أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن ما يجري
في سورية منذ عامين هو نتيجة صراع خارجي مرتبط بالخارطة الإقليمية والصراع
بين القوى الكبرى محذرا من أن أي اضطراب في سورية سينتقل مباشرة إلى الدول
المجاورة وبتأثير الدومينو إلى دول بعيدة في الشرق الأوسط ليخلق حالة من
عدم الاستقرار مشيرا إلى أن الحكومة التركية منغمسة بسفك الدماء السورية
وتحتضن بشكل رسمي الإرهابيين وتدخلهم إلى سورية كما ان رئيسها رجب طيب
أردوغان لم يقل أبداً كلمة صدق واحدة منذ بدأت الأزمة في سورية ويستخدم
الدين من أجل مصالح شخصية ويهتم بمصالحه على حساب مصالح الشعبين السوري
والتركي.
وشدد الرئيس الأسد
في مقابلة مع قناة اولوصال وصحيفة ايدينليك التركيتين على أن مستقبل سورية
ومصيرها وآلية اختيار القيادة السياسية فيها هو قرار سوري داخلي يتخذ من
قبل الشعب السوري ولا علاقة لأية دولة في العالم به وأن الخط الأحمر الذي
تضعه سورية للحوار هو "التدخل الأجنبي" وتؤكد على أن يكون أي حوار سورياً
فقط وغير مسموح التدخل الأجنبي فيه وعدا عن ذلك لا يوجد خطوط حمراء ويستطيع
المواطن السوري أن يناقش أي شيء يريده فهذا الوطن هو لكل السوريين ويمكنهم
أن يطرحوا أي شيء يريدونه.
على سؤال حول قيام الجامعة العربية بمنح مقعد الجمهورية العربية السورية
إلى المعارضة أكد الرئيس الأسد أن الجامعة العربية "هي بحد ذاتها بحاجة
لشرعية وهي جامعة تمثل الدول وليس الشعوب" ولذلك "لا تعطي شرعية ولا تسحب
شرعية لأن الشرعية الحقيقية تأتي فقط من الشعب السوري وعدا ذلك فكل هذه
المسرحيات بالنسبة لنا ليس لها أية قيمة".
وبالنسبة
لتقييم سورية لموقف دول بريكس ودعمها لها في وقت تقوم فيه بعض الدول
العربية والإقليمية والدولية بأعمال معادية ضدها اعتبر الرئيس الأسد أن
تباين المواقف الدولية تجاه سورية "يؤكد أن الصراع في سورية لم يكن بالأساس
صراعاً محلياً رغم وجود حراك داخلي.. ولكن الموضوع برمته هو صراع خارجي
على سورية مرتبط بالخارطة الإقليمية وإعادة رسم خارطة المنطقة والصراع بين
القوى الكبرى" مشيرا في هذا الصدد إلى أن موقف مجموعة البريكس يدل على أن
"الولايات المتحدة لن تكون بعد الآن هي القطب الوحيد في العالم".
ولفت
الرئيس الأسد إلى أن مجموعة البريكس "تدعم الاستقرار في المنطقة لأن
الجميع يعرف أنه إذا حصل في سورية اضطراب وصل إلى مرحلة التقسيم أو سيطرة
القوى الإرهابية فلا بد أن ينتقل هذا الوضع مباشرة إلى الدول المجاورة
وبعدها بتأثير الدومينو إلى دول بعيدة في الشرق الأوسط غرباً وشرقاً
وشمالاً وجنوباً بما يعني خلق حالة من عدم الاستقرار لسنوات وربما لعقود
طويلة ولذلك وقفت دول البريكس مع الحل السياسي في سورية في مواجهة القوى
الغربية".
وبالنسبة لمواقف
الدول العربية أو الإقليمية التي وقفت ضد سورية أكد الرئيس الأسد أن "جزءاً
من هذه الدول ليس مستقلاً في قراره السياسي بل تتبع التعليمات الخارجية
وربما تكون بداخلها مع الحل السياسي ولكن عندما يعطى الأمر لها من الغرب
فعليها أن تنفذ".
دعم الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وتركيا وبعض دول الخليج للمعارضة
في سورية وزعمهم أنهم يدعمون الشعب السوري تساءل الرئيس الأسد.. كيف يمكن
لنظام سياسي يقف ضده عدد كبير من الدول الغربية والإقليمية والعربية وبنفس
الوقت يقف شعبه ضده أن يبقى وأن يصمد لسنتين.. معتبرا أن المعادلة ليست
كذلك فالقيادة السورية منتخبة من قبل الشعب السوري ولذلك فإن "مجيء رئيس أو
ذهابه هو قرار سوري داخلي يتخذ من قبل الشعب السوري لأنه قرار شعبي
بامتياز ولا علاقة لأية دولة في العالم به".
وفند
الرئيس الأسد ادعاءات الدول المعادية لسورية وزعمها الحرص على الديمقراطية
والشعب السوري مشيرا إلى أن "الولايات المتحدة تقف مع جرائم إسرائيل منذ
انشائها في منطقتنا وهي التي ارتكبت المجازر في أفغانستان والعراق وقتلت
وجرحت وأعاقت الملايين وكذلك فرنسا التي ترتكب المجازر هي وبريطانيا في
ليبيا بدعم من الولايات المتحدة أو بتغطية منها كما أن الحكومة التركية
الحالية ودولا أخرى منغمسة في الدماء السورية" متسائلا هل يصح القول إن
هؤلاء حريصون على الدم السوري.
وأكد
الرئيس الأسد أن سورية تعيش اليوم "حربا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى فما
يجري ليس مجرد أحداث أمنية متفرقة والإرهابيون يدخلون بالآلاف وربما بعشرات
الآلاف" لافتا إلى أن سورية محاطة بمجموعة من الدول التي تقوم بمساعدة
الإرهابيين في الدخول إليها ومادام هناك تسريب للإرهابيين فسيبقى هناك
معارك معهم وهذا شيء طبيعي.
الرئيس الأسد بين مواقف الدول التي يتسرب منها الإرهابيون مؤكدا أن "تركيا
تقوم بشكل رسمي باحتضان هؤلاء الإرهابيين وإدخالهم إلى سورية" كما أن هناك
تسريبا من الأردن ومن غير الواضح تماماً ما إذا كان مقصوداً أما العراق
فهو ضد تسريب الإرهابيين ولكن لديه ظروف معينة لا تسمح ربما بضبط الحدود
وفي لبنان هناك أطراف مختلفة منها من يساعد في تسلل الإرهابيين ومنها من
يقف ضد ذلك.
وبالنسبة لموقف
الحكومة التركية الحالية من الأزمة في سورية أوضح الرئيس الأسد أن أردوغان
رأى في الأحداث التي تحصل في العالم العربي والعالم فرصة له لكي يطيل عمره
السياسي لأن عقل أردوغان هو "عقل الإخوان المسلمين الذين تعلم سورية من
تجربتها معهم منذ ثلاثين عاما أنهم مجموعات انتهازية تستخدم الدين من أجل
مصالح شخصية".
وقال الرئيس
الأسد "إن أردوغان رأى في الأحداث فرصة كبيرة لاستمراره في الحكم فانقلب
على سورية" مشيرا إلى أن أردوغان كان حتى قبل الأحداث في سورية "يصب
اهتمامه على موضوع الإخوان أكثر من اهتمامه بموضوع العلاقات السورية
التركية وأكثر من اهتمامه بتركيا نفسها".
ولفت
الرئيس الأسد إلى أنه بعد محاولات أردوغان التدخل في الشؤون الداخلية
السورية "بدأت حكومته ومؤسساتها بدعم الإرهابيين بشكل علني وأصبحوا متورطين
في الدماء السورية" ولذلك كان من الطبيعي في هذه الحالة أن تنقطع العلاقة
السورية معهم.
الرئيس الأسد أن أردوغان "لم يقل أبداً كلمة صدق واحدة منذ بدأت الأزمة في
سورية والمقترحات التي قدمها هي مقترحات عامة تتحدث عن أن الشعب السوري
يجب أن يقرر وهذا هو موقف سورية والآن نحضر لحوار تجتمع فيه كل القوى
السياسية في سورية وتقرر ما الذي تريده".
وقال
الرئيس الأسد "أردوغان يكذب ويستخدم هذه المقترحات كمجرد قناع ونحن نقبل
النصيحة من أي جهة ولكن لا نقبل على الإطلاق التدخل في الشؤون الداخلية
السورية".
وتساءل الرئيس
الأسد إذا كان أردوغان قدم مقترحات لكي تحل المشكلة في سورية كما يدعي "فما
علاقة هذه المقترحات بدعم المسلحين الذين يجلبهم بتمويل قطري.. ويؤمن لهم
السلاح والخدمات الطبية ويرسلهم إلى سورية أم أن مقترحاته كانت مجرد غطاء
يستخدمه كي يصل إلى هدفه وأن الفشل في المرحلة الأولى التي كانوا يسمونها
المرحلة السلمية دفعهم للانتقال الى دعم المسلحين".
وحول
تورط الحكومة التركية واستخباراتها في ما يجري بسورية وكيف يمكن لسورية أن
ترد قال الرئيس الأسد "إن الحكومة التركية تساهم في قتل الشعب السوري بشكل
مباشر لكن نحن لا يمكن أن نقوم بنفس هذا العمل لعدة اسباب فأولاً.. نحن لا
نقبل بالإجرام ونرفض الأعمال الإجرامية وثانياً.. نفترض ونعتقد أن الشعب
التركي شعب شقيق وثالثا.. هذا ما يريده أردوغان الذي يريد ان يكون هناك
صدام على المستوى الشعبي بين سورية وتركيا كي يحصل على الدعم الشعبي
لسياساته ويستعيد شيئا من الشعبية التي خسرها".
وأكد
الرئيس الأسد "أن سورية ترى مصلحتها مع الشعب التركي وترى أن الدخول في
صراع بين شعبين لن يخدم سورية ولا تركيا بل سيجعل الأمور معقدة أكثر" موضحا
ان سورية منذ العام 2000 عملت لمحو الماضي السيىء بين العرب والأتراك إلا
أن أردوغان يسعى لإعادة هذا التاريخ.
ولفت
الرئيس الأسد إلى أن عدم القبض على أشخاص من المخابرات أو الجيش التركي في
سورية "لا يعني بأنهم غير متورطين لأن المخابرات تقوم بتقديم الدعم من
أراض أخرى وتؤمن كل التدريب والتجهيزات والاتصالات وأي دعم سياسي أو إعلامي
أو آخر مطلوب تستطيع أن تؤمنه" موضحا أن "الاعترافات التي حصلنا عليها من
كثير من الإرهابيين تفيد بان هناك أشخاصا في تركيا متورطين ولكن أساس هذا
التورط هو السياسة التي تتبناها الحكومة التركية".
واعتبر
الرئيس الأسد "أنه عندما يتورط رئيس الحكومة التركية أو مسؤولون فيها
بدماء الشعب السوري فلا يعود هناك مكان للجسور معها سواء من القيادة
السورية أم الشعب السوري الذي لا يحترم الحكومة التركية على الإطلاق" داعيا
وزير الخارجية التركي "للتعلم من أخلاق الشعب التركي".
العلاقة بين الحكومة التركية وإسرائيل والولايات المتحدة وتطوراتها اعتبر
الرئيس الأسد أن هذه التطورات والاعتذار الإسرائيلي لتركيا حول حادثة
السفينة مرمرة مرتبطة بالوضع في سورية إذ إن "الذي تغير هو الوضع في سورية
وهذا يؤكد بدقة وبوضوح أن هناك التقاء اسرائيلياً تركياً وأن أردوغان يعمل
الآن بالتحالف مع إسرائيل لضرب الوضع في سورية بعد أن فشل خلال العامين
الماضيين سواء في حشد الرأي العام التركي كما يرغب أو في إسقاط الدولة
السورية" لافتا إلى أنه "كان هناك صمود سوري بالرغم من شراسة المعركة فلم
يكن لدى أردوغان حليف يساعده إلا إسرائيل العدو الطبيعي لسورية الذي يحتل
أراضينا".
وحول ما يتم
تداوله من معلومات عن توجه لحل المسألة الكردية في تركيا قال الرئيس الأسد
"موقفنا الواضح والصريح هو دعم أي حل بين الأكراد والاتراك لأننا لا نريد
أن نرى المزيد من الدماء التي ستنعكس سلباً على المنطقة ونحن ندعم أي حل
صادق في هذا الاتجاه لأن الأكراد جزء طبيعي من نسيج المنطقة.. هم ليسوا
ضيوفاً أو مهاجرين جدداً بل يعيشون في هذه المنطقة منذ آلاف السنين" مشيرا
إلى أن مستقبل هذا الحل أو الوضع التركي الكردي متوقف على مصداقية أردوغان
الذي نشك انه يلتزم بما يعد به وأن كل الإجراءات التي يأخذها هي إجراءات
مؤقتة تهدف إلى دعمه سياسياً ونرى أن سياسته الجديدة تجاه الاكراد مرتبطة
ايضا "بالوضع السوري".
وحول
رؤية سورية للتعاطي مع الأكراد في المنطقة أكد الرئيس الأسد "أن علينا أن
نركز على أن القومية ليست عرقا فنحن نعيش في منطقة مختلطة.. أن تكون تركياً
لا يعني ألا تكون كردياً أو أرمنياً أو عربياً بأصولك ولديك ثقافة ولديك
لغة هذا هو الحال لديكم ولدينا نفس الشيء.. وكذلك أن أقول عربياً لا يعني
بأنه ينتسب لعرق عربي.. وإنما القومية التركية والقومية العربية هما حالة
حضارية يجب أن تستوعب الجميع".
وقال
الرئيس الأسد.. "أعتقد أن أجمل شيء في هذه المنطقة أنها متنوعة وأخطر شيء
ألا ننظر لهذا التنوع على أنه شيء غني يعطينا قوة ونسمح للقوى الخارجية بأن
تلعب ألعابها ضدنا".
ما يدور من حديث عن فراغ عسكري في المناطق الشمالية السورية وامكانية
سيطرة عناصر كردية ذات توجهات انفصالية هناك وما جدية الحديث عن سيناريو
مشابه في شمال العراق وشرق تركيا أكد الرئيس الأسد أنه "لا بيئة مناسبة في
سورية، وخاصة على المستوى الشعبي.. وهذا الموضوع مرفوض من الشعب السوري ومن
الدولة السورية ولا دولة وطنية تقبل بفصل أو اقتطاع جزء من أراضيها.. هذا
الموضوع محسوم وغير قابل للنقاش في سورية" مضيفا أن "معظم الأكراد أشخاص
وطنيون يريدون العيش داخل سورية كما أن الانفصال بحاجة لبيئة شعبية داخلية
معينة.. وربما لبيئة خارجية مختلفة عن الظروف الموجودة حالياً في سورية".
وتابع
الرئيس الأسد "لا أعتقد بأن الدول المعنية سورية وتركيا والعراق وإيران
توافق على هذا الطرح" متسائلا لماذا تتجه دول العالم للاندماج وليس للتفتيت
إلا في منطقتنا ولنأخذ مجموعة البريكس نموذجاً معتبرا أن العصر الذي نعيش
فيه يتطلب الاندماج و"إذا قبلنا بمنطق التقسيم فذلك يعني أن يكون هناك تتمة
لهذه العملية وهي التقسيم إلى دويلات صغيرة مبنية على القوميات و الطوائف
في منطقة غنية بتنوعها.. وهذا خطير ويعني الحروب في المستقبل".
التكامل بين الدول في المنطقة ضمن المشروع السياسي الاقتصادي الذي طرحه
الرئيس الأسد بخصوص الوحدة السياسية الاقتصادية للبحار الخمسة والدول
الموجودة داخل هذه الجغرافيا أكد الرئيس الأسد "أن هذا المشروع بحاجة
لإرادة ولاستقلالية القرار وبحاجة أيضاً لاستقرار أمني والكثير من الدول
الغربية ليس لها مصلحة بمثل هذه المشاريع في الشرق الأوسط إلا أنه علينا أن
نتوحد في هذا العصر بالمصالح بما يخلق الكثير من الرخاء ويجعل هذه الدول
وشعوبها قوية في وجه أي محاولات للتدخل الخارجي".
وبخصوص
مخاطر الحرب الطائفية في المنطقة ومن يدفع بها لفت الرئيس الأسد إلى أن
هذا الموضوع طرح منذ عام 1979 لمواجهة الثورة الإيرانية التي أزالت واحداً
من أهم حلفاء أميركا في المنطقة وانطلاقاً من ذلك كانت الحرب العراقية على
إيران في ذلك الوقت والتي دعمتها بعض دول الخليج.. بعدها بفترة قصيرة
استخدم الإخوان المسلمون في سورية بنفس الهدف لخلق فتنة طائفية ايضاً..
فشلوا في الأولى وفشلوا في الثانية والآن بعد ثلاثة عقود لم يعد هناك خيار
سوى خلق فتنة طائفية من داخل هذه البلدان لذلك أعادوا طرح هذا الموضوع..
والشعارات التي طرحت وخاصة في سورية عند بداية الأزمة كانت شعارات طائفية
وحتى الآن فشلوا والشيء الجيد أن هناك حالة من الوعي تتزايد بالنسبة لشعوب
المنطقة واعتقد أن حقيقة الصراع الآن هي ليست طائفية وجوهر الصراع ليس
طائفياً بل هو بين قوى ودول تريد أن تعود بشعوبها إلى الماضي ودول تريد أن
تذهب بهم إلى المستقبل.. هو صراع بين من يريد أن يكون وطنه مستقلاً عن
التبعية للغرب وبين قوى أخرى تسعى الآن كي تكون تابعة للدول الغربية بغرض
تحقيق مصالحها الشخصية وهناك صراع دولي على المصالح".
مستقبل النظم التي ترغب بتفكيك المجتمعات طائفياً ومذهبياً وإثنياً أكد
الرئيس الأسد أن "هذه النظم تهيىء لحروب قد تمتد لقرون وليس لعقود في
منطقتنا وتدمر كل شيء وتمنع التنمية والازدهار وتحولنا إلى دول وشعوب تعيش
في القرون الوسطى" مشيرا إلى أن سورية عندما تتحدث عن العلمانية فإنها
"تعني حرية الأديان وحرية الممارسة".
وأكد
الرئيس الأسد أن سورية مهتمة بما يجري في تركيا من تطورات انطلاقا من
ادراكها لأهمية تركيا كبلد مجاور يتمتع بموقع استراتيجي مهم وان مايحدث
فيها سوف ينعكس مباشرة على ما يحصل في سورية وبنفس الوقت هناك أشياء كثيرة
متشابهة.. كطبيعة الناس وعواطفهم وطبيعة النسيج الاجتماعي لذلك فان سورية
ترى أن الاستقرار في تركيا سيخدمها والعكس صحيح ولكن المشكلة أن "الحكومة
التركية تتجاهل ان الحريق في سورية سوف يحرق تركيا".
وبخصوص
الوضع الداخلي السوري أكد الرئيس الأسد أن أي حكومة في أي بلد تكون لجزء
من الشعب أو لأجزاء منه ولا تمثل كل الشعب فهذه الحكومة لا يمكن أن تبقى في
مكانها.. ستسقط مباشرة وإن لم تسقط فسوف يسقط الوطن مشيرا إلى أن سورية
بلد متنوع ومتعايش منذ قرون والحكومة دائماً تعكس هذا التنوع وهذه المشاركة
بمختلف أوجهها وألوانها.
وفي
قضية اغتيال الشخصيات الوطنية ورجال الدين والعلم وخاصة اغتيال العلامة
الشهيد محمد سعيد رمضان البوطي أكد الرئيس الأسد أن من يتهمون سورية
بالجريمة "هم أنفسهم من كانوا يصفون البوطي بأنه شيخ سلطة وذلك في محاولة
لتهميش مكانته لدى المواطنين السوريين وأيضاً لدى الكثيرين ممن يتابعونه في
العالم الإسلامي" مضيفا أن الشهيد البوطي "لم يكن يريد شيئاً من السلطة
ولم يسع لمنصب ولم يطالب بأموال وهو يعيش حياة بسيطة وذنبه الوحيد أنه كان
في مقدمة كثير من رجال الدين في سورية ممن وقفوا بشكل حاسم وحازم في وجه
المخطط الذي يستهدف سورية والذي بدأ بشعارات طائفية تهدف لخلق فتنة بين
السوريين".
الرئيس الأسد إلى أن "استهداف الدكتور البوطي كان أولاً لمكانته في سورية
وفي العالم الإسلامي وثانياً لوعيه العميق لحقيقة ما يجري.. فلاشك أن موقف
رجال الدين ومنهم الدكتور البوطي كان أساسياً في إفشال هذا المخطط الذي
يهدف لخلق فتنة طائفية لذلك اغتالوه وقبله بأيام قليلة اغتالوا أحد رجال
الدين وبعدها اغتالوا رجل دين آخر في حلب واغتالوا عدداً من رجال الدين
سابقاً و كل من تحدث بالدين الحقيقي والدين المعتدل استهدف منذ بداية
الأزمة.. ولكن الدكتور البوطي كان له الأثر الأكبر في مواجهة هذه الحرب،
فهو لم يكن يقف مع الدولة.. هو كان يقف مع الوطن لذلك دفع حياته ثمناً..
وهو كان في كل الأحوال يتحدث دائماً عن استعداده للشهادة".
وختم
الرئيس الأسد المقابلة متوجها للشعب التركي بالقول "نحن وانتم والمنطقة
نمر في مرحلة مفصلية وما يجري فيه الكثير من المخطط الخارجي بهدف السيطرة
على هذه المنطقة وعلينا ألا نقبل بأي إعادة صياغة أو رسم للمنطقة إلا بحسب
القرارات التي تناسبنا كشعوب ويجب أن نكون نحن أصحاب القرار" مضيفا "أن ما
بدأناه منذ عشر سنوات أو اثنتي عشرة سنة مع الرئيس احمد نجدت سيزار يجب أن
نستمر به بكل الظروف أي الأخوة العربية التركية ولا يمكن أن يكون هناك أخوة
بين العرب والأتراك إن لم تكن العلاقة السورية التركية جيدة والحكومات
ستذهب ولن تبقى إلى الأبد فعلينا ألا نسمح للمسؤولين الحمقى وغير الناضجين
أن يضربوا هذه العلاقة التي يجب أن نبنيها نحن وليس أي جهة أجنبية في
الخارج وهذه رسالتي للشعب التركي".
في سورية منذ عامين هو نتيجة صراع خارجي مرتبط بالخارطة الإقليمية والصراع
بين القوى الكبرى محذرا من أن أي اضطراب في سورية سينتقل مباشرة إلى الدول
المجاورة وبتأثير الدومينو إلى دول بعيدة في الشرق الأوسط ليخلق حالة من
عدم الاستقرار مشيرا إلى أن الحكومة التركية منغمسة بسفك الدماء السورية
وتحتضن بشكل رسمي الإرهابيين وتدخلهم إلى سورية كما ان رئيسها رجب طيب
أردوغان لم يقل أبداً كلمة صدق واحدة منذ بدأت الأزمة في سورية ويستخدم
الدين من أجل مصالح شخصية ويهتم بمصالحه على حساب مصالح الشعبين السوري
والتركي.
وشدد الرئيس الأسد
في مقابلة مع قناة اولوصال وصحيفة ايدينليك التركيتين على أن مستقبل سورية
ومصيرها وآلية اختيار القيادة السياسية فيها هو قرار سوري داخلي يتخذ من
قبل الشعب السوري ولا علاقة لأية دولة في العالم به وأن الخط الأحمر الذي
تضعه سورية للحوار هو "التدخل الأجنبي" وتؤكد على أن يكون أي حوار سورياً
فقط وغير مسموح التدخل الأجنبي فيه وعدا عن ذلك لا يوجد خطوط حمراء ويستطيع
المواطن السوري أن يناقش أي شيء يريده فهذا الوطن هو لكل السوريين ويمكنهم
أن يطرحوا أي شيء يريدونه.
الجامعة العربية هي بحد ذاتها بحاجة لشرعية وهي جامعة تمثل الدول وليس الشعوب
ورداعلى سؤال حول قيام الجامعة العربية بمنح مقعد الجمهورية العربية السورية
إلى المعارضة أكد الرئيس الأسد أن الجامعة العربية "هي بحد ذاتها بحاجة
لشرعية وهي جامعة تمثل الدول وليس الشعوب" ولذلك "لا تعطي شرعية ولا تسحب
شرعية لأن الشرعية الحقيقية تأتي فقط من الشعب السوري وعدا ذلك فكل هذه
المسرحيات بالنسبة لنا ليس لها أية قيمة".
وبالنسبة
لتقييم سورية لموقف دول بريكس ودعمها لها في وقت تقوم فيه بعض الدول
العربية والإقليمية والدولية بأعمال معادية ضدها اعتبر الرئيس الأسد أن
تباين المواقف الدولية تجاه سورية "يؤكد أن الصراع في سورية لم يكن بالأساس
صراعاً محلياً رغم وجود حراك داخلي.. ولكن الموضوع برمته هو صراع خارجي
على سورية مرتبط بالخارطة الإقليمية وإعادة رسم خارطة المنطقة والصراع بين
القوى الكبرى" مشيرا في هذا الصدد إلى أن موقف مجموعة البريكس يدل على أن
"الولايات المتحدة لن تكون بعد الآن هي القطب الوحيد في العالم".
ولفت
الرئيس الأسد إلى أن مجموعة البريكس "تدعم الاستقرار في المنطقة لأن
الجميع يعرف أنه إذا حصل في سورية اضطراب وصل إلى مرحلة التقسيم أو سيطرة
القوى الإرهابية فلا بد أن ينتقل هذا الوضع مباشرة إلى الدول المجاورة
وبعدها بتأثير الدومينو إلى دول بعيدة في الشرق الأوسط غرباً وشرقاً
وشمالاً وجنوباً بما يعني خلق حالة من عدم الاستقرار لسنوات وربما لعقود
طويلة ولذلك وقفت دول البريكس مع الحل السياسي في سورية في مواجهة القوى
الغربية".
وبالنسبة لمواقف
الدول العربية أو الإقليمية التي وقفت ضد سورية أكد الرئيس الأسد أن "جزءاً
من هذه الدول ليس مستقلاً في قراره السياسي بل تتبع التعليمات الخارجية
وربما تكون بداخلها مع الحل السياسي ولكن عندما يعطى الأمر لها من الغرب
فعليها أن تنفذ".
مجيء رئيس أو ذهابه هو قرار سوري داخلي يتخذ من قبل الشعب السوري
وبخصوصدعم الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وتركيا وبعض دول الخليج للمعارضة
في سورية وزعمهم أنهم يدعمون الشعب السوري تساءل الرئيس الأسد.. كيف يمكن
لنظام سياسي يقف ضده عدد كبير من الدول الغربية والإقليمية والعربية وبنفس
الوقت يقف شعبه ضده أن يبقى وأن يصمد لسنتين.. معتبرا أن المعادلة ليست
كذلك فالقيادة السورية منتخبة من قبل الشعب السوري ولذلك فإن "مجيء رئيس أو
ذهابه هو قرار سوري داخلي يتخذ من قبل الشعب السوري لأنه قرار شعبي
بامتياز ولا علاقة لأية دولة في العالم به".
وفند
الرئيس الأسد ادعاءات الدول المعادية لسورية وزعمها الحرص على الديمقراطية
والشعب السوري مشيرا إلى أن "الولايات المتحدة تقف مع جرائم إسرائيل منذ
انشائها في منطقتنا وهي التي ارتكبت المجازر في أفغانستان والعراق وقتلت
وجرحت وأعاقت الملايين وكذلك فرنسا التي ترتكب المجازر هي وبريطانيا في
ليبيا بدعم من الولايات المتحدة أو بتغطية منها كما أن الحكومة التركية
الحالية ودولا أخرى منغمسة في الدماء السورية" متسائلا هل يصح القول إن
هؤلاء حريصون على الدم السوري.
وأكد
الرئيس الأسد أن سورية تعيش اليوم "حربا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى فما
يجري ليس مجرد أحداث أمنية متفرقة والإرهابيون يدخلون بالآلاف وربما بعشرات
الآلاف" لافتا إلى أن سورية محاطة بمجموعة من الدول التي تقوم بمساعدة
الإرهابيين في الدخول إليها ومادام هناك تسريب للإرهابيين فسيبقى هناك
معارك معهم وهذا شيء طبيعي.
تركيا تقوم بشكل رسمي باحتضان الإرهابيين وإدخالهم إلى سورية
وميزالرئيس الأسد بين مواقف الدول التي يتسرب منها الإرهابيون مؤكدا أن "تركيا
تقوم بشكل رسمي باحتضان هؤلاء الإرهابيين وإدخالهم إلى سورية" كما أن هناك
تسريبا من الأردن ومن غير الواضح تماماً ما إذا كان مقصوداً أما العراق
فهو ضد تسريب الإرهابيين ولكن لديه ظروف معينة لا تسمح ربما بضبط الحدود
وفي لبنان هناك أطراف مختلفة منها من يساعد في تسلل الإرهابيين ومنها من
يقف ضد ذلك.
وبالنسبة لموقف
الحكومة التركية الحالية من الأزمة في سورية أوضح الرئيس الأسد أن أردوغان
رأى في الأحداث التي تحصل في العالم العربي والعالم فرصة له لكي يطيل عمره
السياسي لأن عقل أردوغان هو "عقل الإخوان المسلمين الذين تعلم سورية من
تجربتها معهم منذ ثلاثين عاما أنهم مجموعات انتهازية تستخدم الدين من أجل
مصالح شخصية".
وقال الرئيس
الأسد "إن أردوغان رأى في الأحداث فرصة كبيرة لاستمراره في الحكم فانقلب
على سورية" مشيرا إلى أن أردوغان كان حتى قبل الأحداث في سورية "يصب
اهتمامه على موضوع الإخوان أكثر من اهتمامه بموضوع العلاقات السورية
التركية وأكثر من اهتمامه بتركيا نفسها".
ولفت
الرئيس الأسد إلى أنه بعد محاولات أردوغان التدخل في الشؤون الداخلية
السورية "بدأت حكومته ومؤسساتها بدعم الإرهابيين بشكل علني وأصبحوا متورطين
في الدماء السورية" ولذلك كان من الطبيعي في هذه الحالة أن تنقطع العلاقة
السورية معهم.
أردوغان لم يقل أبداً كلمة صدق واحدة منذ بدأت الأزمة في سورية
وأكدالرئيس الأسد أن أردوغان "لم يقل أبداً كلمة صدق واحدة منذ بدأت الأزمة في
سورية والمقترحات التي قدمها هي مقترحات عامة تتحدث عن أن الشعب السوري
يجب أن يقرر وهذا هو موقف سورية والآن نحضر لحوار تجتمع فيه كل القوى
السياسية في سورية وتقرر ما الذي تريده".
وقال
الرئيس الأسد "أردوغان يكذب ويستخدم هذه المقترحات كمجرد قناع ونحن نقبل
النصيحة من أي جهة ولكن لا نقبل على الإطلاق التدخل في الشؤون الداخلية
السورية".
وتساءل الرئيس
الأسد إذا كان أردوغان قدم مقترحات لكي تحل المشكلة في سورية كما يدعي "فما
علاقة هذه المقترحات بدعم المسلحين الذين يجلبهم بتمويل قطري.. ويؤمن لهم
السلاح والخدمات الطبية ويرسلهم إلى سورية أم أن مقترحاته كانت مجرد غطاء
يستخدمه كي يصل إلى هدفه وأن الفشل في المرحلة الأولى التي كانوا يسمونها
المرحلة السلمية دفعهم للانتقال الى دعم المسلحين".
وحول
تورط الحكومة التركية واستخباراتها في ما يجري بسورية وكيف يمكن لسورية أن
ترد قال الرئيس الأسد "إن الحكومة التركية تساهم في قتل الشعب السوري بشكل
مباشر لكن نحن لا يمكن أن نقوم بنفس هذا العمل لعدة اسباب فأولاً.. نحن لا
نقبل بالإجرام ونرفض الأعمال الإجرامية وثانياً.. نفترض ونعتقد أن الشعب
التركي شعب شقيق وثالثا.. هذا ما يريده أردوغان الذي يريد ان يكون هناك
صدام على المستوى الشعبي بين سورية وتركيا كي يحصل على الدعم الشعبي
لسياساته ويستعيد شيئا من الشعبية التي خسرها".
وأكد
الرئيس الأسد "أن سورية ترى مصلحتها مع الشعب التركي وترى أن الدخول في
صراع بين شعبين لن يخدم سورية ولا تركيا بل سيجعل الأمور معقدة أكثر" موضحا
ان سورية منذ العام 2000 عملت لمحو الماضي السيىء بين العرب والأتراك إلا
أن أردوغان يسعى لإعادة هذا التاريخ.
ولفت
الرئيس الأسد إلى أن عدم القبض على أشخاص من المخابرات أو الجيش التركي في
سورية "لا يعني بأنهم غير متورطين لأن المخابرات تقوم بتقديم الدعم من
أراض أخرى وتؤمن كل التدريب والتجهيزات والاتصالات وأي دعم سياسي أو إعلامي
أو آخر مطلوب تستطيع أن تؤمنه" موضحا أن "الاعترافات التي حصلنا عليها من
كثير من الإرهابيين تفيد بان هناك أشخاصا في تركيا متورطين ولكن أساس هذا
التورط هو السياسة التي تتبناها الحكومة التركية".
واعتبر
الرئيس الأسد "أنه عندما يتورط رئيس الحكومة التركية أو مسؤولون فيها
بدماء الشعب السوري فلا يعود هناك مكان للجسور معها سواء من القيادة
السورية أم الشعب السوري الذي لا يحترم الحكومة التركية على الإطلاق" داعيا
وزير الخارجية التركي "للتعلم من أخلاق الشعب التركي".
أردوغان يعمل الآن بالتحالف مع إسرائيل لضرب الوضع في سورية
وحولالعلاقة بين الحكومة التركية وإسرائيل والولايات المتحدة وتطوراتها اعتبر
الرئيس الأسد أن هذه التطورات والاعتذار الإسرائيلي لتركيا حول حادثة
السفينة مرمرة مرتبطة بالوضع في سورية إذ إن "الذي تغير هو الوضع في سورية
وهذا يؤكد بدقة وبوضوح أن هناك التقاء اسرائيلياً تركياً وأن أردوغان يعمل
الآن بالتحالف مع إسرائيل لضرب الوضع في سورية بعد أن فشل خلال العامين
الماضيين سواء في حشد الرأي العام التركي كما يرغب أو في إسقاط الدولة
السورية" لافتا إلى أنه "كان هناك صمود سوري بالرغم من شراسة المعركة فلم
يكن لدى أردوغان حليف يساعده إلا إسرائيل العدو الطبيعي لسورية الذي يحتل
أراضينا".
وحول ما يتم
تداوله من معلومات عن توجه لحل المسألة الكردية في تركيا قال الرئيس الأسد
"موقفنا الواضح والصريح هو دعم أي حل بين الأكراد والاتراك لأننا لا نريد
أن نرى المزيد من الدماء التي ستنعكس سلباً على المنطقة ونحن ندعم أي حل
صادق في هذا الاتجاه لأن الأكراد جزء طبيعي من نسيج المنطقة.. هم ليسوا
ضيوفاً أو مهاجرين جدداً بل يعيشون في هذه المنطقة منذ آلاف السنين" مشيرا
إلى أن مستقبل هذا الحل أو الوضع التركي الكردي متوقف على مصداقية أردوغان
الذي نشك انه يلتزم بما يعد به وأن كل الإجراءات التي يأخذها هي إجراءات
مؤقتة تهدف إلى دعمه سياسياً ونرى أن سياسته الجديدة تجاه الاكراد مرتبطة
ايضا "بالوضع السوري".
وحول
رؤية سورية للتعاطي مع الأكراد في المنطقة أكد الرئيس الأسد "أن علينا أن
نركز على أن القومية ليست عرقا فنحن نعيش في منطقة مختلطة.. أن تكون تركياً
لا يعني ألا تكون كردياً أو أرمنياً أو عربياً بأصولك ولديك ثقافة ولديك
لغة هذا هو الحال لديكم ولدينا نفس الشيء.. وكذلك أن أقول عربياً لا يعني
بأنه ينتسب لعرق عربي.. وإنما القومية التركية والقومية العربية هما حالة
حضارية يجب أن تستوعب الجميع".
وقال
الرئيس الأسد.. "أعتقد أن أجمل شيء في هذه المنطقة أنها متنوعة وأخطر شيء
ألا ننظر لهذا التنوع على أنه شيء غني يعطينا قوة ونسمح للقوى الخارجية بأن
تلعب ألعابها ضدنا".
معظم الأكراد أشخاص وطنيون يريدون العيش داخل سورية
وحولما يدور من حديث عن فراغ عسكري في المناطق الشمالية السورية وامكانية
سيطرة عناصر كردية ذات توجهات انفصالية هناك وما جدية الحديث عن سيناريو
مشابه في شمال العراق وشرق تركيا أكد الرئيس الأسد أنه "لا بيئة مناسبة في
سورية، وخاصة على المستوى الشعبي.. وهذا الموضوع مرفوض من الشعب السوري ومن
الدولة السورية ولا دولة وطنية تقبل بفصل أو اقتطاع جزء من أراضيها.. هذا
الموضوع محسوم وغير قابل للنقاش في سورية" مضيفا أن "معظم الأكراد أشخاص
وطنيون يريدون العيش داخل سورية كما أن الانفصال بحاجة لبيئة شعبية داخلية
معينة.. وربما لبيئة خارجية مختلفة عن الظروف الموجودة حالياً في سورية".
وتابع
الرئيس الأسد "لا أعتقد بأن الدول المعنية سورية وتركيا والعراق وإيران
توافق على هذا الطرح" متسائلا لماذا تتجه دول العالم للاندماج وليس للتفتيت
إلا في منطقتنا ولنأخذ مجموعة البريكس نموذجاً معتبرا أن العصر الذي نعيش
فيه يتطلب الاندماج و"إذا قبلنا بمنطق التقسيم فذلك يعني أن يكون هناك تتمة
لهذه العملية وهي التقسيم إلى دويلات صغيرة مبنية على القوميات و الطوائف
في منطقة غنية بتنوعها.. وهذا خطير ويعني الحروب في المستقبل".
جوهر الصراع ليس طائفياً بل هو بين قوى ودول تريد أن تعود بشعوبها إلى الماضي ودول تريد أن تذهب بهم إلى المستقبل
وحولالتكامل بين الدول في المنطقة ضمن المشروع السياسي الاقتصادي الذي طرحه
الرئيس الأسد بخصوص الوحدة السياسية الاقتصادية للبحار الخمسة والدول
الموجودة داخل هذه الجغرافيا أكد الرئيس الأسد "أن هذا المشروع بحاجة
لإرادة ولاستقلالية القرار وبحاجة أيضاً لاستقرار أمني والكثير من الدول
الغربية ليس لها مصلحة بمثل هذه المشاريع في الشرق الأوسط إلا أنه علينا أن
نتوحد في هذا العصر بالمصالح بما يخلق الكثير من الرخاء ويجعل هذه الدول
وشعوبها قوية في وجه أي محاولات للتدخل الخارجي".
وبخصوص
مخاطر الحرب الطائفية في المنطقة ومن يدفع بها لفت الرئيس الأسد إلى أن
هذا الموضوع طرح منذ عام 1979 لمواجهة الثورة الإيرانية التي أزالت واحداً
من أهم حلفاء أميركا في المنطقة وانطلاقاً من ذلك كانت الحرب العراقية على
إيران في ذلك الوقت والتي دعمتها بعض دول الخليج.. بعدها بفترة قصيرة
استخدم الإخوان المسلمون في سورية بنفس الهدف لخلق فتنة طائفية ايضاً..
فشلوا في الأولى وفشلوا في الثانية والآن بعد ثلاثة عقود لم يعد هناك خيار
سوى خلق فتنة طائفية من داخل هذه البلدان لذلك أعادوا طرح هذا الموضوع..
والشعارات التي طرحت وخاصة في سورية عند بداية الأزمة كانت شعارات طائفية
وحتى الآن فشلوا والشيء الجيد أن هناك حالة من الوعي تتزايد بالنسبة لشعوب
المنطقة واعتقد أن حقيقة الصراع الآن هي ليست طائفية وجوهر الصراع ليس
طائفياً بل هو بين قوى ودول تريد أن تعود بشعوبها إلى الماضي ودول تريد أن
تذهب بهم إلى المستقبل.. هو صراع بين من يريد أن يكون وطنه مستقلاً عن
التبعية للغرب وبين قوى أخرى تسعى الآن كي تكون تابعة للدول الغربية بغرض
تحقيق مصالحها الشخصية وهناك صراع دولي على المصالح".
سورية عندما تتحدث عن العلمانية فإنها تعني حرية الأديان وحرية الممارسة
وعنمستقبل النظم التي ترغب بتفكيك المجتمعات طائفياً ومذهبياً وإثنياً أكد
الرئيس الأسد أن "هذه النظم تهيىء لحروب قد تمتد لقرون وليس لعقود في
منطقتنا وتدمر كل شيء وتمنع التنمية والازدهار وتحولنا إلى دول وشعوب تعيش
في القرون الوسطى" مشيرا إلى أن سورية عندما تتحدث عن العلمانية فإنها
"تعني حرية الأديان وحرية الممارسة".
وأكد
الرئيس الأسد أن سورية مهتمة بما يجري في تركيا من تطورات انطلاقا من
ادراكها لأهمية تركيا كبلد مجاور يتمتع بموقع استراتيجي مهم وان مايحدث
فيها سوف ينعكس مباشرة على ما يحصل في سورية وبنفس الوقت هناك أشياء كثيرة
متشابهة.. كطبيعة الناس وعواطفهم وطبيعة النسيج الاجتماعي لذلك فان سورية
ترى أن الاستقرار في تركيا سيخدمها والعكس صحيح ولكن المشكلة أن "الحكومة
التركية تتجاهل ان الحريق في سورية سوف يحرق تركيا".
وبخصوص
الوضع الداخلي السوري أكد الرئيس الأسد أن أي حكومة في أي بلد تكون لجزء
من الشعب أو لأجزاء منه ولا تمثل كل الشعب فهذه الحكومة لا يمكن أن تبقى في
مكانها.. ستسقط مباشرة وإن لم تسقط فسوف يسقط الوطن مشيرا إلى أن سورية
بلد متنوع ومتعايش منذ قرون والحكومة دائماً تعكس هذا التنوع وهذه المشاركة
بمختلف أوجهها وألوانها.
وفي
قضية اغتيال الشخصيات الوطنية ورجال الدين والعلم وخاصة اغتيال العلامة
الشهيد محمد سعيد رمضان البوطي أكد الرئيس الأسد أن من يتهمون سورية
بالجريمة "هم أنفسهم من كانوا يصفون البوطي بأنه شيخ سلطة وذلك في محاولة
لتهميش مكانته لدى المواطنين السوريين وأيضاً لدى الكثيرين ممن يتابعونه في
العالم الإسلامي" مضيفا أن الشهيد البوطي "لم يكن يريد شيئاً من السلطة
ولم يسع لمنصب ولم يطالب بأموال وهو يعيش حياة بسيطة وذنبه الوحيد أنه كان
في مقدمة كثير من رجال الدين في سورية ممن وقفوا بشكل حاسم وحازم في وجه
المخطط الذي يستهدف سورية والذي بدأ بشعارات طائفية تهدف لخلق فتنة بين
السوريين".
استهداف الدكتور البوطي كان أولاً لمكانته في سورية وفي العالم الإسلامي وثانياً لوعيه العميق لحقيقة ما يجري
وأشارالرئيس الأسد إلى أن "استهداف الدكتور البوطي كان أولاً لمكانته في سورية
وفي العالم الإسلامي وثانياً لوعيه العميق لحقيقة ما يجري.. فلاشك أن موقف
رجال الدين ومنهم الدكتور البوطي كان أساسياً في إفشال هذا المخطط الذي
يهدف لخلق فتنة طائفية لذلك اغتالوه وقبله بأيام قليلة اغتالوا أحد رجال
الدين وبعدها اغتالوا رجل دين آخر في حلب واغتالوا عدداً من رجال الدين
سابقاً و كل من تحدث بالدين الحقيقي والدين المعتدل استهدف منذ بداية
الأزمة.. ولكن الدكتور البوطي كان له الأثر الأكبر في مواجهة هذه الحرب،
فهو لم يكن يقف مع الدولة.. هو كان يقف مع الوطن لذلك دفع حياته ثمناً..
وهو كان في كل الأحوال يتحدث دائماً عن استعداده للشهادة".
وختم
الرئيس الأسد المقابلة متوجها للشعب التركي بالقول "نحن وانتم والمنطقة
نمر في مرحلة مفصلية وما يجري فيه الكثير من المخطط الخارجي بهدف السيطرة
على هذه المنطقة وعلينا ألا نقبل بأي إعادة صياغة أو رسم للمنطقة إلا بحسب
القرارات التي تناسبنا كشعوب ويجب أن نكون نحن أصحاب القرار" مضيفا "أن ما
بدأناه منذ عشر سنوات أو اثنتي عشرة سنة مع الرئيس احمد نجدت سيزار يجب أن
نستمر به بكل الظروف أي الأخوة العربية التركية ولا يمكن أن يكون هناك أخوة
بين العرب والأتراك إن لم تكن العلاقة السورية التركية جيدة والحكومات
ستذهب ولن تبقى إلى الأبد فعلينا ألا نسمح للمسؤولين الحمقى وغير الناضجين
أن يضربوا هذه العلاقة التي يجب أن نبنيها نحن وليس أي جهة أجنبية في
الخارج وهذه رسالتي للشعب التركي".