر في إفريقيا وبلاد الشام والرافدين وصولاً إلى تركيا ليجمع معه لاحقاً غاز وسط آسيا.
الخطة الأمريكية
وتقضي هذه الخطة بنقل غاز مصر وشرق المتوسط وشمال العراق إلى أوروبا لتأمين بديل للغاز الروسي، قطع مؤقت لطريق الغاز الإيراني عن أوروبا، ومن ثم ضرب إمدادات الغاز الروسي في روسيا البيضاء وأوكرانيا، فتحصل على دعم أوروبي للزحف إلى وسط آسيا الذي سيصبح كتحصيل حاصل تحت النفوذ الأمريكي، والأهم السيطرة على شمال إفريقيا، وهنا أصبحت سورية وروسيا البيضاء وأوكرانيا والجزائر عوائق أمام المشروع الأمريكي.
1- الجزائر لإطباق عزل إفريقيا عن أوروبا، كي تضمن طرق الإمداد التي تضمن لها السيطرة والنفوذ على ثروات إفريقيا، وتوقف الزحف الصيني في القارة السوداء وتقطع الطريق أمام الروسي، والأهم تسيطر على ثروات الجزائر من الغاز والنفط.
2- روسيا البيضاء وأوكرانيا لعرقلة مرور الغاز الروسي القائم إلى أوروبا.
3- سورية لإيصال غاز مصر وفلسطين ولبنان إلى تركيا.
قرّرت الإدارة الأمريكية أن ضرب سورية صعب نظرياً بسبب علاقاتها الدولية، والجزائر فشل ضربها في التسعينات، ولهذا قرّرت القضاء على المقاومة في لبنان وبالتالي تضمن استخراج الغاز ونقله، ولاحقاً تقسيم المنطقة.. ولكن الكارثة كانت بهزيمة إسرائيل في (عملية عناقيد الغضب) عام 1996 وفشلها في القضاء على حزب الله، ولهذا أدركت واشنطن أنه حتى لو تمّ القضاء على حزب الله ومر الغاز فإن مروره غير آمن ولهذا أصبح لزاماً عليها تقسيم الشرق الأوسط قبل كل شيء.
مشروع الشرق الأوسط الجديد
منذ العام 1996 وحتى العام 2000 بدأت واشنطن تتلقى ضربات موجعة، ففي العام 1997 تمّ توقيع شراكة بين الصين وروسيا وزال خلاف دام عقوداً إبان العهد السوفييتي، لتصل في عهد بوتين إلى اتفاقية حسن الجوار في العام 2001، وسقطت لاحقاً فنزويلا من الحظيرة الأمريكية وفيها الغاز الذي تريده واشنطن لنفسها، وبرز بوتين كحاكم فعلي في روسيا بعد أن أطفأ نار الشيشان ليستلم لاحقاً السلطة في العام 2000 ويبدأ الحلم الأمريكي المزعج، والأخطر كان بدء تصاعد التيار الإسلامي في تركيا، التي شهدت حلّ أكثر من حزب إسلامي، فضلاً عن هزيمة كبرى تلقتها إسرائيل جنوب لبنان أيقظت الشارع العربي وزرعت الأمل في قلوب العرب.
الصفقة مع رجب طيب أردوغان وعبد الله غل..؟
لا يمكن لواشنطن تقسيم الشرق الأوسط وخلق نزعه الانفصال عند الأقليات دون إسلام تكفيري متشدّد، ولا يمكن وقف المدّ الإسلامي المناهض لواشنطن في تركيا دون إسلام متشدّد، ولا يمكن إعادة إشعال روسيا (الشيشان وداغستان) والصين (الإيغوريين) دون إسلام متشدّد، ولا يمكن بعد تقسيم المنطقة لجر الأقليات إلى الحضن الإسرائيلي دون إسلام متشدّد، وعبد الله غل وأردوغان يعلمان أن واشنطن لا تسمح لأي حزب مناهض لها في تركيا بالوصول إلى السلطة والجيش بيدها، فحلّت حزب الفضيلة وحزب الرفاه وقمعت الإسلاميين، وتحت العصا تمّ التفاوض مع رجب طيب أردوغان وعبد الله غل وفق شروط إيصالهم إلى السلطة:
1- تلتزم واشنطن بعزل اليونان ونفوذها في قبرص لصالح تركيا، تركيا تستفيد وأمريكا تكون خلقت الثغرة التي ستسقط الاتحاد الأوروبي واليورو.
2- تقبل تركيا بتقسيم المنطقة بما فيها أجزاء من تركيا.
3- تُعوّضُ تركيا باحتلال جزء من سورية وبنفوذ في دويلات سنية في مصر وسورية التي ستُمنح مساحات منها تعويضاً عمّا ستفقده في دويلة كردية ودويلة علوية ستصل حتى حدودها.
4- تقوم أمريكا بتحويل تركيا إلى عقدة غاز عالمية تؤمّن لها الرفاه الاقتصادي.
5- تلتزم واشنطن بمنح أردوغان وغل دوراً عالمياً، كما حصل مع أمير قطر (كانت الخطة بإخراجه كفاتح للشام.. وسنتكلم عن هذا لاحقاً).
6- توافق تركيا على تصفية القضية الفلسطينية.
7- تساعد تركيا في الخفاء واشنطن في احتلال العراق وأفغانستان ولاحقاً سورية.
8- تسهّل دخول الأمريكي إلى وسط آسيا، والأهم نشر الفوضى في البلقان.
9- تحصل تركيا على النفط السوري مقابل الغاز اللبناني لإسرائيل. ويكون الغاز القبرصي تحت النفوذ التركي.
واشنطن تكشر عن أنيابها
وصل عبد الله غل إلى رئاسة الحكومة في تركيا بعد تأسيس حزب العدالة والتنمية، وخيانته لمعلمه نجم الدين أربكان كما خان أمير قطر والده، وتمّ في نفس العام احتلال أفغانستان، والأهم هو قيام واشنطن بكشف مخططها نابوكو، في العام 2002 حين كشرت واشنطن عن أنيابها، من ظهور العدالة والتنمية والإعلان عن خط نابوكو، واحتلال أفغانستان.
الدهاء الأمريكي
لا يعلم بوجود الغاز في المتوسّط سوى واشنطن، واشنطن التي تعلم أماكن الطاقة في كل نقاط العالم، فطرحت مشروعها الذي اعتبرته روسيا عملاً عدائياً، حين صرح الأمريكيون أن خط نابوكو يهدف إلى ربط وسط آسيا بوسط أوروبا دون المرور بالأراضي الروسية، والأمريكي حين طرح مشروعه كان بدهاء كبير، فهو ليس غبياً ليكشف عن مخطّطه، ولكن كان يريد مقايضة روسيا التي لا تعلم بوجود الغاز في المتوسط، ودخل إلى روسيا عبر الإيحاء بأنه يريد حصة من الغاز وسيربط وسط آسيا بوسط أوروبا كسقف عالٍ لمطالبه، ولكن إذا أرادت روسيا ألا تقترب واشنطن من وسط آسيا فلنتفق على تقسيم المنطقة، نترك لكم أذربيجان وتركمانستان مقابل إيران والعراق وسورية لتمرير الغاز المصري.
حين طرح الأمريكي مشروع نابوكو الذي يهدّد الأمن القومي الروسي، كان يهدف إلى الإيحاء لروسيا بأنه يطالب بسقف عالٍ من المطالب التي لا تقبلها موسكو للاتفاق على حل وسط عبر تقسيم المنطقة، فيجتمع الأمريكي والروسي ويوقعان اتفاقاً تترك واشنطن تركمانستان وأذربيجان ووسط آسيا لروسيا، مقابل أن تترك روسيا إيران وسورية والعراق للولايات المتحدة الأمريكية، وجاء ذلك بعد احتلال أفغانستان، أي جاءت المفاوضات بسياسة العصا والجزرة، فهي حاصرت إمدادات الصين وأوحت لروسيا بأنها بصدد التوسّع في وسط آسيا، وطرحت مشروعها على أمل نجاحه، فإذا نجح تكون قد دقّت إسفيناً في العلاقات الروسية الصينية التي تطوّرت في العام 2001 وتحوّلت إلى خطر على المصالح الأمريكية بعد توقيع اتفاق حسن الجوار، ومن جهة ثانية مع غاز المتوسط ستحاصر روسيا في أوروبا وتبدأ بالزحف باتجاه وسط آسيا بعد فوات الأوان، بحيث تُفرض على الأرض سياسة الأمر الواقع.
نابوكو
الموسيقيون يعلمون أن نابوكو هو اسم عمل موسيقي لفيردي يتكلم عن اضطهاد اليهود في العراق أيام نبوخذ نصر، وما سُمّي بالسبي البابلي لليهود، والتاريخ السياسي يسجل أن الإعلان عن نابوكو كان مقدّمة لاحتلال العراق، فحتى اختيار الأسماء حين يختارها الأمريكي لا يختارها عن عبث، نعم أردوغان يقاتل لأجل نابوكو وليس لأجل العثمانية، ولا لأجل الإسلام، فعثمانيته الجديدة هي تحويل عدو الإسلام من الصهيونية والاحتلال إلى الأقليات الإسلامية والمسيحية، وتقسيم المنطقة بحيث يتخلّى عن بعض الأراضي ويأخذ تعويضاً عنها.
وقبل وضع خريطة نابوكو الحقيقية، لنرى كيف طرحها الأمريكي حسب وكالة الصحافة الفرنسية، لاحظ عدم مرورها باليونان، علماً أن اليونان بلد مستهلك للغاز، وهي (اليونان) التي ستصبح لاحقاً نقطة ضعف أوروبا.
الرد الروسي
ما عُرض على روسيا بالمبدأ من خلال تقاسم العالم كان صفقة مقبولة، وحين الكلام عن تقاسم الغاز في العالم يمكن لروسيا أن تستغني عن إيران والعراق ومصر كونها أصلاً خارج نفوذها، والتنازل عن سورية كونها تهدّد إسرائيل التي أصبحت مصلحة لكل الدول الكبرى، لأنها تفصل آسيا عن إفريقيا وتمنع قيام دولة عربية كبرى، مقابل أن تتعهد واشنطن بعدم الاقتراب من وسط آسيا، وهذا يلائم الروسي بحيث يتقاسم العالم مع واشنطن دون حروب، ولكن روسيا من الواضح أنها شعرت بوجود خديعة، وخصوصاً أن علاقاتها مع سورية هي المدخل للشرق الأوسط، ومن الواضح أنها لم تكن تعلم بوجود الغاز في المتوسّط، ولهذا احتياطاً قامت بطرح مشاريع لترى مدى مصداقية واشنطن، فقرّرت إنشاء السيل الجنوبي والسيل الشمالي، لتغذية أوروبا بالغاز عبر البحر، أي ضمن أنابيب لا يمكن عرقلة مرورها، أو أنها كانت تعلم وتصرّفت بدهاء، وقدّمت روسيا مشروعها بحيث يصل أحد فروع السيل الجنوبي إلى اليونان التي لم يشملها خط نابوكو، وطرحت لاحقاً خط غاز السيل الأزرق كجزرة للتركي ولرفع السقف العالي مع واشنطن.
هنا واشنطن أدركت أن الخديعة لم تنطلِ على الروس، وبدأ صراع من نوع آخر، وتحوّل نابوكو والسيل الجنوبي إلى خصوم وبدأ الصراع يخرج إلى العلن بشكل حذر وغير معلن.
الولايات المتحدة تهاجم
تمّ اغتيال الحريري، وبدأ الهجوم على سورية ولبنان، وفي أوكرانيا كان النظام على وشك السقوط على وقع الثورة البرتقالية، وليظهر لاحقاً حلفاء واشنطن الذين وظيفتهم فتح حرب الغاز، وبدأت حرب الغاز بين روسيا وأوكرانيا التي قطعت الغاز عن أوروبا أسبوعين، وفي روسيا البيضاء بدأ الضغط الأمريكي وأصبح الهجوم على لوكاشينكو شبه يومي، والأوروبي الذي شاهد الضربات الأمريكية رضخ للأمريكي بطريقة مثيرة للجدل، حيث ما بعد احتلال العراق سيطرت واشنطن على القرار الفرنسي، وقد يشير هذا إلى صفقة أمريكية فرنسية قد تظهر معالمها لاحقاً، ولاحقاً أصبح اتفاق نابوكو وثيقة وقعتها خمس دول عبور في تركيا العام 2009 ولكن بعد فشل العدوان على لبنان أدركت واشنطن أن الوقت يداهمها، فحاولت إسرائيل احتلال غزة لفرض سلام بالقوة على أمل -على الأقل- البدء بتنفيذ مشاريع الغاز، ولكن عدوان إسرائيل فشل، فزار أردوغان مصر واقترح ما يُسمّى خط الغاز العربي لنقل الغاز المصري إلى الأردن فسورية ثم إلى تركيا، وطبعاً كان هذا لتطمين مصر من أن روسيا لن تستطيع مد خط غاز السيل الأزرق، فحين أعلنت روسيا عن السيل الأزرق من تركيا إلى سورية لتغذية الأردن ومنها إلى إسرائيل، أدركت مصر أن عليها التفاوض مع روسيا في إفريقيا لتسوّق غازها، وكان خط أردوغان الوهمي لمنع مصر من التفكير بأي شراكة مع الروسي ولكي لا تشعر بالقلق وخصوصاً أن مصر بدأت ببيع الغاز لإسرائيل بسعر تفضيلي كي لا توقع على خط غاز السيل الأزرق، أما ما سمّاه أردوغان خط الغاز العربي فلم يكن إلا خديعة مثل خط الغاز الأزرق.
الحرب على لبنان
الحرب على لبنان شكلت فشلاً ذريعاً لواشنطن لم تتوقعه، فقرّرت تأجيل الياسمينة الزرقاء من العام 2007 إلى العام 2011، حيث إن عدوان إسرائيل على لبنان لم يعطِ حزب الله انتصاراً تاريخياً فحسب، بل من أهم ما حدث في العام 2006 هو سقوط الفتنة التي كانت ستساعد واشنطن في حرق سورية، إذ نسي العالم الاحتقان السني الشيعي الذي كرّسته قناتا الجزيرة والعربية وصرفت عليه واشنطن مليارات الدولارات، والأهم أخذت سورية فرصتها بحرق الأمريكي في العراق وتغيير قواعد اللعبة على الأرض، وبدأ القطري باستقطاب اللبنانيين، لأنه لاحقاً ستتغيّر اللعبة، فكانت سورية ستُتهم بقتل الحريري، وبعد احتلال لبنان والقضاء على حزب الله ستتمّ مهاجمة سورية، وزرع الفتنة مع عصا المحكمة الدولية، ولكن مع فشلهم في لبنان عُكستْ الخطة وتأجلت إلى العام 2011 حيث أصبح من الضروري اتهام حزب الله وحرق سورية أولاً، ولهذا قامت واشنطن بهدنة وبدأ ربيع قطري سوري، وتركي سوري، وتوقفت الجزيرة عن مهاجمة سورية وبدأ التحضير للمعركة القادمة.
تأجيل الياسمينة الزرقاء
خُطّطَ للياسمينة الزرقاء أن تحرق سورية في نهاية العام 2006 ومطلع العام 2007 ولكن خسارة إسرائيل الحرب وبدء معالم الأزمة المالية أجّلا مشروع ضرب سورية، ومع بدء نفاد الوقت ومع بدء الدخول الروسي إلى إفريقيا توسّعت رقعه المواجهة، وقرّرت واشنطن استبدال التكتيك لتصبح الياسمينة الزرقاء ضمن مشروع سُمّي لاحقاً (الربيع العربي).. وبعد العام 2007 وبطلب من المخابرات الأمريكية بدأت قطر باستقدام التونسيين إلى قطر في العام 2008، ورغم كل الخلاف مع مصر تمّ حلّه وفتح التأشيرات إلى مصر وجرى استقدام المزيد من المصريين، ولنتذكر هنا أنه في العام 2004 والعام 2005 فتحت قطر التأشيرات للسوريين، بحيث ستقوم الاستخبارات الأمريكية في قطر بتجنيد من سيقوم بالمهمات المنوطة به، وفي العام 2006 بعد سقوط حلم احتلال لبنان فُتِحَتْ التأشيرات للبنانيين، وهذا يدلّ على أن قطر فعلاً مركز للاستخبارات الأمريكية في المنطقة.
روسيا تكشر عن أنيابها
حين شاهد الروسي الأمريكي يصطدم بالجدران بدأ بالتصعيد، وأعلن أنه سيسيطر على كل تجارة الغاز في العالم، وسيورد الغاز لكل العالم وإلى جانب السيل الجنوبي والسيل الشمالي، أعلن بوتين أنه سيستثمر الغاز في أمريكا اللاتينية ليُصَدّر إلى واشنطن نفسها، وسيستثمر في إفريقيا ليوصل الغاز الإفريقي إلى أوروبا، وسيطرح أنبوب السيل الأزرق من تركيا إلى سورية فالأردن وإسرائيل (وهذا يثبت أن الروسي لا يعلم بوجود الغاز في المتوسّط أو أنه يعلم ويريد إغواء التركي كخدعة خط الغاز العربي كون هذا الخط لاحقاً أرغم الأمريكي على الكشف عن غاز المتوسط، لأن السيل الأزرق جعل مصر تشعر بالقلق على مستقبلها وتتفاوض مع الروسي) بالعبور، وهنا قرّرت واشنطن شنّ هجوم (الربيع العربي) الذي ستكون الياسمينة الزرقاء جزءاً منه.
في الجزء الثالث: الربيع العربي.. الأم الحنون للياسمينة الزرقاء