تغالي وزارة المالية في (الشطارة) وتبدو في غاية الدقة والفصاحة، حين تتعامل مع ذوي الدخل المحدود، بينما نراها ونسمعها تتلجلج ويخفت صوتها، حين تتوجه إلى أصحاب المليارات.. آملة منهم، بلغة الرجاء والعتب الخفيف، أن يسددوا ما تراكم عليهم من حقوق للخزينة، سواء كان قروضاً بالملايين من المصارف، أم ضرائب تهربوا من دفعها على مدى سنوات، أم فوائد تأخير، وهي تكاد تعتذر منهم سلفاً، بل تتسامح معهم وتتساهل.. وتشاورهم.
فقد اقترحت وزارة المالية مؤخراً إعفاء 6010 ليرات - الحد الأدنى للرواتب والأجور- من الضريبة، وأعادت ترتيب الشرائح الخاضعة للضريبة من الرواتب، فارضة عليها نسباً تصاعدية تبدأ من 5% (عن جزء الدخل الصافي الشهري الواقع بين الحد الأدنى المعفى و12 ألفاً، و7% حتى 16 ألفاً، و9% حتى 20 ألفاً، و11% حتى 24 ألفاً، و12% عن الجزء بين 24 ألفاً و30 ألف ليرة، و16%، حتى 50 ألفاً، و19% حتى 75 ألفاً، و22% عما يتجاوز 75 ألفاً.
ووافقت الحكومة على الاقتراح، وصدر بمرسوم تشريعي يبدأ تنفيذه أول الشهر القادم.
واستناداً إلى تصريح وزير المالية، بعد صدور المرسوم 33، فإن 7 بالألف من العاملين في الدولة تتجاوز رواتبهم 24 ألف ليرة، أي أن عددهم قد يصل إلى ألف موظف، بينما الغالبية العظمى، من المليون ونصف المليون الذين يتقاضون رواتب وأجوراً، تقل رواتبهم عن 24 ألف ليرة. وسيستفيد هؤلاء، وفقاً للمرسوم، بما يتراوح بين 50 ليرة (للذين يتقاضون الحد الأدنى للأجور)، و400 ليرة (لمن يصل راتبهم إلى 24 ألفاً)، وهذا ما يضعه وزير المالية: (في إطار تحسين مستوى الرواتب والأجور للعاملين في الدولة والقطاع الخاص)! فأي تحسين هذا يا سيادة الوزير؟
إذا قسمنا الخمسين ليرة على أيام الشهر، فيمكننا أن نستنتج أن الحكومة منحت كل من يتقاضى 200 ليرة يومياً (الحد الأدنى للأجور) ليرةً وثلاثة أرباع الليرة يومياً.. فصار قادراً بعد الآن أن يجمعها ليحضر لأولاده كل ثلاثة أيام (كيس ديربي وزنه 18 غ)، ويطلب منهم أن يشكروا وزارة المالية على ما تفضلت به بعد طول تفكير!
وتسعى وزارة المالية منذ خمس سنوات لإقناع كبار التجار بتطبيق نظام الفوترة (استخدام الفواتير التي تبين أسعار الشراء والمبيع لكل سلعة)، لتتمكن هي من تحديد ما يترتب عليهم من ضرائب، من ناحية، ولتبدأ بتطبيق رسم الإنفاق الاستهلاكي الذي مازالت تؤجله منذ سنوات، ولكنها فشلت في إقناعهم فشلاً ذريعاً. ومازال كبار التجار والمستثمرين يمارسون شطارتهم في التهرب الضريبي، ويرفضون تسجيل عمالهم في التأمينات، ولا يعنيهم أن تكون لهم مساهمة ولو محدودة في الهم الاجتماعي. وبالتالي لم تجد وزارة المالية من تمارس عليهم شطارتها سوى(أبناء الحكومة)، فهؤلاء على ما يبدو راضون مرضيون.. وهم فوق ذلك (طماعون)، فقد دفع الطمع قسماً كبيراً منهم أن يفتشوا عن عمل ثالث، لأن أجور عملين متواليين في اليوم لم تعد كافية، وذلك استعداداً لاستقبال رسم الإنفاق الاستهلاكي الذي تعدنا وزارة المالية بتطبيقه أوائل العام القادم.
وبعد كل هذا الأسى، مازلنا نتباهى أمام المستثمرين وأصحاب الرساميل، في إطار تشجيعهم، بأن لدينا العمالة الأرخص في العالم. وطبعاً يمكنهم أن يفهموا أيضاً أن يد قوى العمل لم تعد هي العليا، لذلك فبإمكان أرباب العمل ألا يسجلوا عمالهم في التأمينات، وسيعدل قانون العمل ليتاح لهم أن يسرحوا من يشاؤون حين يشاؤون.
لقد مضى وقت طويل على الزمن الذي كان فيه (ابن الحكومة) محسوداً.. وإذا كانت الحكومة تعامل (أبناءها) اليوم بهذه (الشطارة).. فلم يعد شيء في هذه الحياة بمستغرب!
فقد اقترحت وزارة المالية مؤخراً إعفاء 6010 ليرات - الحد الأدنى للرواتب والأجور- من الضريبة، وأعادت ترتيب الشرائح الخاضعة للضريبة من الرواتب، فارضة عليها نسباً تصاعدية تبدأ من 5% (عن جزء الدخل الصافي الشهري الواقع بين الحد الأدنى المعفى و12 ألفاً، و7% حتى 16 ألفاً، و9% حتى 20 ألفاً، و11% حتى 24 ألفاً، و12% عن الجزء بين 24 ألفاً و30 ألف ليرة، و16%، حتى 50 ألفاً، و19% حتى 75 ألفاً، و22% عما يتجاوز 75 ألفاً.
ووافقت الحكومة على الاقتراح، وصدر بمرسوم تشريعي يبدأ تنفيذه أول الشهر القادم.
واستناداً إلى تصريح وزير المالية، بعد صدور المرسوم 33، فإن 7 بالألف من العاملين في الدولة تتجاوز رواتبهم 24 ألف ليرة، أي أن عددهم قد يصل إلى ألف موظف، بينما الغالبية العظمى، من المليون ونصف المليون الذين يتقاضون رواتب وأجوراً، تقل رواتبهم عن 24 ألف ليرة. وسيستفيد هؤلاء، وفقاً للمرسوم، بما يتراوح بين 50 ليرة (للذين يتقاضون الحد الأدنى للأجور)، و400 ليرة (لمن يصل راتبهم إلى 24 ألفاً)، وهذا ما يضعه وزير المالية: (في إطار تحسين مستوى الرواتب والأجور للعاملين في الدولة والقطاع الخاص)! فأي تحسين هذا يا سيادة الوزير؟
إذا قسمنا الخمسين ليرة على أيام الشهر، فيمكننا أن نستنتج أن الحكومة منحت كل من يتقاضى 200 ليرة يومياً (الحد الأدنى للأجور) ليرةً وثلاثة أرباع الليرة يومياً.. فصار قادراً بعد الآن أن يجمعها ليحضر لأولاده كل ثلاثة أيام (كيس ديربي وزنه 18 غ)، ويطلب منهم أن يشكروا وزارة المالية على ما تفضلت به بعد طول تفكير!
وتسعى وزارة المالية منذ خمس سنوات لإقناع كبار التجار بتطبيق نظام الفوترة (استخدام الفواتير التي تبين أسعار الشراء والمبيع لكل سلعة)، لتتمكن هي من تحديد ما يترتب عليهم من ضرائب، من ناحية، ولتبدأ بتطبيق رسم الإنفاق الاستهلاكي الذي مازالت تؤجله منذ سنوات، ولكنها فشلت في إقناعهم فشلاً ذريعاً. ومازال كبار التجار والمستثمرين يمارسون شطارتهم في التهرب الضريبي، ويرفضون تسجيل عمالهم في التأمينات، ولا يعنيهم أن تكون لهم مساهمة ولو محدودة في الهم الاجتماعي. وبالتالي لم تجد وزارة المالية من تمارس عليهم شطارتها سوى(أبناء الحكومة)، فهؤلاء على ما يبدو راضون مرضيون.. وهم فوق ذلك (طماعون)، فقد دفع الطمع قسماً كبيراً منهم أن يفتشوا عن عمل ثالث، لأن أجور عملين متواليين في اليوم لم تعد كافية، وذلك استعداداً لاستقبال رسم الإنفاق الاستهلاكي الذي تعدنا وزارة المالية بتطبيقه أوائل العام القادم.
وبعد كل هذا الأسى، مازلنا نتباهى أمام المستثمرين وأصحاب الرساميل، في إطار تشجيعهم، بأن لدينا العمالة الأرخص في العالم. وطبعاً يمكنهم أن يفهموا أيضاً أن يد قوى العمل لم تعد هي العليا، لذلك فبإمكان أرباب العمل ألا يسجلوا عمالهم في التأمينات، وسيعدل قانون العمل ليتاح لهم أن يسرحوا من يشاؤون حين يشاؤون.
لقد مضى وقت طويل على الزمن الذي كان فيه (ابن الحكومة) محسوداً.. وإذا كانت الحكومة تعامل (أبناءها) اليوم بهذه (الشطارة).. فلم يعد شيء في هذه الحياة بمستغرب!