أهمية البحث:
تكمن أهمية البحث في أنه يتناول قضية مُهمة تعيشها سوريا منذ عدة سنوات، وهي مسألة الإصلاح الاقتصادي. وما تثيره من جدل ونقاش على مختلف المستويات، وحرص مختلف شرائح المجتمع على فهم أبعاد عملية الإصلاح وآفاقها ونتائجها.
مشكلة البحث:
إن إشكالية البحث تتركز حول الفكرة التالية: وهي كيف يمكن لعملية الإصلاح الاقتصادي أن تحقق غاياتها ؟. وما هي السبل المطروحة من خلالها ؟. والى أي حد تعتبر حلاً ناجعاً للمشكلات الاقتصادية التي تواجهها سوريا ؟.
فرضيات البحث:
لقد قام البحث بافتراض أن هناك:
o إرادة سياسية كاملة لإجراء الإصلاح الاقتصادي في سوريا.
o الإصلاح الاقتصادي مؤثر على مختلف مناحي الحياة.
o هناك وعي حقيقي (رسمي وشعبي) في سوريا لوجود مشكلة في النظام الاقتصادي.
o إمكانيات الإصلاح في حالة إدارة هذا الملف بطريقة سليمة قائمة ومحتملة وقادرة على تحقيق غاياتها.
o في حال تحقيق الإصلاح الاقتصادي في سوريا سيعتبر حلاً ناجعاًً للمشكلات الاقتصادية، لاسيما لجهة إدارة فعالية واستثمار الموارد.
منهج البحث:
اعتمد البحث على المنهج الوصفي التحليلي، من خلال تحليل ظاهرة الإصلاح الاقتصادي في سورية وفق ما تم انجازه خلال السنوات السابقة. كما اعتمد على المنهج الإحصائي وعلى المنهج التاريخي عند تعرضه للبحث في بعض الحالات إلى ذكر مسائل تاريخية.
ضرورة البحث:
إن ما نقصده هنا بضرورة الإصلاح الاقتصادي في سوريا، هو إن الإصلاح الاقتصادي أصبح ضرورة ولم يعد خياراً، وذلك لعدة أسباب:
- إن سيرورة الحياة تفرض دائماً معطيات جديدة لابد من التجاوب معها لإجراء بعض المراجعات للآليات الاقتصادية المتبعة بغية تفادي المخاطر، وتحقيق الأهداف المطلوبة.
- عانت سوريا في السنوات الأخيرة من مشكلات اقتصادية عديدة (تضخم، ركود، بطالة، ضعف القدرة على المنافسة)، وكل ذلك يفرض مراجعة كاملة للسياسة الاقتصادية للدولة. لأن الاستمرار بنفس السياسية السابقة لن يؤدي إلى حل المشكلات الإقتصادية التي نجمت عنها أساساً.
- الضغط السكاني المتزايد ونسبته التي تبلغ 2.4% وهي عالية جداً ولها محاذير، وتفرض النظر إلى إعادة رسم النهج الاقتصادي.
- ظاهرة الفقر التي انتشرت في سوريا ووقوع حوالي ثلث السكان تحت خط الفقر الأعلى.
- التطورات الاقتصادية الدولية وتأثيرها المباشر على سوريا باتجاه الإصلاح الاقتصادي.
ولابد من الإشارة إلى أن الإصلاح الاقتصادي لا يعني الانقلاب على الذات، وإنما الاستجابة للظروف والتطورات الجديدة انطلاقاً من أهمية التعاطي معها بطريقة علمية وبناءة.
المقـدمـــة.
من الطبيعي أن تطرأ بين الحين والأخر مستجدات على صيرورة الحياة في أي دولة. بل إن بعض هذه المستجدات يفرض على القائمين ومتخذي القرار إجراء وقفات للمراجعة والتحليل، وإعادة النظر في برامج وسياسات الدولة بغية تفادي المخاطر، والاستفادة من ايجابيات كل تطور. وفي سوريا التي لا يمكن أن تخرج عن إطار مسيرة الدول، طرأت الكثير من التحديات الداخلية والخارجية التي تفرض إجراء تعديلات في بعض المجالات والبنى لضمان الاستمرار وحسن السير إلى الأمام. و يُعَدُّ الجانب الاقتصادي من أكثر الجوانب تأثرا بالمعطيات والتطورات الجديدة، سواء الداخلية منها أو تلك الخارجية، لاسيما وأنه الأكثر تأثراً بالآثار والتأثيرات المرافقة للتطورات المحيطة به داخل الدولة وخارجها . وهو ما يعني الحاجة إلى الإصلاح الاقتصادي. إلا أن هذا الإصلاح المنشود لا يمكن أن يحقق أهدافه بدون توفر مقدمات وشروط موضوعية، يمكن لنا أن نطلق عليها صفة المقدمات الأساسية. أي تلك التي تمهد و تشكل الأرضية له ولانطلاقته، والتي يأتي في مقدمتها:
- توفر الإرادة السياسية الحامية للإصلاح والراعية لمتطلباته .
- توفر الكادر القادر على وضع برامج الإصلاح المناسبة .
- تكامل عملية الإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي .
إن الشروط السابقة تؤكد لنا أن الإصلاح الاقتصادي لا يمكن أن يتم بطريقة عفوية مجتزأة، بل يجب أن يكون منهجياً ومدروساً، وضمن إطار خطة شمولية وموضوعية له. ولكن هذا لا يعني أنه لا يمكننا الحديث عن الإصلاح الاقتصادي بدون الحديث عن أشكال الإصلاح الأخرى شريطة إدراك البعد التكاملي للعملية الإصلاحية. لقد وضع العديد من الباحثين أفكاراً متوافقة أحياناً، ومتناقضة أحياناً أخرى حول أولويات وطرق الإصلاح الاقتصادي. كما تبنت الحكومة أيضاً طرح بعض برامج الإصلاح الاقتصادي للنقاش العام، بل وللتطبيق في أحيان كثيرة، و بالرغم من تباين تلك الرؤى لسبل الإصلاح الاقتصادي في سوريا، إلا أن القاسم المشترك بينهما هو تأكيدها على أن الوضع القائم ليس مجدياً، ولا بد من منهج اقتصادي جديد.
بعض الإصلاحيين اعتبر أن التوجه نحو الليبرالية خطر يجب تداركه بالبقاء تحت ظل القطاع العام والإشراف المباشر للدولة، والبعض الآخر وجد أن الإصلاح يكمن في الذوبان التام بالاقتصاد العالمي دون تباطؤ، مع التأكيد الكامل على الحرية الاقتصادية وآليات السوق، ومنهم من ذهب إلى التوفيق بين الاتجاهين، فشكل حالة وسطى بين الطرحين السابقين. حيث رأى بأن الإصلاح يمكن أن يكون في ظل تعايش القطاع العام مع القطاع الخاص، وقوانين الحرية الاقتصادية. وبالرغم من أن معظم الطروحات لم تكن كاملة، إلا أنها كانت مفيدة في حال إجراء تقاطعات بينها. ولذلك تم التميز في هذه الدراسة على دوافع و طرق الإصلاح الاقتصادي من خلال مناقشة النقاط التالية:
أولاً : أهم المتغيرات الدافعة باتجاه الإصلاح الاقتصادي.
- تحرير التجارة عبر العالم (GAFTA-WTO).
- الشراكة السورية – الأوروبية.
- التطورات الداخلية.
ثانياً : الأهداف والإصلاحات المطلوبة في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي.
ثالثاً: محاور الإصلاح الاقتصادي.
رابعاً : العلاقة بين الإصلاح الاقتصادي والتنمية البشرية.
خامساً : العلاقة بين الإصلاح الاقتصادي و السياسة.
سادساً : شروط نجاح الإصلاح لاقتصادي.
سابعاً: النتائج والتوصيات.
ثامناً: الخاتمة.
أولاً : أهم التغيرات الدافعة باتجاه الإصلاح الاقتصادي في سوريا.
يمكننا أن نجمل أبرز تلك المتغيرات بما يلي:
تحرير التجارة عبر العالم (GAFTA-WTO) .
إن سوريا تعيش ضمن إطار عالمي يميل إلى فتح الحدود الاقتصادية بين الدول، وإطلاق حرية المنافسة بدون أي عوائق. وهذا الأمر بالتأكيد سيؤدي إلى هيمنة أنماط الإنتاج والتوزيع والاستهلاك التي تناسب الميل العالمي لتحرير التجارة، وهو ما سيضع سوريا أمام تحد كبير قائم على احتمالين:
1 – أن ترفض سوريا الاستجابة لمتطلبات تحرير التجارة عبر العالم، وعندها ستتحول إلى جزيرة معزولة. وبالتالي الوقوع في مأزق الحصار الاقتصادي، وما يترتب على ذلك من نتائج اجتماعية وسياسية واقتصادية سيئة.
2 – أن تقبل سوريا وتندمج في الاقتصاد العالمي. وهذا ما سيضعها أمام مواجهة منتجات من مختلف أنحاء العالم بأسعار منافسة جدا وبنوعية عالية الجودة. الأمر الذي يوجب عليها وضع آليات اقتصادية جديدة للتكيف مع التغيرات المنتظرة.
ولابد لنا من أن نشرح هنا أهم الاتفاقيات التي ستحمل في طياتها تحريراً للاقتصاد السوري (أهم آليات تحرير التجارة التي يمكن أن تواجهها سوريا):
- WTO : والمقصود هنا هو: منظمة التجارة العالميWorld Trade Organization ، التي تأسست من اجتماع إحدى وعشرين دولة بينها سوريا في هافانا، تشرين الأول 1947، تحت اسم الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة. ومنذ ذلك الحين ودول الاتفاقية تعقد ما يسمى بالجولات لتحقيق المزيد من تحرير التجارة فيما بينها. وفي كل جولة كان عدد دول الاتفاقية يزداد، حتى بلغ عدد هذه الدول في الجولة الأهم (جولة الاورغواي) 134 دولة (ولم تكن من بينها سوريا لأنها انسحبت منذ العام 1951 بعد دخول إسرائيل إلى الاتفاقية). والمهم أن جولة الأورغواي أدخلت تجارة الخدمات ضمن إطار تحرير التجارة، واتخذت القرار الكبير وهو تحويل الاتفاقية إلى منظمة تجارة عالمية، هدفها إلغاء كل ما يشوه المنافسة بين الدول، وإقامة منطقة تجارة حرة كبرى حدودها العالم. ووضعت المنظمة التي بدأت في 1/1/1955 مبادئ منها (المعاملة بالمثل ، مبدأ الدولة الأولى بالرعاية ، .. . الخ) بهدف تحقيق ما تصبو إليه من تحويل العالم إلى ساحة منافسة بين إمكانيات الدول، بعيدا عن إجراءات الحماية التي كانت منتشرة ومشروعة في السابق. والآن وبعد مضي عشر سنوات على تأسيس WTO، أصبح فيها حوالي /156/ دولة من أصل /185/ دولة في العالم. كما أن معظم الدول العربية انضمت إليها، الأردن، الإمارات، البحرين، تونس، جيبوتي، عمان، قطر، الكويت، مصر، المغرب، موريتانيا. وهناك دول دخلت المنظمة بصفة مراقب مثل العراق، ليبيا.
كذلك فإن هناك الآن خمس دول عربية في طور الدخول إلى المنظمة، وهي السعودية، لبنان، اليمن، السودان، الجزائر. كل ذلك يجعل من انضمام سوريا إلى منظمة التجارة العالمية حاجة ومسألة ضرورية. ولكن هذا يفرض عليها بالمقابل القيام بإجراءات يأتي في مقدمتها موائمة قوانينها الاقتصادية لتتناسب مع أهداف المنظمة. حتى تتمكن من البقاء ضمن إطار التوجه العالمي نحو المزيد من تعميق تحرير التجارة.
- GAFTA : منطقة التجارة الحرة العربية Greater Arab Free Trade Area
لقد اتخذ المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لجامعة الدول العربية قرار بتأسيس منطقة التجارة الحرة العربية خلال مرحلة تدريجية تبدأ من 1/1 / 1998 وتنتهي خلال عشرة سنوات. وهنالك إشارات توحي بمدى جدية الدول العربية بالإسراع في تطبيق تحرير التجارة، حيث بلغت نسبة التخفيض في الرسوم الجمركية والضرائب ذات الأثر المماثل في السلع ذات المنشأ العربي /80%/ من تلك التي كانت مطبقة في نهاية العام 1997. ويتوقع أن يصبح التخفيض بنسبة (100 %) في نهاية العام 2005، وتضم الـ GAFTA سبعة عشر دولة عربية، هي الأردن، الإمارات، البحرين، تونس، السعودية، السودان، العراق، عمّان، فلسطين، قطر، الكويت، لبنان، ليبيا، مصر، المغرب، اليمن، سوريا. أي أن منطقة الـ GAFTA تضم معظم الدول العربية، ومن أهم الأهداف المرجوة من إنشاء منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى:
- خلق سوق عربية كبيرة تضم حوالي /300/ مليون مستهلك و ناتجها المحلي حوالي /500/ مليار دولار.
- إتباع أسلوب وفورات الحجم في الإنتاج.
- تسهيل الدمج التدريجي للاقتصاديات العربية في النظام الجديد للتجارة العالمية.
- دعم الموقف العربية داخل منظمة التجارة العالمية، وفي مواجهة التكتلات الإقليمية الأخرى.
- زيادة التنافس بين المنتجين وتحسين توجيه السلع العربية.
- زيادة عمليات المشاركة بين الدول العربية.
- اجتذاب رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية.
- تسهيل نقل كافة السلع والخدمات ضمن المنطقة العربية.
- التمهيد لإقامة السوق العربية المشتركة.
ولمعرفة أهمية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى من الناحية الاقتصادية بالنسبة لسوريا لابد لنا من إلقاء نظرة على التجارة الخارجية الإجمالية لسورية ومقارنتها مع تجارتها العربية. وهذا ما يبينه الجدول التالي :
الجدول رقم /1/ نسبة التجارة السورية - العربية من إجمالي التجارة الخارجية لسورية / مليون ل.س .
العام 1977 1998 1999 2000 2001 2002 2003 تسلسل البيان
التجارة الخارجية 11314 6785 7296 10326 11842 12708 15060 1
مع الدول العربية 933 1113 1044 1276 1343 1369 2173 2
نسبة 2/1 % 8.2 16.4 14.3 12.3 11.3 10.8 14.4
The International Found Bank. The report of ISKOA reign p.p 31 – 2005
من خلال الجدول رقم /1/ نلاحظ أن نسبة التجارة السورية إلى الدول العربية منخفضة جداً قياساً بالتجارة الخارجية السورية حيث كانت النسبة حوالي 8.2% في العام 1997، ولم تزد عن 14.4% في العام 2003. ولمعرفة السبب في ذلك نورد الجدولين التاليين لهيكل الصادرات والواردات السورية :
الجدول رقم /2/ : هيكل الصادرات السورية.
المادة النسبة من الصادرات %
نفط وفوسفات 67.8
مواد نسيجية 13.3
منتجات نباتية 10.75
منتجات حيوانية 2.7
مواد غذائية 1.5
مواد أخرى 3.95
المجموع 100
المصدر: الاقتصاد الكلي السوري- هيئة تخطيط الدولة- 2005- ص 59.
الجدول رقم /3/ : هيكل الواردات السورية.
المادة النسبة من الواردات %
الآلات ووسائل النقل 27.75
مواد معدنية 16
مواد نسيجية 8.6
مواد كيماوية 8.7
منتجات نباتية 8.3
لدائن 6.2
مواد أخرى 24.45
المجموع 100
المصدر: الاقتصاد الكلي السوري- المرجع السابق- ص 61.
من خلال الجدولين السابقين نلاحظ أن أهم المواد التي تصدرها سوريا على الإطلاق هي النفط حوالي 68% من مجموع الصادرات، وهذه المادة لا تستوردها الدول العربية لأن معظمها لديه النفط. حتى أن جميع النفط السوري يصدر إلى الاتحاد الأوروبي. أما من حيث الواردات فنلاحظ أيضاً أن أهم الواردات السورية هي التجهيزات حوالي 28% من مجمل الواردات. وهذه المواد أيضا لا تصنعها الدول العربية لذلك تستوردها سورية من الدول المتقدمة وخصوصاً الإتحاد الأوروبي بشكل كبير. وهذه هي حال سوريا مع معظم الدول العربية الأمر الذي يبرر لنا أن لا تكون العلاقات الاقتصادية والتجارة الخارجية السورية مع الدولة العربية هي الأهم قياساً مع تجارتها العالمية. حيث أن الاتحاد الأوروبي يستحوذ على الحصة الأكبر من صادرات سوريا /54.6%/، والحصة الأكبر من وارداتها /32.5%/ ، ولكن مع ذلك وبملاحظة الجدول رقم /1/ نجد أن التجارة السورية – العربية على قلتها قياساً بالتجارة السورية الخارجية الكلية إلا أنها تزداد عاما بعد عام. ومع افتراض صحة التوقعات القائلة بقرب نقص الإنتاج السوري من النفط وبالتالي توقف التصدير منه، فإن ذلك قد يزيد من فرصة إعادة ترتيب أهمية المواد التي تصدرها وتستوردها سوريا، وقد تصبح التجارة مع الدول العربية أفضل بعد تغير هيكل المواد في التجارة الخارجية.
الشراكة السورية – الأوروبية .
منذ إعلان برشلونة 27 – 28 / تشرين الأول / 1995، والذي وقعت عليه سورية يتم العمل بشكل حثيث لإقامة بناء أورومتوسطي قائم على أسس سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية. والآن أصبحت جميع الدول المتوسطية (عدا سوريا) شركاء للاتحاد الأوروبي. الأمر الذي يجعل سوريا في موقف أكثر ضرورة لتسريع عملية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. وبالفعل تم في 19/10/2004 التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاقية الشراكة السورية الأوروبية. وريثما يتم التصديق النهائي على الاتفاقية فإن ذلك يفرض على الوفاء بمتطلبات الشراكة وذلك باتخاذ جملة من الإجراءات منها :
- تشكيل هيئات مراقبة لرهن التطورات القطاعية في الاقتصاد السوري لمعرفة مدى تأثيرها بالشراكة بشكل مستمر.
- وضع تعرفة جمركية جديدة تتناسب مع اتفاقية الشراكة.
- إعادة النظر بالنظام الضريبي ودراسة الأنواع الجديدة من الضرائب التي يمكن لعمل بها في سوريا كبدل عن ضرائب سيتم إلغاؤها (مثل TVA).
- تطوير المواصفات في الإنتاج الزراعي السوري وفق لوائح مواصفات سلطة الأمن الغذائي الأوروبي EFSA.
- زيادة العمل على رفع وعي المنتجين الصناعيين إلى أهمية الارتقاء بنوعية إنتاجهم وفق المواصفات المطلوبة في الاتحاد الأوروبي، ولذلك فعلى الحكومة رفع الضرائب والرسوم على مستلزمات الإنتاج لتخفيض تكاليف المواد المنتجة محليا ومساعدتها على زيادة المنافسة.
التطورات الداخلية.
إن الاقتصاد السوري يعاني من بعض المشاكل التي تجعله بحاجة إلى إعادة نظر لمواجهة هذه المشاكل، ومنها:
1 - انخفاض معدل نمو الناتج المحلي في السنوات الأخيرة.
- لقد بلغ وسطي معدل النمو الاقتصادي خلال الفترة 1990-1996 (8.45 %). ثم انخفض خلال الفترة 1997-2003 إلى (2.37%) ويعود السبب في ذلك خلال الفترة 1990-1996 إلى أنه كان قد ساد مناخ متفاءل في سوريا بعد صدور العديد من القوانين التي تشجع على الاستثمار فيها (قانون الاستثمار رقم 10) وبدء إنتاج النفط الخفيف وسياسات الانفتاح الاقتصادي.
- في الفترة 1997-2000: تراجعت معدلات النمو الاقتصادي فأصبحت سالبة، بسبب تراجع معدلات الاستثمار الخاص وإتباع سياسات مالية انكماشية.
- في الفترة 2000-2003 : عاد النمو الاقتصادي إلى التزايد ووصل إلى حوالي 3% كوسطي خلال هذه الفترة، وذلك بسبب عودة نشاط الاستثمار واتخاذ عدد من الإجراءات الحكومية التي حسنت مناخ الاستثمار.
2 - زيادة معدل البطالة.
في السنوات الأخيرة 1999-2003، بلغت الزيادة السنوية لمن هم في سن العمل 375 ألف، وبمعدل مشاركة 57%، وكان هناك 214 ألف طالب عمل. يوفر الاقتصاد 162 ألف فرصة عمل، وبالتالي فإن عدد العاطلين عن العمل ازداد بمعدل 52 ألف عاطل سنويا. ومن المتوقع أن يصل هذا المعدل إلى 18% عام 2010، إذا استمر النمو السكاني بنسبة 2.45 % وبثبات معدل المشاركة. إن خطورة البطالة تكمن في أنها تتركز في الفئة العمرية من 15-30 سنة، إذ يشكل العاطلون في هذه الفئة 70.76% من مجموع العاطلين ، وهذه الفئة من أكثر الفئات حاجة إلى العمل وبقاؤها دون عمل يجعلها في حالة سخط ورفض للواقع، و قد يسبب هذا الأمر بعض المشكلات للدولة ونظامها.
3 – الفقر:
تعاني سوريا من ظاهرة الفقر الذي يرزح تحت خطه الادني حوالي 11.4% من السكان وتحت خطه الأعلى 33% . ومشكلة الفقر خطيرة لأنها تهدد كل الانجازات الاقتصادية، وتفرض تحديات اجتماعية وسياسية واقتصادية لا يمكن التعامل معها، ولا يمكن مع معدلات الفقر المرتفعة الحديث عن خطط تنموية طموحة. ولابد بعد الإشارة إلى أن قسم كبير ممن يقعون في خط الفقر مباشرة يمكن أن يهبطوا تحته في حال حدوث خلل في طبيعة الأوضاع الاقتصادية. لذلك فمن الطبيعي أن لا يكون لأي برنامج إصلاح اقتصادي أي جدوى إذا لم يؤد إلى حل مشكلة الفقر لأن الكثير من مظاهر الخلل والفساد ترتبط بالفقر.
ثانيا : الأهداف والإصلاحات المطلوبة في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي .
إن الهدف الحقيقي لبرنامج الإصلاح الاقتصادي هو رفع كفاءة الاقتصاد السوري، وذلك من خلال جملة من الآليات التي يمكن أن نشير إلى أبرزها:
1 - زيادة كفاءة تخصيص الموارد المتاحة: إذ أن سوريا وبالرغم من صعوبة الأوضاع الاقتصادية التي تعانيها إلا أن ذلك ليس انعكاس لقلة الموارد المتاحة. فسوريا تتمتع بفائض اقتصادي من معظم الموارد الطبيعية والبشرية، لكن القسم الأكبر من تلك الموارد معطل ولا يستغل بالشكل الأمثل. الأمر الذي قلص من إمكانية انعكاسه على تقوية الاقتصاد السوري، وبالرغم من المزايا الكثيرة التي تتوفر في سوريا (المواد الأولية-الإمكانات البشرية غير المستثمرة-الموقع الجغرافي القريب من أسواق كبيرة) إلا ن ذلك كله لم ينعكس على القدرة التنافسية وجودة الإنتاج. وتتطلب القدرة التنافسية التي تعرف بأنها الدرجة التي يمكن التحكم وفقها وفي شروط سوق حرة وعادلة إنتاج السلع والخدمات التي تلبي أذواق الأسواق الدولية، وتحافظ أو توسع الدخول الحقيقة للمواطنين على المدى الطويل ، وتحسين القدرة التنافسية يتطلب الاستثمار الأمثل للموارد وعدم هدرها وتطوير البنية التحتية والاعتماد بشكل اكبر على التكنولوجيا وتجسير الهوة الرقمية.
2- تقليص الاختلالات المالية واحتواء التضخم: إن الاختلالات المالية تنجم في العادة عن إتباع سياسيات مالية ونقدية غير مدروسة، وعدم انسجام تلك السياسات مع تطورات الحالة الاقتصادية. وهذا ما كان يحدث في سوريا ففي فترات الرواج كانت الإيرادات الضريبية تنخفض، وفي فترات الكساد كان يحدث العكس. كما أن الإيرادات في الموازنة ظلت تعتمد على الإيراد النفطي (44%) ،أما الإنفاق فقد ظل غير مدروس ولا تشكل نسبته على الرواتب والأجور سوى 4% من الناتج المحلي الإجمالي. وكل ذلك كان يسبب تضخما مرتفعا في سنوات أخرى (12.3% عام 1993-2%عام 2000) ، وبالرغم من توفر احتياطي أجنبي كبير في سوريا يشكل 65% من الكتلة النقدية إلا أنه لم يتم الاستفادة منه بشكل جيد حتى الآن في سوريا.
3- تحقيق النمو الاقتصادي المستمر: وذلك من خلال معالجة المشكلات التي تعيق تحقيق النتائج المتناسبة مع امكانات الاقتصاد السوري، وإجراء بعض الإصلاحات التي سيشار إليها لاحقا. ومن خلال ذلك زيادة فرص التشغيل وتحسين مستوى المعيشة، لأن أي نمو يجب أن يضمن مستوى معيشة لائق، وهو لا يتم إلا من خلال ديمومة النمو الاقتصادي، وزيادة فرص العمل، وتحسن مستويات المعيشة .
ثالثا: محاور الإصلاح الاقتصادي.
1 – إصلاح القطاع العام الاقتصادي، والمقصود هنا هو مؤسسات القطاع العام التي تعمل بهدف الربح.
يعاني القطاع العام من مشكلات عديدة منها البيروقراطية، البطالة المقنعة، انخفاض الإنتاجية، ضعف المردود، انخفاض القيمة المضافة، وجود أنظمة جامدة تُفقد الاقتصاد المرونة وتضعف مبادرته وقدرته التنافسية، بالإضافة إلى مشاكل نقص السيولة والسياسات المالية والضريبية غير المناسبة. ولإصلاح القطاع العام الاقتصادي نقترح ما يلي:
• حصر الوحدات الإنتاجية وتوصيفها و تقييمها .
• إصلاح الإطار القانوني والتشريعي.
• إعادة هيكلة الشركات الخاسرة أو المتعثرة مالياً وفنياً.
• إنشاء الشركات القابضة. لأننا في سوريا بحاجة إلى شركات ضخمة تستطيع العمل بشكل أفضل على استثمار الإمكانيات المتاحة في سوريا بدلا من الشركات الصغيرة التي وعلى ايجابياتها إلا أنها صغيرة، لاسيما وان كل منشات سوريا الخاصة تقريبا هي من النوع الصغير (99.875) من مجمل الشركات.
و لتحقيق المقترحات السابقة ، نقترح العمل على ما يلي :
تصنيف المؤسسات العامة في سوريا حسب النشاط الاقتصادي في ثلاث مجموعات أساسية على النحو التالي:
- مجموعة شركات أو معامل أو وحدات اقتصادية تعمل في مجالات الإنتاج السلعي والخدمي، وتمتلكها الدولة، وهي تضم أنشطة مثل (صناعة، تشييد، تجارة، نقل، فنادق، سياحة).
- مجموعة المؤسسات الاقتصادية التي تقوم بأنشطة لها طبيعة خاصة، وعلاقتها بالمجتمع مؤثرة (شركات كهرباء، ري، الثروة الطب
الجدول رقم /4/ القيم القصوى والدنيا للمؤشرات الفرعية في مؤشر التنمية البشرية.
المؤشر القيمة القصوى القيمة الدنيا
العمر المتوقع عند الولادة 85 25
معرفة القراءة أو الكتابة 100 0
القيد الإجمالي في التعليم 100 0
نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 40000 log 100 log
المصدر: تقرير التنمية البشرية، ص 196.
وبناء
على تقرير الأمم المتحدة عن التنمية البشرية في سوريا، فإن مؤشرات التنمية
البشرية الفرعية والمؤشر الكلي سجلت القيم الواردة في الجدول رقم (5) .
الجدول رقم /5/ قيم المؤشرات التنمية البشرية خلال الأعوام 1995-2000-2002.
مؤشرات التنمية البشرية 1995 2000 2002
مؤشر العمر المتوقع 0.718 0.758 0.775
مؤشر التحصيل العلمي 0.724 0.730 0.754
مؤشر الناتج المحلي الإجمالي 0.580 0.619 0.636
مؤشرات التنمية البشرية 0.674 0.702 0.722
المصدر: تقرير التنمية البشرية- 2005- ص 197.
من الجدول /5/ يبدو أن:
مؤشر العمر المتوقع عند الولادة في سوريا ارتفع من 0.718 عام 1995 ووصل
إلى 0.775 عام 2002 بمعدل نمو وسطي بلغ 1.1 % طوال السلسة. أما مؤشر
التحصيل العلمي: فقد ارتفع من 0.724 إلى 0.754 عام 2002 ، بمعدل نمو وسطي
قدره 1.1 % ، أما فيما يتعلق بمؤشر نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي
فقد ارتفع بأسعار عام 2000 الثابتة من (52951ل.س) في عام 1995 إلى
(56309ل.س) علم 2002. وباستخدام متوسط التغير السنوي لمكافئ التعادل للقوة
الشرائية في سوريا باعتبار أن هذا المكافئ في عام 1995 بلغ 2.6 % أي 3236
دولار في ذلك العام، وبلغ مكافئ القوة الشرائية في العام 2002 (3.7%) أي
4507.7 دولار. وبذلك أرتفع مؤشر الناتج المحلي من 0.580 في العام 1995 إلى
0.636 عام 2002 .
مما سبق تبدو جميع المؤشرات الفرعية للتنمية البشرية خلال الفترة 1995 –
2002 قد حققت ارتفاعا وهذا أمر جيد نوعا ما، ولكن هذه المؤشرات ما تزال
بعيدة بعض الشيء عن الواحد الصحيح. الأمر الذي يظهر ضرورة بذل المزيد من
الجهد للارتقاء أكثر بمؤشرات التنمية البشرية . ولكن تحسن مؤشر التنمية
الإجمالي من 0.67 عام 1995 إلى 0.722 عام 2002 بمعدل سنوي 1.4% ، هو أمر
جيد من حيث المبدأ.
والآن لنحاول النظر إلى معدل النمو الاقتصادي خلال نفس الفترة 1995-2002 باستخدام الجدول التالي :
الجدول رقم /6/: الناتج المحلي ألأجمالي للأعوام 1995-2000-2002، ونصيب الفرد منه، بملايين الليرات السورية.
العام 1995 2000 2002 معدل النمو السنوي الوسطي 1995-2002 %
الناتج المحلي الإجمالي 689491 878709 970704 5
نصيب الفرد منه 3236 407205 4507.7 4.84
المصدر: 1 - الناتج المحلي الإجمالي بتكلفة عوامل الإنتاج وبأسعار عام
2000 الثابتة من المجموعة الإحصائية السورية 2005 ، الجدول 1/16 ، ص 528
2 – نصيب الفرد من الناتج وفق تعادل القوة الشرائية بالدولار والمذكور سابقا في تقرير التنمية البشرية ص 197.
من
خلال ما سبق يبدو أن تحسن معدل النمو الاقتصادي في سوريا خلال الفترة 1995
– 2002 قد ترافق مع تحسن مؤشر التنمية البشرية خلال نفس الفترة، وهذا أمر
مقبول من الناحية المنطقية. إذ أن تحسن الأوضاع الاقتصادية يؤثر على الوضع
لمعاشي ومستوى التعليم والوضع الصحي للأفراد . وإذا اعتبرنا أن هذه الفترة
تقع ضمن مرحلة الاصلاح الاقتصادي الذي بدأ به منذ بداية التسعينات، فإننا
يمكن أن نعتبر أن هذا الإصلاح انعكس على النمو الاقتصادي في سوريا. وبما
أنه ظهر معنا أن النمو الاقتصادي ينعكس على التنمية البشرية ويحسن
مستوياتها، فإنه يمكننا أن نصل إلى أن الإصلاح الاقتصادي له تأثير على
التنمية البشرية .
رابعاً : العلاقة بين الإصلاح الاقتصادي والتنمية البشرية .
إن لسياسات الإصلاح الاقتصادي أثر هام وكبير على عملية التنمية البشرية .
وقد تكون هذه السياسات أحد الشروط الأساسية لصنع التنمية البشرية، وبخاصة
عندما يعاني الوضع الاقتصادي في المجتمع من إختلالات وتشوهات وضغوطات،
ففي هذه الحالة إن نتائج التنمية البشرية تتوقف على سياسات الإصلاح
الاقتصادي والسبب في ذلك هو أن الهدف النهائي للتنمية البشرية هو تمكين
المواطنين من الحصول على مستوى معاشي لائق. إذ انه في مؤشر التنمية
البشرية يؤخذ بالاعتبار ثلاثة مؤشرات فرعية هي:
- مؤشر العمر المتوقع عند الولادة (بالسنوات).
- مؤشر التحصيل العلمي (ويتألف من نسبة 2 على 3 من مؤشر القراءة والكتابة + نسبة 1 على 3 من مؤشر القيد الإجمالي في التعليم).
- مؤشر مستوى المعيشة (نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي حسب تعادل القوة الشرائية).
ويتم التعبير عن كل مؤشر وفق العلاقة التالية: (القيمة الفعلية – القيمة الدنيا) / (القيمة القصوى – القيمة الدنيا).
أما مؤشر التنمية البشرية بصورته النهائية = (مؤشر العمر المتوقع عند
الولادة + مؤشر التحصيل العلمي + مؤشر الناتج المجلي الإجمالي) مقسوماً
على ثلاثة. أما القيم الوسطى والدنيا للمؤشرات الفرعية
خامساً :العلاقة بين الإصلاح الاقتصادي و سياسة الدولة .
إن العلاقة بين السياسة والاقتصاد قائمة من خلال اعتبار السياسة هي
البنية الفوقية الأعلى في المجتمع. والاقتصاد هو أحد أهم أدواتها ووسيلة
التعبير الأساسي عنها، وفي سوريا نلاحظ أن كل تغير في طبيعة النظام
السياسي كانت تنعكس مباشرة على طبيعة النظام الاقتصادي، وهذا ما يظهره
العرض التاريخي التالي:
- مرحلة 1946-1958 : نظام ليبرالي و اقتصاد حر .
- مرحلة 1958-1961 : نظام مركزي و اقتصاد موجه .
- مرحلة 1961-1963 : نظام ليبرالي و اقتصاد حر .
- مرحلة 1963-1970 : "الحركة التصحيحية" نظام اشتراكي و اقتصاد موجه .
- مرحلة 1970-1990: نظام سياسي اشتراكي مع بعض المرونة، و قبول تعددية اقتصادية أساسها القطاع العام.
- مرحلة 1990-2005: فسح المجال أمام المزيد من الحرية الاقتصادية من خلال قوانين تشجع القطاع الخاص.
-المرحلة التي بدأت من 6/2005 - منذ المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث : اتخذ القرار بانتهاج خيار اقتصاد السوق الاجتماعي .
وبالرغم من اتفاق البعض أو رفضه لهذه التسمية من الناحية العلمية، إلا أن
المفهوم منها هو بناء اقتصاد سوق بكل معنى الكلمة قائم على آليات السوق
وحرية المنافسة والمبادرة على قاعدة تكافؤ الفرص، لكن يضاف إلى ذلك ضرورة
قيام الدولة بعدم السماح بالوصول إلى مرحلة الصراع المتوحش في السوق،
وضمان الحقوق الاجتماعية للمواطنين وضمان حد أدنى من المعيشة اللائقة
والتدخل عند الحاجة. وهذا الأمر مقبول في الدول الرأسمالية، ولكن لابد أن
وضع كلمة الاجتماعي في التسمية (اقتصاد السوق الاجتماعي ) كان لها بعد
معنوي وغاية تطمينية حول رغبة الحكومة بضمان الاستقرار الاجتماعي في
البلد. ولكن لابد من الإشارة إلى أن اقتصاد السوق بمعناه المتكامل
والحقيقي بحاجة إلى قطع مراحل إضافية لبناء وعي جماعي اكبر لمضمونه وبناء
قاعدة إنتاجية وكوادر إنتاجية واستثمارية وتنظيمات أكثر قوة قادرة على
العمل وفق فوانيين السوق المتوسع والمنفتح باستمرار .
إن ما يهمنا هنا هو التأكيد على أن جميع التحولات الاقتصادية في سوريا تمت
وفق إرادة سياسية، حيث نلاحظ أن أعلى مؤسسة قيادية في الدولة وهي المؤتمر
القطري، كانت هي التي تشرّع لأي تغيير في الاقتصاد السوري (طبعا لابد أن
القرار يساهم في صناعته أكاديميون وخبراء ورجال أعمال ومنظمات أخرى، لكن
عملية التشريع تتم من قبل المؤتمر القطري). ففي المؤتمر القطري التاسع
(حزيران، 2000)، على سبيل المثال: تم التأكيد على أهمية الإصلاح الاقتصادي
و أطلقت مبادرة في هذا المجال. و في المؤتمر القطري العاشر (حزيران ،
2005 ) صدر القرار بانتهاج التحول إلى اقتصاد السوق الاجتماعي، وهذا
الكلام السابق يظهر لنا بوضوح مدى دور السياسة في الاقتصاد. ولكن أليس
للاقتصاد نفسه دور في السياسة؟. بالتأكيد فالعلاقة بينهما علاقة جدلية
قائمة على التأثر والتأثير المتبادل. فخلال الفترات السابقة كنا نرى أن
المؤثرات الاقتصادية ظاهرة في كل مبادرة سياسية، فمثلا:
-منذ العام 1990 عندما كانت سوريا تعاني من بعض المشكلات
الاقتصادية(التضخم المترافق مع تزايد البطالة،وانخفاض الطاقة الإنتاجية
ونقص الاستثمارات) دفع كل ذلك إلى ضرورة السير باتجاه مرونة سياسية اكبر
حيال القطاع الخاص المحلي والأجنبي وقبول المشاركة في النشاط الاقتصادي
السوري، وفُهم ذلك على انه تطور سياسي مهم في سوريا .
كما انه في العام 2000 ومع تزايد وتيرة الاستجابة للاتفاقيات الاقتصادية
المزمع الانضمام لها، والرغبة بتحسين الحلول للمشكلات الاقتصادية الناجمة
عن ذلك وعن غيرها من الأسباب ومستجدات الحياة في سوريا ظهر ذلك بقرارات
سياسة تنحو إلى مزيد من الإصلاح. وفي العام 2005 ومع المؤتمر القطري
العاشر للحزب كان الاقتصاد حاضرا بقوة ومؤشرا على السياسة لدرجة تأكيد
المؤتمر على الانتقال إلى اقتصاد السوق الاجتماعي. واقتصاد السوق لاجتماعي
ليس حلا اقتصاديا أو نظرية اقتصادية، بل هو مذهب سياسي جديد من المفترض أن
تعمل الحكومة وتشرع على أساسه. ونخلص إلى القول بان الارتباط قائم وجلي
بين الاقتصاد والسياسة في سوريا . لذلك فإن التطورات الاقتصادية ستحمل
دائما استجابة سياسية، و التوجهات السياسية ستنعكس على الصيرورة
الاقتصادية.
سادساً : تحديات الإصلاح الاقتصادي في سوريا.
إن الاتفاق على أهمية الإصلاح الاقتصادي في سوريا وفي ظل توفر الإرادة
السياسية لذلك لا يعني أن طريق الإصلاح بدون عوائق، بل من الطبيعي أن تبرز
الكثير منها والتي يأتي في مقدمتها:
1 – إن الإصلاح الاقتصادي بحاجة إلى وعي شعبي على مختلف المستويات، لأن
الجميع يجب أن يعملوا في هذا الإطار. وما زلنا في سوريا نشعر أن البعض
وعلى اختلاف مستوياتهم (في المواقع الشعبية أو حتى في مواقع السلطة) يفكر
بعقلية اقتصادية إصلاحية محافظة (التمسك المطلق بالقطاع العام في ظل الرفض
المطلق لمشاركة القطاع لخاص، وللعمل وفق قوانين المنافسة، والدفاع عن
الاحتكار).
2 – إن الكادر المؤهل للعمل في مجال الإصلاح الاقتصادي من النواحي العلمية
والفنية ما زال غير متوفر بشكل كامل في سوريا، مع انه عنصر مهم ولا يمكن
الاستغناء عنه. كما أن الاستعانة بالخبرات الأجنبية على الرغم من أهميتها
إلا أن محاذيرها أيضا كثيرة بسبب تباين الظروف الاقتصادية بين البلدان.
3 – إن بنية الاقتصاد السوري حتى الآن لا تستطيع تحمل كل مفردات الإصلاح
الاقتصادي، فإذا كان المقصود بالإصلاح الانتقال بالاقتصاد السوري إلى
اقتصاد قائم على درجة عالية من الكفاءة والقيمة المضافة والعمل في إطار
المنافسة والانفتاح على العالم، فإن هذه الأمور تحتاج إلى بنية تحتية أكثر
تطورا (العمالة غير مؤهلة- عدم الاعتماد على التكنولوجيا – صغر حجم
المنشآت – ضعف الإنتاجية).
4 – يضاف إلى ما سبق انه وفي السنوات الأخيرة تردت الأوضاع الأمنية
والسياسية في المنطقة المحيطة بسوريا وهذا ضغط على سرعة الإصلاح بشكل عام
ومنه الاقتصادي وفق تصريحات الحكومة.
سابعاً: النتائج والتوصيات.
أولاً: النتائج.
- إن الإصلاح الاقتصادي أصبح ضرورة في إطار عملية التحديث التي تشهدها
سوريا منذ سنوات، والتي لا يمكن استمرارها بدون إصلاح اقتصادي.
- إن الإصلاح الاقتصادي لا يمكن فصله عن الإصلاح السياسي أو الإداري، لأن
الإصلاح كيان عام والإصلاح الاقتصادي يشكل أجوانبه وكل جانب من جوانب
الإصلاح يكمل الجوانب الأخرى ويدعمها.
- ما زالت هناك عوائق وتحديات تجعل من الصعب الوصول إلى إصلاح حقيقي بدون تجاوزها.
- ثانياً: الظروف الدولية والإقليمية لها تأثير على عمليةالاصلاح الاقتصادي في سوريا.
ثانياً : التوصيات.
- وضع سياسة متكاملة للإصلاح تخدم جوانبه المختلفة ؟
- وضع برنامج تنمية متوازنة (تشمل مختلف أنحاء سوريا بنفس الدرجة وعدم
تركيز المشاريع والمنشات وغيرها في مدينة أو مدن قليلة، لان ذلك يدفع سكان
المناطق إلى هجرها باتجاه المناطق الصناعية، وهو الأمر الذي سيخلق مشكلات
اقتصادية كالضغط السكاني في مناطق محددة ونقص السكان في مناطق أخرى و
مشاكل بيئية وسكنية واجتماعية..الخ).
- تطوير القوانين التي تشجع على المبادرة الفردية و الجماعية.
- التنمية المتوازنة و المستمرة و لكافة جوانبها الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية.
- إعادة توزيع الثروة والدخل وتحقيق العدالة الاجتماعية.
- تفعيل المشاركة الشعبية في الإصلاح الاقتصادي وقضاياه من خلال تشكيل مجلس اقتصادي يمثل مختلف الشرائح الاجتماعية.
- زيادة الاستثمار في التعليم الصحة.
وهذا يعني أن الإصلاح الاقتصادي يجب أن يعالج الاختلالات في الاقتصاد
الوطني، و إتباع سياسات مالية و اقتصادية جديدة تولد فرص عمل أكثر ، وتهيئ
قوة عمل أفضل تدريبيا و تعليميا ، وبأعلى إنتاجية وأكثر حيوية واندفاعا
نحو بناء الوطن والمجتمع . والقضية الهامة التي يمكن أن تكون من أخطر
القضايا في الواقع، هي تلك التي تتعلق بنوعية النمو المطلوب تحقيقه في ظل
الإصلاح الاقتصادي، وما يمكن أن يترتب عليه مستقبلا. أي لا يجب أن نسعى
وراء نمو بلا تشغيل، لأن هذا النمو سيؤدي إلى انتشار الفقر وازدياد حدته،
وانخفاض مقدار الاختيارات والفرص التي تسمح بمعيشة أفضل. فالهدف في
النهاية هو إعداد وبناء الإنسان المتكامل، وتنمية طاقاته من خلال مجتمع
يؤمن بقيمة الإنسان، ويوفر له كل ما يحاجه، ويفسح له مجال أوسع من حرية
الفكر والإبداع، وتوظيفا أكثر فعالية يلاءم إمكاناته وقدراته.
ثامناً: الخاتمــة.
لقد
ارتبط مفهوم الإصلاح الاقتصادي عادة بالسياسة الاقتصادية الليبرالية و
الخصخصة، و تخلي الدولة عن بعض مسؤولياتها الاجتماعية، وإتباع سياسات
مالية صارمة للحد من الإنفاق الحكومي، وخفض التضخم والعجز. وهذه وصفة
صندوق النقد الدولي، حيث تحولت إلى الطريق الوحيدة حسب ما ذهب إليه البعض
للإنقاذ من التخلف والأزمات الاقتصادية في دول العالم الثالث. وساد الزعم
بأن المكاسب الاجتماعية لهذه الوصفة السياسية ستفوق خسائرها، وأن ثمة
إجراءات لزيادة فرص الوصول إلى قروض الائتمان للصناعات الصغيرة أو التدريب
وإعادة التأهيل .
لقد
ظل الاقتصاد السوري تحت الإشراف المباشر للقطاع العام الذي استمر لمدة
أربعة عقود، أساس القاعدة الإنتاجية وملاذ اليد العاملة، ومختلف شرائح
الموظفين الذين يزيدون على المليون وربع المليون. والاقتصاد السوري يحتاج
إلى الإصلاح في ظل السياسات الاقتصادية التي ترفض الدخول في آليات السوق
بشكل سريع. وتتبع سياسة التعددية الاقتصادية والتعاون والمشاركة بين جميع
القطاعات. وتجري اليوم محاولات للمضي في سياسات الإصلاح التي يمكن أن
نصفها بأنها أكثر تكاملا من السابق. ودخول الاستثمار في سوريا بشكله
العربي والأجنبي، كل ذلك يزيد الأمل في نجاح خطوات الإصلاح في المستقبل.
.
المصدر:موقع كتابي
تكمن أهمية البحث في أنه يتناول قضية مُهمة تعيشها سوريا منذ عدة سنوات، وهي مسألة الإصلاح الاقتصادي. وما تثيره من جدل ونقاش على مختلف المستويات، وحرص مختلف شرائح المجتمع على فهم أبعاد عملية الإصلاح وآفاقها ونتائجها.
مشكلة البحث:
إن إشكالية البحث تتركز حول الفكرة التالية: وهي كيف يمكن لعملية الإصلاح الاقتصادي أن تحقق غاياتها ؟. وما هي السبل المطروحة من خلالها ؟. والى أي حد تعتبر حلاً ناجعاً للمشكلات الاقتصادية التي تواجهها سوريا ؟.
فرضيات البحث:
لقد قام البحث بافتراض أن هناك:
o إرادة سياسية كاملة لإجراء الإصلاح الاقتصادي في سوريا.
o الإصلاح الاقتصادي مؤثر على مختلف مناحي الحياة.
o هناك وعي حقيقي (رسمي وشعبي) في سوريا لوجود مشكلة في النظام الاقتصادي.
o إمكانيات الإصلاح في حالة إدارة هذا الملف بطريقة سليمة قائمة ومحتملة وقادرة على تحقيق غاياتها.
o في حال تحقيق الإصلاح الاقتصادي في سوريا سيعتبر حلاً ناجعاًً للمشكلات الاقتصادية، لاسيما لجهة إدارة فعالية واستثمار الموارد.
منهج البحث:
اعتمد البحث على المنهج الوصفي التحليلي، من خلال تحليل ظاهرة الإصلاح الاقتصادي في سورية وفق ما تم انجازه خلال السنوات السابقة. كما اعتمد على المنهج الإحصائي وعلى المنهج التاريخي عند تعرضه للبحث في بعض الحالات إلى ذكر مسائل تاريخية.
ضرورة البحث:
إن ما نقصده هنا بضرورة الإصلاح الاقتصادي في سوريا، هو إن الإصلاح الاقتصادي أصبح ضرورة ولم يعد خياراً، وذلك لعدة أسباب:
- إن سيرورة الحياة تفرض دائماً معطيات جديدة لابد من التجاوب معها لإجراء بعض المراجعات للآليات الاقتصادية المتبعة بغية تفادي المخاطر، وتحقيق الأهداف المطلوبة.
- عانت سوريا في السنوات الأخيرة من مشكلات اقتصادية عديدة (تضخم، ركود، بطالة، ضعف القدرة على المنافسة)، وكل ذلك يفرض مراجعة كاملة للسياسة الاقتصادية للدولة. لأن الاستمرار بنفس السياسية السابقة لن يؤدي إلى حل المشكلات الإقتصادية التي نجمت عنها أساساً.
- الضغط السكاني المتزايد ونسبته التي تبلغ 2.4% وهي عالية جداً ولها محاذير، وتفرض النظر إلى إعادة رسم النهج الاقتصادي.
- ظاهرة الفقر التي انتشرت في سوريا ووقوع حوالي ثلث السكان تحت خط الفقر الأعلى.
- التطورات الاقتصادية الدولية وتأثيرها المباشر على سوريا باتجاه الإصلاح الاقتصادي.
ولابد من الإشارة إلى أن الإصلاح الاقتصادي لا يعني الانقلاب على الذات، وإنما الاستجابة للظروف والتطورات الجديدة انطلاقاً من أهمية التعاطي معها بطريقة علمية وبناءة.
المقـدمـــة.
من الطبيعي أن تطرأ بين الحين والأخر مستجدات على صيرورة الحياة في أي دولة. بل إن بعض هذه المستجدات يفرض على القائمين ومتخذي القرار إجراء وقفات للمراجعة والتحليل، وإعادة النظر في برامج وسياسات الدولة بغية تفادي المخاطر، والاستفادة من ايجابيات كل تطور. وفي سوريا التي لا يمكن أن تخرج عن إطار مسيرة الدول، طرأت الكثير من التحديات الداخلية والخارجية التي تفرض إجراء تعديلات في بعض المجالات والبنى لضمان الاستمرار وحسن السير إلى الأمام. و يُعَدُّ الجانب الاقتصادي من أكثر الجوانب تأثرا بالمعطيات والتطورات الجديدة، سواء الداخلية منها أو تلك الخارجية، لاسيما وأنه الأكثر تأثراً بالآثار والتأثيرات المرافقة للتطورات المحيطة به داخل الدولة وخارجها . وهو ما يعني الحاجة إلى الإصلاح الاقتصادي. إلا أن هذا الإصلاح المنشود لا يمكن أن يحقق أهدافه بدون توفر مقدمات وشروط موضوعية، يمكن لنا أن نطلق عليها صفة المقدمات الأساسية. أي تلك التي تمهد و تشكل الأرضية له ولانطلاقته، والتي يأتي في مقدمتها:
- توفر الإرادة السياسية الحامية للإصلاح والراعية لمتطلباته .
- توفر الكادر القادر على وضع برامج الإصلاح المناسبة .
- تكامل عملية الإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي .
إن الشروط السابقة تؤكد لنا أن الإصلاح الاقتصادي لا يمكن أن يتم بطريقة عفوية مجتزأة، بل يجب أن يكون منهجياً ومدروساً، وضمن إطار خطة شمولية وموضوعية له. ولكن هذا لا يعني أنه لا يمكننا الحديث عن الإصلاح الاقتصادي بدون الحديث عن أشكال الإصلاح الأخرى شريطة إدراك البعد التكاملي للعملية الإصلاحية. لقد وضع العديد من الباحثين أفكاراً متوافقة أحياناً، ومتناقضة أحياناً أخرى حول أولويات وطرق الإصلاح الاقتصادي. كما تبنت الحكومة أيضاً طرح بعض برامج الإصلاح الاقتصادي للنقاش العام، بل وللتطبيق في أحيان كثيرة، و بالرغم من تباين تلك الرؤى لسبل الإصلاح الاقتصادي في سوريا، إلا أن القاسم المشترك بينهما هو تأكيدها على أن الوضع القائم ليس مجدياً، ولا بد من منهج اقتصادي جديد.
بعض الإصلاحيين اعتبر أن التوجه نحو الليبرالية خطر يجب تداركه بالبقاء تحت ظل القطاع العام والإشراف المباشر للدولة، والبعض الآخر وجد أن الإصلاح يكمن في الذوبان التام بالاقتصاد العالمي دون تباطؤ، مع التأكيد الكامل على الحرية الاقتصادية وآليات السوق، ومنهم من ذهب إلى التوفيق بين الاتجاهين، فشكل حالة وسطى بين الطرحين السابقين. حيث رأى بأن الإصلاح يمكن أن يكون في ظل تعايش القطاع العام مع القطاع الخاص، وقوانين الحرية الاقتصادية. وبالرغم من أن معظم الطروحات لم تكن كاملة، إلا أنها كانت مفيدة في حال إجراء تقاطعات بينها. ولذلك تم التميز في هذه الدراسة على دوافع و طرق الإصلاح الاقتصادي من خلال مناقشة النقاط التالية:
أولاً : أهم المتغيرات الدافعة باتجاه الإصلاح الاقتصادي.
- تحرير التجارة عبر العالم (GAFTA-WTO).
- الشراكة السورية – الأوروبية.
- التطورات الداخلية.
ثانياً : الأهداف والإصلاحات المطلوبة في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي.
ثالثاً: محاور الإصلاح الاقتصادي.
رابعاً : العلاقة بين الإصلاح الاقتصادي والتنمية البشرية.
خامساً : العلاقة بين الإصلاح الاقتصادي و السياسة.
سادساً : شروط نجاح الإصلاح لاقتصادي.
سابعاً: النتائج والتوصيات.
ثامناً: الخاتمة.
أولاً : أهم التغيرات الدافعة باتجاه الإصلاح الاقتصادي في سوريا.
يمكننا أن نجمل أبرز تلك المتغيرات بما يلي:
تحرير التجارة عبر العالم (GAFTA-WTO) .
إن سوريا تعيش ضمن إطار عالمي يميل إلى فتح الحدود الاقتصادية بين الدول، وإطلاق حرية المنافسة بدون أي عوائق. وهذا الأمر بالتأكيد سيؤدي إلى هيمنة أنماط الإنتاج والتوزيع والاستهلاك التي تناسب الميل العالمي لتحرير التجارة، وهو ما سيضع سوريا أمام تحد كبير قائم على احتمالين:
1 – أن ترفض سوريا الاستجابة لمتطلبات تحرير التجارة عبر العالم، وعندها ستتحول إلى جزيرة معزولة. وبالتالي الوقوع في مأزق الحصار الاقتصادي، وما يترتب على ذلك من نتائج اجتماعية وسياسية واقتصادية سيئة.
2 – أن تقبل سوريا وتندمج في الاقتصاد العالمي. وهذا ما سيضعها أمام مواجهة منتجات من مختلف أنحاء العالم بأسعار منافسة جدا وبنوعية عالية الجودة. الأمر الذي يوجب عليها وضع آليات اقتصادية جديدة للتكيف مع التغيرات المنتظرة.
ولابد لنا من أن نشرح هنا أهم الاتفاقيات التي ستحمل في طياتها تحريراً للاقتصاد السوري (أهم آليات تحرير التجارة التي يمكن أن تواجهها سوريا):
- WTO : والمقصود هنا هو: منظمة التجارة العالميWorld Trade Organization ، التي تأسست من اجتماع إحدى وعشرين دولة بينها سوريا في هافانا، تشرين الأول 1947، تحت اسم الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة. ومنذ ذلك الحين ودول الاتفاقية تعقد ما يسمى بالجولات لتحقيق المزيد من تحرير التجارة فيما بينها. وفي كل جولة كان عدد دول الاتفاقية يزداد، حتى بلغ عدد هذه الدول في الجولة الأهم (جولة الاورغواي) 134 دولة (ولم تكن من بينها سوريا لأنها انسحبت منذ العام 1951 بعد دخول إسرائيل إلى الاتفاقية). والمهم أن جولة الأورغواي أدخلت تجارة الخدمات ضمن إطار تحرير التجارة، واتخذت القرار الكبير وهو تحويل الاتفاقية إلى منظمة تجارة عالمية، هدفها إلغاء كل ما يشوه المنافسة بين الدول، وإقامة منطقة تجارة حرة كبرى حدودها العالم. ووضعت المنظمة التي بدأت في 1/1/1955 مبادئ منها (المعاملة بالمثل ، مبدأ الدولة الأولى بالرعاية ، .. . الخ) بهدف تحقيق ما تصبو إليه من تحويل العالم إلى ساحة منافسة بين إمكانيات الدول، بعيدا عن إجراءات الحماية التي كانت منتشرة ومشروعة في السابق. والآن وبعد مضي عشر سنوات على تأسيس WTO، أصبح فيها حوالي /156/ دولة من أصل /185/ دولة في العالم. كما أن معظم الدول العربية انضمت إليها، الأردن، الإمارات، البحرين، تونس، جيبوتي، عمان، قطر، الكويت، مصر، المغرب، موريتانيا. وهناك دول دخلت المنظمة بصفة مراقب مثل العراق، ليبيا.
كذلك فإن هناك الآن خمس دول عربية في طور الدخول إلى المنظمة، وهي السعودية، لبنان، اليمن، السودان، الجزائر. كل ذلك يجعل من انضمام سوريا إلى منظمة التجارة العالمية حاجة ومسألة ضرورية. ولكن هذا يفرض عليها بالمقابل القيام بإجراءات يأتي في مقدمتها موائمة قوانينها الاقتصادية لتتناسب مع أهداف المنظمة. حتى تتمكن من البقاء ضمن إطار التوجه العالمي نحو المزيد من تعميق تحرير التجارة.
- GAFTA : منطقة التجارة الحرة العربية Greater Arab Free Trade Area
لقد اتخذ المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لجامعة الدول العربية قرار بتأسيس منطقة التجارة الحرة العربية خلال مرحلة تدريجية تبدأ من 1/1 / 1998 وتنتهي خلال عشرة سنوات. وهنالك إشارات توحي بمدى جدية الدول العربية بالإسراع في تطبيق تحرير التجارة، حيث بلغت نسبة التخفيض في الرسوم الجمركية والضرائب ذات الأثر المماثل في السلع ذات المنشأ العربي /80%/ من تلك التي كانت مطبقة في نهاية العام 1997. ويتوقع أن يصبح التخفيض بنسبة (100 %) في نهاية العام 2005، وتضم الـ GAFTA سبعة عشر دولة عربية، هي الأردن، الإمارات، البحرين، تونس، السعودية، السودان، العراق، عمّان، فلسطين، قطر، الكويت، لبنان، ليبيا، مصر، المغرب، اليمن، سوريا. أي أن منطقة الـ GAFTA تضم معظم الدول العربية، ومن أهم الأهداف المرجوة من إنشاء منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى:
- خلق سوق عربية كبيرة تضم حوالي /300/ مليون مستهلك و ناتجها المحلي حوالي /500/ مليار دولار.
- إتباع أسلوب وفورات الحجم في الإنتاج.
- تسهيل الدمج التدريجي للاقتصاديات العربية في النظام الجديد للتجارة العالمية.
- دعم الموقف العربية داخل منظمة التجارة العالمية، وفي مواجهة التكتلات الإقليمية الأخرى.
- زيادة التنافس بين المنتجين وتحسين توجيه السلع العربية.
- زيادة عمليات المشاركة بين الدول العربية.
- اجتذاب رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية.
- تسهيل نقل كافة السلع والخدمات ضمن المنطقة العربية.
- التمهيد لإقامة السوق العربية المشتركة.
ولمعرفة أهمية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى من الناحية الاقتصادية بالنسبة لسوريا لابد لنا من إلقاء نظرة على التجارة الخارجية الإجمالية لسورية ومقارنتها مع تجارتها العربية. وهذا ما يبينه الجدول التالي :
الجدول رقم /1/ نسبة التجارة السورية - العربية من إجمالي التجارة الخارجية لسورية / مليون ل.س .
العام 1977 1998 1999 2000 2001 2002 2003 تسلسل البيان
التجارة الخارجية 11314 6785 7296 10326 11842 12708 15060 1
مع الدول العربية 933 1113 1044 1276 1343 1369 2173 2
نسبة 2/1 % 8.2 16.4 14.3 12.3 11.3 10.8 14.4
The International Found Bank. The report of ISKOA reign p.p 31 – 2005
من خلال الجدول رقم /1/ نلاحظ أن نسبة التجارة السورية إلى الدول العربية منخفضة جداً قياساً بالتجارة الخارجية السورية حيث كانت النسبة حوالي 8.2% في العام 1997، ولم تزد عن 14.4% في العام 2003. ولمعرفة السبب في ذلك نورد الجدولين التاليين لهيكل الصادرات والواردات السورية :
الجدول رقم /2/ : هيكل الصادرات السورية.
المادة النسبة من الصادرات %
نفط وفوسفات 67.8
مواد نسيجية 13.3
منتجات نباتية 10.75
منتجات حيوانية 2.7
مواد غذائية 1.5
مواد أخرى 3.95
المجموع 100
المصدر: الاقتصاد الكلي السوري- هيئة تخطيط الدولة- 2005- ص 59.
الجدول رقم /3/ : هيكل الواردات السورية.
المادة النسبة من الواردات %
الآلات ووسائل النقل 27.75
مواد معدنية 16
مواد نسيجية 8.6
مواد كيماوية 8.7
منتجات نباتية 8.3
لدائن 6.2
مواد أخرى 24.45
المجموع 100
المصدر: الاقتصاد الكلي السوري- المرجع السابق- ص 61.
من خلال الجدولين السابقين نلاحظ أن أهم المواد التي تصدرها سوريا على الإطلاق هي النفط حوالي 68% من مجموع الصادرات، وهذه المادة لا تستوردها الدول العربية لأن معظمها لديه النفط. حتى أن جميع النفط السوري يصدر إلى الاتحاد الأوروبي. أما من حيث الواردات فنلاحظ أيضاً أن أهم الواردات السورية هي التجهيزات حوالي 28% من مجمل الواردات. وهذه المواد أيضا لا تصنعها الدول العربية لذلك تستوردها سورية من الدول المتقدمة وخصوصاً الإتحاد الأوروبي بشكل كبير. وهذه هي حال سوريا مع معظم الدول العربية الأمر الذي يبرر لنا أن لا تكون العلاقات الاقتصادية والتجارة الخارجية السورية مع الدولة العربية هي الأهم قياساً مع تجارتها العالمية. حيث أن الاتحاد الأوروبي يستحوذ على الحصة الأكبر من صادرات سوريا /54.6%/، والحصة الأكبر من وارداتها /32.5%/ ، ولكن مع ذلك وبملاحظة الجدول رقم /1/ نجد أن التجارة السورية – العربية على قلتها قياساً بالتجارة السورية الخارجية الكلية إلا أنها تزداد عاما بعد عام. ومع افتراض صحة التوقعات القائلة بقرب نقص الإنتاج السوري من النفط وبالتالي توقف التصدير منه، فإن ذلك قد يزيد من فرصة إعادة ترتيب أهمية المواد التي تصدرها وتستوردها سوريا، وقد تصبح التجارة مع الدول العربية أفضل بعد تغير هيكل المواد في التجارة الخارجية.
الشراكة السورية – الأوروبية .
منذ إعلان برشلونة 27 – 28 / تشرين الأول / 1995، والذي وقعت عليه سورية يتم العمل بشكل حثيث لإقامة بناء أورومتوسطي قائم على أسس سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية. والآن أصبحت جميع الدول المتوسطية (عدا سوريا) شركاء للاتحاد الأوروبي. الأمر الذي يجعل سوريا في موقف أكثر ضرورة لتسريع عملية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. وبالفعل تم في 19/10/2004 التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاقية الشراكة السورية الأوروبية. وريثما يتم التصديق النهائي على الاتفاقية فإن ذلك يفرض على الوفاء بمتطلبات الشراكة وذلك باتخاذ جملة من الإجراءات منها :
- تشكيل هيئات مراقبة لرهن التطورات القطاعية في الاقتصاد السوري لمعرفة مدى تأثيرها بالشراكة بشكل مستمر.
- وضع تعرفة جمركية جديدة تتناسب مع اتفاقية الشراكة.
- إعادة النظر بالنظام الضريبي ودراسة الأنواع الجديدة من الضرائب التي يمكن لعمل بها في سوريا كبدل عن ضرائب سيتم إلغاؤها (مثل TVA).
- تطوير المواصفات في الإنتاج الزراعي السوري وفق لوائح مواصفات سلطة الأمن الغذائي الأوروبي EFSA.
- زيادة العمل على رفع وعي المنتجين الصناعيين إلى أهمية الارتقاء بنوعية إنتاجهم وفق المواصفات المطلوبة في الاتحاد الأوروبي، ولذلك فعلى الحكومة رفع الضرائب والرسوم على مستلزمات الإنتاج لتخفيض تكاليف المواد المنتجة محليا ومساعدتها على زيادة المنافسة.
التطورات الداخلية.
إن الاقتصاد السوري يعاني من بعض المشاكل التي تجعله بحاجة إلى إعادة نظر لمواجهة هذه المشاكل، ومنها:
1 - انخفاض معدل نمو الناتج المحلي في السنوات الأخيرة.
- لقد بلغ وسطي معدل النمو الاقتصادي خلال الفترة 1990-1996 (8.45 %). ثم انخفض خلال الفترة 1997-2003 إلى (2.37%) ويعود السبب في ذلك خلال الفترة 1990-1996 إلى أنه كان قد ساد مناخ متفاءل في سوريا بعد صدور العديد من القوانين التي تشجع على الاستثمار فيها (قانون الاستثمار رقم 10) وبدء إنتاج النفط الخفيف وسياسات الانفتاح الاقتصادي.
- في الفترة 1997-2000: تراجعت معدلات النمو الاقتصادي فأصبحت سالبة، بسبب تراجع معدلات الاستثمار الخاص وإتباع سياسات مالية انكماشية.
- في الفترة 2000-2003 : عاد النمو الاقتصادي إلى التزايد ووصل إلى حوالي 3% كوسطي خلال هذه الفترة، وذلك بسبب عودة نشاط الاستثمار واتخاذ عدد من الإجراءات الحكومية التي حسنت مناخ الاستثمار.
2 - زيادة معدل البطالة.
في السنوات الأخيرة 1999-2003، بلغت الزيادة السنوية لمن هم في سن العمل 375 ألف، وبمعدل مشاركة 57%، وكان هناك 214 ألف طالب عمل. يوفر الاقتصاد 162 ألف فرصة عمل، وبالتالي فإن عدد العاطلين عن العمل ازداد بمعدل 52 ألف عاطل سنويا. ومن المتوقع أن يصل هذا المعدل إلى 18% عام 2010، إذا استمر النمو السكاني بنسبة 2.45 % وبثبات معدل المشاركة. إن خطورة البطالة تكمن في أنها تتركز في الفئة العمرية من 15-30 سنة، إذ يشكل العاطلون في هذه الفئة 70.76% من مجموع العاطلين ، وهذه الفئة من أكثر الفئات حاجة إلى العمل وبقاؤها دون عمل يجعلها في حالة سخط ورفض للواقع، و قد يسبب هذا الأمر بعض المشكلات للدولة ونظامها.
3 – الفقر:
تعاني سوريا من ظاهرة الفقر الذي يرزح تحت خطه الادني حوالي 11.4% من السكان وتحت خطه الأعلى 33% . ومشكلة الفقر خطيرة لأنها تهدد كل الانجازات الاقتصادية، وتفرض تحديات اجتماعية وسياسية واقتصادية لا يمكن التعامل معها، ولا يمكن مع معدلات الفقر المرتفعة الحديث عن خطط تنموية طموحة. ولابد بعد الإشارة إلى أن قسم كبير ممن يقعون في خط الفقر مباشرة يمكن أن يهبطوا تحته في حال حدوث خلل في طبيعة الأوضاع الاقتصادية. لذلك فمن الطبيعي أن لا يكون لأي برنامج إصلاح اقتصادي أي جدوى إذا لم يؤد إلى حل مشكلة الفقر لأن الكثير من مظاهر الخلل والفساد ترتبط بالفقر.
ثانيا : الأهداف والإصلاحات المطلوبة في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي .
إن الهدف الحقيقي لبرنامج الإصلاح الاقتصادي هو رفع كفاءة الاقتصاد السوري، وذلك من خلال جملة من الآليات التي يمكن أن نشير إلى أبرزها:
1 - زيادة كفاءة تخصيص الموارد المتاحة: إذ أن سوريا وبالرغم من صعوبة الأوضاع الاقتصادية التي تعانيها إلا أن ذلك ليس انعكاس لقلة الموارد المتاحة. فسوريا تتمتع بفائض اقتصادي من معظم الموارد الطبيعية والبشرية، لكن القسم الأكبر من تلك الموارد معطل ولا يستغل بالشكل الأمثل. الأمر الذي قلص من إمكانية انعكاسه على تقوية الاقتصاد السوري، وبالرغم من المزايا الكثيرة التي تتوفر في سوريا (المواد الأولية-الإمكانات البشرية غير المستثمرة-الموقع الجغرافي القريب من أسواق كبيرة) إلا ن ذلك كله لم ينعكس على القدرة التنافسية وجودة الإنتاج. وتتطلب القدرة التنافسية التي تعرف بأنها الدرجة التي يمكن التحكم وفقها وفي شروط سوق حرة وعادلة إنتاج السلع والخدمات التي تلبي أذواق الأسواق الدولية، وتحافظ أو توسع الدخول الحقيقة للمواطنين على المدى الطويل ، وتحسين القدرة التنافسية يتطلب الاستثمار الأمثل للموارد وعدم هدرها وتطوير البنية التحتية والاعتماد بشكل اكبر على التكنولوجيا وتجسير الهوة الرقمية.
2- تقليص الاختلالات المالية واحتواء التضخم: إن الاختلالات المالية تنجم في العادة عن إتباع سياسيات مالية ونقدية غير مدروسة، وعدم انسجام تلك السياسات مع تطورات الحالة الاقتصادية. وهذا ما كان يحدث في سوريا ففي فترات الرواج كانت الإيرادات الضريبية تنخفض، وفي فترات الكساد كان يحدث العكس. كما أن الإيرادات في الموازنة ظلت تعتمد على الإيراد النفطي (44%) ،أما الإنفاق فقد ظل غير مدروس ولا تشكل نسبته على الرواتب والأجور سوى 4% من الناتج المحلي الإجمالي. وكل ذلك كان يسبب تضخما مرتفعا في سنوات أخرى (12.3% عام 1993-2%عام 2000) ، وبالرغم من توفر احتياطي أجنبي كبير في سوريا يشكل 65% من الكتلة النقدية إلا أنه لم يتم الاستفادة منه بشكل جيد حتى الآن في سوريا.
3- تحقيق النمو الاقتصادي المستمر: وذلك من خلال معالجة المشكلات التي تعيق تحقيق النتائج المتناسبة مع امكانات الاقتصاد السوري، وإجراء بعض الإصلاحات التي سيشار إليها لاحقا. ومن خلال ذلك زيادة فرص التشغيل وتحسين مستوى المعيشة، لأن أي نمو يجب أن يضمن مستوى معيشة لائق، وهو لا يتم إلا من خلال ديمومة النمو الاقتصادي، وزيادة فرص العمل، وتحسن مستويات المعيشة .
ثالثا: محاور الإصلاح الاقتصادي.
1 – إصلاح القطاع العام الاقتصادي، والمقصود هنا هو مؤسسات القطاع العام التي تعمل بهدف الربح.
يعاني القطاع العام من مشكلات عديدة منها البيروقراطية، البطالة المقنعة، انخفاض الإنتاجية، ضعف المردود، انخفاض القيمة المضافة، وجود أنظمة جامدة تُفقد الاقتصاد المرونة وتضعف مبادرته وقدرته التنافسية، بالإضافة إلى مشاكل نقص السيولة والسياسات المالية والضريبية غير المناسبة. ولإصلاح القطاع العام الاقتصادي نقترح ما يلي:
• حصر الوحدات الإنتاجية وتوصيفها و تقييمها .
• إصلاح الإطار القانوني والتشريعي.
• إعادة هيكلة الشركات الخاسرة أو المتعثرة مالياً وفنياً.
• إنشاء الشركات القابضة. لأننا في سوريا بحاجة إلى شركات ضخمة تستطيع العمل بشكل أفضل على استثمار الإمكانيات المتاحة في سوريا بدلا من الشركات الصغيرة التي وعلى ايجابياتها إلا أنها صغيرة، لاسيما وان كل منشات سوريا الخاصة تقريبا هي من النوع الصغير (99.875) من مجمل الشركات.
و لتحقيق المقترحات السابقة ، نقترح العمل على ما يلي :
تصنيف المؤسسات العامة في سوريا حسب النشاط الاقتصادي في ثلاث مجموعات أساسية على النحو التالي:
- مجموعة شركات أو معامل أو وحدات اقتصادية تعمل في مجالات الإنتاج السلعي والخدمي، وتمتلكها الدولة، وهي تضم أنشطة مثل (صناعة، تشييد، تجارة، نقل، فنادق، سياحة).
- مجموعة المؤسسات الاقتصادية التي تقوم بأنشطة لها طبيعة خاصة، وعلاقتها بالمجتمع مؤثرة (شركات كهرباء، ري، الثروة الطب
الجدول رقم /4/ القيم القصوى والدنيا للمؤشرات الفرعية في مؤشر التنمية البشرية.
المؤشر القيمة القصوى القيمة الدنيا
العمر المتوقع عند الولادة 85 25
معرفة القراءة أو الكتابة 100 0
القيد الإجمالي في التعليم 100 0
نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 40000 log 100 log
المصدر: تقرير التنمية البشرية، ص 196.
وبناء
على تقرير الأمم المتحدة عن التنمية البشرية في سوريا، فإن مؤشرات التنمية
البشرية الفرعية والمؤشر الكلي سجلت القيم الواردة في الجدول رقم (5) .
الجدول رقم /5/ قيم المؤشرات التنمية البشرية خلال الأعوام 1995-2000-2002.
مؤشرات التنمية البشرية 1995 2000 2002
مؤشر العمر المتوقع 0.718 0.758 0.775
مؤشر التحصيل العلمي 0.724 0.730 0.754
مؤشر الناتج المحلي الإجمالي 0.580 0.619 0.636
مؤشرات التنمية البشرية 0.674 0.702 0.722
المصدر: تقرير التنمية البشرية- 2005- ص 197.
من الجدول /5/ يبدو أن:
مؤشر العمر المتوقع عند الولادة في سوريا ارتفع من 0.718 عام 1995 ووصل
إلى 0.775 عام 2002 بمعدل نمو وسطي بلغ 1.1 % طوال السلسة. أما مؤشر
التحصيل العلمي: فقد ارتفع من 0.724 إلى 0.754 عام 2002 ، بمعدل نمو وسطي
قدره 1.1 % ، أما فيما يتعلق بمؤشر نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي
فقد ارتفع بأسعار عام 2000 الثابتة من (52951ل.س) في عام 1995 إلى
(56309ل.س) علم 2002. وباستخدام متوسط التغير السنوي لمكافئ التعادل للقوة
الشرائية في سوريا باعتبار أن هذا المكافئ في عام 1995 بلغ 2.6 % أي 3236
دولار في ذلك العام، وبلغ مكافئ القوة الشرائية في العام 2002 (3.7%) أي
4507.7 دولار. وبذلك أرتفع مؤشر الناتج المحلي من 0.580 في العام 1995 إلى
0.636 عام 2002 .
مما سبق تبدو جميع المؤشرات الفرعية للتنمية البشرية خلال الفترة 1995 –
2002 قد حققت ارتفاعا وهذا أمر جيد نوعا ما، ولكن هذه المؤشرات ما تزال
بعيدة بعض الشيء عن الواحد الصحيح. الأمر الذي يظهر ضرورة بذل المزيد من
الجهد للارتقاء أكثر بمؤشرات التنمية البشرية . ولكن تحسن مؤشر التنمية
الإجمالي من 0.67 عام 1995 إلى 0.722 عام 2002 بمعدل سنوي 1.4% ، هو أمر
جيد من حيث المبدأ.
والآن لنحاول النظر إلى معدل النمو الاقتصادي خلال نفس الفترة 1995-2002 باستخدام الجدول التالي :
الجدول رقم /6/: الناتج المحلي ألأجمالي للأعوام 1995-2000-2002، ونصيب الفرد منه، بملايين الليرات السورية.
العام 1995 2000 2002 معدل النمو السنوي الوسطي 1995-2002 %
الناتج المحلي الإجمالي 689491 878709 970704 5
نصيب الفرد منه 3236 407205 4507.7 4.84
المصدر: 1 - الناتج المحلي الإجمالي بتكلفة عوامل الإنتاج وبأسعار عام
2000 الثابتة من المجموعة الإحصائية السورية 2005 ، الجدول 1/16 ، ص 528
2 – نصيب الفرد من الناتج وفق تعادل القوة الشرائية بالدولار والمذكور سابقا في تقرير التنمية البشرية ص 197.
من
خلال ما سبق يبدو أن تحسن معدل النمو الاقتصادي في سوريا خلال الفترة 1995
– 2002 قد ترافق مع تحسن مؤشر التنمية البشرية خلال نفس الفترة، وهذا أمر
مقبول من الناحية المنطقية. إذ أن تحسن الأوضاع الاقتصادية يؤثر على الوضع
لمعاشي ومستوى التعليم والوضع الصحي للأفراد . وإذا اعتبرنا أن هذه الفترة
تقع ضمن مرحلة الاصلاح الاقتصادي الذي بدأ به منذ بداية التسعينات، فإننا
يمكن أن نعتبر أن هذا الإصلاح انعكس على النمو الاقتصادي في سوريا. وبما
أنه ظهر معنا أن النمو الاقتصادي ينعكس على التنمية البشرية ويحسن
مستوياتها، فإنه يمكننا أن نصل إلى أن الإصلاح الاقتصادي له تأثير على
التنمية البشرية .
رابعاً : العلاقة بين الإصلاح الاقتصادي والتنمية البشرية .
إن لسياسات الإصلاح الاقتصادي أثر هام وكبير على عملية التنمية البشرية .
وقد تكون هذه السياسات أحد الشروط الأساسية لصنع التنمية البشرية، وبخاصة
عندما يعاني الوضع الاقتصادي في المجتمع من إختلالات وتشوهات وضغوطات،
ففي هذه الحالة إن نتائج التنمية البشرية تتوقف على سياسات الإصلاح
الاقتصادي والسبب في ذلك هو أن الهدف النهائي للتنمية البشرية هو تمكين
المواطنين من الحصول على مستوى معاشي لائق. إذ انه في مؤشر التنمية
البشرية يؤخذ بالاعتبار ثلاثة مؤشرات فرعية هي:
- مؤشر العمر المتوقع عند الولادة (بالسنوات).
- مؤشر التحصيل العلمي (ويتألف من نسبة 2 على 3 من مؤشر القراءة والكتابة + نسبة 1 على 3 من مؤشر القيد الإجمالي في التعليم).
- مؤشر مستوى المعيشة (نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي حسب تعادل القوة الشرائية).
ويتم التعبير عن كل مؤشر وفق العلاقة التالية: (القيمة الفعلية – القيمة الدنيا) / (القيمة القصوى – القيمة الدنيا).
أما مؤشر التنمية البشرية بصورته النهائية = (مؤشر العمر المتوقع عند
الولادة + مؤشر التحصيل العلمي + مؤشر الناتج المجلي الإجمالي) مقسوماً
على ثلاثة. أما القيم الوسطى والدنيا للمؤشرات الفرعية
خامساً :العلاقة بين الإصلاح الاقتصادي و سياسة الدولة .
إن العلاقة بين السياسة والاقتصاد قائمة من خلال اعتبار السياسة هي
البنية الفوقية الأعلى في المجتمع. والاقتصاد هو أحد أهم أدواتها ووسيلة
التعبير الأساسي عنها، وفي سوريا نلاحظ أن كل تغير في طبيعة النظام
السياسي كانت تنعكس مباشرة على طبيعة النظام الاقتصادي، وهذا ما يظهره
العرض التاريخي التالي:
- مرحلة 1946-1958 : نظام ليبرالي و اقتصاد حر .
- مرحلة 1958-1961 : نظام مركزي و اقتصاد موجه .
- مرحلة 1961-1963 : نظام ليبرالي و اقتصاد حر .
- مرحلة 1963-1970 : "الحركة التصحيحية" نظام اشتراكي و اقتصاد موجه .
- مرحلة 1970-1990: نظام سياسي اشتراكي مع بعض المرونة، و قبول تعددية اقتصادية أساسها القطاع العام.
- مرحلة 1990-2005: فسح المجال أمام المزيد من الحرية الاقتصادية من خلال قوانين تشجع القطاع الخاص.
-المرحلة التي بدأت من 6/2005 - منذ المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث : اتخذ القرار بانتهاج خيار اقتصاد السوق الاجتماعي .
وبالرغم من اتفاق البعض أو رفضه لهذه التسمية من الناحية العلمية، إلا أن
المفهوم منها هو بناء اقتصاد سوق بكل معنى الكلمة قائم على آليات السوق
وحرية المنافسة والمبادرة على قاعدة تكافؤ الفرص، لكن يضاف إلى ذلك ضرورة
قيام الدولة بعدم السماح بالوصول إلى مرحلة الصراع المتوحش في السوق،
وضمان الحقوق الاجتماعية للمواطنين وضمان حد أدنى من المعيشة اللائقة
والتدخل عند الحاجة. وهذا الأمر مقبول في الدول الرأسمالية، ولكن لابد أن
وضع كلمة الاجتماعي في التسمية (اقتصاد السوق الاجتماعي ) كان لها بعد
معنوي وغاية تطمينية حول رغبة الحكومة بضمان الاستقرار الاجتماعي في
البلد. ولكن لابد من الإشارة إلى أن اقتصاد السوق بمعناه المتكامل
والحقيقي بحاجة إلى قطع مراحل إضافية لبناء وعي جماعي اكبر لمضمونه وبناء
قاعدة إنتاجية وكوادر إنتاجية واستثمارية وتنظيمات أكثر قوة قادرة على
العمل وفق فوانيين السوق المتوسع والمنفتح باستمرار .
إن ما يهمنا هنا هو التأكيد على أن جميع التحولات الاقتصادية في سوريا تمت
وفق إرادة سياسية، حيث نلاحظ أن أعلى مؤسسة قيادية في الدولة وهي المؤتمر
القطري، كانت هي التي تشرّع لأي تغيير في الاقتصاد السوري (طبعا لابد أن
القرار يساهم في صناعته أكاديميون وخبراء ورجال أعمال ومنظمات أخرى، لكن
عملية التشريع تتم من قبل المؤتمر القطري). ففي المؤتمر القطري التاسع
(حزيران، 2000)، على سبيل المثال: تم التأكيد على أهمية الإصلاح الاقتصادي
و أطلقت مبادرة في هذا المجال. و في المؤتمر القطري العاشر (حزيران ،
2005 ) صدر القرار بانتهاج التحول إلى اقتصاد السوق الاجتماعي، وهذا
الكلام السابق يظهر لنا بوضوح مدى دور السياسة في الاقتصاد. ولكن أليس
للاقتصاد نفسه دور في السياسة؟. بالتأكيد فالعلاقة بينهما علاقة جدلية
قائمة على التأثر والتأثير المتبادل. فخلال الفترات السابقة كنا نرى أن
المؤثرات الاقتصادية ظاهرة في كل مبادرة سياسية، فمثلا:
-منذ العام 1990 عندما كانت سوريا تعاني من بعض المشكلات
الاقتصادية(التضخم المترافق مع تزايد البطالة،وانخفاض الطاقة الإنتاجية
ونقص الاستثمارات) دفع كل ذلك إلى ضرورة السير باتجاه مرونة سياسية اكبر
حيال القطاع الخاص المحلي والأجنبي وقبول المشاركة في النشاط الاقتصادي
السوري، وفُهم ذلك على انه تطور سياسي مهم في سوريا .
كما انه في العام 2000 ومع تزايد وتيرة الاستجابة للاتفاقيات الاقتصادية
المزمع الانضمام لها، والرغبة بتحسين الحلول للمشكلات الاقتصادية الناجمة
عن ذلك وعن غيرها من الأسباب ومستجدات الحياة في سوريا ظهر ذلك بقرارات
سياسة تنحو إلى مزيد من الإصلاح. وفي العام 2005 ومع المؤتمر القطري
العاشر للحزب كان الاقتصاد حاضرا بقوة ومؤشرا على السياسة لدرجة تأكيد
المؤتمر على الانتقال إلى اقتصاد السوق الاجتماعي. واقتصاد السوق لاجتماعي
ليس حلا اقتصاديا أو نظرية اقتصادية، بل هو مذهب سياسي جديد من المفترض أن
تعمل الحكومة وتشرع على أساسه. ونخلص إلى القول بان الارتباط قائم وجلي
بين الاقتصاد والسياسة في سوريا . لذلك فإن التطورات الاقتصادية ستحمل
دائما استجابة سياسية، و التوجهات السياسية ستنعكس على الصيرورة
الاقتصادية.
سادساً : تحديات الإصلاح الاقتصادي في سوريا.
إن الاتفاق على أهمية الإصلاح الاقتصادي في سوريا وفي ظل توفر الإرادة
السياسية لذلك لا يعني أن طريق الإصلاح بدون عوائق، بل من الطبيعي أن تبرز
الكثير منها والتي يأتي في مقدمتها:
1 – إن الإصلاح الاقتصادي بحاجة إلى وعي شعبي على مختلف المستويات، لأن
الجميع يجب أن يعملوا في هذا الإطار. وما زلنا في سوريا نشعر أن البعض
وعلى اختلاف مستوياتهم (في المواقع الشعبية أو حتى في مواقع السلطة) يفكر
بعقلية اقتصادية إصلاحية محافظة (التمسك المطلق بالقطاع العام في ظل الرفض
المطلق لمشاركة القطاع لخاص، وللعمل وفق قوانين المنافسة، والدفاع عن
الاحتكار).
2 – إن الكادر المؤهل للعمل في مجال الإصلاح الاقتصادي من النواحي العلمية
والفنية ما زال غير متوفر بشكل كامل في سوريا، مع انه عنصر مهم ولا يمكن
الاستغناء عنه. كما أن الاستعانة بالخبرات الأجنبية على الرغم من أهميتها
إلا أن محاذيرها أيضا كثيرة بسبب تباين الظروف الاقتصادية بين البلدان.
3 – إن بنية الاقتصاد السوري حتى الآن لا تستطيع تحمل كل مفردات الإصلاح
الاقتصادي، فإذا كان المقصود بالإصلاح الانتقال بالاقتصاد السوري إلى
اقتصاد قائم على درجة عالية من الكفاءة والقيمة المضافة والعمل في إطار
المنافسة والانفتاح على العالم، فإن هذه الأمور تحتاج إلى بنية تحتية أكثر
تطورا (العمالة غير مؤهلة- عدم الاعتماد على التكنولوجيا – صغر حجم
المنشآت – ضعف الإنتاجية).
4 – يضاف إلى ما سبق انه وفي السنوات الأخيرة تردت الأوضاع الأمنية
والسياسية في المنطقة المحيطة بسوريا وهذا ضغط على سرعة الإصلاح بشكل عام
ومنه الاقتصادي وفق تصريحات الحكومة.
سابعاً: النتائج والتوصيات.
أولاً: النتائج.
- إن الإصلاح الاقتصادي أصبح ضرورة في إطار عملية التحديث التي تشهدها
سوريا منذ سنوات، والتي لا يمكن استمرارها بدون إصلاح اقتصادي.
- إن الإصلاح الاقتصادي لا يمكن فصله عن الإصلاح السياسي أو الإداري، لأن
الإصلاح كيان عام والإصلاح الاقتصادي يشكل أجوانبه وكل جانب من جوانب
الإصلاح يكمل الجوانب الأخرى ويدعمها.
- ما زالت هناك عوائق وتحديات تجعل من الصعب الوصول إلى إصلاح حقيقي بدون تجاوزها.
- ثانياً: الظروف الدولية والإقليمية لها تأثير على عمليةالاصلاح الاقتصادي في سوريا.
ثانياً : التوصيات.
- وضع سياسة متكاملة للإصلاح تخدم جوانبه المختلفة ؟
- وضع برنامج تنمية متوازنة (تشمل مختلف أنحاء سوريا بنفس الدرجة وعدم
تركيز المشاريع والمنشات وغيرها في مدينة أو مدن قليلة، لان ذلك يدفع سكان
المناطق إلى هجرها باتجاه المناطق الصناعية، وهو الأمر الذي سيخلق مشكلات
اقتصادية كالضغط السكاني في مناطق محددة ونقص السكان في مناطق أخرى و
مشاكل بيئية وسكنية واجتماعية..الخ).
- تطوير القوانين التي تشجع على المبادرة الفردية و الجماعية.
- التنمية المتوازنة و المستمرة و لكافة جوانبها الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية.
- إعادة توزيع الثروة والدخل وتحقيق العدالة الاجتماعية.
- تفعيل المشاركة الشعبية في الإصلاح الاقتصادي وقضاياه من خلال تشكيل مجلس اقتصادي يمثل مختلف الشرائح الاجتماعية.
- زيادة الاستثمار في التعليم الصحة.
وهذا يعني أن الإصلاح الاقتصادي يجب أن يعالج الاختلالات في الاقتصاد
الوطني، و إتباع سياسات مالية و اقتصادية جديدة تولد فرص عمل أكثر ، وتهيئ
قوة عمل أفضل تدريبيا و تعليميا ، وبأعلى إنتاجية وأكثر حيوية واندفاعا
نحو بناء الوطن والمجتمع . والقضية الهامة التي يمكن أن تكون من أخطر
القضايا في الواقع، هي تلك التي تتعلق بنوعية النمو المطلوب تحقيقه في ظل
الإصلاح الاقتصادي، وما يمكن أن يترتب عليه مستقبلا. أي لا يجب أن نسعى
وراء نمو بلا تشغيل، لأن هذا النمو سيؤدي إلى انتشار الفقر وازدياد حدته،
وانخفاض مقدار الاختيارات والفرص التي تسمح بمعيشة أفضل. فالهدف في
النهاية هو إعداد وبناء الإنسان المتكامل، وتنمية طاقاته من خلال مجتمع
يؤمن بقيمة الإنسان، ويوفر له كل ما يحاجه، ويفسح له مجال أوسع من حرية
الفكر والإبداع، وتوظيفا أكثر فعالية يلاءم إمكاناته وقدراته.
ثامناً: الخاتمــة.
لقد
ارتبط مفهوم الإصلاح الاقتصادي عادة بالسياسة الاقتصادية الليبرالية و
الخصخصة، و تخلي الدولة عن بعض مسؤولياتها الاجتماعية، وإتباع سياسات
مالية صارمة للحد من الإنفاق الحكومي، وخفض التضخم والعجز. وهذه وصفة
صندوق النقد الدولي، حيث تحولت إلى الطريق الوحيدة حسب ما ذهب إليه البعض
للإنقاذ من التخلف والأزمات الاقتصادية في دول العالم الثالث. وساد الزعم
بأن المكاسب الاجتماعية لهذه الوصفة السياسية ستفوق خسائرها، وأن ثمة
إجراءات لزيادة فرص الوصول إلى قروض الائتمان للصناعات الصغيرة أو التدريب
وإعادة التأهيل .
لقد
ظل الاقتصاد السوري تحت الإشراف المباشر للقطاع العام الذي استمر لمدة
أربعة عقود، أساس القاعدة الإنتاجية وملاذ اليد العاملة، ومختلف شرائح
الموظفين الذين يزيدون على المليون وربع المليون. والاقتصاد السوري يحتاج
إلى الإصلاح في ظل السياسات الاقتصادية التي ترفض الدخول في آليات السوق
بشكل سريع. وتتبع سياسة التعددية الاقتصادية والتعاون والمشاركة بين جميع
القطاعات. وتجري اليوم محاولات للمضي في سياسات الإصلاح التي يمكن أن
نصفها بأنها أكثر تكاملا من السابق. ودخول الاستثمار في سوريا بشكله
العربي والأجنبي، كل ذلك يزيد الأمل في نجاح خطوات الإصلاح في المستقبل.
.
المصدر:موقع كتابي