الرئيسية
حتى الخمسون ليرة لم تنجُ
قبل بضعة أيام تناقلت وسائل الإعلام السورية خبراً مفاده أن الجهات الأمنية المختصة قبضت على مروجين للعملات المزورة في مختلف المحافظات السورية.
ففي دمشق أوقف عناصر إدارة الأمن الجنائي (حمود.أ) يمني الجنسية و(مساعد.أ) كويتي الجنسية لترويجهما دولارات أميركية مزورة.
وفي محافظة حمص ألقى عناصر فرع الأمن الجنائي القبض على( أسامة.أ) لاشتراكه في تهريب العملة السورية المزيفة من لبنان مع أشخاص آخرين بغرض ترويجها في المحافظة.
كما أوقف (عبد الرحمن.ر) وبحوزته مبلغ 50 ألف ليرة سورية مزيفة اعترف بشرائها من شخص لبناني أذيع البحث عنه تمهيداً لترويجها لاحقاً.
الشيء اللافت في هذا الخبر أن جميع من ألقي القبض عليه، إما من دول عربية مجاورة أو أنه حصل على العملات المزورة منها، ولكن اعتقال بعض المروجين لا ينفي فرضية أن يكون ثمة من يزاول هذا العمل في سورية، لكون الكثير من العملات المزورة المنتشرة في الأسواق من الممكن طباعتها بواسطة طابعات الكومبيوتر الحديثة المنتشرة في الأسواق، إلا أن هذه العملات المزورة بهذه الطريق تفتقد إلى الدقة والاحترافية في التزوير، وكشفها لا يحتاج إلى خبرة كبيرة، ولو أن بعض هؤلاء المزورين باتوا يضعون المواطن في متاهات كي لا يدرك الأول أن بحوزته عملة مزورة، فباتوا يعمدون إلى طباعة العملات ذات الفئات النقدية المتدنية أي العملات دون الخمسمئة ليرة سورية ( 200- 100– 50 ليرة سورية) عبر هذه الطابعات المنتشرة في الأسواق إلا أن هذه الفئات المزورة تفتقد إلى الاحترافية في التزوير كما سبق أن ذكرنا.
وكانت وكالة الأنباء السورية (سانا) قد أكدت أن ظاهرة ترويج وتهريب العملة المزورة سجلت ارتفاعاً ملحوظاً العام الفائت، وأشارت (سانا) إلى أن التحقيقات مع المهربين والمروجين الذين تم القبض عليهم كشفت أنهم يلجؤون لشراء مبالغ كبيرة من العملات المزيفة بأسعار تقل بمقدار النصف أحياناً عن قيمة المبالغ الحقيقية ومن ثم يروجونها على أنها عملة صحيحة.
تطور التزوير
إذا كان التزوير عبر الطابعات الحديثة أحد أشكال التزوير المنتشرة وإنما من دون احترافية، فثمة أشكال أخرى أكثر احترافية وتطوراً طرداً مع أجهزة كشف التزوير، ويهتم المزورون لهذه العملات بالعملات ذات الفئات عالية القيمة (1000- 500 ليرة سورية)، بحيث يضمنونها بأن تصبح بنفس الدقة للعملات الأجنبية المزورة كالدولار واليورو.
وقد مرّ التزوير بعدة مراحل:
المرحلة الأولى: كان المزورون لا يفرقون بين نوعية ورق العملة الحقيقية وأنواع الورق الأخرى، فكانوا يطبعون عملاتهم على ورق أبيض (يحتوي على مادة مبيضة تقوم بإعطاء الورق لوناً أبيض ناصعاً)، إلا أن المطورين لأجهزة الكشف أدخلوا تقنية (UV) على أجهزة الكشف، التي تستطيع أن تجعل العملة المزورة واضحة لدى مرورها تحت الأشعة فوق البنفسجية (UV)، الأمر الذي أربك المزورين فباتوا يبحثون عن سبل أخرى لعدم كشف عملاتهم المزورة بسهولة.
المرحلة الثانية: تمكن المزورون من استخدام أوراق مشابهة للأوراق الحقيقية بحيث لا تحتوي على المادة المبيضة والتي تكشفها تقنية الـ(UV)، ما أربك المصارف واضطرهم للبحث عن سبل جديدة في كشف العملات المزورة.
المرحلة الثالثة: في المرحلتين السابقتين كان المزورون يقومون برسم الخط المعدني رسماً بلون مشابه للخط المعدني وليس كما هو حال الأوراق النقدية الحقيقية والتي تحتوي على خط معدني حقيقي، فتمكن المطورون من إدراك هذا الأمر، وعملوا على صنع عدادات (مزودة بأجهزة لكشف العملات المزورة) تكشف العملات المزورة من خلال التأكد من وجود شريط معدني داخل الورقة(MT)، وفي حال عدم وجوده فإن العدادات تلفظ هذه العملة المزورة خارج العداد، الأمر الذي دفع المزورين للبحث عن حلول احتيالية على هذه العدادات المطورة.
المرحلة الرابعة: طور المزورون عملاتهم فباتوا يستخدمون أوراقاً (بغراماجات منخفضة) ويجمعون الورقتين الأمامية والخلفية للعملة، ثم يتم تخريم الورقة العليا وإدخال شريط معدني فيها.
أما الشريط المعدني فيتم الحصول عليه بسهولة فهو نفس (ورق القصدير) المستخدم لتغليف (رأس الأركيلة قبل وضع الجمر فوق المعسل) وهو متوافر بكثرة، كما يتم استخدام أوراق تغليف الدخان في بعض الأوقات.
هذا التطور الذي أضافه المزورون على عملاتهم دفع المصارف والمتعاملين بالأوراق المالية إلى تطوير عداداتهم الكاشفة، لكون العدادات تعمل بمبدأ الشريط المعدني وعندما تمر العملة المزورة التي تحتوي على شريط معدني مزيف فإن العدادات لن تكشفها وستمر مروراً عادياً.
المرحلة الخامسة: طورت المصارف عداداتها المزودة بكواشف للعملات المزورة، فاستقطبت تقنية جديدة تضاف إلى التقنيات السابقة وهي (MG) حساسات مغنطة وتعتمد على كشف الحبر المغناطيسي المطبوع في العملة، وهو حبر تطبع به العملة الحقيقية ويحتوي على مواد مغناطيسية، ولتاريخه أصبحت جميع العملات المزورة تحت السيطرة، وخاصة أن المصارف باتت تشترط على الموردين للعدادات وأجهزة الكشف أن يزودوا آلاتهم بتقنيات حديثة للحد من ظاهرة التزوير.
مواصفات خاصة
بات اليوم في سورية والكثير من دول العالم من الملزم على أي مورد للعدادات وأجهزة الكشف أن يقدم في عرضه للمصارف والشركات الكبرى بعض المواصفات الفنية الحديثة الموجودة في الأجهزة المراد تقديمها، وبدورها المصارف والشركات الكبرى تشترط مايلي في دفتر شروطها:
يجب أن تكشف العدادة المعروضة تزوير العملة السورية للإصدارات المتداولة، وعلى العارض توضيح آلية كشف التزوير المتوافرة في آلته مع إمكانية استخدام ميزات كشف التزوير التالية:
حساسات للتمييز بين أبعاد الفئات كافة بالنسبة للطول والعرض وسماكة الورقة.
حساس الأشعة فوق البنفسجية (UV).
كاشف بالأشعة تحت الحمراء (IR).
حساسات المغنطة والشريط المعدني (MG-MT).
إجراءات تتخذها البنوك
«الاقتصادية» استفسرت من البنك العربي في سورية عن الإجراءات الأمنية المعتمدة في مصرفهم والمتعلقة تحديداً بموضوع كشف العملة المزورة فأوضح البنك بأن جميع عدادات النقد المستخدمة في المصرف مزودة بكاشف تزوير وفي حال رفض العداد لأي ورقة عملة يتم التحقق منها من خلال جهاز كاشف تزوير، وفي حال ثبوت أنها مزورة أكد البنك أنه يتم إتلاف الورقة المزورة بتخريمها ولا تعاد إلى المودع، مشيراً إلى أنه كذلك يتم تبليغ الجهات الأمنية المختصة بهذه الواقعة.
كما أوضح سليم الأرملي المتحدث باسم البنك العربي أن ثمة حالات محدودة حدثت من مدة بعيدة وتم التعامل معها كما سبق ذكره.
وفي سؤال للبنك عما إذا كانوا يضطرون بين مدة وأخرى لتطوير أجهزة كشف العملات المزورة والعدادات كلما تطورت آليات التزوير أوضح الأرملي أن عقود الصيانة السنوية المبرمة مع الجهات الموردة والخاصة بعدادات النقد وأجهزة كشف التزوير تلزم المورد بتحديث هذه الأجهزة أولاً بأول فيما يتعلق بتحديثات برمجيات ومجسات التزوير.
غياب ثقافة الشيكات والبطاقات الإلكترونية
يجمع خبراء اقتصاديون على أن مشكلة التزوير تنشط في الدول التي يتعامل شريحة كبرى من مواطنيها بالأوراق النقدية وليس بالشيكات أو بطاقات الدفع الإلكتروني، وسورية هي من الدول حديثة العهد على بطاقات الدفع الإلكتروني، واستخدام الشيكات في سورية يقتصر نسبياً على التجار ورجال الأعمال وشريحة محددة، أما المواطن العادي فهو بعيد كل البعد عن هذا الأمر، وحتى لو أن العديد من شركات القطاع العام باتت تحول رواتب موظفيها إلى المصارف، ومن ثم يستلم الموظف راتبه عبر بطاقة إلكترونية من الصرافات الآلية المنتشرة في معظم المناطق، إلا أن هذا الأمر لا يعني أن الموظف بوسعه شراء حاجياته عبر هذه البطاقات لكونه لا توجد في أغلبية المحال التجارية التي يدخلها الموظف في حياته اليومية، كما أن الإجراءات التي تتخذها البنوك بالنسبة لقبول أو منح الشيكات لا تزال معقدة نسبياً، ما يدفع الموظف أو أي مواطن لحيازة العملات النقدية معه بدلاً من أي أوراق نقدية أو بطاقات إلكترونية، ما يتسبب في انتشار العملات المزورة في سورية، وتعد سورية اليوم من أبرز الدول المستوردة لعدادات وأجهزة الكشف وخاصة من اليابان، نظراً لانتشار ظاهرة التزوير فيها.
أبسط طرق كشف العملة المزورة
إذا كانت المصارف والشركات الكبرى تستطيع استقطاب أجهزة متطورة لكشف العملات المزورة، وتفادي المشكلات التي تنجم عن اقتناء مثل هذه العملات، فما حال المواطن البسيط الذي لن يستطيع حمل هذه الأجهزة معه طوال تجواله في السوق هذا في حال كان لديه قدرة شرائية لاحتواء مثل هذه الآلات، فما الحل؟
بحسب خبراء في كشف العملات المزورة فإن ملمس الورق والحبر هو أفضل الطرق لكي يكشف المواطن العادي ما إذا كانت العملة التي يحملها مزورة أم لا ويعد الحبر النافر على العملة واضحاً نسبياً، وأبرز من يستطيع كشف العملة المزورة من خلال الملمس هم العاملون في المصارف والصاغة ومحطات الوقود والمحاسبون.
أما من تبقى فيعاني من صعوبة في كشف العملة المزورة من العملة الحقيقية.
ولكن بإمكان المواطن العادي بقليل من الخبرة أن يتعلم كيفية الكشف من خلال الملمس.
كما أن المكبرة العادية تساعد المواطن في كشف العملة المزورة من خلال قراءة عبارة مصرف سورية المركزي الموجودة على سطح الورقة النقدية وبخط ناعم جداً وباستخدام المكبرة يمكن قراءة هذه العبارة بشكل أوضح، كما جزم خبراء كشف العملات على أنه لا يوجد أي عملة نقدية مزورة تظهر فيها عبارة مصرف سورية المركزي بشكل واضح ومن دون تشويهات، وتظهر التشويهات على حواف الأحرف وبشكل واضح وخاصة بعد تكبير هذه العبارة.
العقوبات القانونية
«الاقتصادية» التقت المحامي ناهد منصور للاستفسار عن العقوبات القانونية للمزورين والمروجين سواء أكان هذا الترويج ناجماً عن علم (سوء نية) أم من دون علم (حسن نية).
وأوضح منصور فقال: التقليد في الأوراق النقدية- وهو الركن المادي للجريمة- إنما يتم بصنع نقود مشابهة للنقود المتداولة، ولا يشترط أن يكون مطابقاً بل يكفي أن يكون في الأمر تشابه يخدع به الناس كي يكون مقبولاً في التعامل، فإذا انعدمت المشابهة، أو لم يستعمل المقلد شيئاً من الرسوم أو الكتابات المطبوعة على النقد الصحيح، فلا تطبق العقوبة هنا لانعدام الركن المادي لهذه الجريمة، ويؤدي هذا أيضاً إلى فقدان جريمة الترويج.
لذلك واستناداً إلى قانون العقوبات العام فإننا نستطيع ذكر المواد المتعلقة بهذا الشأن على النحو التالي:
فقد نصت المادة (433) ع. ع على أنه «من قلد أوراق نقد أو أوراق مصارف سورية كانت أو أجنبية أو حرف في قيمة هذه الأوراق النقدية بقصد ترويجها أو اشترك بإصدارها أو بترويجها عوقب بالعقوبات المنصوص عنها في المادة (430).
والعقوبات المنصوص عنها في المادة (430) هي الأشغال الشاقة مدة لا تنقص عن خمس سنوات وبغرامة تبلغ مئتين وخمسين ليرة على الأقل.
أما المادة (434) ع. ع فقد نصت على أنه «من زور أسناداً كالتي ذكرت آنفاً أو اشترك وهو عالم بالأمر بإصدار أوراق مزيفة أو بترويجها أو بإدخالها إلى البلاد السورية أو إلى بلاد دولة أخرى عوقب بالعقوبات المنصوص عليها في المادة (431).
والعقوبات المنصوص عنها في المادة (431) هي الأشغال الشاقة المؤقتة والغرامة من مئة ليرة إلى ألف ليرة.
أما المادة (435) فقد نصت على أنه «يعاقب بالحبس والغرامة من صنع أو عرض أو نقل بقصد الاتجار أو روج قطعاً معدنية مقلداً بها عملة متداولة قانوناً أو عرفاً في سورية أو بلاد أخرى أو أوراقاً مطبوعة قد يقع التباس بينها وبين الورق النقدي أو أوراق المصارف الوطنية أو الأجنبية.
ونصت المادة (436) ع. ع على أنه «من قبض عن نية حسنة قطعاً من العملة أو أوراقاً نقدية أو أوراق مصارف مقلدة أو مزيفة أو مزورة وروّجها بعد أن تحقق عيوبها عوقب بغرامة لا تتجاوز المئة ليرة».
أما في حال انتفاء العلم بكون النقود مزورة، فلا وجود لجريمة الترويج. لأن العلم بكون النقود مزورة عنصر من عناصر جريمة الترويج ويجب التحدث عنه بصورة واضحة تماماً وإثباته بأدلة مستقلة، والكلام للمحامي منصور.
إلا أن هذا الأمر لا ينفي تعرض بعض سيئي الحظ ممن ضبط بحوزتهم عملات نقدية مزورة عن حسن نية لمرتين متتاليتين، فيتعرضون للتحقيق والمساءلة خاصة في المرة الثانية، لكن الأمر كما هو ليس ذنبهم فهو ليس ذنب الجهات الأمنية، ولكنّ المزورين هم من أوصل المواطن والجهات الأمنية إلى هذا الوضع، فالغرض من التزوير في نهاية الأمر هو ضرب الاقتصاد الوطني لأي دولة يحل فيها التزوير ضيفاً ثقيلاً.
طباعة العملات النقدية السورية
لا تقتصر طباعة العملات النقدية السورية على بلد واحد، وإنما تطبع العملات السورية في العديد من الدول، ويعتمد الأمر على مناقصات يعلن عنها مصرف سورية المركزي، والبلد الذي ترسو عليه المناقصة هو البلد المسؤول عن الطباعة.
قبل بضعة أيام تناقلت وسائل الإعلام السورية خبراً مفاده أن الجهات الأمنية المختصة قبضت على مروجين للعملات المزورة في مختلف المحافظات السورية.
ففي دمشق أوقف عناصر إدارة الأمن الجنائي (حمود.أ) يمني الجنسية و(مساعد.أ) كويتي الجنسية لترويجهما دولارات أميركية مزورة.
وفي محافظة حمص ألقى عناصر فرع الأمن الجنائي القبض على( أسامة.أ) لاشتراكه في تهريب العملة السورية المزيفة من لبنان مع أشخاص آخرين بغرض ترويجها في المحافظة.
كما أوقف (عبد الرحمن.ر) وبحوزته مبلغ 50 ألف ليرة سورية مزيفة اعترف بشرائها من شخص لبناني أذيع البحث عنه تمهيداً لترويجها لاحقاً.
الشيء اللافت في هذا الخبر أن جميع من ألقي القبض عليه، إما من دول عربية مجاورة أو أنه حصل على العملات المزورة منها، ولكن اعتقال بعض المروجين لا ينفي فرضية أن يكون ثمة من يزاول هذا العمل في سورية، لكون الكثير من العملات المزورة المنتشرة في الأسواق من الممكن طباعتها بواسطة طابعات الكومبيوتر الحديثة المنتشرة في الأسواق، إلا أن هذه العملات المزورة بهذه الطريق تفتقد إلى الدقة والاحترافية في التزوير، وكشفها لا يحتاج إلى خبرة كبيرة، ولو أن بعض هؤلاء المزورين باتوا يضعون المواطن في متاهات كي لا يدرك الأول أن بحوزته عملة مزورة، فباتوا يعمدون إلى طباعة العملات ذات الفئات النقدية المتدنية أي العملات دون الخمسمئة ليرة سورية ( 200- 100– 50 ليرة سورية) عبر هذه الطابعات المنتشرة في الأسواق إلا أن هذه الفئات المزورة تفتقد إلى الاحترافية في التزوير كما سبق أن ذكرنا.
وكانت وكالة الأنباء السورية (سانا) قد أكدت أن ظاهرة ترويج وتهريب العملة المزورة سجلت ارتفاعاً ملحوظاً العام الفائت، وأشارت (سانا) إلى أن التحقيقات مع المهربين والمروجين الذين تم القبض عليهم كشفت أنهم يلجؤون لشراء مبالغ كبيرة من العملات المزيفة بأسعار تقل بمقدار النصف أحياناً عن قيمة المبالغ الحقيقية ومن ثم يروجونها على أنها عملة صحيحة.
تطور التزوير
إذا كان التزوير عبر الطابعات الحديثة أحد أشكال التزوير المنتشرة وإنما من دون احترافية، فثمة أشكال أخرى أكثر احترافية وتطوراً طرداً مع أجهزة كشف التزوير، ويهتم المزورون لهذه العملات بالعملات ذات الفئات عالية القيمة (1000- 500 ليرة سورية)، بحيث يضمنونها بأن تصبح بنفس الدقة للعملات الأجنبية المزورة كالدولار واليورو.
وقد مرّ التزوير بعدة مراحل:
المرحلة الأولى: كان المزورون لا يفرقون بين نوعية ورق العملة الحقيقية وأنواع الورق الأخرى، فكانوا يطبعون عملاتهم على ورق أبيض (يحتوي على مادة مبيضة تقوم بإعطاء الورق لوناً أبيض ناصعاً)، إلا أن المطورين لأجهزة الكشف أدخلوا تقنية (UV) على أجهزة الكشف، التي تستطيع أن تجعل العملة المزورة واضحة لدى مرورها تحت الأشعة فوق البنفسجية (UV)، الأمر الذي أربك المزورين فباتوا يبحثون عن سبل أخرى لعدم كشف عملاتهم المزورة بسهولة.
المرحلة الثانية: تمكن المزورون من استخدام أوراق مشابهة للأوراق الحقيقية بحيث لا تحتوي على المادة المبيضة والتي تكشفها تقنية الـ(UV)، ما أربك المصارف واضطرهم للبحث عن سبل جديدة في كشف العملات المزورة.
المرحلة الثالثة: في المرحلتين السابقتين كان المزورون يقومون برسم الخط المعدني رسماً بلون مشابه للخط المعدني وليس كما هو حال الأوراق النقدية الحقيقية والتي تحتوي على خط معدني حقيقي، فتمكن المطورون من إدراك هذا الأمر، وعملوا على صنع عدادات (مزودة بأجهزة لكشف العملات المزورة) تكشف العملات المزورة من خلال التأكد من وجود شريط معدني داخل الورقة(MT)، وفي حال عدم وجوده فإن العدادات تلفظ هذه العملة المزورة خارج العداد، الأمر الذي دفع المزورين للبحث عن حلول احتيالية على هذه العدادات المطورة.
المرحلة الرابعة: طور المزورون عملاتهم فباتوا يستخدمون أوراقاً (بغراماجات منخفضة) ويجمعون الورقتين الأمامية والخلفية للعملة، ثم يتم تخريم الورقة العليا وإدخال شريط معدني فيها.
أما الشريط المعدني فيتم الحصول عليه بسهولة فهو نفس (ورق القصدير) المستخدم لتغليف (رأس الأركيلة قبل وضع الجمر فوق المعسل) وهو متوافر بكثرة، كما يتم استخدام أوراق تغليف الدخان في بعض الأوقات.
هذا التطور الذي أضافه المزورون على عملاتهم دفع المصارف والمتعاملين بالأوراق المالية إلى تطوير عداداتهم الكاشفة، لكون العدادات تعمل بمبدأ الشريط المعدني وعندما تمر العملة المزورة التي تحتوي على شريط معدني مزيف فإن العدادات لن تكشفها وستمر مروراً عادياً.
المرحلة الخامسة: طورت المصارف عداداتها المزودة بكواشف للعملات المزورة، فاستقطبت تقنية جديدة تضاف إلى التقنيات السابقة وهي (MG) حساسات مغنطة وتعتمد على كشف الحبر المغناطيسي المطبوع في العملة، وهو حبر تطبع به العملة الحقيقية ويحتوي على مواد مغناطيسية، ولتاريخه أصبحت جميع العملات المزورة تحت السيطرة، وخاصة أن المصارف باتت تشترط على الموردين للعدادات وأجهزة الكشف أن يزودوا آلاتهم بتقنيات حديثة للحد من ظاهرة التزوير.
مواصفات خاصة
بات اليوم في سورية والكثير من دول العالم من الملزم على أي مورد للعدادات وأجهزة الكشف أن يقدم في عرضه للمصارف والشركات الكبرى بعض المواصفات الفنية الحديثة الموجودة في الأجهزة المراد تقديمها، وبدورها المصارف والشركات الكبرى تشترط مايلي في دفتر شروطها:
يجب أن تكشف العدادة المعروضة تزوير العملة السورية للإصدارات المتداولة، وعلى العارض توضيح آلية كشف التزوير المتوافرة في آلته مع إمكانية استخدام ميزات كشف التزوير التالية:
حساسات للتمييز بين أبعاد الفئات كافة بالنسبة للطول والعرض وسماكة الورقة.
حساس الأشعة فوق البنفسجية (UV).
كاشف بالأشعة تحت الحمراء (IR).
حساسات المغنطة والشريط المعدني (MG-MT).
إجراءات تتخذها البنوك
«الاقتصادية» استفسرت من البنك العربي في سورية عن الإجراءات الأمنية المعتمدة في مصرفهم والمتعلقة تحديداً بموضوع كشف العملة المزورة فأوضح البنك بأن جميع عدادات النقد المستخدمة في المصرف مزودة بكاشف تزوير وفي حال رفض العداد لأي ورقة عملة يتم التحقق منها من خلال جهاز كاشف تزوير، وفي حال ثبوت أنها مزورة أكد البنك أنه يتم إتلاف الورقة المزورة بتخريمها ولا تعاد إلى المودع، مشيراً إلى أنه كذلك يتم تبليغ الجهات الأمنية المختصة بهذه الواقعة.
كما أوضح سليم الأرملي المتحدث باسم البنك العربي أن ثمة حالات محدودة حدثت من مدة بعيدة وتم التعامل معها كما سبق ذكره.
وفي سؤال للبنك عما إذا كانوا يضطرون بين مدة وأخرى لتطوير أجهزة كشف العملات المزورة والعدادات كلما تطورت آليات التزوير أوضح الأرملي أن عقود الصيانة السنوية المبرمة مع الجهات الموردة والخاصة بعدادات النقد وأجهزة كشف التزوير تلزم المورد بتحديث هذه الأجهزة أولاً بأول فيما يتعلق بتحديثات برمجيات ومجسات التزوير.
غياب ثقافة الشيكات والبطاقات الإلكترونية
يجمع خبراء اقتصاديون على أن مشكلة التزوير تنشط في الدول التي يتعامل شريحة كبرى من مواطنيها بالأوراق النقدية وليس بالشيكات أو بطاقات الدفع الإلكتروني، وسورية هي من الدول حديثة العهد على بطاقات الدفع الإلكتروني، واستخدام الشيكات في سورية يقتصر نسبياً على التجار ورجال الأعمال وشريحة محددة، أما المواطن العادي فهو بعيد كل البعد عن هذا الأمر، وحتى لو أن العديد من شركات القطاع العام باتت تحول رواتب موظفيها إلى المصارف، ومن ثم يستلم الموظف راتبه عبر بطاقة إلكترونية من الصرافات الآلية المنتشرة في معظم المناطق، إلا أن هذا الأمر لا يعني أن الموظف بوسعه شراء حاجياته عبر هذه البطاقات لكونه لا توجد في أغلبية المحال التجارية التي يدخلها الموظف في حياته اليومية، كما أن الإجراءات التي تتخذها البنوك بالنسبة لقبول أو منح الشيكات لا تزال معقدة نسبياً، ما يدفع الموظف أو أي مواطن لحيازة العملات النقدية معه بدلاً من أي أوراق نقدية أو بطاقات إلكترونية، ما يتسبب في انتشار العملات المزورة في سورية، وتعد سورية اليوم من أبرز الدول المستوردة لعدادات وأجهزة الكشف وخاصة من اليابان، نظراً لانتشار ظاهرة التزوير فيها.
أبسط طرق كشف العملة المزورة
إذا كانت المصارف والشركات الكبرى تستطيع استقطاب أجهزة متطورة لكشف العملات المزورة، وتفادي المشكلات التي تنجم عن اقتناء مثل هذه العملات، فما حال المواطن البسيط الذي لن يستطيع حمل هذه الأجهزة معه طوال تجواله في السوق هذا في حال كان لديه قدرة شرائية لاحتواء مثل هذه الآلات، فما الحل؟
بحسب خبراء في كشف العملات المزورة فإن ملمس الورق والحبر هو أفضل الطرق لكي يكشف المواطن العادي ما إذا كانت العملة التي يحملها مزورة أم لا ويعد الحبر النافر على العملة واضحاً نسبياً، وأبرز من يستطيع كشف العملة المزورة من خلال الملمس هم العاملون في المصارف والصاغة ومحطات الوقود والمحاسبون.
أما من تبقى فيعاني من صعوبة في كشف العملة المزورة من العملة الحقيقية.
ولكن بإمكان المواطن العادي بقليل من الخبرة أن يتعلم كيفية الكشف من خلال الملمس.
كما أن المكبرة العادية تساعد المواطن في كشف العملة المزورة من خلال قراءة عبارة مصرف سورية المركزي الموجودة على سطح الورقة النقدية وبخط ناعم جداً وباستخدام المكبرة يمكن قراءة هذه العبارة بشكل أوضح، كما جزم خبراء كشف العملات على أنه لا يوجد أي عملة نقدية مزورة تظهر فيها عبارة مصرف سورية المركزي بشكل واضح ومن دون تشويهات، وتظهر التشويهات على حواف الأحرف وبشكل واضح وخاصة بعد تكبير هذه العبارة.
العقوبات القانونية
«الاقتصادية» التقت المحامي ناهد منصور للاستفسار عن العقوبات القانونية للمزورين والمروجين سواء أكان هذا الترويج ناجماً عن علم (سوء نية) أم من دون علم (حسن نية).
وأوضح منصور فقال: التقليد في الأوراق النقدية- وهو الركن المادي للجريمة- إنما يتم بصنع نقود مشابهة للنقود المتداولة، ولا يشترط أن يكون مطابقاً بل يكفي أن يكون في الأمر تشابه يخدع به الناس كي يكون مقبولاً في التعامل، فإذا انعدمت المشابهة، أو لم يستعمل المقلد شيئاً من الرسوم أو الكتابات المطبوعة على النقد الصحيح، فلا تطبق العقوبة هنا لانعدام الركن المادي لهذه الجريمة، ويؤدي هذا أيضاً إلى فقدان جريمة الترويج.
لذلك واستناداً إلى قانون العقوبات العام فإننا نستطيع ذكر المواد المتعلقة بهذا الشأن على النحو التالي:
فقد نصت المادة (433) ع. ع على أنه «من قلد أوراق نقد أو أوراق مصارف سورية كانت أو أجنبية أو حرف في قيمة هذه الأوراق النقدية بقصد ترويجها أو اشترك بإصدارها أو بترويجها عوقب بالعقوبات المنصوص عنها في المادة (430).
والعقوبات المنصوص عنها في المادة (430) هي الأشغال الشاقة مدة لا تنقص عن خمس سنوات وبغرامة تبلغ مئتين وخمسين ليرة على الأقل.
أما المادة (434) ع. ع فقد نصت على أنه «من زور أسناداً كالتي ذكرت آنفاً أو اشترك وهو عالم بالأمر بإصدار أوراق مزيفة أو بترويجها أو بإدخالها إلى البلاد السورية أو إلى بلاد دولة أخرى عوقب بالعقوبات المنصوص عليها في المادة (431).
والعقوبات المنصوص عنها في المادة (431) هي الأشغال الشاقة المؤقتة والغرامة من مئة ليرة إلى ألف ليرة.
أما المادة (435) فقد نصت على أنه «يعاقب بالحبس والغرامة من صنع أو عرض أو نقل بقصد الاتجار أو روج قطعاً معدنية مقلداً بها عملة متداولة قانوناً أو عرفاً في سورية أو بلاد أخرى أو أوراقاً مطبوعة قد يقع التباس بينها وبين الورق النقدي أو أوراق المصارف الوطنية أو الأجنبية.
ونصت المادة (436) ع. ع على أنه «من قبض عن نية حسنة قطعاً من العملة أو أوراقاً نقدية أو أوراق مصارف مقلدة أو مزيفة أو مزورة وروّجها بعد أن تحقق عيوبها عوقب بغرامة لا تتجاوز المئة ليرة».
أما في حال انتفاء العلم بكون النقود مزورة، فلا وجود لجريمة الترويج. لأن العلم بكون النقود مزورة عنصر من عناصر جريمة الترويج ويجب التحدث عنه بصورة واضحة تماماً وإثباته بأدلة مستقلة، والكلام للمحامي منصور.
إلا أن هذا الأمر لا ينفي تعرض بعض سيئي الحظ ممن ضبط بحوزتهم عملات نقدية مزورة عن حسن نية لمرتين متتاليتين، فيتعرضون للتحقيق والمساءلة خاصة في المرة الثانية، لكن الأمر كما هو ليس ذنبهم فهو ليس ذنب الجهات الأمنية، ولكنّ المزورين هم من أوصل المواطن والجهات الأمنية إلى هذا الوضع، فالغرض من التزوير في نهاية الأمر هو ضرب الاقتصاد الوطني لأي دولة يحل فيها التزوير ضيفاً ثقيلاً.
طباعة العملات النقدية السورية
لا تقتصر طباعة العملات النقدية السورية على بلد واحد، وإنما تطبع العملات السورية في العديد من الدول، ويعتمد الأمر على مناقصات يعلن عنها مصرف سورية المركزي، والبلد الذي ترسو عليه المناقصة هو البلد المسؤول عن الطباعة.
[size=12]رامي منصور
[/size]عدل سابقا من قبل محمد عفارة في السبت فبراير 14, 2009 3:04 am عدل 1 مرات
