[b]
انتصار سوريا على المؤامرة خسارة إستراتجية لا تعوّض لأميركا، روسيا تنتفض لكرامتها، والصين تخرج من قمقمها، والفكر الوهابي لا يحتمل شريكاً، وتحولات المنطقة كبيرة، وتداعيات الفشل الغربي ستطال قريباً ألأدوات والأذناب.
هناك (5) مراحل أو حلقات للأزمة السورية، في الأولى بدأت الاحتجاجات والاعتراضات بشكلٍ سلمي من أجل تحقيق إصلاحات معينّة، فلاقتهم الحكومة السورية بالوعود وتنفيذ بعض المطالب، في الثانية سعى القيمّون على الاحتجاجات الاستفادة من الحراك الإقليمي للمطالبة بضرب سوريا المقاومة، فاستخدموا السلاح ضدّ القوى الأمنية، فكان ردّ الفعل مزيداً من الاستيعاب، انطلاقاً من قرار الرئيس الأسد الواضح للعسكريين بضرورة عدم إطلاق الرصاص على أحد، باستثناء حالتي الدفاع عن النفس والذود عن المقرات العامة. "المرحلة الثانية التي كانت بمجملها حرجة على القوى الأمنية، شجعّت المعارضين الانتقال إلى المرحلة الثالثة، فجاهر المسلحون بحمل السلاح وبالسيطرة على بعض المراكز الحكومية، فبدأوا بالتفتيش عن مناطق حدودية لربطها بالخارج (درعا - تلكلخ - جسر الشغور) لتكون مرتكزاً للتغيير بالقوة في سورية". ردّ فعل الحكومة كان دفاعياً، ولكن الخسارة كانت كبيرة، فقد استشهد عدد كبير من العسكريين والمدنيين، وبدأ المسلحون يشكلون مناطق معزولة عن الدولة".
نجاح المسلحين نسبياً في المرحلة الثالثة دفع بالقيمين عليهم لإنشاء قواعد عسكرية في بعض المناطق، فكانت المرحلة الرابعة خطرة جداً. لأنّه في هذه المرحلة تمّ استقدام مسلحين من الخارج (عرب وغير عرب) وتمّ تزويد العصابات بالسلاح المتطور والتقنيات الحديثة، فظهرت في سوريا بقع عصيّة خصوصاً في حمص وريف دمشق (الغوطة – دوما – الزبداني). وهنا كانت ضغوطات ثلاث حصلت على سوريا، أولها تمثّل بالخلل الأمني على الأرض، ثانيها تمثّل بالضغط السياسي العربي، وثالثها بالضغط الاقتصادي الدولي (العقوبات).
هنا تم تعطيل محاولتين جديتين لإسقاط سوريا، الأولى كانت في أواخر تموز 2011 (الموعد الأول) والثانية كانت بحسب أمير قطر متوقعة في أواخر شهر آب 2011 (عيد الأضحى)، فرغم نجاح المسلحين النسبي بخلخلة الأوضاع، ظلّت ورقتا "الجيش" و"الشعب" بيد سوريا. هاتان الورقتان أوقفتا المخططّ الجهنمي المعدّ على سوريا، وشجّعتا الروس للاندفاع إلى الأمام، بعد موقف مترقب وحذر طيلة الستة الأشهر الأولى من الأحداث (آذار – أيلول 2011)، "استخدام الفيتو من قبل الصين وروسيا كان سيفاً ذا حدّين، لأنّ الإدارة الأميركية استبدلت التدخل العسكري من قبل مجلس الأمن أو حلف الناتو، بخطة رديفة متمثلة بإنشاء قواعد عسكرية واقتطاع أراضٍ لفرض واقع عسكري ضاغط".
المرحلة الرابعة بدأت بصمود سوريا وتحصنّت بظهور الفيتو الروسي داخل مجلس الأمن "هذه المرحلة شكلّت العصر الذهبي للمسلحين، لأنهم استطاعوا الانتشار بكثافة في درعا وريف دمشق وحمص وادلب وجبل الزاوية، ولكن مع قبول الحكومة لعمل لجنة المراقبين العرب والاستحصال على اعتراف عربي بوجود المسلحين، بدأت عمليات الحسم العسكري فكانت المرحلة الخامسة".
وعن الوضع الميداني اليوم في سوريا، فانّ الحسم بدأ مع مطلع العام (2012) أي بعد مضي 9 أشهر على انطلاق الأحداث الأمنية، "الإنجازات التي حققهّا الجيش السوري في شهر واحد فقط لم يكن احد ليتوقعها، لأنّه قد تمّ تنظيف البؤر الأمنية في منطقة درعا وريف دمشق بالكامل، إضافة إلى تحجيم القاعدة المركزية في سوريا في حمص، واليوم يمكن القول بعد مضي شهرين على الحسم، لم يعد يوجد مناطق مغلقة في سوريا يسرح بها المسلحون".
وهنا سحبت من الغرب ذريعة التدخل العسكري أو الإنساني نهائياً، وبالتالي هناك سقوط مدوّي للمؤامرة العسكرية، إنّ تنظيف الأوكار الصغيرة قيد المتابعة والمسألة تتطلب بعضاً من الوقت.
سقوط إستراتيجي لمخطط أميركا تجاه سورية
خسارة أميركا في الشأن السوري كبيرة جداً، لأنّها تطول المجال الإستراتيجي الحيوي للولايات المتحدة، "هناك عودة قوية لروسيا وللصين على الساحة الدولية من البوابة الدمشقية، وهناك حلف استراتيجي فاعل نشأ عن غير قصد بين إيران والصين وروسيا". كان بمقدور أميركا جعل الخسارة عسكرية فقط، لولا حماقتها السياسية، ولولا استدعاؤها الفيتو الروسي الصيني المزدوج مرّة جديدة، فالإتحاد السوفيتي الذي كان يرعب العالم قبل 1990 انتفض لكرامته عام (2011)، (مليون فتاة روسية تبيع جسدها) تماماً كالصين التي أخرجتها السياسة الأميركية من مرحلة الخجل الدبلوماسي الذي امتازت به منذ الحرب العالمية الثانية".
أنّ النظام العالمي الجديد يولد من رحم المعاناة السورية لأنّ العالم من بعده ليس كقبله، "الخسارة الإستراتيجية لأميركا لا تعوّض، فروسيا كما الصين انتقلتا من موقع الدفاع إلى الهجوم، والشعب الروسي الذي انتخب بوتين يتوق بطريقة أو بأخرى إلى أمجاد روسيا العظمى".
هناك فرق بين الخسارة الكلية والخسارة الجزئية، فبخصوص الوضع الدولي "النفوذ الأميركي تراجع لصالح نمو قوى أخرى تماماً كما حصل لأوروبا بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، خسارة أميركا لا ينزع عنها قوتها العسكرية، هناك ضعف في الهجوم ولكن ليس عجزاً في الدفاع، وبالتالي هناك انتقال لعالم تهيمن عليه أميركا، إلى عالم قطبٌ من أقطابه أميركا، وبالتالي في ظلّ العجز الأميركي بشنّ هجوم في المنطقة، نتوقّع خسارة مدويّة لأدواتها في الشرق الأوسط".
حمص
بالانتقال إلى حي بابا عمرو في حمص، فالأوضاع الميدانية هناك، قاعدة عسكرية مُحصنّة ومجهزّة بالكامل استخدمها الإرهابيون، (1800 متر طول و1300 متر عرض) وفيها أنفاق تحت الأرض إحداها يمرّ تحت مجرى نهر العاصي، وآخرين يوصلانها إلى خارج المدينة، إضافة إلى أن المنطقة مجهزّة بـ3 إنفاق تربط الحدود السورية باللبنانية لتأمين الدعم اللوجستي للمسلحين" هذه المنطقة كان يُراد لها أن تكون الأساس لتمدّد حالة الشغب أو بقعة "الزيت"، لأنّها تقطّع أوصال الدولة السورية بين مناطق الشمال (حلب) والجنوب (دمشق) والغرب (اللاذقية) مع الشرق (دير الزور والبادية)، المسلحون كانوا يتمنون قصف المدينة بالطيران لإحراج الروس، ولكن حسم المعركة في بابا عمرو بـ26 يوماً كان هزيمة نكراء للغرب لارتباط قيادة بابا عمرو في حمص بقيادتي حلف شمال الأطلسي واليونيفل في لبنان وبشبكة البارجة الألمانية في عرض البحر، وبغرفة العمليات الناشطة في الدوحة، وقد القي القبض على ضباط فرنسيين وقطريين وسعوديين وأتراك.
الرصيد الذي تمتلكه سوريا لا يمكن بعثرته كيفما كان، مبلغ المئة دولار التي بحوزتك أثناء الأزمات عليك صرفها في أفضل موقع، لأنّ خسارة ساركوزي في فرنسا ليست ربحاً صافياً لسوريا، وهذا ما فعلته دمشق على سبيل المثال في سياستها الدبلوماسية الحكيمة عندما حيدّت تركيا من فضيحة اعتقال 49 عسكرياً تركياً مقابل وقف الدعم التركي العسكري للمسلحين وضبط الحدود الشمالية". سوريا تعرف جيداً كيف تكسب من خلال هذه الملفات، فالسياسة في سورية ليست كما هي في لبنان أحقاداً وتمنيات بل هي حسابات ومساومات في بعض الملفات والأولويات، وبالتالي أيهما بفائدة أكثر أن تُهزم اردوغان في الانتخابات (وقد لا تحصل) أم بتحييد موقف تركيا عن الصراع الدائر في سوريا؟ وبالتالي الصيد الثمين للفرنسيين لا يجب تبديده إعلامياً".
سوريا اليوم تتحرّك كبلدٍ منتصر، لو تدرجّت الأمور إلى حالة "الخطر الشديد" لكان السوريون استخدموا سلاح الإعلام المفتوح، ولكن دمشق في مقابل ترويع الفكر الوهابي السلفي الإلغائي الإقصائي لا يمكنها صبّ الزيت على النار.
قبل تحرير بابا عمرو بحوالي 10 أيام دخل السلفيون الوهابيون الظلاميون حي "الحميدية" وهجروّه بالكامل وخطفوا 23 امرأة واغتصبوا النسوة فيه وقتلوا وعذّبوا، تماماً كما فعلوا في منطقة "محردة" غرب مدينة حماه". "المسألة بغاية الأهمية، الغرب يتمنى الانزلاق طائفياً للمنطقة بدءاً من سورية.
الفكر الوهابي تتمثّل خطورته بإلغاء كلّ فكرٍ لا يجاريه فكرياً، ولكن هل يدري الساسة اللبنانيون أنّ الأموال القطرية التي يستحصلون عليها من قطر هي ثمن سفك الدماء؟ الم يلاحظوا أن صرخة التونسيين بدأت تعلو في وجه الوهابية؟ الم يقرأوا كيف أنّ الوهابية الإلغائية مع رفيق الحريري أقفلت كلّ البيوتات السياسية العريقة في لبنان؟".
وأخيراً ليس هناك (استعصاء للتحوّل الديمقراطي في سورية) كما يقول بعض أصحاب مراكز الدراسات المموّلة أطلسياً وأمريكياً، بل هناك استعصاء في تنفيذ المشروع الصهيو:أميركي لتطويع سورية... وسورية ليست العراق بل هي بلاد الشام، وستبقى درّة الأمة العربية... ومن يدّعي الحرص على سورية، لا يصيبه السُعار لما يسميّه الاستعجال في الحسم العسكري والأمني، لأنّ هذا الحسم هو الذي قصم ظهر المخطط الصهيو:أميركي... وأكثر ما يمكن ملاحظته في نفاق هؤلاء وأمثالهم، هو ادعاؤهم (بالإخلاص والغيرة على مستقبل سورية ووحدتها) ذلك أنّ الغيور على مستقبل سورية ووحدتها، لا يتمنى لنظامها السياسي أن يذهب إلى الجحيم... لأنّ موقف نظامها الحازم والحاسم هو الذي منع ويمنع ترجمة المخطط الدولي الذي استهدف وحدة سورية ومستقبلها... وليس المواقع ومراكز الدراسات المموّلة خارجياً، ولا مواقف أصحابها المخزية الحزبونيّة المسمومة المأجورة.. علماً أن هؤلاء ومشغلّيهم وأسيادهم هم الذين سيذهبون إلى الجحيم عاجلاً لا آجلاً.
انتصار سوريا على المؤامرة خسارة إستراتجية لا تعوّض لأميركا، روسيا تنتفض لكرامتها، والصين تخرج من قمقمها، والفكر الوهابي لا يحتمل شريكاً، وتحولات المنطقة كبيرة، وتداعيات الفشل الغربي ستطال قريباً ألأدوات والأذناب.
هناك (5) مراحل أو حلقات للأزمة السورية، في الأولى بدأت الاحتجاجات والاعتراضات بشكلٍ سلمي من أجل تحقيق إصلاحات معينّة، فلاقتهم الحكومة السورية بالوعود وتنفيذ بعض المطالب، في الثانية سعى القيمّون على الاحتجاجات الاستفادة من الحراك الإقليمي للمطالبة بضرب سوريا المقاومة، فاستخدموا السلاح ضدّ القوى الأمنية، فكان ردّ الفعل مزيداً من الاستيعاب، انطلاقاً من قرار الرئيس الأسد الواضح للعسكريين بضرورة عدم إطلاق الرصاص على أحد، باستثناء حالتي الدفاع عن النفس والذود عن المقرات العامة. "المرحلة الثانية التي كانت بمجملها حرجة على القوى الأمنية، شجعّت المعارضين الانتقال إلى المرحلة الثالثة، فجاهر المسلحون بحمل السلاح وبالسيطرة على بعض المراكز الحكومية، فبدأوا بالتفتيش عن مناطق حدودية لربطها بالخارج (درعا - تلكلخ - جسر الشغور) لتكون مرتكزاً للتغيير بالقوة في سورية". ردّ فعل الحكومة كان دفاعياً، ولكن الخسارة كانت كبيرة، فقد استشهد عدد كبير من العسكريين والمدنيين، وبدأ المسلحون يشكلون مناطق معزولة عن الدولة".
نجاح المسلحين نسبياً في المرحلة الثالثة دفع بالقيمين عليهم لإنشاء قواعد عسكرية في بعض المناطق، فكانت المرحلة الرابعة خطرة جداً. لأنّه في هذه المرحلة تمّ استقدام مسلحين من الخارج (عرب وغير عرب) وتمّ تزويد العصابات بالسلاح المتطور والتقنيات الحديثة، فظهرت في سوريا بقع عصيّة خصوصاً في حمص وريف دمشق (الغوطة – دوما – الزبداني). وهنا كانت ضغوطات ثلاث حصلت على سوريا، أولها تمثّل بالخلل الأمني على الأرض، ثانيها تمثّل بالضغط السياسي العربي، وثالثها بالضغط الاقتصادي الدولي (العقوبات).
هنا تم تعطيل محاولتين جديتين لإسقاط سوريا، الأولى كانت في أواخر تموز 2011 (الموعد الأول) والثانية كانت بحسب أمير قطر متوقعة في أواخر شهر آب 2011 (عيد الأضحى)، فرغم نجاح المسلحين النسبي بخلخلة الأوضاع، ظلّت ورقتا "الجيش" و"الشعب" بيد سوريا. هاتان الورقتان أوقفتا المخططّ الجهنمي المعدّ على سوريا، وشجّعتا الروس للاندفاع إلى الأمام، بعد موقف مترقب وحذر طيلة الستة الأشهر الأولى من الأحداث (آذار – أيلول 2011)، "استخدام الفيتو من قبل الصين وروسيا كان سيفاً ذا حدّين، لأنّ الإدارة الأميركية استبدلت التدخل العسكري من قبل مجلس الأمن أو حلف الناتو، بخطة رديفة متمثلة بإنشاء قواعد عسكرية واقتطاع أراضٍ لفرض واقع عسكري ضاغط".
المرحلة الرابعة بدأت بصمود سوريا وتحصنّت بظهور الفيتو الروسي داخل مجلس الأمن "هذه المرحلة شكلّت العصر الذهبي للمسلحين، لأنهم استطاعوا الانتشار بكثافة في درعا وريف دمشق وحمص وادلب وجبل الزاوية، ولكن مع قبول الحكومة لعمل لجنة المراقبين العرب والاستحصال على اعتراف عربي بوجود المسلحين، بدأت عمليات الحسم العسكري فكانت المرحلة الخامسة".
وعن الوضع الميداني اليوم في سوريا، فانّ الحسم بدأ مع مطلع العام (2012) أي بعد مضي 9 أشهر على انطلاق الأحداث الأمنية، "الإنجازات التي حققهّا الجيش السوري في شهر واحد فقط لم يكن احد ليتوقعها، لأنّه قد تمّ تنظيف البؤر الأمنية في منطقة درعا وريف دمشق بالكامل، إضافة إلى تحجيم القاعدة المركزية في سوريا في حمص، واليوم يمكن القول بعد مضي شهرين على الحسم، لم يعد يوجد مناطق مغلقة في سوريا يسرح بها المسلحون".
وهنا سحبت من الغرب ذريعة التدخل العسكري أو الإنساني نهائياً، وبالتالي هناك سقوط مدوّي للمؤامرة العسكرية، إنّ تنظيف الأوكار الصغيرة قيد المتابعة والمسألة تتطلب بعضاً من الوقت.
سقوط إستراتيجي لمخطط أميركا تجاه سورية
خسارة أميركا في الشأن السوري كبيرة جداً، لأنّها تطول المجال الإستراتيجي الحيوي للولايات المتحدة، "هناك عودة قوية لروسيا وللصين على الساحة الدولية من البوابة الدمشقية، وهناك حلف استراتيجي فاعل نشأ عن غير قصد بين إيران والصين وروسيا". كان بمقدور أميركا جعل الخسارة عسكرية فقط، لولا حماقتها السياسية، ولولا استدعاؤها الفيتو الروسي الصيني المزدوج مرّة جديدة، فالإتحاد السوفيتي الذي كان يرعب العالم قبل 1990 انتفض لكرامته عام (2011)، (مليون فتاة روسية تبيع جسدها) تماماً كالصين التي أخرجتها السياسة الأميركية من مرحلة الخجل الدبلوماسي الذي امتازت به منذ الحرب العالمية الثانية".
أنّ النظام العالمي الجديد يولد من رحم المعاناة السورية لأنّ العالم من بعده ليس كقبله، "الخسارة الإستراتيجية لأميركا لا تعوّض، فروسيا كما الصين انتقلتا من موقع الدفاع إلى الهجوم، والشعب الروسي الذي انتخب بوتين يتوق بطريقة أو بأخرى إلى أمجاد روسيا العظمى".
هناك فرق بين الخسارة الكلية والخسارة الجزئية، فبخصوص الوضع الدولي "النفوذ الأميركي تراجع لصالح نمو قوى أخرى تماماً كما حصل لأوروبا بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، خسارة أميركا لا ينزع عنها قوتها العسكرية، هناك ضعف في الهجوم ولكن ليس عجزاً في الدفاع، وبالتالي هناك انتقال لعالم تهيمن عليه أميركا، إلى عالم قطبٌ من أقطابه أميركا، وبالتالي في ظلّ العجز الأميركي بشنّ هجوم في المنطقة، نتوقّع خسارة مدويّة لأدواتها في الشرق الأوسط".
حمص
بالانتقال إلى حي بابا عمرو في حمص، فالأوضاع الميدانية هناك، قاعدة عسكرية مُحصنّة ومجهزّة بالكامل استخدمها الإرهابيون، (1800 متر طول و1300 متر عرض) وفيها أنفاق تحت الأرض إحداها يمرّ تحت مجرى نهر العاصي، وآخرين يوصلانها إلى خارج المدينة، إضافة إلى أن المنطقة مجهزّة بـ3 إنفاق تربط الحدود السورية باللبنانية لتأمين الدعم اللوجستي للمسلحين" هذه المنطقة كان يُراد لها أن تكون الأساس لتمدّد حالة الشغب أو بقعة "الزيت"، لأنّها تقطّع أوصال الدولة السورية بين مناطق الشمال (حلب) والجنوب (دمشق) والغرب (اللاذقية) مع الشرق (دير الزور والبادية)، المسلحون كانوا يتمنون قصف المدينة بالطيران لإحراج الروس، ولكن حسم المعركة في بابا عمرو بـ26 يوماً كان هزيمة نكراء للغرب لارتباط قيادة بابا عمرو في حمص بقيادتي حلف شمال الأطلسي واليونيفل في لبنان وبشبكة البارجة الألمانية في عرض البحر، وبغرفة العمليات الناشطة في الدوحة، وقد القي القبض على ضباط فرنسيين وقطريين وسعوديين وأتراك.
الرصيد الذي تمتلكه سوريا لا يمكن بعثرته كيفما كان، مبلغ المئة دولار التي بحوزتك أثناء الأزمات عليك صرفها في أفضل موقع، لأنّ خسارة ساركوزي في فرنسا ليست ربحاً صافياً لسوريا، وهذا ما فعلته دمشق على سبيل المثال في سياستها الدبلوماسية الحكيمة عندما حيدّت تركيا من فضيحة اعتقال 49 عسكرياً تركياً مقابل وقف الدعم التركي العسكري للمسلحين وضبط الحدود الشمالية". سوريا تعرف جيداً كيف تكسب من خلال هذه الملفات، فالسياسة في سورية ليست كما هي في لبنان أحقاداً وتمنيات بل هي حسابات ومساومات في بعض الملفات والأولويات، وبالتالي أيهما بفائدة أكثر أن تُهزم اردوغان في الانتخابات (وقد لا تحصل) أم بتحييد موقف تركيا عن الصراع الدائر في سوريا؟ وبالتالي الصيد الثمين للفرنسيين لا يجب تبديده إعلامياً".
سوريا اليوم تتحرّك كبلدٍ منتصر، لو تدرجّت الأمور إلى حالة "الخطر الشديد" لكان السوريون استخدموا سلاح الإعلام المفتوح، ولكن دمشق في مقابل ترويع الفكر الوهابي السلفي الإلغائي الإقصائي لا يمكنها صبّ الزيت على النار.
قبل تحرير بابا عمرو بحوالي 10 أيام دخل السلفيون الوهابيون الظلاميون حي "الحميدية" وهجروّه بالكامل وخطفوا 23 امرأة واغتصبوا النسوة فيه وقتلوا وعذّبوا، تماماً كما فعلوا في منطقة "محردة" غرب مدينة حماه". "المسألة بغاية الأهمية، الغرب يتمنى الانزلاق طائفياً للمنطقة بدءاً من سورية.
الفكر الوهابي تتمثّل خطورته بإلغاء كلّ فكرٍ لا يجاريه فكرياً، ولكن هل يدري الساسة اللبنانيون أنّ الأموال القطرية التي يستحصلون عليها من قطر هي ثمن سفك الدماء؟ الم يلاحظوا أن صرخة التونسيين بدأت تعلو في وجه الوهابية؟ الم يقرأوا كيف أنّ الوهابية الإلغائية مع رفيق الحريري أقفلت كلّ البيوتات السياسية العريقة في لبنان؟".
وأخيراً ليس هناك (استعصاء للتحوّل الديمقراطي في سورية) كما يقول بعض أصحاب مراكز الدراسات المموّلة أطلسياً وأمريكياً، بل هناك استعصاء في تنفيذ المشروع الصهيو:أميركي لتطويع سورية... وسورية ليست العراق بل هي بلاد الشام، وستبقى درّة الأمة العربية... ومن يدّعي الحرص على سورية، لا يصيبه السُعار لما يسميّه الاستعجال في الحسم العسكري والأمني، لأنّ هذا الحسم هو الذي قصم ظهر المخطط الصهيو:أميركي... وأكثر ما يمكن ملاحظته في نفاق هؤلاء وأمثالهم، هو ادعاؤهم (بالإخلاص والغيرة على مستقبل سورية ووحدتها) ذلك أنّ الغيور على مستقبل سورية ووحدتها، لا يتمنى لنظامها السياسي أن يذهب إلى الجحيم... لأنّ موقف نظامها الحازم والحاسم هو الذي منع ويمنع ترجمة المخطط الدولي الذي استهدف وحدة سورية ومستقبلها... وليس المواقع ومراكز الدراسات المموّلة خارجياً، ولا مواقف أصحابها المخزية الحزبونيّة المسمومة المأجورة.. علماً أن هؤلاء ومشغلّيهم وأسيادهم هم الذين سيذهبون إلى الجحيم عاجلاً لا آجلاً.