ما هي البورصة
--------------------------
المقـــدمـــة:
تُعتبر البورصة بمثابة مقياس لدرجة حرارة الاقتصاد؛ فلقد أثبتت التجارة أن حالة سوق البورصة تشير بشكل عام إلى التطور والى حالة قطاع الإنتاج في الاقتصاد المعني.
ومن الآن فصاعداً تسمح سرعة وسائل الاتصال العصرية للمستثمرين بأن يتخذوا قراراتهم فور حصول أي تغيير في حالة العرض والطلب على المستوى العالمي.
في الحقيقة؛ لقد بات من غير الممكن التفكير بموضوع التنمية الصناعية خاصةً، والاقتصادية عامة، دون وجود شركات مساهمة ونظام خاص بالبورصة، إذ إن المرور عن طريق هذه الأخيرة (البورصة) بات أمراً ضرورياً لا يمكن تفاديه للعديد من المنشآت والشركات لجمع رؤوس الأموال اللازمة للاستثمار المطلوب، أو لتوسيع عملية استثمارية قائمة أصلاً.
إلا أنه من جهة أخرى، تتضمن العمليات والصفقات المعقودة في البورصة هامشاً من المخاطرة لا يستهان به. فعلى سبيل المثال تُعتبر أسهم الشركات العامة والحكومية بأنها – غالباً – مقدّرة بأقل من قيمتها الحقيقية، ولهذا تشكل (فريسة) جيدة لما يُدعى بـ(صيادي الشركات والفرص الجيدة) خصوصاً في الولايات المتحدة الأمريكية، أو للمنافسين الراغبين في ابتلاعها.
وفي الواقع، يمكن أن تحقق عملية شراء الأسهم من قبل المضارب أو من قبل الفرد العادي الراغب بالدخول إلى البورصة أرباحاً جيدة، كما يمكن أن تحقق خسارة كبيرة، إذ إن البورصة تتأثر بالذبذبات والتموّجات الحاصلة في الأحوال والأوضاع الاقتصادية وكذلك بالآثار المترتبة عن عمليات المضاربة، وبالأحداث السياسية إضافة للعوامل النفسية المرتبطة بحالة المستثمر ذاته.
منذ بداية عام 1980م يمكننا القول بأن تركيبة الثروة المالية للقطاع العائلي في أوربا قد تغيرت بشكل عميق جداً، إذ تراجعت الأهمية النسبية للسيولة النقدية - على سبيل المثال- من 60% عام 1980م إلى40% عام 1989م، ولا تزال في تراجع بطيء لكنه مستمر في فرنسا مثلاً. كما تراجع موضوع الاحتفاظ بالأوراق النقدية والإيداعات قصيرة الأجل من17% إلى 11,5% للفترة ذاتها، ودفاتر الادخار إلى 7% بعد أن كانت تُمثل 23% في عام 1980م. وبهدف تفعيل البورصة قامت أغلب البلدان الأوربية ومن قبلها الولايات المتحدة الأمريكية واليابان بعملية توجيه ودفع الادخار باتجاه السوق المالية وذلك بتبني سياسات تخفيض ضريبي انتقائي، ولهذا السبب ارتفعت الأهمية النسبية للقيم المنقولة (الأسهم والسندات) بشكل مستمر في المحافظ الاستثمارية لأفراد القطاع العائلي في أوربا مثلاً.
وفي الحقيقة لا يمكننا أن نتجاهل الدور الكبير والمتزايد الذي تلعبه المصارف وشركات التأمين في السوق المالية، فمن المعروف أن مصارف التسليف تلعب دوراً رئيسياً في تطوير الاقتصاد، إذ توجّه الأموال المدخرة المودعة لديها باتجاه الإقراض والتسليف لمن يرغب في تحقيق الاستثمارات الحقيقية في البلاد.
وتتدخل المصارف - أكثر فأكثر - في القطاعات المالية الأخرى، عن طريق تطوير أنظمة التأمين بمختلف أنواعها أو عمليات الادخار الموجهة للحصول على العقارات مثلاً، وفي الواقع إن تعدد وتداخل وتشابك الوظائف المصرفية ودورها المتزايد في الاقتصاد الوطني ومساهماتها الكبيرة في الأسواق المالية، ستقود إلى عمليات اندماج وابتلاع وشراء وغزو فيما بينها، كي تتمكن من مواجهة المتطلبات المتزايدة لزبائنها حالياً.
ومن جهة أخرى تتنافس يومياً كلٌّ من بورصة نيويورك وبورصة طوكيو على احتلال الركن الأوّل في العالم من وجهة نظر حجم الرساميل والصفقات المبرمة فيهما منذ نهاية عقد السبعينات، إلاّ أنه ومنذ بداية عقد التسعينات (وبالتحديد منذ حرب الخليج الثانية 1990-1991م) تراجعت بورصة طوكيو إلى المركز الثاني بعد بورصة نيويورك وذلك بسبب انخفاض القيمة السلعية للمنشآت اليابانية، الذي يعود لأسباب متعددة جداً، نذكر منها: انهيار أربعة من أهم وأكبر بيوت الوساطة المالية في اليابان، وتبني سياسة قصيرة أو (تقشفية) لمنح القروض والعمليات التسليفية من قبل المصرف المركزي الياباني، وحصول العديد من الفضائح المالية بين رجال السياسة ورجال المال في قلب بورصة طوكيو، وانهيار الأسعار في سوق العقارات وأخيراً تراجع النشاط الصناعي وتباطؤ الاستثمار.
وتأتي بورصة لندن دائماً بالمرتبة الثالثة عالمياً والأولى أوروبياً منذ أكثر من عشرين عاماً خلت، مخلّفة وراءها فرانكفورت وباريس وميلانو.. الخ.
وهذا دون أن ننسى الأهمية المتزايدة لبورصات بلدان جنوب شرق آسيا على الرغم من الكوارث المالية التي حصلت فيها بدءاً من النصف الثاني من عقد التسعينات. وأخيراً لا بدّ من الإشارة أيضاً إلى الانتشار المتزايد لمثل هذه الأسواق المالية في بلدان العالم النامي، نظراً لأهميتها القصوى في تمويل جزء كبير من عملية التنمية الاقتصادية فيها.
تاريخية البورصة:
لا بدّ في البداية من الرجوع إلى فكرة تعددية النقد التي أدت إلى ولادة مهنة جديدة هي الصرافة؛ فلقد كلّف حكام اليونان القديمة الصرافين في عام 527 قبل الميلاد بتبديل عملات الزائرين للمدن التي يوجدون فيها، وانتشرت هذه المهنة وتطوّرت بشكل سريع طوال الفترة الهيلينية في اليونان وبعد ذلك في الإمبراطورية الرومانية.
وفي السنوات الأولى بعد الميلاد، دخلت تلك المهنة مرحلة سكون، لا بل غياب كامل - باستثناء المنطقة العربية- دام 550 عاماً، حيث عادت وظهرت في شمال إيطاليا، عندما قرّر المشرعون الرومانيون في حينه وضع عدد كبير من القوانين والتشريعات المتعلقة بعمليات الإيداع وتبادل النقود، بعد ذلك احتلت الجمهوريات الإيطالية كـ(جنوة) و(فينيسيا) و(فلورنسا) بفضل تجارتها مع الشرق مركزاً مرموقاً على صعيد الاقتصاد الدولي، وبدأت رؤوس الأموال تصل إليها بكثافة بالغة، مما استدعى إعادة ظهور مهنة الصرافة، ولُقب الأشخاص العاملون في تلك المهنة ما يعني بالإيطالية (المصرفيون) بعد ذلك احتلت مدينة (بروج) البلجيكية في بداية القرن الرابع عشر المركز الأول فيما يتعلق بالسوق النقدية؛ فلقد جرت العادة في تلك الفترة أن تجتمع العائلات الست الأكبر العاملة في مجال (الصرافة) في منزل الرئيس من أجل دراسة عمليات بيع وشراء السلع، ومن ثم كتابة بوالص التأمين، إضافة إلى كل ما يمتّ بصلة لعمليات بيع وشراء النقود.
أما الرئيس الذي كان يستقبل تلك العائلات في منزله، فكان يُدعى (فاندر بورز) ومنه أتى اسم المكان الذي يتم فيه تبادل البضائع والخدمات بالإضافة لعمليات بيع وشراء العملة.. اسم (بورز) بالفرنسية أي سوق الأوراق المالية، في اللغة العربية أو (البورصة).
يعتبر المؤرخون عام 1339م بمثابة العام الذي وُلد فيه مفهوم البورصة نسبة إلى اسم عائلة الشخص السابق الذكر الذي كان يستقبل رجال الأعمال وخاصةً ممثلي رجال المصارف الإيطالية، الذين كانت تنحصر وظيفتهم في تلك الفترة بقبول الإيداعات ومنح القروض.
ومن أجل تسهيل عمليات الاتصال بين البائع والشاري، ازداد عدد الوسطاء بشكل كبير، وتحددت أسعار العملات وفقاً لغزارتها أو ندرتها (وفقاً لعرضها وطلبها)، وكذلك وفقاً للتغيرات الحاصلة أو الطارئة على العملات المحلية والأجنبية.
وبعد أن بدأ يضمحل الدور الهام الذي لعبته مدينة بروج ومرفأها في مجال التبادلات التجارية والمالية مع نهاية القرن الرابع عشر انتقل هذا الدور العظيم لمدينة أخرى تقع في شمال بلجيكا أيضاً هي (آنفرس) (بالفرنسية)؛ ويعتبر مؤرخو علم الاقتصاد (آنفرس) بأنها أول سوق نقدية في أوربا بكل ما في الكلمة من معنى، كما ينسب هؤلاء المؤرخون ظهور موضوع أو فكرة الحسم لتجار تلك المدينة، ومما زاد في أهميتها اعتبارها من قبل البرتغاليين بمثابة المركز الرئيس لكافة أنواع التجارة الدولية، وخاصة تجارة التوابل بين شرق العالم وغربه.
وفي عام 1595م ظهرت بورصة (ليون) الفرنسية الأقدم والأكثر أهمية لمدة طويلة في فرنسا؛ إذ إن بورصة باريس لم تحظ بالأهمية القصوى إلا بدءاً من عام 1639م عندما ظهر إلى الوجود عملاء الصرف الذين تخصصوا في موضوع حسم الكمبيالات التجارية، وتأكد هذا النجاح بعد مائة عام تقريباً (1774م) عند إصدار التنظيم الملكي لبورصة باريس.
أما بورصة لندن فلقد وُجدت منذ بداية القرن السابع عشر، حيث ارتبطت عضوياً مع الظهور المبكر للرأسمالية البريطانية، أما فيما يتعلق بالبورصات الأوروبية الأخرى وكذلك بورصة (وول ستريت) الأمريكية، فلم تظهر إلا في نهاية القرن السابع عشر وبداية القرن الثامن عشر.. ولمدة طويلة، بقيت بورصة باريس في المركز الثاني عالمياً بعد بورصة لندن.
بعد قيام الثورة الفرنسية عام 1789م والانقلابات الجذرية على أغلب الأصعدة، أدّى اقتصاد الحرب لخلق حالة من التضخم القوي وانهيار العملة الوطنية وبالتالي أغلقت البورصة ولم تتمكن السلطات الحكومية من تسديد ديونها العامة إلا جزئياً وبعملة منخفضة القيمة إلى حدٍّ كبير.
ولقد ساعد مثل هذا الأمر كل من الطبقة الأرستقراطية والبرجوازية التقليدية على زيادة حذرهم من موضوع الادخار، وزاد من رغبتهم لتركيز أموالهم وثرواتهم في المجال العقاري، وفي الوقت ذاته تمكنت الطبقة البورجوازية الصناعية والتجارية من خلق ثرواتها عن طريق المضاربة وبيع الممتلكات والتجهيزات وتمويل صفقات الأسلحة، وأهم من كل ذلك استغلالها للبلدان المستعمرة.
في الحقيقة أنه بحلول العام 1830م استثمرت رؤوس أموال هامة في شراء الأسهم.. ويُعتبر المثال الأهم شراء أسهم الشركات الضخمة المتخصصة في بناء خطوط السكك الحديدية، التي تجمع بين التمويل الكبير والفوائد الصناعية الضخمة والادخار الخاص وكذلك رؤوس الأموال الأجنبية (الإنكليزية خاصة).
وبحسب (لابروس) ارتفعت القيمة الإجمالية للمحفظة الفرنسية في البورصة – المقدّرة بـ 4 مليارات فرنك عام 1850م أي أقل من 6% من إجمالي ثروة القطاع العائلي الفرنسي -إلى 35 مليار فرنك في عام 1880م، أي ما يقارب 22% من ثروة القطاع الفرنسي المذكور.
في النصف الثاني من القرن التاسع عشر أدّى الازدهار المتحقق في قطاع البناء (في باريس خاصة) وظهور الشركات المتخصصة بهذا القطاع، وكذلك التطور الكبير في الخدمات العامة (شركات القطاع العام) وكذلك ظهور أعداد كبيرة ومتزايدة من المصارف، كلّ ذلك أدّى لتوسع كبير في البورصة.
ومع بداية القرن العشرين، أمكننا ملاحظة زيادة الوزن النسبي للشركات الصناعية المسّجلة في البورصة مقارنة مع الأنواع الأخرى من الشركات، ليس فقط في باريس وإنما في كافة البورصات الدولية أيضاً. ففي الحقيقة ساعدت غزارة الادخار المتحقق في القطاع العائلي في بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة واليابان إلى انطلاقة قوية في موضوع الإصدارات الأجنبية الجديدة وبالطبع عادت وانخفضت هذه الأخيرة في فترة ما بين الحربين العالميتين، لتظهر بقوة فائقة منذ بداية عقد الخمسينيات.
وأخيراً؛ ومع نهاية عقد الثمانينات يمكننا أن نلاحظ بأن ترتيب البورصات الدولية قد تغير لصالح الولايات المتحدة واليابان من حيث حجم رؤوس الأموال المتداولة فيها، وتعود المرتبة الأولى من فترة لأخرى بالتناوب إما لبورصة نيويورك أو لبورصة طوكيو تاركة وراءها البورصات الأوربية لندن – فراكفورت – باريس.. الخ.
آلية عمل البورصة:
على كل من يرغب باستثمار أمواله في البورصة أن يقوم بإحدى العمليتين التاليتين:
* إما أن يفتح - مباشرة - حساباً في إحدى الشركات المسجّلة في البورصة؛ وهذا يتطلّب فقط تقديم ما يُثبت حالته المدنية (الهوية الشخصية) وتوقيعه وتقديم أو دفع المبالغ الضرورية.
* أو أن يمرّ إلى البورصة عن طريق المصرف الذي يتعامل معه. وذلك بفتح حساب ملحق بحسابه العادي، وبطبيعة الحال سيستخدم هذا المصرف - بشكل إلزامي- خدمات إحدى الشركات المسجّلة في البورصة.
في الواقع يتم نقل الأوامر من وإلى البورصة بكل بساطة وسهولة إذا كان بهدف شراء الأسهم والسندات أو بهدف بيعها بسعر معين أو (بأفضل سعر) أو (بسعر السوق) منذ تعميم التسجيل المستمر للأسعار عن طريق الكومبيوتر (الحاسوب)، وعن طريق الهاتف قبل أو أثناء العمل (الدوام) في البورصة، وهذا لا يتطلب إلاّ تأكيداً مكتوباً مؤرخاً وموقعاً من قبل الشخص المعني (الزبون). وفي الحقيقة تتطلب هذه الآلية القديمة المستخدمة منذ عدة قرون – على الرغم من بساطتها - توفر هيكل أو بنية تحتية متينة وقوية
بُنية السوق المالية:
تعمل السوق المالية تحت رقابة جهات رسمية مالية حكومية وتقوم هذه الأخيرة عادة بمنح موافقتها على الإصدارات الخاصة بالأسهم والسندات (في الحقيقة يملك حامل السهم جزءاً من الشركة ويخضع - بالطبع - إلى خطر الخسارة وكذلك إلى إمكانية الربح، أما حامل السند فعلى العكس، يقدم الأموال للشركة وله الحق في الحصول على فائدة معينة محددة في العقد الكامل فترة السند، وكذلك استرداد كامل المبلغ في نهاية الفترة).
وتنظم الجداول الزمنية لها وتنشر المعلومات في نشرة خاصة بالإعلانات الرسمية، كما تراقب السلطات المعنية بهذه السوق مجلس بورصات القيم، وتنتقي الأعضاء الرئيسيين للجنة العمليات في البورصة.
1- آليات إصدار الأسهم: يتم عرض وتقديم أسهم الشركات المسجّلة في البورصة الرسمية لعامة الناس، إما في لحظة دخولها إلى البورصة أو بمناسبة زيادة رأس مال الشركة.
ويحصل تسجيل أسهم الشركات في السجلات الرسمية -عادة - بناءً على طلب الشركة المعنية وبعد موافقة الإدارة المختصة بهذه الشؤون في البورصة، التي تمنح تأشيرة الدخول للملف المعدّ من قبل الشركة، والذي يتضمن عقد وثبوتيات التأسيس وتركيبة مجلس الإدارة وقائمة بأسماء المساهمين ووصف أنشطة وفعاليات الشركة وكذلك المعلومات الضرورية عن الفروع التابعة لها وحساباتها المصرفية والمالية، وأخيراً مبررات سعر البدء أو الدخول.
تُقّدم الإدارة المسؤولة عن رفض أو قبول طلب الشركة عدداً من الشروط، منها على سبيل المثال لا الحصر: (على الشركة المتقدمة بطلبها أن تكون قد حققت أرباحاً خلال السنوات (أو المواسم) الثلاث الفائتة، وأن تقدم عرضاً لوضعها المالي بدقة، وأن تضع لعامة الناس 25% من الأسهم على الأقل).
يبدو - في العادة - أن السعر الأولي بشكل عام هو أكبر من سعر العرض، وذلك بسبب الإعجاب الكبير للمستثمرين الأوليين لمثل هذه الشركة الجديدة.. ولكن يشهد العديد منها فيما بعد تطورات وتحولات في أسعار أسهمها نحو الانخفاض (والأمثلة كثيرة ومتعددة في البورصات العالمية كافة) إذ غالباً ما يكون التقدير الأولي متفائلاً بشكل مبالغ به وبالتالي يحصل الانخفاض.. الخ .
ويوجد عادة إلى جانب السوق الرسمية في المناطق الأخرى غير العاصمة سوق أخرى (خارج التسجيل الرسمي)، تمكن الشركات الأخرى من رؤية وتحديد أسعار أسهمها دون أن تحقق الشروط المفروضة من إدارة البورصة الرسمية. وفي الواقع عرفت هذه السوق الثانية (غير الرسمية) في كثير من البلدان نجاحاً كبيراً منذ بداية الثمانينات - خاصة للشركات الكبيرة والمتوسطة الحجم - عندما كان يرغب عدد قليل من المساهمين ببيع أسهمهم، أو عندما كانت ترغب الشركة بفتح فرع جديد إضافي.
وتتطلب عملية رفع أو زيادة رأس مال شركة ما مسجّلة في البورصة رسمياً موافقة الإدارة المعنية بهذا الموضوع، التي تعطي موافقتها على الملف الذي يتضمن تفاصيل وهدف العملية. وتشير الشركة المعنية بالأمر إلى المبلغ المطلوب تحصيله من الناس وإلى عدد الأسهم الجديدة المطروحة، وبالنتيجة تشير أيضاً إلى سعر الإصدار للسهم، ويتحدّد هذا الأخير عادة بأقل من السعر الجاري في البورصة بهدف جذب المكتتبين، إلاّ أنه لا يمكن أن يكون أدنى من القيمة الاسمية للسهم.
وفي الحقيقة، يتمتع حاملو الأسهم القديمة بميزة الأحقية في الاكتتاب على الأسهم الجديدة، ويتوجب على المكتتبين الجدد شراء هذه الحقوق ليتمكنوا من المساهمة في الإصدار. وفي البلدان (الانغلوساكسونية) يمكن أن يتم الاكتتاب على جزء من الكم المطروح، وحتى يمكن إلغاء العملية بالكامل، فيما لو لم يتوفر مكتتبون لهذه الأسهم، أما في فرنسا، فالنظام أكثر قسوة أو شدّة بسبب الدور الهام الذي تلعبه المصارف في مثل هذا الموضوع؛ إذ تقوم تلك الأخيرة بفلترة (دراسة وتمحيص المشاريع المتقدمة لهذه الزيادة في رأس مالها) وبعد ذلك تقوم بدعم وتأييد تلك التي تعتقد بنجاحها شبه المؤكد.
وفي أغلب الأحيان، تضمن المصارف نجاح العملية وتحفظ في محفظتها الاستثمارية بالأسهم التي لم يُكتتب عليها، مما يبرر- من وجهة نظرها- العمولة المرتفعة التي تطلبها، والتي تتراوح بين 2% و5% من رؤوس الأموال المكتتب عليها بحسب الحالة، فعلى سبيل المثال: حصلت المصارف الفرنسية على عمولة بلغت 20 مليون فرنك فرنسي عام 1986م نتيجة زيادة رأس مال شركة (فاليو) بمبلغ 700 مليون فرنك مكتتب عليها، بدلاً من أن يذهب هذا المبلغ لخدمة الحاجات المالية للشركة.
من جهة أخرى، صدرت قوانين متعددة في أغلب دول العالم تفيد بتقديم تسهيلات وإعفاءات ضريبية للشركات التي ترغب بزيادة رأس مالها كقانون (جاك دولر) الصادر عام 1982م. في الواقع منحت مثل هذه القوانين الشركات المعنية من إمكانية التنزيل من أرباحها الخاضعة للضريبة، الفوائد الذاهبة لحاملي الأسهم الجديدة، إلا انه اعتباراً من عام 1986م تطورت عملية الإصدارات الدولية للأسهم، بحيث بدأ يتم جزء من التوظيف (أو بالكامل) خارج البلد الأصلي للإصدار، وهناك العديد من الأمثلة نذكر منها الشركات التالية: (لافارج - رون بولانك - تومسون - لوريال - بيجو - ميشلان..) الخ. إذ إنها (أي هذه الشركات) استخدمت الوسطاء الانغلوساكسونيين والسويسريين والألمان واليابانيين.
2- آليات إصدار السندات: يتم - في العادة - توظيف الأموال في شراء السندات عن طريق دعوة الادخار الخاص لشراء ما نسبته20% على الأغلب، والمؤسسات أو الشركات الكبرى لباقي النسبة، أي حوالي 80% .. وعلى الأغلب، تقوم مؤسسات التأمين وصناديق التقاعد والإيداعات بتوظيف أموالها في شراء مثل هذه السندات. وفي الحقيقة يُعتبر موضوع تقدير سعر السند بشكل يومي، وحتى بيعه وشراؤه، عبارة عن ميزة كبيرة للمدخر الفردي وكذلك للمؤسسة أو للشركة التي بحاجة كبيرة لمعرفة وضعها المالي بشكل يومي، وأما فيما يتعلق بتوظيف أو باستثمار الأموال في الخارج (أي في البورصات الدولية) فلفرنسا تجربة خاصة بها منذ عام 1985م عندما أصدرت قانوناً تحصر فيه مثل هذه العمليات بنقابة أو تجمع المصارف التي تقوم بمثل هذه التوظيفات وتحاول ضمان نهاية ونجاح مثل هذه التوظيفات.
الجهة المصدرة للسند:
* الدولة * منشآت القطاع العام * المصارف * المنشآت الخاصة * تجمعات أخرى..
--------------------------
المقـــدمـــة:
تُعتبر البورصة بمثابة مقياس لدرجة حرارة الاقتصاد؛ فلقد أثبتت التجارة أن حالة سوق البورصة تشير بشكل عام إلى التطور والى حالة قطاع الإنتاج في الاقتصاد المعني.
ومن الآن فصاعداً تسمح سرعة وسائل الاتصال العصرية للمستثمرين بأن يتخذوا قراراتهم فور حصول أي تغيير في حالة العرض والطلب على المستوى العالمي.
في الحقيقة؛ لقد بات من غير الممكن التفكير بموضوع التنمية الصناعية خاصةً، والاقتصادية عامة، دون وجود شركات مساهمة ونظام خاص بالبورصة، إذ إن المرور عن طريق هذه الأخيرة (البورصة) بات أمراً ضرورياً لا يمكن تفاديه للعديد من المنشآت والشركات لجمع رؤوس الأموال اللازمة للاستثمار المطلوب، أو لتوسيع عملية استثمارية قائمة أصلاً.
إلا أنه من جهة أخرى، تتضمن العمليات والصفقات المعقودة في البورصة هامشاً من المخاطرة لا يستهان به. فعلى سبيل المثال تُعتبر أسهم الشركات العامة والحكومية بأنها – غالباً – مقدّرة بأقل من قيمتها الحقيقية، ولهذا تشكل (فريسة) جيدة لما يُدعى بـ(صيادي الشركات والفرص الجيدة) خصوصاً في الولايات المتحدة الأمريكية، أو للمنافسين الراغبين في ابتلاعها.
وفي الواقع، يمكن أن تحقق عملية شراء الأسهم من قبل المضارب أو من قبل الفرد العادي الراغب بالدخول إلى البورصة أرباحاً جيدة، كما يمكن أن تحقق خسارة كبيرة، إذ إن البورصة تتأثر بالذبذبات والتموّجات الحاصلة في الأحوال والأوضاع الاقتصادية وكذلك بالآثار المترتبة عن عمليات المضاربة، وبالأحداث السياسية إضافة للعوامل النفسية المرتبطة بحالة المستثمر ذاته.
منذ بداية عام 1980م يمكننا القول بأن تركيبة الثروة المالية للقطاع العائلي في أوربا قد تغيرت بشكل عميق جداً، إذ تراجعت الأهمية النسبية للسيولة النقدية - على سبيل المثال- من 60% عام 1980م إلى40% عام 1989م، ولا تزال في تراجع بطيء لكنه مستمر في فرنسا مثلاً. كما تراجع موضوع الاحتفاظ بالأوراق النقدية والإيداعات قصيرة الأجل من17% إلى 11,5% للفترة ذاتها، ودفاتر الادخار إلى 7% بعد أن كانت تُمثل 23% في عام 1980م. وبهدف تفعيل البورصة قامت أغلب البلدان الأوربية ومن قبلها الولايات المتحدة الأمريكية واليابان بعملية توجيه ودفع الادخار باتجاه السوق المالية وذلك بتبني سياسات تخفيض ضريبي انتقائي، ولهذا السبب ارتفعت الأهمية النسبية للقيم المنقولة (الأسهم والسندات) بشكل مستمر في المحافظ الاستثمارية لأفراد القطاع العائلي في أوربا مثلاً.
وفي الحقيقة لا يمكننا أن نتجاهل الدور الكبير والمتزايد الذي تلعبه المصارف وشركات التأمين في السوق المالية، فمن المعروف أن مصارف التسليف تلعب دوراً رئيسياً في تطوير الاقتصاد، إذ توجّه الأموال المدخرة المودعة لديها باتجاه الإقراض والتسليف لمن يرغب في تحقيق الاستثمارات الحقيقية في البلاد.
وتتدخل المصارف - أكثر فأكثر - في القطاعات المالية الأخرى، عن طريق تطوير أنظمة التأمين بمختلف أنواعها أو عمليات الادخار الموجهة للحصول على العقارات مثلاً، وفي الواقع إن تعدد وتداخل وتشابك الوظائف المصرفية ودورها المتزايد في الاقتصاد الوطني ومساهماتها الكبيرة في الأسواق المالية، ستقود إلى عمليات اندماج وابتلاع وشراء وغزو فيما بينها، كي تتمكن من مواجهة المتطلبات المتزايدة لزبائنها حالياً.
ومن جهة أخرى تتنافس يومياً كلٌّ من بورصة نيويورك وبورصة طوكيو على احتلال الركن الأوّل في العالم من وجهة نظر حجم الرساميل والصفقات المبرمة فيهما منذ نهاية عقد السبعينات، إلاّ أنه ومنذ بداية عقد التسعينات (وبالتحديد منذ حرب الخليج الثانية 1990-1991م) تراجعت بورصة طوكيو إلى المركز الثاني بعد بورصة نيويورك وذلك بسبب انخفاض القيمة السلعية للمنشآت اليابانية، الذي يعود لأسباب متعددة جداً، نذكر منها: انهيار أربعة من أهم وأكبر بيوت الوساطة المالية في اليابان، وتبني سياسة قصيرة أو (تقشفية) لمنح القروض والعمليات التسليفية من قبل المصرف المركزي الياباني، وحصول العديد من الفضائح المالية بين رجال السياسة ورجال المال في قلب بورصة طوكيو، وانهيار الأسعار في سوق العقارات وأخيراً تراجع النشاط الصناعي وتباطؤ الاستثمار.
وتأتي بورصة لندن دائماً بالمرتبة الثالثة عالمياً والأولى أوروبياً منذ أكثر من عشرين عاماً خلت، مخلّفة وراءها فرانكفورت وباريس وميلانو.. الخ.
وهذا دون أن ننسى الأهمية المتزايدة لبورصات بلدان جنوب شرق آسيا على الرغم من الكوارث المالية التي حصلت فيها بدءاً من النصف الثاني من عقد التسعينات. وأخيراً لا بدّ من الإشارة أيضاً إلى الانتشار المتزايد لمثل هذه الأسواق المالية في بلدان العالم النامي، نظراً لأهميتها القصوى في تمويل جزء كبير من عملية التنمية الاقتصادية فيها.
تاريخية البورصة:
لا بدّ في البداية من الرجوع إلى فكرة تعددية النقد التي أدت إلى ولادة مهنة جديدة هي الصرافة؛ فلقد كلّف حكام اليونان القديمة الصرافين في عام 527 قبل الميلاد بتبديل عملات الزائرين للمدن التي يوجدون فيها، وانتشرت هذه المهنة وتطوّرت بشكل سريع طوال الفترة الهيلينية في اليونان وبعد ذلك في الإمبراطورية الرومانية.
وفي السنوات الأولى بعد الميلاد، دخلت تلك المهنة مرحلة سكون، لا بل غياب كامل - باستثناء المنطقة العربية- دام 550 عاماً، حيث عادت وظهرت في شمال إيطاليا، عندما قرّر المشرعون الرومانيون في حينه وضع عدد كبير من القوانين والتشريعات المتعلقة بعمليات الإيداع وتبادل النقود، بعد ذلك احتلت الجمهوريات الإيطالية كـ(جنوة) و(فينيسيا) و(فلورنسا) بفضل تجارتها مع الشرق مركزاً مرموقاً على صعيد الاقتصاد الدولي، وبدأت رؤوس الأموال تصل إليها بكثافة بالغة، مما استدعى إعادة ظهور مهنة الصرافة، ولُقب الأشخاص العاملون في تلك المهنة ما يعني بالإيطالية (المصرفيون) بعد ذلك احتلت مدينة (بروج) البلجيكية في بداية القرن الرابع عشر المركز الأول فيما يتعلق بالسوق النقدية؛ فلقد جرت العادة في تلك الفترة أن تجتمع العائلات الست الأكبر العاملة في مجال (الصرافة) في منزل الرئيس من أجل دراسة عمليات بيع وشراء السلع، ومن ثم كتابة بوالص التأمين، إضافة إلى كل ما يمتّ بصلة لعمليات بيع وشراء النقود.
أما الرئيس الذي كان يستقبل تلك العائلات في منزله، فكان يُدعى (فاندر بورز) ومنه أتى اسم المكان الذي يتم فيه تبادل البضائع والخدمات بالإضافة لعمليات بيع وشراء العملة.. اسم (بورز) بالفرنسية أي سوق الأوراق المالية، في اللغة العربية أو (البورصة).
يعتبر المؤرخون عام 1339م بمثابة العام الذي وُلد فيه مفهوم البورصة نسبة إلى اسم عائلة الشخص السابق الذكر الذي كان يستقبل رجال الأعمال وخاصةً ممثلي رجال المصارف الإيطالية، الذين كانت تنحصر وظيفتهم في تلك الفترة بقبول الإيداعات ومنح القروض.
ومن أجل تسهيل عمليات الاتصال بين البائع والشاري، ازداد عدد الوسطاء بشكل كبير، وتحددت أسعار العملات وفقاً لغزارتها أو ندرتها (وفقاً لعرضها وطلبها)، وكذلك وفقاً للتغيرات الحاصلة أو الطارئة على العملات المحلية والأجنبية.
وبعد أن بدأ يضمحل الدور الهام الذي لعبته مدينة بروج ومرفأها في مجال التبادلات التجارية والمالية مع نهاية القرن الرابع عشر انتقل هذا الدور العظيم لمدينة أخرى تقع في شمال بلجيكا أيضاً هي (آنفرس) (بالفرنسية)؛ ويعتبر مؤرخو علم الاقتصاد (آنفرس) بأنها أول سوق نقدية في أوربا بكل ما في الكلمة من معنى، كما ينسب هؤلاء المؤرخون ظهور موضوع أو فكرة الحسم لتجار تلك المدينة، ومما زاد في أهميتها اعتبارها من قبل البرتغاليين بمثابة المركز الرئيس لكافة أنواع التجارة الدولية، وخاصة تجارة التوابل بين شرق العالم وغربه.
وفي عام 1595م ظهرت بورصة (ليون) الفرنسية الأقدم والأكثر أهمية لمدة طويلة في فرنسا؛ إذ إن بورصة باريس لم تحظ بالأهمية القصوى إلا بدءاً من عام 1639م عندما ظهر إلى الوجود عملاء الصرف الذين تخصصوا في موضوع حسم الكمبيالات التجارية، وتأكد هذا النجاح بعد مائة عام تقريباً (1774م) عند إصدار التنظيم الملكي لبورصة باريس.
أما بورصة لندن فلقد وُجدت منذ بداية القرن السابع عشر، حيث ارتبطت عضوياً مع الظهور المبكر للرأسمالية البريطانية، أما فيما يتعلق بالبورصات الأوروبية الأخرى وكذلك بورصة (وول ستريت) الأمريكية، فلم تظهر إلا في نهاية القرن السابع عشر وبداية القرن الثامن عشر.. ولمدة طويلة، بقيت بورصة باريس في المركز الثاني عالمياً بعد بورصة لندن.
بعد قيام الثورة الفرنسية عام 1789م والانقلابات الجذرية على أغلب الأصعدة، أدّى اقتصاد الحرب لخلق حالة من التضخم القوي وانهيار العملة الوطنية وبالتالي أغلقت البورصة ولم تتمكن السلطات الحكومية من تسديد ديونها العامة إلا جزئياً وبعملة منخفضة القيمة إلى حدٍّ كبير.
ولقد ساعد مثل هذا الأمر كل من الطبقة الأرستقراطية والبرجوازية التقليدية على زيادة حذرهم من موضوع الادخار، وزاد من رغبتهم لتركيز أموالهم وثرواتهم في المجال العقاري، وفي الوقت ذاته تمكنت الطبقة البورجوازية الصناعية والتجارية من خلق ثرواتها عن طريق المضاربة وبيع الممتلكات والتجهيزات وتمويل صفقات الأسلحة، وأهم من كل ذلك استغلالها للبلدان المستعمرة.
في الحقيقة أنه بحلول العام 1830م استثمرت رؤوس أموال هامة في شراء الأسهم.. ويُعتبر المثال الأهم شراء أسهم الشركات الضخمة المتخصصة في بناء خطوط السكك الحديدية، التي تجمع بين التمويل الكبير والفوائد الصناعية الضخمة والادخار الخاص وكذلك رؤوس الأموال الأجنبية (الإنكليزية خاصة).
وبحسب (لابروس) ارتفعت القيمة الإجمالية للمحفظة الفرنسية في البورصة – المقدّرة بـ 4 مليارات فرنك عام 1850م أي أقل من 6% من إجمالي ثروة القطاع العائلي الفرنسي -إلى 35 مليار فرنك في عام 1880م، أي ما يقارب 22% من ثروة القطاع الفرنسي المذكور.
في النصف الثاني من القرن التاسع عشر أدّى الازدهار المتحقق في قطاع البناء (في باريس خاصة) وظهور الشركات المتخصصة بهذا القطاع، وكذلك التطور الكبير في الخدمات العامة (شركات القطاع العام) وكذلك ظهور أعداد كبيرة ومتزايدة من المصارف، كلّ ذلك أدّى لتوسع كبير في البورصة.
ومع بداية القرن العشرين، أمكننا ملاحظة زيادة الوزن النسبي للشركات الصناعية المسّجلة في البورصة مقارنة مع الأنواع الأخرى من الشركات، ليس فقط في باريس وإنما في كافة البورصات الدولية أيضاً. ففي الحقيقة ساعدت غزارة الادخار المتحقق في القطاع العائلي في بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة واليابان إلى انطلاقة قوية في موضوع الإصدارات الأجنبية الجديدة وبالطبع عادت وانخفضت هذه الأخيرة في فترة ما بين الحربين العالميتين، لتظهر بقوة فائقة منذ بداية عقد الخمسينيات.
وأخيراً؛ ومع نهاية عقد الثمانينات يمكننا أن نلاحظ بأن ترتيب البورصات الدولية قد تغير لصالح الولايات المتحدة واليابان من حيث حجم رؤوس الأموال المتداولة فيها، وتعود المرتبة الأولى من فترة لأخرى بالتناوب إما لبورصة نيويورك أو لبورصة طوكيو تاركة وراءها البورصات الأوربية لندن – فراكفورت – باريس.. الخ.
آلية عمل البورصة:
على كل من يرغب باستثمار أمواله في البورصة أن يقوم بإحدى العمليتين التاليتين:
* إما أن يفتح - مباشرة - حساباً في إحدى الشركات المسجّلة في البورصة؛ وهذا يتطلّب فقط تقديم ما يُثبت حالته المدنية (الهوية الشخصية) وتوقيعه وتقديم أو دفع المبالغ الضرورية.
* أو أن يمرّ إلى البورصة عن طريق المصرف الذي يتعامل معه. وذلك بفتح حساب ملحق بحسابه العادي، وبطبيعة الحال سيستخدم هذا المصرف - بشكل إلزامي- خدمات إحدى الشركات المسجّلة في البورصة.
في الواقع يتم نقل الأوامر من وإلى البورصة بكل بساطة وسهولة إذا كان بهدف شراء الأسهم والسندات أو بهدف بيعها بسعر معين أو (بأفضل سعر) أو (بسعر السوق) منذ تعميم التسجيل المستمر للأسعار عن طريق الكومبيوتر (الحاسوب)، وعن طريق الهاتف قبل أو أثناء العمل (الدوام) في البورصة، وهذا لا يتطلب إلاّ تأكيداً مكتوباً مؤرخاً وموقعاً من قبل الشخص المعني (الزبون). وفي الحقيقة تتطلب هذه الآلية القديمة المستخدمة منذ عدة قرون – على الرغم من بساطتها - توفر هيكل أو بنية تحتية متينة وقوية
بُنية السوق المالية:
تعمل السوق المالية تحت رقابة جهات رسمية مالية حكومية وتقوم هذه الأخيرة عادة بمنح موافقتها على الإصدارات الخاصة بالأسهم والسندات (في الحقيقة يملك حامل السهم جزءاً من الشركة ويخضع - بالطبع - إلى خطر الخسارة وكذلك إلى إمكانية الربح، أما حامل السند فعلى العكس، يقدم الأموال للشركة وله الحق في الحصول على فائدة معينة محددة في العقد الكامل فترة السند، وكذلك استرداد كامل المبلغ في نهاية الفترة).
وتنظم الجداول الزمنية لها وتنشر المعلومات في نشرة خاصة بالإعلانات الرسمية، كما تراقب السلطات المعنية بهذه السوق مجلس بورصات القيم، وتنتقي الأعضاء الرئيسيين للجنة العمليات في البورصة.
1- آليات إصدار الأسهم: يتم عرض وتقديم أسهم الشركات المسجّلة في البورصة الرسمية لعامة الناس، إما في لحظة دخولها إلى البورصة أو بمناسبة زيادة رأس مال الشركة.
ويحصل تسجيل أسهم الشركات في السجلات الرسمية -عادة - بناءً على طلب الشركة المعنية وبعد موافقة الإدارة المختصة بهذه الشؤون في البورصة، التي تمنح تأشيرة الدخول للملف المعدّ من قبل الشركة، والذي يتضمن عقد وثبوتيات التأسيس وتركيبة مجلس الإدارة وقائمة بأسماء المساهمين ووصف أنشطة وفعاليات الشركة وكذلك المعلومات الضرورية عن الفروع التابعة لها وحساباتها المصرفية والمالية، وأخيراً مبررات سعر البدء أو الدخول.
تُقّدم الإدارة المسؤولة عن رفض أو قبول طلب الشركة عدداً من الشروط، منها على سبيل المثال لا الحصر: (على الشركة المتقدمة بطلبها أن تكون قد حققت أرباحاً خلال السنوات (أو المواسم) الثلاث الفائتة، وأن تقدم عرضاً لوضعها المالي بدقة، وأن تضع لعامة الناس 25% من الأسهم على الأقل).
يبدو - في العادة - أن السعر الأولي بشكل عام هو أكبر من سعر العرض، وذلك بسبب الإعجاب الكبير للمستثمرين الأوليين لمثل هذه الشركة الجديدة.. ولكن يشهد العديد منها فيما بعد تطورات وتحولات في أسعار أسهمها نحو الانخفاض (والأمثلة كثيرة ومتعددة في البورصات العالمية كافة) إذ غالباً ما يكون التقدير الأولي متفائلاً بشكل مبالغ به وبالتالي يحصل الانخفاض.. الخ .
ويوجد عادة إلى جانب السوق الرسمية في المناطق الأخرى غير العاصمة سوق أخرى (خارج التسجيل الرسمي)، تمكن الشركات الأخرى من رؤية وتحديد أسعار أسهمها دون أن تحقق الشروط المفروضة من إدارة البورصة الرسمية. وفي الواقع عرفت هذه السوق الثانية (غير الرسمية) في كثير من البلدان نجاحاً كبيراً منذ بداية الثمانينات - خاصة للشركات الكبيرة والمتوسطة الحجم - عندما كان يرغب عدد قليل من المساهمين ببيع أسهمهم، أو عندما كانت ترغب الشركة بفتح فرع جديد إضافي.
وتتطلب عملية رفع أو زيادة رأس مال شركة ما مسجّلة في البورصة رسمياً موافقة الإدارة المعنية بهذا الموضوع، التي تعطي موافقتها على الملف الذي يتضمن تفاصيل وهدف العملية. وتشير الشركة المعنية بالأمر إلى المبلغ المطلوب تحصيله من الناس وإلى عدد الأسهم الجديدة المطروحة، وبالنتيجة تشير أيضاً إلى سعر الإصدار للسهم، ويتحدّد هذا الأخير عادة بأقل من السعر الجاري في البورصة بهدف جذب المكتتبين، إلاّ أنه لا يمكن أن يكون أدنى من القيمة الاسمية للسهم.
وفي الحقيقة، يتمتع حاملو الأسهم القديمة بميزة الأحقية في الاكتتاب على الأسهم الجديدة، ويتوجب على المكتتبين الجدد شراء هذه الحقوق ليتمكنوا من المساهمة في الإصدار. وفي البلدان (الانغلوساكسونية) يمكن أن يتم الاكتتاب على جزء من الكم المطروح، وحتى يمكن إلغاء العملية بالكامل، فيما لو لم يتوفر مكتتبون لهذه الأسهم، أما في فرنسا، فالنظام أكثر قسوة أو شدّة بسبب الدور الهام الذي تلعبه المصارف في مثل هذا الموضوع؛ إذ تقوم تلك الأخيرة بفلترة (دراسة وتمحيص المشاريع المتقدمة لهذه الزيادة في رأس مالها) وبعد ذلك تقوم بدعم وتأييد تلك التي تعتقد بنجاحها شبه المؤكد.
وفي أغلب الأحيان، تضمن المصارف نجاح العملية وتحفظ في محفظتها الاستثمارية بالأسهم التي لم يُكتتب عليها، مما يبرر- من وجهة نظرها- العمولة المرتفعة التي تطلبها، والتي تتراوح بين 2% و5% من رؤوس الأموال المكتتب عليها بحسب الحالة، فعلى سبيل المثال: حصلت المصارف الفرنسية على عمولة بلغت 20 مليون فرنك فرنسي عام 1986م نتيجة زيادة رأس مال شركة (فاليو) بمبلغ 700 مليون فرنك مكتتب عليها، بدلاً من أن يذهب هذا المبلغ لخدمة الحاجات المالية للشركة.
من جهة أخرى، صدرت قوانين متعددة في أغلب دول العالم تفيد بتقديم تسهيلات وإعفاءات ضريبية للشركات التي ترغب بزيادة رأس مالها كقانون (جاك دولر) الصادر عام 1982م. في الواقع منحت مثل هذه القوانين الشركات المعنية من إمكانية التنزيل من أرباحها الخاضعة للضريبة، الفوائد الذاهبة لحاملي الأسهم الجديدة، إلا انه اعتباراً من عام 1986م تطورت عملية الإصدارات الدولية للأسهم، بحيث بدأ يتم جزء من التوظيف (أو بالكامل) خارج البلد الأصلي للإصدار، وهناك العديد من الأمثلة نذكر منها الشركات التالية: (لافارج - رون بولانك - تومسون - لوريال - بيجو - ميشلان..) الخ. إذ إنها (أي هذه الشركات) استخدمت الوسطاء الانغلوساكسونيين والسويسريين والألمان واليابانيين.
2- آليات إصدار السندات: يتم - في العادة - توظيف الأموال في شراء السندات عن طريق دعوة الادخار الخاص لشراء ما نسبته20% على الأغلب، والمؤسسات أو الشركات الكبرى لباقي النسبة، أي حوالي 80% .. وعلى الأغلب، تقوم مؤسسات التأمين وصناديق التقاعد والإيداعات بتوظيف أموالها في شراء مثل هذه السندات. وفي الحقيقة يُعتبر موضوع تقدير سعر السند بشكل يومي، وحتى بيعه وشراؤه، عبارة عن ميزة كبيرة للمدخر الفردي وكذلك للمؤسسة أو للشركة التي بحاجة كبيرة لمعرفة وضعها المالي بشكل يومي، وأما فيما يتعلق بتوظيف أو باستثمار الأموال في الخارج (أي في البورصات الدولية) فلفرنسا تجربة خاصة بها منذ عام 1985م عندما أصدرت قانوناً تحصر فيه مثل هذه العمليات بنقابة أو تجمع المصارف التي تقوم بمثل هذه التوظيفات وتحاول ضمان نهاية ونجاح مثل هذه التوظيفات.
الجهة المصدرة للسند:
* الدولة * منشآت القطاع العام * المصارف * المنشآت الخاصة * تجمعات أخرى..