ينتظر السوريون توزيع دفعة مالية حكومية تعويضا عن رفع الدعم عن المشتقات النفطية، بينما يواجه المشروع انتقادات حادة بسبب الشروط القاسية التي حددتها الحكومة من أجل تقديم مبلغ مالي يتراوح ما بين عشرة و15 ألف ليرة سورية للعائلة التي تحقق تلك الشروط.
وتتضمن الشروط ألا يتجاوز دخل الأسرة 25 ألف ليرة شهريا، وألا تملك سيارة تزيد قوتها على 1600 سي سي، وألا تملك عقارا آخر وألا تملك سجلا تجاريا أو صناعيا أو زراعيا أو سياحيا.
من أزمة إلى أخرى
وانتقد عضو مجلس الشعب المهندس عماد غليون المشروع الحكومي موضحا في تصريح للجزيرة نت أن الحكومة تريد تصحيح التشوهات الاقتصادية الشديدة كما تقول، لكنها تنتقل بخطواتها تلك من أزمة إلى أخرى أسوأ. وتابع أن الشروط التي وضعتها الحكومة لتقديم الدعم تشير بوضوح إلى أنها تريد إلغاء الدعم نهائيا، وتساءل: من يستطيع ضبط صحة المعلومات التي يقدمها الشخص المتقدم للحصول على الدعم، وكم من الوقت والجهد ستتم إضاعته للتأكد من سلامة التعهد الذي سيوقع عليه رب الأسرة السورية بأنه يحقق الشروط وبالتالي يستحق الدعم؟
وكشف البرلماني أن أفكارا عديدة طرحت على الحكومة لجعل سعر لتر المازوت 15 ليرة بدلا من 25 مقابل إلغاء كامل للدعم. وتابع أن أحدا في الحكومة لم يفكر بمثل تلك الفكرة وأفكار كثيرة مشابهة أجدى من الانتقال من مشروع لآخر لمعالجة موضوع رفع الدعم الموجع لمعظم الأسر.
وكانت الحكومة رفعت العام الماضي الدعم عن المازوت ليرتفع سعره من 7.5 ليرات للتر إلى 25 في حين ارتفع سعر لتر البنزين من ثلاثين ليرة إلى أربعين دفعة واحدة. ومنحت الحكومة كل عائلة قسائم بألف لتر بسعر تسع ليرات للتر.
فجوة معيشية
ورأى الأكاديمي الدكتور عيد أبو سكة أن اللجوء لأسلوب الاستبيان لتحديد من يحق له الحصول على الدعم، يحرم أكثر من 40% من الأسر من الدعم المفترض وصوله إلى مستحقيه.
"
يرى أكاديميون أن الأزمة الحقيقية تكمن في خلق توازن بين الرواتب والأجور والأسعار
"
لكن أبو سكة يضيف للجزيرة نت أن أسلوب القسائم أفضل بكثير من إدخال ملايين السوريين في دوامة من الإجراءات البيروقراطية لإثبات أحقيتهم بالدعم.
وقال إن تذرع الحكومة ببيع كثير من السوريين قسائمهم العام الماضي من أجل إلغاء الفكرة غير مقنع، موضحا أنه كان يجب طرح السؤال بشكل آخر: لماذا اضطر هؤلاء لبيع تلك القسائم؟
ويرى أبو سكة أن الأزمة الحقيقية تكمن في خلق توازن بين الرواتب والأجور والأسعار، مشددا على أن من واجب الحكومة التصدي لهذه المشكلة وليس التحول إلى معالجة موضوع نحو أربعة مليارات لتر ازوت سنويا لا تحقق شيئا للخزينة مقارنة بأبواب الفساد والتهرب الضريبي ومشكلة زيادة عدد السكان بمعدل نصف مليون نسمة سنويا.
ويواجه الاقتصاد تحديات كبيرة مع توقعات بتراجع الصادرات من 12.5 مليار دولار عام 2008 إلى 8.26 مليارات عام 2009 بسبب الأزمة المالية، فضلا عن تأثير الجفاف وحاجة البلاد إلى استثمارات هائلة قدرها عبد الله الدردري نائب رئيس الحكومة مؤخرا بـ136 مليار دولار حتى عام 2015 منها 77 مليارا من القطاع الخاص.