[size=12][size=18] [right]
[size=12][b]يحظى الاستثمار في سورية بأهمية كبيرة من خلال التطوير الدائم للقوانين التنظيمية وتحسين المناخ الاستثماري وإيجاد النافذة الواحدة مع بداية هذا العام. وسأحاول أن أناقش هذا الموضوع وفق التسلسل التالي:
أولاً- تطوير البنية التشريعية الاستثمارية
تجلى هذا في صدور المرسوم التشريعي رقم /51/ الذي منح إعفاءات ضريبية وتخفيضاً لشرائح الضرائب والمرسوم رقم 8 ويعتبر هذان المرسومان خطوة هامة في تشجيع الاستثمار من خلال تخفيض الضرائب فمثلا (تفرض ضريبة 10% على جزء الربح بين الحد الأقصى المعفى وحتى 200ألف ليرة سورية – 15% عن الأرباح بين 200 ألف و500 ألف – 20% عن الأرباح بين 500ألف ومليون ليرة سورية – 24% عن الأرباح بين مليون وحتى 3 ملايين ليرة – 28% عن الأرباح التي تتجاوز 3 ملايين ليرة سورية) إذا إنّ أعلى معدل ضريبة هو 28% وتخضع هذه لحسم ديناميكي يمكن بموجبه أن ينخفض بشكل ديناميكي إلى حدود 14%. وتضمنّ المرسوم أيضا تشجيع انتقال الشركات الخاصّة العائلية إلى شركات مساهمة، فمثلا كلّ شركة تطرح 50% من أسهمها للاكتتاب العام تخضع لمعدل ضريبة قدره 14% فقط - تخضع المشاريع المنفذة على المرسوم رقم 10 لعام 1991وتعديلاته إلى معدل ضريبة قدره 22% ولكن يتم تخفيض هذا المعدل بمقدار 2 درجة إذا أقيمت المشاريع في المحافظات التالية (الرقة ودير الزور والحسكة وإدلب والسويداء ودرعا والقنيطرة). يضاف إلى ذلك منح درجة واحدة لكلّ منشأة تستخدم أكثر من 25 عاملاً مسجلين في التأمينات الاجتماعية بشكل أصولي وإذا بلغ عدد العمال أكثر من 75 عاملاً تمنح درجتان وثلاث درجات إذا تمّ استخدام أكثر من 150 عاملاً ويضاف درجة واحدة للمنشآة التي تقام في المناطق الصناعية وإذا أقيم المشروع في مدينة (حسياء أو دير الزور) تمنح درجتان وإذا استثمر المشروع في محطات توليد الكهرباء أو الطاقة البديلة أو مصانع الأسمدة فإنه تمنح درجتان إضافيتان وتمّ إعطاء مزايا تفضيلية للمشاريع التي تستخدم المواد الأولية وتحافظ على البيئة والتي تصدر أكثر من 50% للمشاريع التي تصدرّ أكثر من 50% من إنتاجها ....إلخ. كما يحقّ للسيد رئيس مجلس الوزراء وبناء على اقتراح السيد وزير المالية منح درجتين إضافيتين لمشاريع غير صناعية. وترافق هذا مع تخفيض الضرائب على الدخل وعلى المواد الأولية المستوردة وتبسيط الإجراءات المتبعة. وسنتناول بالتحليل المشاريع الاستثمارية وخاصة المقامة على المرسوم رقم 10 وتعديلاته بشكل أساسي.
ثانيا – واقع الاستثمار في سورية
بلغ عدد المشاريع الاستثمارية المشملة على أساس المرسوم رقم 10 وتعديلاته منذ عام 1991 وحتى بداية عام 2008 أي خلال /17/ عاماً / 3762 / مشروعاً بتكاليف استثمارية قدرها بحدود / 1495/ مليار ليرة سورية ومخطط لها أن تستوعب من العمالة / 218398 / فرصة عمل. أي إنّ فرصة العمل تكلف مقدار / 6845301/ ليرة سورية. والسبب في ذلك هو ارتفاع قيمة الآلات والتجهيزات المستوردة حيث بلغت بحدود/ 663/ مليار ل. س أي بنسبة 44% وهذا دليل على التبعية التكنولوجية الكبيرة. ويجب أن نتوجهّ نحو ترسيخ صناعة وسائل الإنتاج لأننا نستطيع عندها توفير الكثير من المصاريف والنفقات. وفكّ التبعية التكنولوجية للخارج. وتوزعت هذه المشاريع بين القطاعات التالية (النقل عدد 1983 بنسبة 53% - مشاريع صناعية عدد 1576 مشروعاً بنسبة 42%- مشاريع زراعية 176بنسبة 4,3%- مشاريع أخرى 27 مشروعاً بنسبة 0.7%). وهكذا نرى أنّ مشاريع النقل هي التي احتلّت الأولوية ولم يعط الاستثمار الزراعي الأهمية المناسبة حيث لم تتجاوز النسبة 4,3% فقط لا غير.
أ- بلغت نسبة المشاريع المنفذة وقيد التنفيذ وحسب القطاعات المذكورة / 2556/ مشروعاً بنسبة 68% وتوزعت كما يلي (1010 مشاريع صناعية بنسبة 40%- النقل 1461 مشروعاً بنسبة 57%- مشاريع زراعية 71 بنسبة 2,5% مشاريع أخرى 14 مشروعاً بنسبة 0,5%). وتمّ التركيز على الاستثمار باعتباره الحامل الاجتماعي والمادي لعوامل تحقيق التنمية الاقتصادية العامة الشاملة. ولذلك فإنّ كلّ دول العالم تتسابق في وضع البرامج الاستثمارية لجذب الاستثمارات سواء من خلال الاستثمار الداخلي، أي تحويل المدخرات الوطنية إلى استثمارات حقيقية، أو جذب الاستثمارات الخارجية والتوجه نحو توزعها بالشكل الأمثل الذي يتناسب مع مواردنا وثرواتنا المتاحة. ومن خلال التحليل وبالاعتماد على تقرير (الأونكتاد) عن الاستثمارات الأجنبية في سورية حيث بلغت لعام 2006 كما يلي «مقدار 600 مليون دولار بزيادة قدرها 20% عن عام 2005حيث كانت بحدود 500 مليون وفي عام 2004 بحدود 275 مليوناً وفي عام 2003 بحدود 180 مليون دولار بمعد ل 127 مليون دولار للفترة من 1990 وحتى عام 2000 بشكل وسطي في السنة». وتعتبر هذه الأرقام متواضعة مع الاستثمارات الأجنبية مع الدول الأخرى فمثلا بلغت للعام نفسه في لبنان 2974 مليون دولار وفي مصر 10000 مليون دولار وفي تركيا 20000 مليون دولار...إلخ.
ثانياً- البنية الهيكلية الاستثمارية في سورية سأتناول توزيع الاستثمارات في سورية مع ذكر الملاحظات التالية :
أ- إنّ البحث يركزّ فقط على المشاريع المقامة على المرسوم رقم 10 وتعديلاته ولا يتضمن المشاريع المقامة على المراسيم الأخرى مثل القانون رقم 21 لعام 1958 رغم أهميتها.
ب- إنّ الدراسة تتناول فقط الواقع الاستثماري للقطاع الخاص ولا يتناول المشاريع المقامة من قبل الدولة وفقا للموازنة الاستثمارية.
ج- نريد أن نشير إلى نقطة هامة وهي أنّ تدخّل الدولة في الحياة الاقتصادية سواء بشكل مباشر(عن طريق القطاع العام) أو غير مباشر عن طريق (السياسة المالية والضريبية) وخاصة بعد أن أكدت الأزمة الاقتصادية العالمية والتي تجلّت بأزمة غذائية عام 2007 وأزمة مالية عام 2008. ونتيجة هذا عاد الكثير من المفكرين عن طروحاتهم بإضعاف دور الدولة التدخلّي ومنهم (فوكوياما- ستيغلنز- ..إلخ). مع الإشارة إلى أنّ (دور الدولة) وأقصد به (حجم موازنتها السنوية إلى إجمالي الناتج المحلي الإجمالي) تتراجع رغم زيادتها بالقيمة المطلقة لكن تراجعت بالقيمة النسبية. ولذلك فإننا ندعو إلى زيادة الموازنات الاستثمارية وألا تقلّ نسبتها إلى الناتج المحلي الإجمالي عن 40%. لكن واقعها كان كما في الجدول التالي الذي يعبر عن العلاقة بين الموازنة العامة والناتج المحلي الإجمالي بتكلفة عوامل الإنتاج وبالأسعار الجارية والرقم القياسي بالنسبة لعام 2003 والقيمة /مليار ليرة سورية/ وللسنوات الخمس من 2003إلى 2007.
السنة الموازنة
السنوية الرقم القياسي الناتج المحلي بتكلفة عوامل الإنتاج الرقم القياسي نسبة الموازنة إلى الناتج
2003 420 100% 1025 100% 41%
2004 450 107% 1290 126% 35%
2005 460 110% 1589 155% 29%
2006 495 118% 1856 181% 27%
2007 588 140% 2252 220% 26%
ومن الجدول أعلاه يتبين لنا كيف تراجعت الموازنة الاستثمارية من 41% عام 2003 إلى26% عام 2007 وبشكل وسطي للسنوات الخمس بنسبة 31,6%. لذلك لابدّ من زيادة قيمتها وبالتالي نسبتها ولا سيما أنّ استثمارات القطاع الخاص غير كافية ولا تتناسب مع الخطط الاستثمارية المعتمدة في الخطة الخمسية العاشرة.
د- حصل تراجع في نسبة الموازنة الاستثمارية من إجمالي الموازنة العامة للدولة منذ عام 2003 وبرأينا يجب أن تكون الأولوية للإنفاق الاستثماري على حساب الإنفاق الجاري. لأنّ الاستثمارات هي التي تحقق النمو الاقتصادي. ورغم زيادة الإنفاق الاستثماري بالقيمة المطلقة إلا أ نها تراجعت بالقيمة النسبية كما في الجدول التالي والقيمة بمليارات الليرات السورية:
السنة الموازنة
الاستثمارية النسبة الموازنة الجارية النسبة الموازنة العامة النسبة
2003 211 50% 209 50% 420 100%
2004 217 48% 233 52% 450 100%
2005 180 39% 280 61% 460 100%
2006 195 39% 300 61% 495 100%
2007 258 44% 330 65% 588 100%
وهكذا يبدو كيف تتراجع نسبة الموازنة الاستثمارية باستثناء عام 2007 وقد شكلّت من إجمالي الموازنة العامة بشكل وسطي نسبة 44% ولكنها بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي بقيت بحدود 13,2% فقط لا غير وهي نسبة متواضعة يجب العمل لزيادتها.
ثالثا- توزيع الاستثمارات حسب المرسوم رقم 10 وتعديلاته. حتى تحقق الاستثمارات الأهداف المنشودة لا يكفي فقط مقدارها وإنما أيضاً توزعها ومساهمتها في زيادة الناتج المحلي الإجمالي والقيمة المضافة وتأمين بدائل الاستيراد وتعديل الميزان التجاري من خلال ترشيد المستوردات وزيادة الصادرات وتشغيل الأيدي العاملة وتسديد الرسوم المستحقة واستثمار الموارد المتاحة والاندماج مع الدورة الاقتصادية الداخلية وليس الخارجية ...إلخ. ولاسيما أنّ كلّ المقومات الاستثمارية المشجعة ومنها على سبيل المثال لا الحصر (الموقع الجغرافي الممتاز- الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني- اعتماد اقتصاد السوق الاجتماعي التخطيط التأشيري بدلاً من المركزي الموجه- المزايا والإعفاءات المعطاة- بنية تحتية جيدة- أسعار صرف مستقرة ومتوازنة – اندماج كبير في الاقتصاد العالمي واتفاقيات دولية كثيرة موقعة ..إلخ) وقد كانت استثمارات القطاع الخاص في سورية وحسب القانون رقم 10في عام 1991 وحسب القطاعات واعتماداً على المقارنة بين (المشمل) و(المنفذ) وحتى بداية عام 2008 كما يلي:-